أوباما مع نائبه چو بايدن فى مكتبه بالبيت الأبيض قبيل إلقاء كلمته بلحظات فاجأ الرئيس الأمريكي باراك أوباما العالم، يوم السبت 13 أغسطس ، بأنه يعتزم توجيه ضربة عسكرية لسوريا ولكن ليس قبل الحصول علي ضوء أخضر من الكونجرس، مستبعدا بذلك عملا عسكريا كان متوقعا خلال الأيام القليلة المقبلة، ويقابل كلمات أوباما تصريحات صادرة من دمشق، مفادها أن جيشها "علي أهبة الاستعداد وأن الأصابع علي الزناد"و في انتظار إشارة البدء لخوض أي معركة محتملة، فيما جدد حلفاؤها الروس والإيرانيون تحذيرهم للولايات المتحدة من مغبة القيام بأي عمل عسكري ضد سوريا. وتأتي هذه النبرة الجديدة من قبل الإدارة الأمريكية لتعكس رغبة في كسب مزيد من الوقت والتأييد الشعبي، ولكن في الوقت نفسه، يري مراقبون أنها تعكس ترددا واضحا في اتخاذ القرار، لا سيما أن بريطانيا، الحليف الأوروبي الأبرز لواشنطن، أعلنت أنها لن تشارك في أي عمل عسكري ضد سوريا، بعدما كانت تسير مع أوباما في نفس النهج التصعيدي، عقب الهجوم الكيماوي الذي وقع في غوطة دمشقالشرقية الأسبوع الماضي، وتحميل الغرب المسئولية لبشار الأسد عن هذا الهجوم. جلسات النقاش البرلمانية بخصوص قانون استخدام القوة ضد سوريا، ستبدأ يوم التاسع من سبتمبر الجاري، طبقا لتصريحات زعيم الأغلبية الديمقراطية بمجلس الشيوخ، الذي أوضح أيضا أن الجلسات سيتم تنظيمها بواسطة اللجنة العليا للعلاقات الخارجية بالكونجرس، وسيشارك فيها مسئولون علي مستوي رفيع من البيت الأبيض، كما أعلن مجلس النواب الذي يهيمن عليه الجمهوريون أنهم سيبدأون جلسات مكثفة في التاسع من سبتمبر أيضا، وهو الموعد الرسمي للعودة من إجازاتهم السنوية، فيما عبر نواب عن امتعاضهم من هذا التلكؤ، مثل النائب الجمهوري"آدم شيف" الذي كتب علي تويتر:" يجب عقد جلسات طارئة وأن نبدأ النقاش فورا". نص الطلب الذي قدمه أوباما للكونجرس يوضح أن الرئيس الأمريكي، يطلب تخويله في "توقع وإيقاف الهجمات بالأسلحة الكيماوية في سوريا"، وأن موافقة الكونجرس ستكون بمثابة رسالة شديدة اللهجة تجاه هذه المسألة. غير مؤكد وتبدو مسألة بدء النقاش في الكونجرس بخصوص اللجوء لعمل عسكري في سوريا، أمرا غير مؤكد، لا سيما أنه يتوجب إقناع الكثير من البرلمانيين غير الموافقين علي الخيار العسكري، علما بأن فيهم ديمقراطيين أي منتمين لحزب الرئيس أوباما نفسه. غير أن أوباما يملك دعما غير محدود من شخصيات ديمقراطية هامة ممن يهيمنون بأغلبية علي مجلس الشيوخ، مثل السيناتور"روبرت منديز" رئيس لجنة العلاقات الخارجية بالمجلس، والذي صرح عقب كلمة أوباما مباشرة، بالقول:" النظام السوري والأنظمة الشبيهة به عليهم أن يفهموا أن تجاوز الخطوط الحمراء أمر لا يمكن نسيانه، ولا يجب أبدا أن يشك أعداؤنا في قدرتنا علي اتخاذ القرار"، ودعي منديز للتصويت علي قرار ضرب سوريا في أسرع وقت ممكن. أما السيناتور "بيل نلسون" فكتب علي تويتر:"أدعم قرار الرئيس وبالنسبة لسوريا يجب أن نبدأ الضرب اليوم"، وعلي تويتر أيضا كتبت النائب الديمقراطية"إيفيت كلارا":" أصفق لقرار الرئيس أوباما بطلبه دعم الكونجرس قبل أي استخدام للقوة في سوريا"، فيما أبدي آخرون شكوكا ومخاوف وطالبوا فقط ب"نقاش مفتوح"مثل السيناتور الديمقراطي". لا شك أن نوابا جمهوريين أيضا لن يسيروا مع أوباما في مسعاه، لا سيما أن الأولويات لديهم في النقاش، بعد العودة من الإجازة السنوية، ستكون لقضايا داخلية مثل الدين العام والميزانية والهجرة، هذا فضلا عن جمهوريين آخرين يريدون ضرب سوريا وبأقصي سرعة ولكنهم يختلفون مع أوباما في نوع وكيفية الضربة، فبينما الرئيس الأمريكي يريدها ضربة محدودة المدي والمدة، يريدها النائبان "جون ماكين"و "ليندسي جراهام" ضربة علي نطاق أوسع، بل وإقحام جنود أمريكيين في قلب المعركة من خلال عمليات إنزال في تركيا المتاخمة للحدود الشمالية السورية، ومن هذا المنطلق أعلن "ماكين" أنه لن يساند أوباما في "توجيه ضربة تجميلية لإدارته وفي الوقت نفسه لن تزيح نظام بشار من الحكم"، وفي هذا الإطار صرح النائب الجمهوري "ماركو روبيو" ، الذي يسعي لتسليح المعارضة السورية بشكل أفضل منذ عدة أشهر، "القيام بعمل عسكري لمجرد إرسال رسالة أو لحفظ ماء وجه إدارة أوباما، هو بكل تأكيد لا يصب في المصلحة الوطنية"، ويتواكب هذا النهج الرافض لطريقة تفكير أوباما مع تحفظ وغموض من نواب جمهوريين آخرين، يقولون إنهم في انتظار أن يفصح أوباما تفصيلا عن رؤيته العسكرية وأن يبرهن أنه لا ينوي القيام بعمل شكلي يريح به ضميره. استراتيجية أوباما ويوضح فريق العمل المساعد لأوباما أن طلبه تفويضا من الكونجرس، هو إجراء طبيعي وهو نفس ما فعله قبيل المشاركة في حرب ليبيا 1102، وعلي هذا النهج سار رؤساء أمريكيون آخرون، ويتسق ذلك مع استراتيجية أوباما التي أعلنها سابقا بخصوص ما يسميه حربا علي الإرهاب والتي تهدف في المقام الأول لعدم توريط الولاياتالمتحدة في حروب طويلة الأمد، وفي هذا الإطار ذكر الدكتور "جوليان زيلزير" أستاذ التاريخ بجامعة "برينس تاون"، علي شاشة CNN أن جزءا كبيرا من حملة أوباما الانتخابية في 8002، كانت قائمة علي انتقاد تورط إدارة بوش الابن في حرب العراق دون غطاء شرعي من الكونجرس ومن مجلس الأمن. وفي الوقت نفسه تؤكد إدارة أوباما أنه احتفظ لنفسه بمخرج، بتأكيده أنه لن يتنازل عن التصرف بشكل منفرد لو أن نقاشات الكونجرس طالت وتعقدت أو لم تسمح له القيام بعمل عسكري، ولكن تبرير إدارة أوباما بطلب التفويض من الكونجرس سوف يعزز موقف واشنطن علي المستوي الدولي، وسيوفر لها مزيداً من التحالفات، كان غير مقبول علي الإطلاق لا سيما أن بريطانيا ، الحليف الاستراتيجي التاريخي للولايات المتحدة، أعلنت الأسبوع الماضي من خلال برلمانها ووزير دفاعها أنها لن تشارك واشنطن في عملها العسكري ضد سوريا. ومع مخاطر احتمال رفض الكونجرس للقيام بعمل عسكري في سوريا، وهو ما سيؤثر بلا شك علي صورة أوباما عموما أمام الشعب الأمريكي، تبقي التبعات الميدانية المباشرة التي يمكن أن تحدث في سوريا جراء هذا التأجيل، والتي لا يستطيع أحد أن يتنبأ بها. ولأن أوباما تم اتهامه عام 9002 »بالمماطلة« من قبل الجمهوري"ديك تشيني"، الذي شغل منصب نائب الرئيس بوش الابن في الفترة من 0002 إلي 8002، وذلك بسبب انتظاره لعدة أسابيع قبل إرسال تعزيزات للقوات الأمريكية في أفغانستان، فإنه كان حريصا علي أن يؤكد هذه المرة:" قيادة الأركان أكدت لي أنهم علي أتم الاستعداد للقيام بعمل عسكري في اللحظة التي اختارها". من جانبه قال "ميشل إيسنستاد" مدير مركز واشنطن للدراسات العسكرية وسياسات الشرق الأدني، إن إدارة أوباما تستخدم مصطلحات "أخلاقية" أكثر منها مصطلحات عسكرية، ولست أدري كيف يتم استخدام كلمات مثل "معاقبة نظام بشار" و"محاسبته" من قبل رئيس يدعي أنه ينوي القيام بعمل عسكري !!" وأضاف نفس المصدر:" أشارك أوباما مخاوفه من تبعات عمل عسكري في سوريا، ولكن إذا كان لديه أدلة دامغة علي استخدام بشار لأسلحة كيماوية فعليه التحرك فورا حتي لا يفقد مصداقيته ولكي لا تهتز صورته أمام إيران وكوريا الشمالية".