لا الخارجية تحركت في الوقت المناسب ولا الاتحاد الافريقي تحري الدقة قبل أن يتخذ مجلس السلم والأمن قرارا بتعليق عضوية مصر وأنشطتها ردا علي ما اعتبره انقلابا علي نظام الحكم الشرعي بعد ثورة30 يونيو. وعندما أوفدت الخارجية مبعوثين الي بعض الدول لتوضيح الموقف كان قد قضي الأمر, كما جاء وفد الاتحاد الي القاهره في الوقت الضائع ليعلن رئيسه في النهاية أنهم سمعوا ما يكفي أن ما حدث ثورة شعبية ولكنهم سيأخذون وقتهم حتي يقرروا ما اذا كانت ثورة أم انقلابا! يستند قرار مجلس السلم والأمن الي ما قرره الاتحاد الافريقي عام2000 بتجميد عضوية أية دولة يستولي العسكر فيها علي الحكم في محاولة منه لانهاء وباء الانقلابات العسكرية في القارة السمراء, وسبق تطبيقه علي أكثر من دولة عضو كان آخرها افريقيا الوسطي قبل أربعة أشهر. لكن قرارتعليق عضوية مصر كان متسرعا لأنه كان يجب أولا التمييز بين قيام العسكر بالاستيلاء علي الحكم بالقوة, كما حدث في مالي وافريقيا الوسطي وموريتانيا وتوجو وغينيا, وبين انحياز العسكر لثورة شعبية لانقاذ البلاد من فوضي قد تتطور الي حرب أهلية بين أنصار النظام ومعارضيه كما حدث في مصر.ونتيجة لهذا التسرع المخالف للتحركات البطيئة المعتادة من الاتحاد الافريقي ازاء ما يحدث من حروب ونزاعات في القارة السمراء أصبح من الصعب التراجع عن القرار, خاصة في ضوء معارضة دولة عضو ذات نفوذ كبير مثل جنوب افريقيا لعزل مرسي قائلة انه يخالف مواثيق وأعراف الاتحاد ووصفها تغيير نظام الحكم بأنه غير دستوري. لكن اللوم لا يقع فقط علي مجلس السلم والأمن بتعليق عضوية مصر, أحد أعضائه والعضو المؤسس لمنظمة الوحدة الافريقية التي تحولت فيما بعد الي اتحاد, وانما اللوم يجب أن يوجه أساسا لوزارة الخارجية التي قفز وزيرها السابق من سفينة نظام حكم مرسي قبل أن تغرق, وعندما عاد بعد عدة أيام كانت العضوية قد تم تعليقها. فالوزير ومساعدوه يعرفون مسبقا أن هناك قرارا افريقيا سبق تطبيقه علي دول أعضاء وأنه من المحتمل تطبيقه علي مصر, وبالتالي كان يتعين أن يتحرك بسرعة منذ الساعة الأولي لعزل مرسي لتوضيح الموقف للدول الأعضاء بالمجلس ولتلك المؤثرة داخل الاتحاد مثل جنوب افريقيا للتريث قبل اتخاذ قرار. وليس بالضرورة أن يتم التوضيح بارسال مبعوثين من القاهرة وانما كان يتعين تكليف سفرائنا في تلك الدول فورا بهذه المهمة ثم ايفاد مبعوثين اذا اقتضي الأمر بعد ذلك.أما أن يتم ارسال ستة مبعوثين بعد عشرين يوما من الثورة فهو لعpب في الوقت الضائع واهدار أموال لا جدوي منه بالعملة الصعبة التي نحن في أمس الحاجة اليها. فأغلب الظن أن تعليق العضوية سيبقي حتي اجراء انتخابات جديدة وتولي رئيس منتخب الحكم. اجراء واحد ومؤثر كان يمكن أن تتخذه مصر ردا علي تعليق عضويتها وأنشطتها في الاتحاد الافريقي هو سحب قواتها المشاركة في عمليات حفظ السلام بمناطق النزاعات الافريقية مثل دارفور وجنوب السودان فورا أو علي الأقل تحديد مهلة لمجلس السلم والأمن للتراجع عن قراره والا سيتم سحب القوات والتوقف عن دفع حصة مصر في ميزانية الاتحاد التي تعاني من عجز شديد لعدم تسديد دول أعضاء كثيرة حصصها. فلو تم ذلك فمن المرجح ألا يقر الاتحاد قرار مجلس السلم والأمن لأنه من الصعب توفير قوات من دول افريقية لتحل محل القوات المصرية اذا تم سحبها. وعلي فرض أن هذا الاجراء لم يأت بنتيجة فلن تموت مصر بدون عضوية الاتحاد الافريقي..فالمغرب انسحب من منظمة الوحدة الافريقية عام1982 ردا علي الاعتراف بعضوية الصحراء الغربية التي تعتبرها الرباط جزءا من أراضيها, ولم يخسر شيئا بل انه يحتفظ بعلاقات طيبة مع دول افريقية كثيرة. وانظروا ماذا تفعل اسرائيل عندما تشم رائحة اجراء يضر بمصالحها حيث تسارع باستخدام كل وسائل الضغط لمنع اتخاذه.فهذا أسهل من محاولة الغائه. لمزيد من مقالات عطيه عيسوى