المتابع لبعض مسارات النقاش وبعض أجواء التنفيس لمحسوبين علي خطوط معينة من الشارع المصري, لن تغيب عن ملاحظته تلك اللهجة العدائية تجاه دولة الإمارات ومحاولة زج اسمها رغما عنها في كل ما حدث أو يحدث بل وما سيحدث علي الساحة السياسية المصرية, حتي ليخال للمتابع أنها هي المسؤولة عن ثقب طبقة الأوزون وعن ارتفاع درجة حرارة فصل الصيف هذا, فكثير ممن لم يستطع ترجمة وعوده الانتخابية أو وعود من دعمهم لم يجد سوي البحث المحموم عن أية شماعات يمكن إلصاق تلك الاخفاقات عليها! منذ استقلال دولة الإمارات وهي ردء وعون لشقيقاتها العربية ومصر علي وجه الخصوص, بل وبعد عام واحد من نشأتها بادرت الإمارات بقطع إمدادات النفط نصرة لأرض الكنانة في حرب أكتوبر1973 رغم حاجتها الملحة لعوائد النفط لبناء الدولة الناشئة, لكن المبادئ لا تتجزأ, والأولويات لا يمكن المساومة عليها, والمساس بمصر مساس بالإمارات, تلك هي العقيدة التي اشتدت عراها منذ نشأة إمارات الخير وسرت في أوصال الشعب قبل قيادته, وليس بغريب أن تتواجد الألوف المؤلفة من أحبتنا المصريين بين ظهرانينا في بلادهم الثانية, يتواجدون كأشقاء وأحبة وشركاء في مسيرة النجاح والبناء, نحفظ لهم حقهم ونعترف لهم باسهاماتهم الكبيرة معنا ولم ينظر إماراتي قط لأخيه المصري إلا نظرة المحب الصادق, ولم نجد من إخواننا أبناء أرض الكنانة إلا التفاني والصدق والأمانة ورد الجميل بجميل مثله. في كل مؤسساتنا الحكومية والخاصة يتواجد المصريون, ويستغربون مثلنا وهم يشاهدون تلك الحملة الجائرة علي الإمارات, ويحاولون الاعتذار لنا بأن من يقود تلك الهجمات المغرضة لا يمثلون الغالبية من الشعب المصري العظيم, ونحن نعلم ذلك قبلهم ولا نلوم إلا أصحاب تلك الأصوات النشاز التي ما فتئت ترمي نبالها يمنة ويسرة, فالكل يتآمر عليها إن فشلت, والكل يترصد لها إن أخفقت, فما سقطت وعودهم البراقة إلا لأن الإمارات تكيد لهم, ولم تنقطع الكهرباء عن بيوت السكان إلا بسبب الإمارات, ولم يتهاو الاقتصاد الذي لم يجد خططا واستراتيجيات حقيقية لانعاشه إلا بسبب الإمارات, ولم يتبرم الشعب المطحون ويضج بشكواه وعدم تلبية حاجاته الضرورية طيلة سنة بالتمام والكمال إلا لأن الإمارات هي من طالبته بالشكوي, ولم تغضب القوي والأطياف الثورية المختلفة لإقصائها من المشهد السياسي من أجل سيطرة فصيل واحد فقط إلا بعد أخذ الإذن من الإمارات التي تبعد آلاف الأميال! إن زج اسم الإمارات وتصويرها كمتحكم بقرار المشهد السياسي المصري يحوي إساءة بالغة لقامات سياسية عظيمة وأحزاب وقوي شعبية رفيعة القدر في أرض الكنانة, ولا يعدو إلا أن يكون محاولات الغريق للتمسك بتلك القشة علها تقيه الغرق وهيهات, ولو عاد أولئك النفر الذين يؤزون خطاب الكراهية بين الشعبين أزا وتفكروا قليلا لوجدوا تهافت اتهاماتهم وخواء مضمونها التام, فحيثما اتجهت مصر كانت شقيقتها الإمارات معها في مسعاها تباركه وتؤيده وتتمني لها به الخير, فعندما قامت ثورة25 يناير كانت الإمارات من أوائل الدول التي وقفت بصف الخيار الشعبي, وعندما اختارت مصر من خلال انتخاباتها الديمقراطية أول رئاسة منتخبة شعبيا كانت الإمارات سباقة في التهنئة والتأييد ومد اليد للتعاون, ويوم أن ضج الشعب وقام بثورته الثانية التصحيحية واختار مسارا آخر كانت الإمارات تقف وتساند, فأين خطأ الإمارات إذن؟ لماذا يدعي البعض أن الإمارات لم تساعد ماليا بصورة كافية كاستثمارات في مرحلة ما بعد الإنتخابات ويتجاهلون تماما أن الشعب المصري نفسه ثار علي ذلك الكيان ومؤسساته؟ ولماذا يعيبون علي الإمارات مسارعتها لضخ المليارات بعد30 يونيو؟ هل كانوا سيصفقون مثلا لو ناصبنا الشعب المصري النبيل العداء ورفضنا ثورته التصحيحية ولم نقف معه لبناء ما هدم من أحلام وتحقيق ما اغتيل من أمنياته؟ إن علو الصوت لا يثبت حقا, واستغلال وسائل الاتصال الاجتماعي بتلك البشاعة لانعدام الرقابة والمحاسبة عليها لن يغير واقعا, فالحقائق لا يمكن طمسها طويلا, والأكاذيب لا تلبث أن تنكشف ليبين تحتها عوار أصحابها وسوء نواياهم, فالمجتمعات لا يستطيع قيادتها لشواطئ الأمان إلا العقول التي لم يعشعش فيها التفسير التآمري للأحداث, ولا يستطيع مساعدتها لتحقيق أحلامها لتكون ضمن صفوف النخبة التي يستحق الشعب المصري العظيم أن يكون معها إلا القلوب التي تغلب حب وطنها فوق اعتباراتها الحزبية الضيقة, ولا يقدر علي إعادتها للواجهة التي تليق بها تلك الضمائر التي تحاول استدرار التعاطف بالإساءة إلي أشقائها ورميهم بالحجارة, فنحن شعبا وقيادة مع مصر وما ترتضيه لنفسها, ولن يثنينا عن وقوفنا مع أحبتنا المصريين مشاغبات البعض وأكاذيبه وترهاته, فالأيام كفيلة بفضح التلفيقات وكشف المستور( وقد خاب من حمل ظلما) صدق الله العظيم. لمزيد من مقالات بقلم : مهره سعيد المهيرى