كل من يقرأ التاريخ ويستوعب دروسه يدرك أن الحياة الإنسانية علي مر الزمان كانت نتاجا لتزاوج الأفكار والثقافات والحضارات بين سائر الأمم.. والتاريخ باعتباره خير شاهد وخير معلم يقول لنا: إنه عندما كانت أمة العرب والمسلمين في أوج ازدهارها كانت الكلمة العليا للثقافة العربية والإسلامية الرشيدة!. واليوم عندما نرصد الواقع العربي والإسلامي المعاصر ونتحسر علي تراجع الأمة في شتي المجالات لابد أن نعترف بأننا نعاني منذ سنوات من أزمة فكرية وثقافية تفوق في مخاطرها حزمة الأزمات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية, وأن أحد أهم أسباب هذه الحزمة من الأزمات ليس بعيدا عن جوهر الأزمة الفكرية والثقافية التي تعاني منها الأمة منذ أن بدأت لعبة خلط الدين بالسياسة. و ليس من شك في أن السبيل الوحيد لنهوض أي أمة يبدأ بتقوية جدران الثقافة والفكر علي أسس متينة وراسخة.. حتي يمكن توحيد الجهود باتجاه البحث عن حلول ناجحة للتحديات الثقافية والفكرية التي تدهمنا وأهمها التحدي المتعلق بكيفية المواءمة بين حتمية استمرار الانفتاح علي العالم, وبين ضرورات الحفاظ علي خصوصية الثقافة والحضارة والتقاليد والأعراف العربية والإسلامية. إننا بحاجة إلي تقوية جدار الصد ضد كل ما هو دخيل علي أفكارنا ومعتقداتنا الثقافية والروحية ودون أن يجيء ذلك علي حساب ضرورات استمرار انفتاحنا علي العالم وتوسيع مساحة الإطلال علي كل ما يجري حولنا لكي نأخذ منه ما يتفق مع مصالحنا ولا يتعارض مع عقائدنا التي لا تحظر التقاء الحضارات! لقد آن الأوان لكي تفيق الأمة من غفلتها.. و ذلك لا يتحقق إلا بإعادة الاعتبار للفكر الصحيح والثقافة المستنيرة بدلا من الخواء الفكري والفراغ الثقافي و الدجل العقائدي الذي استشري وسمح للجهلاء والمغرورين أن يكون لهم صوت مسموع ومؤثر! خير الكلام: كلما عانيت من قسوة البشر يزداد احتقارك للحياة! http://[email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله