لا أظن أن الأمة العربية التي أفاقت من خلال اتساع مطالب الإصلاح والتغيير بعد عقود طويلة من الجمود السياسي والتراجع الاقتصادي والتفكك الاجتماعي يمكن لها أن تحقق ما تريد إلا إذا أدركت أهمية الاحتكام للعقل قبل أن تنحرف روح الثورة والانتفاضة إلي مسارب الانفعال و الفوضي. نريد عقلا قادرا علي صنع التزاوج المطلوب بين حلم قوي ينبغي استمرار الاستمساك به وبين أوضاع صعبة علي أرض الداخل يصعب التغافل عنها... فضلا عن واقع دولي وإقليمي من الخطأ والخطر معا أن نتجاهله أو نقع في محظور استفزاز قواه بكل ما هو معروف عن حماقتها وغشامتها! نريد عقلا يملك القدرة علي الانتصار للحسابات الاستراتيجية الدقيقة وتجنب الألعاب التكتيكية في زمن لم يعد يسمح بترف المغامرة ولا بأي هامش محدود للمقامرة! إن الأوضاع الراهنة لم تعد تسمح لأحد بأن يواصل السباحة في بحر الأوهام, وأن يتجاوز خطوطا معينة تمثل انفلاتا يتجاوز الحقائق المؤكدة خصوصا إذا تعلق الأمر بطموحات لاتستند إلي قدرات راهنة ولا تعزز بأي ثوابت جغرافية وتاريخية مؤكدة! إن المطلوب لنا في هذه المرحلة الفاصلة أن نتسلح بعقل يملك جرأة المكاشفة بأنه قد آن الأوان لكي ندرك أن العلاقات الدولية لا تعرف منطق المجاملة وسياسة تبويس اللحي التي نلجأ إليها لاحتواء الأزمات في العلاقات العربية العربية, وإنما هي علاقات المصلحة بكل ما في الكلمة من معان, وأنها تكاد تكون تجسيدا لثقافة التكتيك الكروي المعروفة باسم: هات وخد! أتحدث عن العقل الذي يملك رؤي جديدة وأفكارا مستحدثة تستعيد بها الأمة أسلحتها المشروعة وأوراقها الرابحة في سوق السياسة الدولية الذي لم يعد فيه سر مخفي, وإنما كل الأوراق معلنة ومكشوفة ومطروحة للتداول في بورصة عصر العولمة. ثم إنني أظن أننا يجب أن نواصل الثقة في التاريخ الذي يستطيع في النهاية أن يؤكد صحة مساره عندما يجري التعامل معه بالفعل وليس بمجرد الهوي! خير الكلام: الصواعق لا تصيب سوي المباني المرتفعة! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله