عقل الثورة! لا أظن أن ربيع الثورات العربية الذي أدهش العالم بأسره يحتاج إلي شيء هذه الأيام بأكثر من حاجته إلي مخاطبة العقل باعتباره السلاح الوحيد الذي يمكن توظيفه لقهر كافة التحديات التي تعترض طريق الثورات العربية وتستهدف اختصارها في صيحات غضب واحتجاج تعبر عنها مسيرات ومظاهرات واعتصامات. أريد أن أقول: إن العقل هو السلاح الوحيد الذي يمكن الاعتماد عليه لقهر كل التحديات التي تواجه الثورات العربية, وهي تحديات تتنوع أشكالها ومضامينها لكنها تندرج تحت عنوان واحد هو كيفية إحداث التغيير... وليس هناك ما يمكن أن يحقق هذا التغيير سوي عقول يقظة تقدر علي قراءة الاستحقاقات الضرورية والصحيحة للتغيير المنشود وفهم متطلباته! وهذا العقل ليس مجرد دماغ وإنما هو فكر جديد يعبر عن قوي جديدة لا بد أن تملك أدوات القدرة علي التعامل مع الواقع الجديد بكل مصاعبه. إن كافة الثورات العربية بحاجة إلي عقل يقرأ ليفهم ويستنتج ويستنبط ويبتكر ما هو ملائم في ضوء القدرات والإمكانات المتاحة وليس ذلك العقل الذي يقرأ ويترجم لينقل لنا فقط ما يمكن حفظه واستيعابه كنصوص محفوظة لا تفجر طاقات التعمق في الأشياء لتحليلها والاستفادة منها! أتحدث عن حاجة ربيع الثورات العربية إلي عقل يرتبط بالمستقبل بأكثر من ارتباطه بالماضي ودون أن ينفصل عن الحاضر..عقل ليس مشغولا بالكلام في الوقت الضائع أو الجدل حول قضايا فات زمانها وإنما هو العقل الذي يستلهم من الماضي كل ما هو مفيد لبناء القوة وصنع الحيوية بآليات للعقل تغني عن الحاجة إلي الكلام واجترار ذكريات تقتل الوقت وتصلح للتسامر بأكثر مما تصلح لبناء الأمم والشعوب! إن كل الثورات العربية مطالبة بضرورة الاحتكام للعقل الذي ينتصر لأسباب القوة والوحدة داخل أوطانها بعيدا عن الهوامش والتفاصيل التي تغذي التناقضات وتوفر لأوضاع العجز كل ما تحتاجه من مقومات.! بالعقل فقط يمكن لربيع الثورات العربية أن يصنع التزاوج المطلوب بين الحلم والواقع بالانتصار للحسابات الاستراتيجية الدقيقة وتجنب كل أشكال المغامرة والمقامرة التكتيكية. خير الكلام: عندما يموت الماضي فإن من الصعب إعادته للحياة مرة أخري! المزيد من أعمدة مرسى عطا الله