يخطئ من يظن أن هذا الكم الهائل من الإصدارات الصحفية الجديدة التي تغمر الأسواق حاليا يعكس ازدهارا للمنتج الصحفي المصري. وأن ذلك يمكن له أن يدفع الصحافة المصرية نحو إمكانية استعادة دورها الريادي والتنويري في أمتها العربية بمثل ما كان عليه الحال حتي عقود قليلة مضت! والحقيقة أنه من خداع النفس أن نظل أسري الاعتقاد بأننا مازلنا نملك مقومات الريادة الصحفية في أمتنا العربية وبالتالي نواصل حبس عقولنا في إطار القفص التاريخي المستند فقط إلي الموقع والدور والمكانة بينما السجادة تنسحب من تحت أقدامنا يوما بعد يوم! أريد أن أقول بوضوح: إنه إذا كانت الصحافة القوية هي الابن البكر للحقيقة فإن ذلك لا ينفي الحاجة الملحة للمنظومة المهنية ذات الدرجة العالية من الاحتراف التي تملك القدرة علي حسن مخاطبة العقول والقلوب وبما يؤدي إلي تضييق وتقريب المسافات بين الصحافة وقارئها من خلال تأمين وصول الحقيقة وحمايتها من أي تدليس! لقد آن الأوان لكي ندرك أنه مع تسارع وتتابع التحديات والمتغيرات العالمية, التي تصعب ملاحقتها كل يوم.. بل كل ساعة وكل لحظة, في مختلف مجالات الحياة, فإنه لم تعد تكفينا متعة الانبهار بكل جديد, والسعي للحصول علي المطابع الحديثة للصحف والكاميرات المتطورة للبث التليفزيوني, وإنما بات من المحتم علينا أن نسعي سعيا حثيثا لكي نعيد صياغة الفكر الصحفي علي أسس جديدة. إن علينا أن ندرك أن أدوات ومقاييس الماضي لم تعد تصلح لنشر الرسالة الإعلامية المطلوبة في التوقيت الصحيح.. ثم إنه قد آن الأوان أيضا لكي ندرك أهمية التقدم لعصر جديد يرتكز إلي العلم ويتعامل بالتكنولوجيا ويجدد في الأفكار والعقائد ويراجع القيم والسلوك, والعادات الاجتماعية.. ولست أقصد من ذلك أن نخلع جلبابنا, وإنما أقصد أن نسعي لكي نكون شركاء في هذا السباق الإعلامي الرهيب, بدلا من أن نظل مجرد مشاهدين! وعلي سبيل المثال فإنه من غير المعقول أن يغيب عن فكرنا الصحفي أن رياح ثورة الاتصالات قد حملت في طياتها تحديات ثقافية واجتماعية خطيرة تستوجب اليقظة لكي نتجنب مخاطر المقارنات الظالمة مع مجتمعات أكثر ثراء وأكثر تقدما! وغدا نواصل الحديث.. خير الكلام: الفشل ليس عيبا ولكن العيب في العجز عن النهوض مرة أخري! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله