لا أظن أن أحدا يمكن أن يجادل في أن' الأهرام' هي أقدم وأعرق صحيفة عربية وأنها تتربع منذ سنوات طويلة في مكان متميز ضمن لائحة التصنيف الدولي لأفضل الصحف العالمية ولكن الأهم من ذلك كله أن' الأهرام' بالنسبة للصحافة العربية لها دور يماثل دور مصر بالنسبة للأمة العربية فكلما ازدهر' الأهرام' ازدهرت الصحافة المصرية والعربية وكلما أصابت الأمراض والعلل جسد' الأهرام' انتقلت العدوي بسرعة مذهلة إلي بقية المنظومة الصحفية. ولعلي أسارع بإيضاح ضروري منعا لأي التباس وأقول صراحة: إن كل كلمة وردت في السطور السالفة ينبغي فهمها بعيدا عن شبهة خيلاء الاستعلاء عند الأهراميين الذين يعتزون بتاريخ وتراث صحيفتهم دون تقليل من دور واستقلالية جميع الصحف الأخري. لقد لمست قلقا في الأيام الأخيرة علي' الأهرام' وكان ردي الدائم علي كل من نقلوا لي مباشرة تلك المشاعر الصادقة أن' الأهرام' مؤسسة عريقة ولها القدرة علي احتواء أية عواصف طارئة بروح التواصل المتجذرة بين أجيالها المختلفة وليس بأية إجراءات إدارية مهما كانت ضروراتها أو مشروعيتها! بل إنني كنت أؤكد لكل من تحدثوا معي من داخل ومن خارج' الأهرام' أن هذه الصحيفة العريقة واجهت- علي طول تاريخها- تحديات مهنية وإدارية وسياسية قبل وبعد ثورة يوليو.. وقبل وبعد انتصار أكتوبر.. وقبل وبعد ثورة25 يناير ولكنها استطاعت بروح الأسرة الواحدة وبعمق التواصل بين أجيالها المتتابعة أن تتجاوز جميع التحديات. وليس يخالجني أدني شك في قدرة الأجيال الجديدة علي صنع التوازن المطلوب بين حقها المشروع في أن تنال كامل فرصتها للتعبير عن نفسها منهجا وفكرا وأسلوبا وبين أن تظل قواعد السلوك المحترم عنوانا يعكس عمق الاعتزاز بالأجيال القديمة التي رضعنا منها لبن الحب الحقيقي لهذا الصرح العظيم! ولا زالت وصايا ونصائح عمالقة الفكر والأدب الذي استقدمهم الأستاذ محمد حسنين هيكل للأهرام في مطلع الستينات ترن حتي اليوم في أذني وآذان رفاق جيلي الذين شرفوا بالجلوس مع توفيق الحكيم ونجيب محفوظ والدكتور يوسف إدريس والدكتور زكي نجيب محمود والدكتور حسين فوزي وغيرهم كثيرون! لم تكن نصائحهم ووصاياهم مقصورة علي تنمية حب القراءة وكيفية استيعاب قواعد الكتابة الصحيحة وإنما كانت أهم وصية هي ضرورة' معرفة قدر الأهرام' وعمق تأثيره في الحياة المصرية والثقافة العربية!
خير الكلام: المكان الذي نحبه قد تبارحه أقدامنا.. ولكن قلوبنا تبقي معه! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله