تشهد الساحة السياسية في زيمبابوي جدلا سياسيا حادا حول الانتخابات الرئاسية التي كان مقرر إجراءها قبل نهاية يونيو2013, وفي ظل الأزمة المالية والاقتصادية التي تعيشها زيمبابوي بسبب العقوبات الدولية المفروضة عليها من الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي قد تتسبب مشكلة تمويل التجهيزات المطلوبة لهذه الانتخابات التي تقدر ب200 مليون دولار في تأجيلها حيث تعجز حتي الآن الحكومة الزيمبابوية عن توفير هذا المبلغ سواء من مصادر محلية أو دولية. أسهم في تعقد مشكلة تمويل الانتخابات الموقف الأخير للرئيس روبرت موجابي الذي رفض المساعدات المقدمة من الأممالمتحدة لاصرارها علي إجراء بعض الأصلاحات الديمقراطية باعتبارها ضرورة من أجل تحقيق انتخابات نزيهة عادلة بعيدة عن العنف السياسي حيث تصر الأممالمتحدة علي أجراء العديد من الاصلاحات والتغييرات الديمقراطية والتي تعتبر مطلبا أساسيا من قبل الدول الغربية لرفع عقوباتها عن النظام في زيمبابوي. وهو ما حدي بالرئيس موجابي وقادة حزب زانوPF إلي الإعلان عن رفضه القاطع للتمويل عن طريق الاممالمتحدة معتبرين ما تطلبه تدخلا سافرا في الشأن الداخلي للبلاد لذا أعلنت الحكومة إغلاق ملف الاستعانة بالأممالمتحدة في تمويل هذه الانتخابات. ومايضع حكومة زيمبابوي أيضا في مأزق التمويل هو عدم قدرتها علي الإستعانة بالدول الكبري مثل الولاياتالمتحدة وبريطانيا والأتحاد الأوروبي وذلك لأستمرار فرضهم العقوبات علي النظام الحالي الأمر الذي يقلص فرص الرئيس موجابي في الوصول إلي حل مع الأممالمتحدة لعضوية تلك الدول بها, وبسبب قوة تأثير اصواتها علي قرار تمويل الانتخابات في زيمبابوي. كما استبعد رئيس الوزراء' تسفنجاراي'( يمثل المعارضة أيضا) أمكانية توفير التمويل اللازم عن طريق المصادر المحلية لضخامة المبلغ اللازم لا( حوالي200 مليون دولار), وأنه في كل الأحوال سيلزم الرجوع في هذا الشأن مرة أخري للامم المتحدة أو احدي منظماتها. وأكد رئيس الوزراء تسفنجاراي أنه سيكون من الصعوبة اجراء الانتخابات في موعدها بسبب مشكلة التمويل والوضع القانوني المتعلق بالبرلمان. حيث انتهت فترة ولاية برلمان زيمبابوي في9 يونيو الجاري الأمر الذي سيستدعي إجراء الأنتخابات البرلمانية والرئاسية في ذات الوقت. وهو ما يتطلب علي الأقل فترة زمنية تقدر بشهرين تبدأ منذ أنتهاء ولاية البرلمان لأتخاذ الأجراءات القانونية اللازمة. وهوما يجهض اي أحتمالات لأجراء الإنتخابات الرئاسية او البرلمانية خلال هذه الشهور( يونيو, يوليو, أغسطس). لذلك فمن المتوقع في حالةحل مشكلة نقص التمويل المالي أن يتم إجراء الأنتخابات في الفترة ما بعد15 سبتمبر المقبل. وأثناء تجولك في مدن وقري زيمبابوي تري تاثير العقوبات المفروضة من قبل الدول الغربية علي الوضع الاقتصادي واضحا خاصة في المناطق الفقيرة بالدولة. ففضلا عن ضآلة الأجور التي لا تكفي للمعيشة في ظل ارتفاع أسعار السلع الأساسية تعاني تلك البلاد بشكل مكثف البطالة التي بلغ معدلها95% وفق تقديرات رابطة مجالس الشيوخ و يظهر الشارع في زيمبابوي بوضوح مشكلة البطالة بين الشباب فلا يكاد يخلو شارع من التجمعات الشبابية العاطلة عن العمل. ينتشرون بكثرة في أشارات المرور يحملون سلع بسيطة كالفاكهة او كروت شحن للموبايلات يبيعونها للمارة ولأصحاب السيارات. وتحمل شوارع زيمبابوي الكثير من المتناقضات التي تتدعوك للتأمل. فعلي الرغم من الفقر الواضح في بعض المناطق التي يسكنها المحليون( السود), إلا أنها تتميز بنظافة شوارعها واحترام المواطنين للسلوكيات التي يجب إتباعها في الشارع فلا تجد من يكسر أشارة المرور أو من يصم اذنك بأطلاق ابواق سيارتة يحثك علي الحركة. منذ وصولي للبلد لم اسمع صوت نفير سيارة أو شاهدت أحدهم يتخطي إشارة مرور رغم كثرة تقاطعات الطرق. فهناك أحترام واضح للنظام والقواعد المرورية لم اجده في دول أكثر تحضرا من زيمبايوي. البائعون في الأشارات المرورية لديهم أماكن مخصصة, وسط نهر الطريق يقفون بمنطقة معينة محددة بخطوط لا يمكن لهم تخطييها. الغريب في المكان المحدد انه في منتصف الطريق بين السيارات, الأغرب انهم يلتزمون به ولا يتحركون منه بل يقفون في ثبات! و في محاوملة للسيطرة علي الوضع الاقتصادي المتدهور أستبدلت الحكومة منذ عام2009 العملة المحلية بالدولار الأمريكي حيث أصبح التعامل بالدولار الامريكي مع إيقاف الرقابة علي الأسعار, وهذا الأمر من المفارقات الداعية للتفكير في كيفية دوران المنظومة العالمية المتناقضة الأهداف والمصالح. ذلك أن الولاياتالمتحدة من أولي الدول التي تزعمت مسألة فرض العقوبات علي النظام الحاكم في زيمبابوي. هذا التناقض يدعونا بالفعل إلي التفكير بشكل متأن في مسالة توازن القوي الدولية وقدرة بعض الدول الكبري علي إدارة العالم كما تريد! رغم تأثر الوضع الأقتصادي بالعقوبات والحالة السياسية الضبابية بالدولة إلا أن هناك تواجد ملحوظ للعديد من الأستثمارات الأجنبية خاصة الصينية والهندية سواء في شكل فردي أو حكومي. ومن المعروف أن الصين حليف قوي لحكومة زيمبابوي تقدم لها المساعدات منذ فرض العقوبات. وتتنوع مجالات الاستثمار الصيني والهندي ليشمل التجارة في السيارات والأغذية والبناء وشركات التأمين. وهناك جهود من وزارة الخارجية المصرية لأجراء عدة محاولات لجذب رجال الأعمال المصريين. حيث تتم دعوتهم إلي المعارض التجارية السنوية في زيمبابوي إلا أن هناك مخاوف لدي المستثمر المصري من أختراق الأسواق الأفريقية بشكل عام ولتخطي هذه العقبة تم إعادة تشغيل خط مصر للطيران2 يونيو كخطوة أيجابية نحو تنمية العلاقات بين مصر وزيمبابوي والتي يمكن أن تؤدي إلي تدعيم العلاقات التجارية ونموها بين البلدين.