أكثر الناس إزعاجا للدولة, اثنان, الفنان والفيلسوف, كلاهما يدمن التمرد, يكرهان العقول النمطية والمتحجرة, ولايقبلان الأشياء علي علاتها, يثور الفنان علي الواقع بحثا عن عالم أفضل, وتسعي الفلسفة لتخليص الفرد من الجمود العقلي, ربما هذا يفسر المعركة الدائرة الآن مع المثقفين, دفاعا عن مكتسباتهم الفكرية وحماية الإرث الثقافي من سيف وزير الإقصاء والكراهية, الذي دعا لإدارة الثقافة من مسجد وقصر نشاط الأوبرا علي الأناشيد الدينية! علي الجانب الآخر, قرر وزير التعليم أن تكون الفسلفة مادة اختيارية, وهي خطوة تمهيدية لإلغائها, وتصادف في الوقت ذاته, تحقيقا للبي بي سي عن سبب إصرار فرنسا علي تدريس الفلسفة لطلبة المدارس؟, وطارح السؤال كان قد انتابه شعور بالخوف, أذكاه التغير الذي طرأ علي ابنته منذ ان بدأت دراسة الفلسفة, يقول, قبل عام كانت ابنتي تائهة تماما, لكن عالم الأفكار أصبح مفتوحا امامها الآن, بشأن الفرد والمجتمع, والله والعقل, والخير والشر, والفن والوجود. رافضة الأوامر الملزمة' الديكتاتورية', أي أن الفلسفة, تسمح لكل فرد, أن يفكر بنفسه لا أن يفكر له الآخرون. اهتم العلماء العرب بدراسة الفلسفة مع تخصصاتهم, باعتبارها مفتاح العلوم, مثل ابن سينا أبوالطب الحديث, كان فيلسوفا, وجابر بن حيان عالم الكيمياء والخوارزمي أبوالرياضيات, درسا الفلسفة, والفارابي عالم الفيزياء هو المؤسس الحقيقي للدراسات الفلسفية بالعالم العربي, وابن رشد أهم فلاسفة الاسلام عمل بالطب والقضاء. لا أعرف خلفيات قرار وزير التعليم التي دفعته لتهميش مادة تجعل الانسان يفكر بنفسه ويتحدث بشكل منطقي, وهو مايغيب عن الكثيرين, مثل ذلك القيادي الذي علق علي فوز منتخبنا القومي علي زيمبابوي قائلا:( إنها إرادة الفوز والنجاح, والحياة تنتصر علي قوي الشر والظلم والهدم). كلام ليس له أي علاقة بالحدث ويخلو من أي منطق. لمزيد من مقالات سمير شحاته