كتب القارة الأسيوية قصصا للنجاح والفشل كل ساعة وتعطي خبرات تختلف عن العالم الأول وربما لا تنافسه كتفا بكتف في العلوم الحديثة, وربما تقلده في كثير من الصراعات من التكنولوجيا الحديثة إلي الموضة الغربية التي باتت في أغلب عواصم ومدن الدول التي حققت طفرات نمو ملموسة في العقدين الماضيين, إلا أنها وضعت نفسها علي خريطة التقدم وتسابق علي مراتب السبق في العالم المتقدم.. كتاب كيف تعمل اسيا: النجاح والفشل في أكثر مناطق العالم حيويةHowAsiaWorks:SuccessandFailureintheWorld]sMostDynamicRegion للباحث جو ستدويل يحاول أن يرسم خريطة لأسباب النمو في بعض مناطقالقارة وفشل التطور الإقتصادي في البعض الأخر.. بمعني أكثر تحديدا يرصد أسباب تقدم مناطق شمال شرق اسيا, اليابان وكوريا الجنوبية وتايوان بينما الدول الواقعة في الجنوب الشرقي ومنها الفلبين وتايلاند وأندونيسيا تعد فقيرة نسبيا.. ويعود ستدويل بكتابه الجديد بعد سنوات قليلة من كتابه الرائع الأباء الروحيين لأسيا عن الشخصيات والمفاهيم التي قادت قاطرة تلك الدول في العقود الأخيرة.. والأسئلة الملحة في السياق الأسيوي: هل هناك أسباب تتصل بالمناخ والجغرافيا أدت إلي تقدم مجتمعات وتعثر أخري أو تطورها بشكل محدود؟ وهل للقيادة السياسية دوربقراراتها في النجاح والفشل؟--لا يخفي الكاتب تقييمه لدول جنوب شرق اسيا التي تحولت, من وجهة نظره, إلي قاع العالم الصناعي لأنها فشلت في استيعاب دروس التاريخ- وهو ما لا يقاس بالحالة التي عليها الشرق الأوسط, علي سبيل المثال, التي تبدو حالة خارج العالم الصناعي بتلك المعايير- والتاريخ يقول إنها زعماء دول المنطقة أخفقوا في تبني أبسط خطوات التقدم التكنولوجي,حيث سيطرت النخب المقربة من الحكام أو قدمت للقيادة السياسية نصائح سيئة من مؤسسات دولية مثل البنك الدولي ومنها تلك النصائح المنتمية لمدرسة الليبرالية الجديدة والتي تدعو إلي عدم توفير حماية للصناعات الناشئة وهي النصائح التي لم تكن نافعة لدول علي بداية سلم التنمية.. وقد كانت نصائح ستدويل أن تحذو الدول في مساعيها حذو الرجل القوي في كوريا الجنوبية بارك شانج-هي قائد معجزة التنمية والتقدم علي نهر هان والتي بإختصار أن يظهر القادة تأييدا للسوق المفتوح ثم ينطلقوا إلي حال سبيلهم بلعب دور مؤثر للدولة في الأوضاع التنمويةوالإقتصاديةس أن يحل الدور علي العملاق الصيني بعد ثلاثين عاما من الماوية التي سببت الكثير من العثرات الإقتصادية في البلاد. وشملت الإجراءات الجديدة التي تدخلت فيها الدولة: برامج إعادة توزيع الأراضيس س س س تحت عين الدولة. وهناك ثلاثة مقاربات لتقدم الدول في شمال شرق اسيا وهي, إطلاق القدرات الزراعية بتبني سياسة تشجع المزارع الكبيرة المدعومة بخدمات تقدمها الدولة وهو أمر لم يأخذ وقتا طويلا لإنجازه مما ساعد في طفرةسريعة, والملمح الثاني أن رفع مستوي التكنولوجيا في التصنيع كان هو القاطرة الطبيعية للتحول الإقتصادي السريع والثالث أن التمويل كان متوافرا لخدمة تلك الأغراض دون عقبات فعلية. وإن كان مسار المجتمعات الصناعية الأصغر- سنغافورة وهونج كونج- بدا مختلفا عن المسارات السابقة لدول الشمال الشرقي الأخري. ويحلل ستدويل بتفصيل أكبر دور الإصلاح الجذري لقوانين حيازة الأراضي في الدول الأسيوية الأكثر تقدما, فيقول إن الإصلاح الكبير في اليابان بدأ في عام8681 بعد نهضة عصر ميجي واستمرت عملية إصلاح القوانين بعد الحرب عندما أشرفت قوة الإحتلال الأمريكي علي عمليات مصادرة وإعادة توزيع للأراضي وقد إتبعت كوريا الجنوبية وتايوان سياسة مماثلة حيث إعتمدت علي مبدأ أن المزارع الكبيرة أكثر فاعلية وكفاءة لإمكانية ميكنتها بشكل أكبر من المساحات الأقل وبالتالي ترتفع إنتاجية الفرد أو الوحدة الإنتاجية. وفي المجتمعات الفقيرة التي تفيض بالعمالة يجب أن يكون التركيز رفع مستوي إنتاجية الفدان في المساحات الصغيرة وليس كما هو الحال في دول شمال شرق اسيا. تعظيم العوائد يخدم عددا من أهداف التنمية الأوسع, فالمزارعون يحصلون علي أموال ينفقونها علي المنتجات المصنعة, والإنتاج العالي منالحبوب الغدائية يعني أن الدولة غير مضطرة لتوجيه احتياطيات العملة الأجنبية للخارج ويمكن إعادة تدوير موارد المزارعين في النظام المصرفي والصناعة من جديد. ويشير إلي الأخطاء في كل من الفلبين والصين في عقود سابقة أدت إلي تأخر في مسيرة اللحاق بالدول الأكثر تطورا.--في فصول أخري من الكتاب, يتحدث عن جوانب الطفرة الصناعية وعلاقة التطور بالتمويل ويقول إن هناك أفكارا مازالت محل جدل منها هل تقوم الحكومات ب إنتقاء الفائزين أم لا تقدم علي تلك الأفعال في عصر السوق المفتوح ويري البعض أن اليابان وكوريا الجنوبية قامت بتطبيق سياسات لإختيار من تدعمهم حكوماتهما. بمعني أن هناك دول تدعم شركات الصلب والسيارات لتصدير منتجاتها للسوق العالمي ومن يفشل يخرج من السوق المحلي أو ينتهي بحصة ضئيلة, وهو ما حدث مع ثلاث شركات للسيارات ظهرت في كوريا الجنوبية في النصف الأول من السبعينيات ولكنها لم تحقق نجاحا حتي ظهورمجموعة هيونداي العملاقة في مرحلة لاحقة. ويشير إلي ان الإنطلاق الصينية بدأت مع قانون إصلاح توزيع أراضي الدولة في عام1978 وتكوين شركات عملاقة تمول عن طريق بنوك عامة وهو ما جعل الصين تحلق إلي جوار الشركات العالمية في الصناعات الثقيلة لكنها أقل قدرة علي تحفيز شركات المنتجات الإستهلاكية وهناك ضغوط متعلقة بالنمو السكاني وقلق الأفراد علي دخولهم أكثر من الإنشغال بتحقيق أهداف التنمية الوطنية. وفي النهاية, يقدم المؤلف اشارات علي ضرورة عدم الحكم علي كل تجارب التنمية في اسيا وإمريكا اللاتينية وبعض أجزاء إفريقيا علي أنها قد سبرت أغوارالنمو وستحلق بالعالم الثري إلا أن التجارب الناجحة تقول إن الأمم التي تملك خططا وسياسات سليمة وحدها القادرة علي الصعود وبناء سياسات جيدة اليوم لم يعد أمرا بسيطا!