سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
ذات يوم 28 أكتوبر 1944.. دفن شاه إيران «الأب» رضا بهلوى بمسجد الرفاعى.. والشاه «الابن» يتهم الملك فاروق بسرقة سيف والده المرصع بالأحجار الكريمة والمدفون معه
كانت الدموع فى عين الرجل العجوز «رضا شاه بهلوى» امبراطور إيران، وهو يتحدث لابنه وولى عهده محمد فى آخر لقاء بينهما، كان الأب يستعد لمغادرة بلاده إلى المنفى بإجبار من بريطانيا وروسيا فور غزوهما لإيران فى 25 أغسطس1941 أثناء الحرب العالمية الثانية، نتيجة تعاطف الشاه مع الزعيم الألمانى النازى هتلر. كان هذا اللقاء ختاما لحكم «رضا شاه» لإيران الذى استمر نحو 19 عاما، بدأت من 12 ديسمبر 1925، وكان ابنه وولى عهده محمد هو من سيرثه فى الحكم، وشهد اللقاء دراما إنسانية وسياسية، يكشفها الابن «محمد رضا» للكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل فى كتابه «مدافع آية الله، قصة إيران الثورة»، وكان هيكل فى زيارة إلى إيران بدأت أواخر شهر مارس 1951، فى أعقاب مقتل رئيس وزرائها الأسبق الجنرال «رزم آراه»، واستمرت الزيارة شهرا طاف هيكل خلالها البلاد شمالا وجنوبا، وقابل كل الأطياف السياسية ومنها المعارضة، واختتمها بلقاء مع الشاه محمد رضا بهلوى. فى لقاء هيكل مع الشاه محمد رضا بهلوى استمع منه إلى وصف لقائه الأخير بوالده، قائلا: إنها كانت المرة الأولى فى حياته التى رأى فيها والده يتصرف كأب وليس كملك أو قائد عام للقوات المسلحة، وكانت الدموع فى عينى الرجل العجوز عندما تقابلا، ولم يستطع الشاب أن ينطق بكلمة واحدة من شدة تأثره، وكانت ملاحظة الشاه عبارة عن سؤال: هل تستطيع الاحتفاظ بالعرش؟، ولم يقل الابن شيئا، واستمر الابن فى كلامه: أنا لم أفشل فى الاحتفاظ بالعرش لكن قوى أقوى منى أحكمت الحصار حولى، لقد احتفظت لك بالعرش، فهل تستطيع أن تحتفظ به؟ يضيف هيكل: «لم يملك الابن إلا أن يومئ برأسه موافقا، واستمر الشاه رضا، قائلا: «انصت يا ابنى، لا تقاوم، فنحن والعالم أجمع لا نواجه عاصفة أقوى منا جميعا، فاحن رأسك لها إلى أن تمر»، ثم أضاف: «انجب ابنا»، ثم كرر ذلك: «انجب ابنا»، وخرج بعد ذلك من الحجرة إلى المنفى فى جنوب أفريقيا، حيث مات هناك. كانت مصر حاضرة فى هذه الدراما عبر الأميرة فوزية أخت الملك فاروق التى تزوجت من محمد رضا بهلوى فى 15 مارس 1939، وقت أن كان وليا للعهد، وأصبحت امبراطورة بعد أن أصبح زوجها امبراطورا خلفا لوالده، وعلى هذا الأساس كانت الدماء المصرية ستجرى فى عروق الحفيد الذى توسل الأب لابنه بأن ينجبه لو لم يتم طلاق فوزية فى مارس 1948. توفى الأب رضا بهلوى فى جنوب أفريقيا يوم 26 يوليو 1944، وحالت الظروف دون نقل جثمانه إلى إيران، ونظرا لعلاقة المصاهرة مع الأسرة المالكة فى مصر، انتقل الجثمان إلى القاهرة ودفن بالمسجد الرفاعى يوم 28 أكتوبر، مثل هذا اليوم، 1944، لكن القصة حملت معها مسألة غريبة كان الملك فاروق بطلها ويرويها هيكل، والكاتب الصحفى أحمد بهاء الدين فى كتابه «فاروق ملكا». يذكر «هيكل» أن الشاه رضا حين خرج إلى منفاه بجنوب أفريقيا، أخذ سيفا جميلا قديما مرصعا بالأحجار الكريمة، انتقاه من خزانة الإمبراطورية الإيرانية النفيسة، وعندما مات وضعت أرملته «تاج الملوك» هذا السيف بجانبه فى التابوت، ولما رفضت السلطات الإنجليزية والروسية التى تحتل إيران طلبها بدفنه فى بلاده جاء التابوت إلى مصر ووضع مؤقتا فى مسجد الرفاعى، وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية أصبح من الممكن دفنه فى إيران، وانتقل التابوت إلى طهران، وعند فتحه لم يجدوا السيف. يضيف هيكل، كانت «تاج الملوك» متأكدة من وجود السيف داخل التابوت لأنها وضعته بنفسها، وخمنت أن التفسير الوحيد لاختفائه هو أن يكون فاروق سمع عن ذلك السيف، وأمر بفتح التابوت ورآه فأعجبه واستولى عليه، يعلق هيكل: «كان تخمينا صحيحا»، ويؤكد: «اختفاء السيف كان أحد أسباب تحول حياة فوزية من السعادة إلى التعاسة، كانت حماتها توبخها بعبارات ساخرة مثل: أهذه هى الطريقة التى يتصرف بها الملوك فى بلدكم؟ قد لا تكون أسرة بهلوى عريقة مثل أسرة محمد على، لكن على الأقل لسنا لصوصا؟، يؤكد هيكل أن ذلك وأسبابا أخرى وقفت وراء طلاق فوزية من محمد رضا بهلوى عام 1948. يذكر أحمد بهاء الدين فى كتابه «فاروق ملكا» أن أعضاء البعثة الذين قدموا إلى مصر أرادوا أن يحملوا السيف فلم يجدوه، وتساءلوا مع السائلين: أين السيف؟، واتجهت الأنظار إلى القصر، وتوجهت إليه البعثة بالسؤال، فجاء الرد: مولانا الملك احتفظ بالسيف فى حجرته الخاصة، وسينتهزون الفرصة لتذكير جلالته بالسيف وعرض الأمر على مسامعه الكريمة، وعادت البعثة إلى إيران، وثار الشاه محمد رضا بهلوى لهذه السرقة الوضيعة التى امتدت إلى الأموات، وأصر على أن يسترد السيف، واتصلت المكاتبات حتى ضاق فاروق بالأمر، وقال: «قولوا له أننى لم أر السيف ولم أسمع به ولا أعرف عنه شيئا».