في مثل هذا اليوم، 26 يوليو من عام 1944، أسدل الستار على حياة واحدة من أبرز الشخصيات التي غيرت مسار التاريخ الإيراني في القرن العشرين، وهو الشاه رضا بهلوي، مؤسس الدولة البهلوية الحديثة. عاش حياته بين الانقلابات السياسية والمشاريع الإصلاحية، ومات بعيدًا عن وطنه الذي أعاد تشكيله، ودفن في أرض لم تكن يومًا جزءًا من أحلامه، لتشهد سنوات ما بعد وفاته تقلبات لم تخلُ من الرمزية، ما بين القاهرةوطهران. - النشأة والصعود إلى العرش: وُلد رضا بهلوي في 15 مارس 1878 في أسرة فارسية متواضعة، وعمل في بداياته ضابطًا في الجيش الإيراني. برز اسمه سريعًا بفضل حنكته وشجاعته العسكرية، حتى استطاع أن يعتلي قمة السلطة بعد أن أنهى حكم الأسرة القاجارية، حيث خلع الشاه أحمد قاجار في 12 ديسمبر 1925، مؤسسًا بذلك السلالة البهلوية، ومعتمدًا سياسة تحديثية طموحة لبلاده. - الإصلاحات ومواجهة التحديات: طوال فترة حكمه التي استمرت حتى عام 1941، أطلق الشاه رضا بهلوي العديد من مشاريع الإصلاح التي شملت تحديث الجيش والتعليم والاقتصاد، مستوحاة من التجربة التركية في عهد أتاتورك. إلا أن سياساته لم تخلُ من القمع السياسي، مما جعله محط جدل واسع داخل إيران. اقرأ أيضًا | قبل زفافها بأيام.. التيفود يضرب خطيبة شاه إيران - التدخل الأجنبي والتنحي: مع اندلاع الحرب العالمية الثانية، وازدياد التوترات الإقليمية، قامت بريطانيا والاتحاد السوفييتي بغزو إيران في 25 أغسطس 1941، بسبب مخاوف من تعاطفه مع ألمانيا النازية. وفي ظل هذا الضغط، اضطر رضا بهلوي إلى التنحي عن الحكم لصالح ابنه محمد رضا بهلوي، في 16 سبتمبر 1941، لتبدأ فصول المنفى والابتعاد عن أرض الوطن. - الوفاة والدفن المؤقت في مصر: توفي الشاه رضا بهلوي في منفاه بجوهانسبرغ بجنوب إفريقيا في 26 يوليو 1944، لكن الوضع السياسي المتأزم في إيران حينها حال دون نقل جثمانه إلى بلاده. وبحكم علاقة المصاهرة بين الملك فاروق وشاه إيران محمد رضا بهلوي، تم استقبال جثمانه في القاهرة ودفنه مؤقتًا في مسجد الرفاعي في 28 أكتوبر من العام نفسه. - من القاهرة إلى طهران ثم الاندثار: بعد طلاق الأميرة فوزية من شاه إيران عام 1948، تأزمت العلاقات بين مصر وإيران، لكن في عام 1950، أُرسلت بعثة ملكية إيرانية لاسترجاع رفات الشاه رضا بهلوي إلى طهران، حيث أُقيم له ضريح فاخر في مدينة الري. إلا أن هذا الضريح لم يصمد طويلًا، إذ تم تدميره بعد قيام الثورة الإسلامية في إيران عام 1979، والتي رفضت رمزية الحكم الملكي، وأسقطت رموزه تمامًا من التاريخ الرسمي الإيراني. تجسد سيرة رضا بهلوي تناقضات التاريخ الإيراني الحديث، ما بين سعيٍ للتحديث والاستقلال، وانحيازٍ للقوة والسلطة المطلقة. ومثلما بدأ حكمه بانقلاب، انتهت ذكراه بإزالة ضريحه، وكأن الثورة أرادت أن تمحو من الذاكرة ملامح عهدٍ كان له ما له وعليه ما عليه.