كثر الحديث في الفترة الأخيرة عن ضرورة تطبيق الدمج المدرسي للأطفال ذوي الإعاقة حتي يتفاعلوا مع أقرانهم في المجتمع, ولكن الاتفاقيات والمعايير الدولية. تري أن للدمج المدرسي شروط يجب توافرها في الطفل المعاق قبل تطبيق عملية الدمج عليه حتي لا تأتي بنتيجة عكسية يكون ضررها أكثر من نفعها.. لذلك التقت صفحة صناع التحدي بالدكتور عبدالحليم محمد- مدير مركز القاهرة للتدخل المبكر- للوقوف علي أنواع الدمج وأهم الشروط التي يجب أن تتوافر في الطفل قبل تطبيقه عليه. في البداية يقول الدكتور عبدالحليم: منذ شهور وبالتحديد مع بدء العام الدراسي يأتي إلينا في المركز أسر لعمل تقييم لأبنائهم ذوي الاعاقة أو ذوي تأخر النمو الملتحقين بالمدارس الحكومية والخاصة وبعد عمل التقييم نكتشف أن الطفل المقيد بالصف الرابع الابتدائي مستوي تعليمه لا يتعدي الصف الأول الابتدائي وآخر في الصف الثاني الإعدادي ومستواه لا يتعدي الصف الثاني الابتدائي وعدد آخر من الأمثلة لمزيد من حالات مشابهة لا يتسع الوقت لذكرها. ويضيف الدكتور عبدالحليم: المفارقة هنا أن هؤلاء الأطفال ممن يتم معهم ما يسمي بالدمج التعليمي ويدفع ذويهم أموالا طائلة من أجل ذلك الدمج المنشود الذي أوهموهم أنه موجود بتلك المدرسة أو ذاك وللأسف أهم شيء بالنسبة للمدرسة هو تحصيل الرسوم الطائلة, وقد أبلغتني أحد الأمهات لفتي يبلغ من العمر15 عام من ذوي الاعاقة الذهنية وهو مقيد بالصف الثاني الإعدادي أن أبنها منذ عامين وهو يدرس منهاج الصف الأول الابتدائي نفس الدروس ونفس الكتاب يتكرر منذ عامين و نفس البداية ونفس الطريقة بالرغم من عدم استفادته من كل ذلك العام الماضي, مع أن المدرسة تتلقي أموالا طائلة عن ذلك الطفل بحجة أنه بقسم الدمج التعليمي والتربوي والحقيقة المرة أن مثل ذلك الدمج الذي يتحدثون عنه ما هو إلا وهم كبير واستنزاف لأموال وجهد الأسر بل لا أبالغ حينما أقول أنه تدمير لنفسية الطفل نفسه الذي يدعون أنهم يقومون بعمل الدمج من أجله لأن الطفل الذي لديه قدر من الوعي والمعرفة بحالته يتعرض كل يوم لمقارنات بينه وبين زملائه الذين يفوقونه في التعليم والتواصل والتفاعل وبالتالي يحدث له يوميا إحباط يؤدي إلي فقدان ثقته بنفسه وبقدراته, وليس معني كلامي هذا أن الدمج فكرة فاشلة أو غير ذي جدوي ولكنها في الكثير من المدارس فاشلة, بل وتدخل في إطار عمليات النصب حيث أستغل بعض أصحاب تلك المدارس التوجه الحديث العالمي والعربي نحو الدمج لذوي الإعاقات الذهنية ورغبة الأباء في رؤية أطفالهم بالمدارس أسوأ استغلال. وليس معني كلامي أنني أرفض فكرة الدمج أو أنها فكرة فاشلة ولكن عملية الدمج حتي تكون ناجحة لها شروط ينبغي توافرها. قبل الحديث عن الشروط, هل يمكن أن تحدثنا عن أنواع الدمج؟ يقول الدكتور عبدالحليم: توجد ثلاثة أنواع للدمج وهي الدمج الجزئي وهو يعني أن يتم إلحاق الطفل بفصل خاص ولكن في مدرسة عادية ويتم فقط دمج الطفل ذو الاعاقة مع الاطفال الأخرين بمدرسته في حصص الانشطة فقط( الموسيقة والرياضية والفنية) في محاول لاكتساب الطفل ذو الاعاقة العديد من المهارات الاجتماعية من خلال التقليد والمحاكاة لبعض الوقت, والنوع الثاني هو الدمج الكلي وهو يعني إلحاق الطفل بفصل عادي ويدرس المناهج العادية مع الأطفال العادين طول الوقت ويخرج فقط في مادة أو مادين يدرسها في ما يسمي غرفة المصادر أو مركز التعلم مع مدرس خاص أو مع مدرس الطفل ويكون لذلك النوع من الدمج أثر كبير في تطور قدرات الطفل ومهاراته, أما النوع الثالث فهو الدمج المجتمعي أو الاجتماعي وهو أعلي مراحل الدمج ويعني أن يصبح المراهق أو الشاب بعد الدراسة قادرآ علي التفاعل والاندماج بكافة مستويات في السكن والعمل والاستقلالية إلي أقصي حد ممكن. هل كل طفل من ذوي الإعاقة أو تأخر النمو يصلح معه أي شكل من أشكال الدمج السابقة؟ واذا كان يصلح معه الدمج فاي نوع من هذه الأنواع الثلاثة يلائمه؟ يقول الدكتور عبدالحليم: أنه لابد أن تحدد المدرسة أو المؤسسة لولي الأمر أي نوع من أنواع الدمج سوف تلائم طفله, ولماذا هذا النوع من الدمج وفي حالة فشل عملية الدمج المتوقعة ما الذي سوف يتم فعله وقبل أن تفكر في الدمج هناك شروط ينبغي أن يعلمها ولي الأمر والقائمين علي المدرسة أو مؤسسة الدمج وبعدها يقرر إذا ما كان الدمج يصلح للطفل أما لا. وما هي هذه الشروط التي تؤدي إلي نجاح عملية الدمج؟ يرد الدكتور عبدالحليم قائلا: توجد8 شروط ينبغي أن يعلمها ولي الأمر والقائمين علي المدرسة أو مؤسسة الدمج وبعدها يقرر إذا ما كان الدمج يصلح للطفل أما لا وهذه الشروط هي: أولا: وجود نسبة ذكاء متوسطة( من90 إلي110) لدي الطفل أو علي الأقل نسبة ذكاء بينية أي لا تقل عن(75) حيث أشارت العديد من الدراسات إلي الارتباط الإيجابي المرتفع بين مستوي الذكاء ودرجة الاستفادة مما يقدم للطفل من برامج تربوية وتعلمية. حيث إن نسبة الذكاء إذا كانت منخفضة لدي الطفل فلن تسمح له بالفهم والإدراك والتفاعل مع الأطفال الآخرين أو معلمي المدرسة الأمر الذي يؤدي إلي ابتعاد الأطفال الآخرين عن الطفل لأن الأطفال في المرحلة الابتدائية سيندمجون مع من يجاريهم في الجري واللعب والكلام و الفهم وبالتالي فإذا حاول الطفل الذي نريد دمجه أن يلعب أو يتفاعل مع الأطفال الآخرين فإنهم سيهربون منه وهنا سيشعر الطفل بالإحباط وبتدني صورة الذات وسيودي إقترابه من الناس إلي شعور بالخوف والاحساس غير المريح وعندها سيفضل الانطواء والانعزال أو سيصبح عدوانيا. ثانيا: وجود لغة منطوقة( الكلام) مع وجود حصيلة مفردات لغوية كافية مع عدم وجود عيوب في النطق شديدة وكثيرة حتي لايكون مجالا لسخرية الأطفال الآخرين وحتي يستطيع أن يفهم ما يقال ويعبر عما يريد بشكل صحيح يسمح له بالاندماج مع الأطفال العادين. ثالثا: عدم وجود نوبات صرعة شديدة لدي الطفل حتي لايكون عرضة للخطر في المدرسة العادية التي غالبا لا يتوفر فيها وسائل الأمن والسلامة الكافية هذا بالاضافة إلي أن حدوث نوبة الصرع لدي الطفل قد تشعر أقرانه أو زملائه في المدرسة بالخوف والفزع منه. رابعا: عدم وجود حركات ولزمات نمطية أو شاذة بشكل كبير مثل الهزهزة أو الرفرفة أو الانشغال الدائم بشيء خاص به كلعبة معينة وأيضا عدم وجود سلوكيات عدوانية وتدميرية شديدة لأن كل ذلك من شأنه أن يعوق عملية التواصل والتفاعل مع الآخرين وبالتالي عملية الدمج. خامسا: ألا يتعدي سن الطفل عند بداية الدمج7 سنوات حيث أشارت العديدة من الدراسات إلي أن أفضل مرحلة يتعلم فيها الإنسان بشكل كبير وسريع هي السبع سنوات الاولي من العمر هذا بالإضافة إلي أن الطفل إذا بدأ بالمدرسة وهو عمره أكبر من7 سنوات سيكون حجمه شاذ بالنسبة لزملائه بالفصل وعندئذ قد لا يناسبه مايناسبهم من ألعاب وأنشطة حركية أو جسدية. سادسا: ألا يتناول الأدوية التي تؤدي إلي الخمول والنعاس وعدم الانتباه والتركيز لان ذلك سيؤدي به إلي عدم الفهم وعدم الاستجابة وعدم التواصل أو التعاون بالإضافة إلي الانطباع الذي سيتولد لدي زملائه بأنه تلميذ كسلان وفاشل وسيحاولون تجنب صحبته وكل هذا من شأنه أن يؤثر بالسلب في عملية الدمج التربوية والتعلمية. سابعا: أن يكون هناك خطة موضوعة لعملية الدمج تشتمل علي شقين طويل المدي وقصير المدي يتم من خلال هذه الخطة الوصول بالطفل إلي مرحلة الاندماج الكامل مع الأطفال الآخرين والاستقلالية التامة التي نستطيع بعدها أن نقول أن الدمج نجح بالفعل. ثامنا: أن يكون لدي الأسرة القدرة المادية والثقافية لإتمام عملية الدمج ونعني بالقدرة الماديه وجود دخل كافي لدي الأسرة يضمن لها الاستمرار في مواصلة عملية الدمج لأن أي نوع من أنواع الدمج الثلاثة التي ذكرناها سابقا يتطلب قدرة مادية مرتفعة أو علي الأقل متوسطه حيث يتم الانفاق علي الطفل الذي نريد دمجه أكثر من الطفل العادي أو غير المعاق لأن ولي الأمر سوف يدفع لطفله مصروفات أكثر من مصروفات الأطفال العادين أو غير المعاقين.