في حين وجهت الأمبراطورة الإيرانية السابقة فرح بهلوي إهداء الطبعة الفرنسية لمذكراتها إلي الشعب الإيراني وإلي أولادها وزوجها وكل من اغتالتهم يد التخلف والجهل. وجهت إهداء الطبعة العربية الصادرة مؤخرا عن دار الشروق الي شعب مصر وأرض مصر التي يرقد في ترابها زوجها الشاه. وفي محاولة للتعرف عن قرب علي محطات رحلة الشهبانو أجري الأهرام حديثا معها أثناء زيارتها للقاهرة للتوقيع علي الطبعة العربية لكتابها مذكرات وفيما يلي نص الحديث الذي بدأته بالتأكيد علي أهمية الطبعة العربية لمذكراتها بسبب الروابط غير المشروطة بين ايران والعالم العربي وأهمية الفترة التاريخية التي تغطيها مذكراتها مشيرة إلي أن موقف الإيرانيين ووضع ايران حاليا في غاية الأهمية بالنسبة للعالم العربي. أهديت الطبعة العربية لشعب مصر فما هو تعليقك؟ * هذا الإهداء ليس نابعا من أعماق قلبي فقط بل من أعماق قلوب أولادي وعائلتي وعدد ضخم من الإيرانيين, لأن مصر استقبلتنا في فترة صعبة جدا من حياتنا وأنا أحمل عرفان الجميل للرئيس الراحل محمد أنور السادات وقرينته السيدة جيهان وللشعب المصري, وللرئيس مبارك والسيدة سوزان مبارك لأننا بعد أشهر من العذاب شعرنا بالسلام الحقيقي عندما استقبلتنا مصر. في رأيكم ما مدي تأثير هذا الكتاب علي العالم العربي في ضوء العلاقات بين إيران والدول العربية؟ * لقد كتبت هذه المذكرات في الواقع لأنني رأيت أنه واجب علي أن أسجل ذكرياتي ومشوار حياتي وأن هذا سوف يجذب جميع القراء في العالم العربي. وهو كتاب له أهمية بالنسبة للمرأة العربية, حيث اردت أن تضطلع الشابات علي تجربة حياتي. كيف تقيمين التطورات السياسية في إيران وتأثيرها علي المرأة الإيرانية؟ * ما يجري في إيران مشجع ومؤلم في آن واحد... فأنا أشعر بالإعجاب إزاء عدة ظواهر وبالحزن الشديد أيضا... اعجبتني مشاركة فئات كثيرة من الشعب الإيراني من شباب ونساء, وحتي بعض رجال الدين في النزول الي الشارع للمطالبة بحقوقهم وبمزيد من الحريات وإقرار الديمقراطية والعدالة... ولكن للأسف الشديد شهدت إيران أعمال عنف وقمع واسعة النطاق. كما أحب أن أعرب عن إعجابي بالنساء الإيرانيات اللاتي يناضلن من أجل الحصول علي حقوقهن برغم القمع والأهانات والتحرشات التي يتعرضن لها.. ولا شك ان النساء الإيرانيات قد خسرن كثيرا من حقوقهن بعد الثورة الإسلامية صحيح انهن يتمتعن بحق الانتخاب.. وإنما هناك قصور في قوانين كثيرة مثل رعاية الطفولة والطلاق والمرتبات... وأضافت الشهبانو أن إيران التي تنعم بحجم هائل من الثروات الطبيعية تعاني من فقر كبير ومن البطالة, كما إن الخدمات الصحية سيئة والعمال لا يقبضون مرتباتهم لمدة خمسة أو ستة أشهر... كما أن إيران هو البلد الذي يوجد به أكبر عدد من الصحفيين بالسجن.. هل تعيشين في الماضي أم في الحاضر أم تتطلعين الي المستقبل في الوقت الحالي؟ * حقيقة أعيش في الحاضر ولا أعيش في الماضي ولكن أحيانا كسائر الإيرانيين أتذكر الماضي واتساءل لماذا جرت كل هذه الأحداث وماذا كان بوسعنا أن نفعل الخ... وبعد ذلك نكتشف أنه لا معني ولا فائدة أبدا من ذلك... أعيش اليوم بأمل كبير في مستقبل أفضل لإيران الذي يتمتع بحضارة كبيرة وثقافة عظيمة. هل تتابعين عن قرب ما يحدث في إيران؟ * أتابع الأنباء عن إيران عبر الإذاعات والإنترنت والشخصيات التي أقابلها وبالذات من خلال ابني رضا الذي يتمتع بإتصالات داخل إيران مع مجموعات مختلفة... لقد مضت31 سنة ولكن لا يمر يوم دون أن أعيش مع إيران وأتمني أن تتغير الأشياء في بلادنا. هل تشعرين بأنك في المنفي بباريس أم الشعور بالمنفي قد تم تجاوزه بفضل العولمة الي جانب دراستك بباريس؟ * أشعر دائما بالغربة في المنفي برغم إنني متآلفة مع الثقافة الغربية وبرغم ان في بعض الدول الغربية يتم استقبالي بحفاوة وبكل معاني الصداقة إلا أنني أشعر أنها ليست الأرض التي انتمي إليها.. ولذلك فإن من الصباح حتي المساء استمع إلي الأنباء باللغة الفارسية. مذكراتك مسيرة حياة مرتبطة ببعد تاريخي تعكس الكثير من التقلبات ما هو تعقيبك؟ * مذكراتي مزيج من أشياء كثيرة فالقاريء يستطيع ان يضطلع علي وضع المرأة في ايران خلال الفترة التي عشتها وبالذات عندما نري ما جري الآن.. وما جري خلال عشرين عاما من حياتي مع الشاه والتطورات التي جرت... حاولت أن أشرح في مذكراتي الانجازت المهمة علي مستوي الحكومة والدولة اقتصاديا وصناعيا واردت أن أشرح ما الذي جري عقب المنفي والطريقة التي تم بها التعامل معنا... مذكراتي إذن مجموعة أشياء كثيرة وتجربة انسانة مرت بفترات مختلفة في حياتها, فترات سعيدة وفترات حزينة... ماذا تأملين لمستقبل إيران ولأسرتك ولأولادك؟ * أريد فوق كل شيء ان يحصل إيران علي الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان... وإذا تم ذلك سوف تحصل النساء علي مواقع يستحقونها.. وأتمني ان تحافظ ايران علي تكامل أراضيها وأن يتم الفصل بين الدين والدولة فقد تم ارتكاب اشياء كثيرة سلبية باسم الدين. واتذكر ان ابني رضا كان يقول دائما إنه إذا جاء الخميني من خلال الكاسيت فإن الخميني سوف يختفي من خلال الأنترنت أن ابني يقول منذ سنوات انه إذا تحرر إيران فعلي الإيرانيين أن يختاروا إذا كانوا يريدون ملكية دستورية لها تاريخ عريق في إيران وتعتبر رمزا لأنها فوق الأحزاب السياسية وتستطيع أن تجمع الأقليات العرقية والدينية.. وهذه هي امنيتي وبالطبع آمل في أن يعود أولادي وأحفادي الي إيران وكذلك العدد الضخم من الإيرانيين الذين يعيشون في المنفي. ماذا عن ذكرياتك عن الرئيس الراحل محمد أنور السادات والسيدة جيهان السادات وعلاقاتك بالرئيس مبارك والسيدة سوزان مبارك. * لم أنس أبدا كرم الرئيس السادات معي ومع أسرتي وكان سندا معنويا كبيرا لي خلال كل الفترة الزمنية التي عشتها في مصر عندما كان الشاه مريضا وحتي بعد وفاة زوجي! ولقد اتيحت لي فرصة مقابلة الرئيس مبارك والسيدة قرينته سوزان مبارك منذ سنوات وأنا أوجه لهم الشكر علي حسن الأستقبال الذي يتم عندما أحضر كل عام لإحياء ذكري وفاة زوجي وأنا معجبة جدا بالسيدة سوزان مبارك لأنها تتمتع بنشاط دولي في مجال المرأة ولها نشاط اجتماعي وخيري مهم داخل مصر. ما هو رأيك في شيرين عبادي؟ * شيرين عبادي كانت قاضية عندما كنا في إيران وعندما تفجرت الثورة تم منعها من ممارسة عملها كقاضية أو حتي كمحامية لمدة خمس سنوات لأن هؤلاء الناس يعتبرون أن المرأة ليست عادلة بمافيه الكفاية لتمارس مهنة القاضية وتحكم... وشعرت بالطبع بسعادة غامرة عندما حصلت علي جائزة نوبل... وأعرف أنها حاليا نشيطة جدا... وهي تعيش خارج إيران وكانت محامية لأشخاص عديدين مسجونين بإيران. وهي تساند حركة النساء الإيرانيات وكل ما يتعلق بحقوق الأنسان في إيران. ما هو التناقض القائم بين ماضيك كإمبراطورة فعلية لإيران والآن كإمبراطورة سابقة.. وهل وضعك الحالي يقربك من الحقيقة ومن الواقع؟ * أجابت فرح ديبا بطريقة حادة وقاطعة: لم أكن علي ما أعتقد بعيدة عن الحقيقة في إيران فقد كنت اتجول في إيران واجتمعت بالفقراء والبؤساء والمطحونين وجميع أنواع البشر وكان بابي مفتوحا لجميع الناس وكانوا يأتون الي بمشكلات مختلفة وكانوا يفتحون لي قلوبهم: ما مررت به في حياتي كان تجربة مهمة وحاليا أحاول أن أفلسف الأمور وأن استخلص العبرة من خلال طفولتي السعيدة وشبابي علي مدي عشرين عاما ومن خلال عشرين عاما أخري كأمبراطورة. سألتها في آخر حديثي ما هو أكبر أمنية لك وما هي أكبر محنة عشتها؟ * أهم أمنية لي هي الصحة وسعادة أولادي وكذلك أن أري التغيير في إيران من خلال حكومة حرة وديمقراطية وفقا لما تستحقه إيران وتاريخها وشعبها... وأكبر محنة مررت بها وأقسي شيء علي كان وفاة زوجي وابنتي الصغيرة ليلي....