تظاهرات ضخمة, يشارك فيها محتجون من مختلف الأطياف والأعمار تشهدها اليونان في الفترة الأخيرة, ضمن موجة احتجاجات شعارها مناهضة السياسات المالية الرأسمالية المجحفة بحق الشعوب في العيش الكريم, ورفضا لسياسات الحكومة التقشفية التي يفرضها الدائنون والمانحون علي اليونان وبدورها تقرها الحكومة اليونانية علي الشعب. وتكتظ ميادين العاصمة أثينا المختلفة بالإضافة إلي ميادين المدن الكبري في الأقاليم, تكتظ بالمحتجين رفضا لقرارات الحكومة الصارمة, التي تنص علي تدابير قاسية بما في ذلك رفع الضرائب وخفض الرواتب وتسريح عشرات الآلاف من موظفي الدولة وإلغاء عقود العمل الجماعية والموسمية, وتخصيص مؤسسات وشركات الدولة, ويدعو المتظاهرون المنتمون لليسار إلي إسقاط حكومة رئيس الوزراء جورج باباندريو, وطرد صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي من اليونان. وامتلأ ميدان سيندجما المواجه للبرلمان بالشباب الغاضبين حيث شارك في التظاهرات نحو مائتي ألف متظاهر, فيما شهدت الميادين الأخري في المدن اليونانية المختلفة تظاهرات واحتجاجات تقدر اعدادها وفقا لاتحادات نقابات العمال والموظفين لنحو ثلاثمائة الف متظاهر وبالرغم من هذه الموجة الكبيرة من الاحتجاجات, إلا أن البرلمان اليوناني صوت بالموافقة علي مشروع قانون التقشف الجديد بجميع بنوده بموافقة153 صوتا مقابل رفض146 صوتا, حيث تتمتع الحكومة الممثلة من حزب الباسوك الاشتراكي بأغلبية ضئيلة جدا في البرلمان, إلا أن جميعهم وافقوا علي القانون باستثناء وزيرة التنمية والقدرة التنافسية السابقة لوكا كاتسيلي, واصدر باباندريو فور عملية التصويت, قرارا بشطب اسم كاتسيلي من قائمة الحزب لتصبح عضوه مستقلة, وتتراجع أغلبية حزب الباسوك تحت قبة البرلمان لتصبح من الآن وصاعدا153 عضوا فقط, بعد أن كان الحزب يتمتع بأغلبية160 عضوا عام2009, و لكن جاءت النتيجة بمثابة منح الثقة في الحكومة, ونجوها مجددا من السقوط. و اندلعت مواجهات عنيفة بوسط أثينا يومي الأربعاء والخميس الماضيين وأسفرت المواجهات عن سقوط أول ضحية, وشهد القطاع العام اليوناني شللا تاما, إذ انضم عاملون بالبلديات ومحامون وموظفو ضرائب ومفتشون بمصلحة الجمارك وصحفيون حكوميون ومهندسون والكثير من الأطباء إلي الإضراب, وتوقفت معظم الخدمات العامة وتسعي حكومة باباندريو الاشتراكية جاهدة إلي الحد من العجز المتفاقم في ميزانيتها وسط مخاوف متنامية من تخلفها عن سداد ديونها, في الوقت الذي طالب فيه الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي بمزيد من التدبير للإفراج عن شرائح أموال خطة الإنقاذ, و خصوصا القسط السادس من المساعدات وقيمته8 مليارات يورو, وكان قد دعا أكبر اتحادان للعاملين بالقطاع العام والخاص إلي الإضراب العام لمدة يومين في محاولة للضغط علي الحكومة ليكون الإضراب الأكبر منذ حوالي18 شهرا عندما أجبرت اليونان علي قبول الإنقاذ من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد في مايو من العام الماضي. من جانبه, ناشد جورج باباندريو أعضاء حكومته ونواب البرلمان بضرورة تقديم الدعم له و قال لهم عليكم بالمثابرة في هذه المحنة و خوض المعركة و تقبل الهجوم لإنقاذ البلاد من السقوط, فيما دعا الشعب إلي التحلي بالصبر, أما وزير المالية اليوناني ايفانجيلوس فينيزيلوس فقد أعلن منذ بدء الاحتجاجات, أن حكومة حزب الباسوك الاشتراكي في اليونان مستعدة لدفع الثمن السياسي لتطبيق إجراءات تقشفية صارمة, وقال للمشرعين في البرلمان قبيل التصويت علي مجموعة إجراءات إذا كان التصرف المسئول الذي يتعين القيام به يتطلب ثمنا سياسيا وانتخابيا فالحكومة الاشتراكية مستعدة لتحمله. يأتي ذلك, في الوقت الذي اكتشفت فيه الحكومة اليونانية قيام أشخاص وشركات بالتهرب من دفع ضرائب بقيمة37 مليار يورو, و ذكر فينيزيلوس أن هذا المبلغ يتعلق بتهرب شركات من دفع ضرائب بقيمة32 مليار يورو, وقيام أشخاص بالتهرب الضريبي بقيمة5 مليارات يورو وعلي الأرض هنا في أثينا, تستمر التظاهرات ضد خطط التقشف, وأشارت دراسة اجرتها مجموعة حماية المستهلك إلي أن تسعة من كل عشرة يونانيين غيروا عادات تسوقهم للمواد الغذائية الخاصة بهم منذ أن بدأت أزمة الديون في التأثير علي ميزانياتهم المنزلية.