علي وقع التظاهرات التي نشبت في العالم العربي, جاءت الاحتجاجات في بلاد الإغريق والتي تعيش هذه الأيام علي وقع قرع الطبول.. و لكن هناك ثمة فارق كبير, بين سبب اندلاع ثورات العالم العربي التي ظهرت بسبب فساد الحكام و الظلم والقهر, وسبب اندلاعها في الدول الأوروبية ولا سيما اليونان بسبب الأزمة المالية والإجراءات التقشفية الصارمة. ولكن هناك أيضا ثمة صلة, تربط بين ثورات العالم العربي وتظاهرات الدول الأوروبية, تتمثل أيضا في قرارات الحكام وفسادهم وأخطائهم السياسية, التي أوصلت البلاد إلي حافة الهاوية علي الأقل هنا في أثينا, وبالرغم من أن حكام اليونان وصلوا إلي الحكم بالطريق المشروع الديمقراطي وبموافقة من الشعب, إلا أن لعبة السياسة هي كأي مهنة أخري, يصارع أبطالها علي البقاء فيها, ونهب الثروات وأي فوائد مالية أخري بغض النظر عن مستقبل البلاد. وبالرغم من تصاريح الحكومة اليونانية المطمئنة بأن الأزمة المالية في البلاد سوف تنتهي, وأن خطط الإنقاذ التي تسير عليها, يتم تحقيقها في الاتجاه الصحيح, إلا أن ثمة الحديث عن إجراءات تقشفية جديدة, جعل البلاد تعيش علي صفيح ساخن, واستمرار سلسلة التظاهرات الاحتجاجية والإضرابات. وعلي غرار ربيع الثورات العربية, ظهرت في اليونان حركة جديدة أطلقت علي نفسها' حركة الشباب الغاضبين' وتم تكوينها عبر شبكات التواصل الاجتماعي الفيس بوك وتويتر وغيره من شبكات الإنترنت, ويأمل المنظمون أن يصل أعضاء الحركة إلي نصف مليون شخص وهو عدد كبير مقارنه بتعداد سكان اليونان, وأثناء التظاهرات افترش الشباب ميدان سيندغما المواجه للبرلمان وسط أثينا, ونصبوا خيامهم و بقوا هناك لعدة أيام, حتي قررت البلدية إبعادهم وتنظيف الميدان. مع هؤلاء الغاضبين, جاء إلي الميدان الرئيسي العديد من أبناء الشعب اليوناني من مختلف الطبقات والأعمار, يهتفون برحيل الحكومة وكبار رجال السياسة الذين تسببوا في وصول البلاد إلي هذا الحد من الانهيار, وهم يلوحون بالأبواق وأواني الطبخ و صفارات في إشارة إلي أن الشعب يتجة إلي مجاعة بسبب السياسات الحكومية, وعلت حناجرهم برحيل الحكومة. وبالإشارة إلي أول بيان أصدرته حركة الشباب الغاضبين, جاء فيه.. لفترة طويلة يتم اتخاذ قرارات بشأننا من دون مشاركتنا, نحن العمال والعاطلين والمتقاعدين والشباب وكل هؤلاء الذين جاءوا إلي الميدان, لنحتج و نكافح من أجل حياتنا ومستقبلنا, لأننا نعرف أن حلول مشاكلنا لا يمكن أن تتحقق إلا من قبلنا نحن. .. ندعو كل سكان أثينا من العاملين و العاطلين عن العمل والشباب, أن يتوافدوا إلي ميدان سيندغما, وفي المدن الأخري ندعو المواطنين إلي الاحتجاج و البقاء في الميادين الرئيسية, حتي يتقرر مستقبلنا بأيدينا, ففي هذه الميادين سوف نرسم المستقبل والخطط الوطنية, كما نحث جميع العمال الذين يشاركون في الإضرابات الفترة المقبلة القدوم إلي ميدان الدستور والمكوث فيه. كما أضاف بيان الشباب الغاضبون,.. لم نترك الميدان حتي يتركوا الساحة السياسية هؤلاء الذي تسببوا في قدومنا إلي هنا, من أعضاء الحكومات المتعاقبة, وخبراء لجنة الترويكا, والبنوك, ومذكرات الاتحاد الأوروبي وكل هؤلاء الذين استغلونا, ويحاول رئيس الوزراء اليوناني جورج باباندريو من جانبه, إرضاء الشارع اليوناني, كما حاول مرارا التوصل إلي وفاق وطني مع رؤساء الأحزاب السياسية الأخري, إلا أنها باءت بالفشل وحتي هذه اللحظات ترفض المعارضة سياسة الحكومة, وأعرب رئيس حزب الديمقراطية الجديدة اندونيس ساماراس عن رفضه دعم الخطط الاقتصادية التي اقترحتها الحكومة الاشتراكية وخصوصا فيما يخص بيع مشروعات ومؤسسات الدولة وأيضا رفع الضرائب وخفض المعاشات, مؤكدا أن مثل ذلك الشيء يتضارب في النتائج وينتج عنه زيادة الركود في الأسواق. ويطالب المتظاهرون اليونانيون وفقا لوثيقة حصلت عليها' الأهرام' من موالين لاتحادات نقابات العمال' بامي' تم تسليمها إلي مسؤول البرلمان اليوناني, أهم ما فيها هو توفير فرص عمل للجميع, رفع قيمة بدل البطالة للعاطلين إلي1120 يورو شهريا, الرعاية الصحية لجميع فئات الشعب دون شروط,, عدم الاقتراب من أموال صناديق التأمينات الاجتماعية,التقاعد عند سن60 للرجال و55 للنساء, عودة معاش الشهر13 و14 للمتقاعدين وأيضا عودة مرتبات هاتين الشهرين للموظفين والعمال. كما جاء ضمن وثيقة مطالب المتظاهرين, إلغاء القوانين التي تم إقرارها أخيرا والتي تقع علي عاتق الموظفين والعمال, عدم تخفيض الأجور والمعاشات, تحديد قيمة معاش التقاعد إلي1120 يورو كحد أدني,إلغاء قيمة الضريبة المضافة علي السلع الأكثر استهلاكا شعبيا, تخفيض الفواتير الخاصة بالدولة مثل الكهرباء و المياه والمحروقات إلي30 في المائة, فرض ضرائب بقيمة45 في المائة علي الأثرياء و أصحاب رؤوس الأموال, خفض تذاكر وسائل النقل العام للعاملين والمتقاعدين, و النقل المجاني للعاطلين و التلاميذ والطلاب. يتطلب إجراءات تقشفية صارمة عبر إصلاح أنظمة العمل و التقاعد و محاربة الفساد وزيادة الضرائب وخصخصة الشركات والمؤسسات التي لا تدر أموالا للدولة, مما يتسبب في تسريح عشرات الآلاف من الموظفين الحكوميين.