يعقد وزراء مالية دول مجموعة اليورو اليوم اجتماعا في بروكسل حول الأزمة المالية اليونانية. يأتي ذلك في وقت دخلت فيه المفاوضات الجارية في اثينا لاخراج اليونان من أزمتها المالية الخانقة مراحلها الأخيرة عشية مظاهرات حاشدة بمناسبة عيد العمال والتي يتوقع ان يسودها التوتر بسبب اجراءات التقشف المطلوبة من اثينا. وقال مصدر حكومي يوناني ان "المفاوضات لا تزال جارية ولكننا قريبون جدا من التوصل الي اتفاق"، مضيفا ان هذا الاتفاق "ستعلن عنه الحكومة اليونانية اليوم". من جهته، اكد الناطق باسم المفوضية للشئون الاقتصادية امادو التافاج ان انتهاء المفاوضات "وشيك". وقال ان المفاوضات "مستمرة اليوم" لكن "نهايتها وشيكة". وتوصلت الحكومة اليونانية وصندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي إلي اتفاق حول الشروط التي ستفرض علي أثينا مقابل حصولها علي برنامج قروض ضخمة. وحول هذه الشروط، المح رئيس الوزراء اليوناني جورج باباندريو الي ان حكومته لن تتواني عن الرضوخ للشروط التقشفية الصارمة التي يطالبها بها الاتحاد الاوروبي وصندوق النقد مقابل حصولها علي المساعدة المالية المطلوبة. وقال باباندريو امام البرلمان أمس الأول ان "الإجراءات الاقتصادية التي يتوجب علينا اتخاذها هي اجراءات ضرورية من اجل حماية بلدنا، من أجل بقائنا، من أجل مستقبلنا، كي نتمكن من البقاء واقفين علي ارجلنا". واضاف ان "خطنا الاحمر هو بقاء البلد" وهذا "ما يسود" علي كل ما عداه في المفاوضات الجارية بين الحكومة واطراف خطة المساعدة. ومقابل مدهم يد المساعدة الي اليونان، طالب ممثلو الاتحاد الاوروبي وصندوق النقد الدولي الذين يتفاوضون مع اثينا حاليا علي تفاصيل خطة المساعدة، الحكومة اليونانية باخذ اجراءات تقشف صارمة غير مسبوقة في تاريخ البلاد. وهذه الجهود غير المسبوقة في منطقة اليورو تهدف الي ارغام الحكومة اليونانية علي اخذ اجراءات كفيلة بخفض العجز العام من مستوياته الحالية الهائلة، التي بلغت في 2009 نحو 14% من اجمالي الناتج المحلي، الي حوالي 4% في نهاية 2011، بينما تعهدت اثينا حتي الساعة بخفض العجز الي 5.6% في نهاية 2011. من جانبه أكد رئيس المفوضية الاوروبية جوزيه مانويل باروزو في بكين ان اليونان "ستأخذ كل الاجراءات اللازمة من أجل تصحيح الاختلالات في نظامها الضريبي وميزانيتها". واضاف ان اثينا "تحرز تقدما كبيرا نحو تطبيق سلسلة اجراءات وتصحيح الاختلالات"، مشيرا الي ان "حالة اليونان كانت بمثابة تذكير قوي لنا باننا جميعا مترابطون" في المصير. وساهم التقدم الذي تم احرازه نحو التوصل الي اتفاق لانقاذ اليونان، بعد اسابيع طويلة من التجاذبات الحادة داخل منطقة اليورو بسبب تردد برلين في الموافقة علي مد يد العون لاثينا. وأدي ذلك الي تدهور الاسواق الاوروبية والعملة الموحدة، في حقن الاسواق بجرعة أمل أمس الأول. وقالت الصحيفة ان شويبله يريد انتزاع "التزام طوعي" بشراء سندات خزينة يونانية في "اجراء يؤمن استقرار" السوق التي شهدت تقلبات كبيرة بسبب الديون اليونانية. وكانت اليونان طلبت قبل أسبوع تفعيل خطة المساعدة غير المسبوقة في تاريخ منطقة اليورو، لانقاذها من الديون الهائلة التي يستحق قسم منها في غضون أيام من دون ان تكون لدي اثينا القدرة علي سداده. وأدت المخاوف من امكان انتشار عدوي الأزمة اليونانية الي دول أخري في منطقة اليورو تعاني اقتصاداتها من اختلالات ومديونية مرتفعة، كالبرتغال واسبانيا، الي اشاعة الذعر في الاسواق مطلع الأسبوع، الأمر الذي دفع الاوروبيين علي ما يبدو الي التفاهم علي ضرورة تفعيل خطة مساعدة اليونان.وقال جوزيه مانويل باروزو "انا واثق من ان اعمالنا ستحول دون المزيد من تداعيات محتملة للعدوي". إلا ان الإجراءات التقشفية الصارمة المطلوبة من الحكومة اليونانية تثير هلع شرائح واسعة في المجتمع وفي مقدمها نقابات العمال التي تعهدت بالتصدي لاي محاولة للاقتطاع من الرواتب الحكومية. وتظاهر العمال أمس وسط دعوات للاضراب العام الأربعاء المقبل وقال رئيس "فدرالية القطاع العام" سبيروس باباسبيرو "علينا ان نواجه إجراءات لا سابق لها منذ نهاية الحرب لا تتعلق فقط بالاجور وانما ايضا بكل الحقوق الاجتماعية وبالعمل". واضاف "ان الرد الحقيقي للعمال سيكون في الخامس من الشهر الجاري". وتقليديا لا تشارك جماهير غفيرة في تظاهرات عيد العمال في اليونان ولكن هذا العام يأتي موعد هذه التظاهرات بعد اضرابين عامين وسلسلة تظاهرات احتجاجا علي الاجراءات التقشفية الصارمة التي اتخذتها الحكومة في يناير للحد من العجز العام. من جانبها حذرت صحيفة ذي إندبندنت البريطانية من أن اليونان تواجه الآن دينا عاما متناميا قد يؤدي في النهاية إلي وقوع عجز عام، ودعت قادة أوروبا إلي التحرك السريع لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، معتبرة حزمة القروض الأوروبية التي أعلن عنها الأسبوع الماضي بالتعاون مع صندوق النقد الدولي قليلة جدا ومتأخرة جدا. وأشارت الصحيفة إلي أن ثمة ثلاثة خيارات تطرح نفسها، أولها أن تقدم الدول الأوروبية دعما مفتوحا لليونان لإقناع المستثمرين بأنهم لن يتعرضوا لخسارة أموالهم، وللتأكيد أن المضاربين سيخسرون الكثير من الأموال إذا ما استمروا في الرهان ضد السياسيين الأوروبيين. وثاني هذه الخيارات أن تحاول اليونان إعادة هيكلة ديونها بحيث ترغم المستثمرين علي خفض هامش الخطورة علي استثماراتهم الأصلية. وأخيرا أن تتخلي اليونان عن العملة الأوروبية الموحدة أملا بأن ترفع من مستوي الاقتصاد المنشود. لكن الصحيفة تقول إن أيا من هذه الخيارات لا تبدو مشجعة لأن الدعم المفتوح لليونان من شأنه أن يوجد أزمة سياسية في المنطقة الأوروبية، متخذة من رفض الناخبين الألمان لصب أموالهم العامة في اليونان، مثالا علي ذلك. أما خفض هامش الخطورة للسندات اليونانية فربما يبدو جذابا، ولكنه يعني خسارة كبيرة للمؤسسات المالية الألمانية والفرنسية التي يعتقد أنها تملك 70% من ديون اليونان البالغة 300 مليار يورو (نحو 397 مليار دولار)، مما قد يشعل فتيل أزمة مالية في القارة الأوروبية. وفيما يتعلق بترك اليونان عملة اليورو فإن الفائدة لا تبدو واضحة المعالم بالنسبة لليونان نفسها، غير أن انخفاض معدل صرف العملة الجديدة مقابل اليورو من شأنه أن يجعل الصادرات اليونانية أكثر منافسة، ولكن ذلك قد يلحق ضررا بالغا بالنظام المصرفي اليوناني. وقالت الصحيفة إن الأزمة المالية في اليونان ربما تزيد الأزمة الاقتصادية العالمية سوءا، محذرة من أن بريطانيا لن تكون محصنة من تداعيات تلك الأزمة، ولا سيما أن الاقتصاد البريطاني مرتبط بالنمو الاقتصادي علي مستوي القارة. وختمت بدعوة القادة الأوروبيين إلي التحرك بشكل سريع وحاسم.