31 طعنًا على نتيجة ال 19 دائرة الملغاة ونظرها 15 ديسمبر    وزارة الزراعة: تحصين الماشية ب8.5 مليون جرعة ضد الحمى القلاعية والوادي المتصدع    غدًا.. فصل التيار الكهربائي عن 10 مناطق وقرى بكفر الشيخ    ترامب: سنرد على تنظيم «داعش» في سوريا إذا هاجمت قواتنا مجددًا    مصر تدعو إلى التهدئة والالتزام بمسار السلام في جمهورية الكونجو الديمقراطية    برشلونة يهزم أوساسونا في الدوري الإسباني    وزير الرياضة يشهد اليوم السبت ختام بطولة الأندية لكرة القدم الإلكترونية    شاهد| لحظة توزيع الجوائز على الفائزين في بطولة كأس العالم للبليارد الفرنسي    تفاصيل إعادة محاكمة 6 متهمين في قضية خلية المرج الإرهابية    النيابة تُجري معاينة تصويرية لإلقاء جثة طفلة داخل عقار بشبرا الخيمة| فيديو    عبلة كامل: ماعنديش صفحات على السوشيال ميديا.. وما يقال عني غير صحيح    محطات مضيئة في حياة حمدي الزامل.. «شهادة» الشيخ عبد الباسط و«سلسلة» أم كلثوم    وزارة الصحة: فيروس إنفلونزا H1N1 يسيطر على إصابات الشتاء بنسبة 60%    متحورات جديدة.. أم «نزلة برد»؟! |الفيروسات حيرت الناس.. والأطباء ينصحون بتجنب المضادات الحيوية    الرئيس الإندونيسي يؤكد توصيل مياه الشرب وإصلاح البنية التحتية لسكان المناطق المنكوبة بالفيضانات    منال عوض: المحميات المصرية تمتلك مقومات فريدة لجذب السياحة البيئية    الإسكان الاجتماعي الأخضر في مصر على طاولة منتدى الإسكان الحضري للدول العربية بالدوحة    ريهام أبو الحسن تحذر: غزة تواجه "كارثة إنسانية ممنهجة".. والمجتمع الدولي شريك بالصمت    ضبط 5370 عبوة أدوية بحوزة أحد الأشخاص بالإسكندرية    كثافات مرورية بسبب كسر ماسورة فى طريق الواحات الصحراوى    25 ألف جنيه غرامات فورية خلال حملات مواعيد الغلق بالإسكندرية    برلماني أوكراني: البعد الإنساني وضغوط الحلفاء شرط أساسي لنجاح المفاوضات    توافق مصرى فرنسى على ضرورة إطلاق عملية سياسية شاملة تؤدى إلى إقامة الدولة الفلسطينية    الشناوي: محمد هنيدي فنان موهوب بالفطرة.. وهذا هو التحدي الذي يواجهه    من مسرح المنيا.. خالد جلال يؤكد: «مسرح مصر» أثر فني ممتد وليس مرحلة عابرة    "فلسطين 36" يفتتح أيام قرطاج السينمائية اليوم    يسري جبر يوضح حقيقة العلاج بالقرآن وتحديد عددٍ للقراءة    بروتوكول لجهاز تنمية المشروعات لنشر فكر العمل الحر وريادة الأعمال بين الشباب والمرأة    رئيس مجلس القضاء الأعلى يضع حجر أساس مسجد شهداء القضاة بالتجمع السادس    نوال مصطفى تكتب: صباح الأحد    توقف قلبه فجأة، نقابة أطباء الأسنان بالشرقية تنعى طبيبًا شابًا    مكتبة الإسكندرية تستضيف "الإسكندر الأكبر.. العودة إلى مصر"    القومي لذوي الإعاقة يحذر من النصب على ذوي الاحتياجات الخاصة    قائمة ريال مدريد - بدون أظهرة.. وعودة هاوسن لمواجهة ألافيس    برلماني أوكراني: البعد الإنساني وضغوط الحلفاء شرط أساسي لنجاح أي مفاوضات    الرسالة وصلت    موعد صرف معاشات يناير 2026 بعد زيادة يوليو.. وخطوات الاستعلام والقيمة الجديدة    إعلام عبرى: اغتيال رائد سعد جرى بموافقة مباشرة من نتنياهو دون إطلاع واشنطن    نائب محافظ الأقصر يزور أسرة مصابي وضحايا انهيار منزل الدير بمستشفى طيبة.. صور    جامعة أسيوط تنظم المائدة المستديرة الرابعة حول احتياجات سوق العمل.. الاثنين    «الجمارك» تبحث مع نظيرتها الكورية تطوير منظومة التجارة الإلكترونية وتبادل الخبرات التقنية    محافظ الغربية يهنئ أبناء المحافظة الفائزين في الدورة الثانية والثلاثين للمسابقة العالمية للقرآن الكريم    مواقيت الصلاه اليوم السبت 13ديسمبر 2025 فى المنيا    لاعب بيراميدز يكشف ما أضافه يورتشيتش للفريق    بدء الصمت الانتخابي غدا فى 55 دائرة انتخابية من المرحلة الثانية لانتخابات النواب    كلية الدراسات الإفريقية تنظم ندوة عن العدالة التاريخية والتعويضات    وصفة الزبادي المنزلي بالنكهات الشتوية، بديل صحي للحلويات    محافظ أسيوط يفتتح المؤتمر السنوي الثالث لمستشفى الإيمان العام بنادي الاطباء    طلعات جوية أميركية مكثفة فوق ساحل فنزويلا    فيديو.. الأرصاد: عودة لسقوط الأمطار بشكل مؤثر على المناطق الساحلية غدا    إخلاء سبيل والدة المتهم بالاعتداء على معلم ب"مقص" في الإسماعيلية    محافظ أسيوط يقود مفاوضات استثمارية في الهند لتوطين صناعة خيوط التللي بالمحافظة    القضاء الإداري يؤجل دعوى الإفراج عن هدير عبد الرازق وفق العفو الرئاسي إلى 28 مارس    الأهلي يواجه الجيش الرواندي في نصف نهائي بطولة إفريقيا لكرة السلة للسيدات    مدرب الكاميرون المُقال: طالما لم يصدر قرارا من الرئاسة فأنا مستمر في منصبي.. وإيتو نرجسي    وزيرة التضامن الاجتماعي تلتقي رئيس الطائفة الإنجيلية ووفد من التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : ولازالت مصطبة عم السيد شاهدة ?!    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 13-12-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الكاميليا والرمان‏...‏ ومرايا الدراما الدامية‏!‏
نشر في الأهرام اليومي يوم 23 - 09 - 2011


د‏.‏ مصطفي عبدالغني:
لايمكن ان نقرر نحن ان ثورة يناير هي نتاج روائييها‏-.‏ او ان هذا الروائي او ذاك كان وراء التفاعل الذي ادي الي اشتعال الثورة, فمن يرصد الارهاصات السابقة لاي ثورة يمكن ان يرصد دور الرواية ضمن الاجناس الادبية الاخري من قصة وشعر ومسرح....- في تحفيز الافهام وتأكيد المدارك للتحول الي ايقاع التغيير.. نستطيع ان نرصد دور عدد كبير وراء ثورة1919 بالقدر الذي يمكننا ان نضع ايدينا علي عدد كبير ايضا وراء ثورة1952 ومايقال عن ثورة1919 وثورة1952 يمكن ان يقال بالنسبة لثورة يناير..2011 فوراء السنوات الطويلة التي تصل الي نصف قرن اويزيد الي الوراء يمكن ان نرصد عددا كبيرا من روائيينا, فإذا جاوزنا جيل الستينيات والسبعينيات لتمهلنا عند عدد كبير من الروائيين والكتاب المعاصرين ممن اسهم بمنطق التغيير قبل ثورة يناير هذا العام..
معني هذا ان رصد الفترة السابقة علي ثورة يناير يمكن ان يضع بين ايدينا الدينامية التي دفعت الي التمهيد لهذه الثورة والاسراع بإشعالها; بيد اننا لايجب الوصول الي هذا النص الاخير الكاميليا والرمان,- الذي كتبه الدكتور عمرو عبدالسميع- دون ان نشير الي انه كتب ونشر قبل ثورة يناير2011
( سبقته نصوص روائية: ساعة عصاري, الدم والعصافير, أنا والحبيب, الفنطاس, العنكبوت, الأشرار, النسوان, كفاحي), غير ان هذا النص الاخير-الكاميليا والرمان- هو الذي اسهم اكثر من غيره في استعادة حركة التاريخ المظلمة عبر تداخل روايا الشخصيات والاحداث والمواقف والمصائر..
بيد اننا لابد من العود الي النص عبر تبادل المرايا وتداخلها قبل ان نصل مع حركة التغييروتجلياتها الي التوهج والدلالة..
النص الروائي الذي بين ايدينا يبدأ بإهداء يلخص فيه الروائي الخطاب الرئيسي للنص, وهو الخطاب الذي يبدأ بالشمردل البتانوني شمردل الرمز محددا هذ الرمزفي:( فضيلةعدم الانكسار).. عود الرمان الجاف الذي رفض-تاريخيا- الانحناء!..
تبدأ الاحداث التي تستعادعبر الأحداث في ذهن البطل الاول للنص-الشمردل, وفي جنازة عالم مزيف-هوبشير جار النبي-. اننا امام عالم مزيف, أصبح وزيرا هو بشير جار النبي, ابن اللواء, أسطورة الكيمياء وعز مصر وفخرها في المحافل العلمية الدولية, وهو لم ينجز مما هو عليه شيئا, فقد كان هناك الشمردل الذي يعد أبحاثه في الكيمياء, وهو العبقري ابن الفقراء, ويكتب خطب بشير جار النبي بعد أن صار وزيرا, المسخ العبقري, في ظل الواجهة البراقة, حتي المرأة التي حلم بها وتمناها واشتهاها بشير منه, وها هو بشير قد مات ليواجه الشمردل رحلة ضياعه.
رحلة ضياعة التي تحمل-في السياق الروائي الاخير- صورة الرمان روح الرمز الحاد الصلب.. وتتداخل المرايا لتصل بنا عبر الاستعادةوالصدمة الي اتخاذ موقف مغاير لمايراد منه..
علي اسلوب الفلاش باك يكون علينا العود الي لحظات الالم والمخاض الطويل التي استمرت لاكثر من نصف قرن..
ان الشمردل هنا يستعيد كل هذه السنوات في حركة جدلية مع قرابة اربعين نمطا من الشخصيات المعاصرة التي نعرفها جميعا.. يستعيد كل هذا الزيف في فترة العزاء لينطلق معترفا متفجرا في صلابة الرمان-الرمز وجاءه..
الملامح العامة للنص تدخل بنا الي بواعث الثورة عبر شخصيات كثيرة مزيفة واحداث كثيرة مراوغة مثلت رموز هذا الزمن..اننا امام كل صور البؤس والفساد التي عرفناها في الزمن المباركي حيث تتوالي امامنا الشخصيات الفاسدة والاحداث الفاسدة أراد الراوي تعرية عصر بكامله( من اغتيال الابرياء الي الفساد المحلي الي الدولي, الي سيدة دبلوم تجاري رئيسة لجامعة استثمارية خاصة الي تمويل الجامعات الخاصة, وسرقة الأبحاث, ولعبة الأعوان والمقربين, فساد الصحافة والصحف والنفوس, لعبة حقوق الأقليات, وآليات خلق العملاء, التمويل من الاتحاد الاوروبي لانشاء جامعة, ممرضة سابقة..حريصة علي رضاء الاجانب المتحكمة في صنابير التمويل, رجال الحكم ورجال المال ورجال الكذب ورجال السرقة ورجال الجاسوسية وكل المماليك الخصيان وكل الاذناب..( و).. هذا التجمع الذي يحدث من آن لاخر حيث نسوان الوزراء والفنانات وعضوات الروتاري والصحفيات ونائب مجلس الشعب والقيادات النسائية والحزبية.. الي آخر صور الفساد التي عرفناها في النصف قرن الأخير..)
ووسط هذا كلة يضاف حدث مأساوي الي حادث مأساوي آخر, فبعد موت العالم الكاذب تشتعل الاحزان اكثر عند هذا الشاب
الذي يغتال علي اثر تعذيبه الشديد وتستمر جهات الامن الفاسدة في تعذيبه حتي يموت من التعذيب; فيدفع به الي الاعتراف امام النيابه بأمر آخر او بسبب آخر لاغتياله فيسر اليه ما ينبغي أن يعترف به أمام النيابة:( صديقي كان يجلس علي الرصيف أمام سور المدينة الجامعية, وقد تعود تعاطي المخدرات بالحقن والأقراص, وحاولت نصحه مرات, ولكنه أبي وواصل السير في طريق الانحراف, وليلة الحادث وقفت معه أمام بوابة المدينة, فيما أحاطه بعض أصدقاء السوء الذين طالما حذرته من رفقتهم, يتلفظون بكلمات بذيئة, ويضحكون بصوت جهير علي كلامه الملعثم, وحين شاهد الشبان رجال الأمن يقتربون خافوا أن يكون الهدف إلقاء القبض عليهم, ففروا هاربين, وبقيت مع صديقي الذي فاجأني بإخراج سرنجة من جيبه وحقن بها نفسه ثم وقع علي الأرض, ووصلت سيارة إسعاف, وأثناء حمله إليها سقط من علي النقالة, واصطدم بباب السيارة, كما ارتطم وجهه بحافة الرصيف علي نحو عنيف, وركبت سيارة الإسعاف معه إلي المستشفي, ولكنه مات في الطريق)
انه يواجه هذا الواقع المأساوي ليعود به كل هذا الي فضيلة الاعتراف, الاعتراف بالخزي والعار, ورفض كل من حوله الي السير في هذا الطريق.. هنا يكون علي الشمردل ان يستعيد قوة الرمان وانتصابته, فلا يستطيع الصمت, ويكون علينا ان نستعيد اسرار الروح المصرية في غضبه عبر استعادته لما كان ومايمكن ان يكون بين المشيعين في طقوس رسمية فخمة لجنازة هذه الرجل الاسطورة الكاذبة.. انه يعيش هذه الاهتراء في مرآة الاعلام المزيف وصوت النجمة في الشاشة امامه وهي تصيح الصياح الذي سمعناه طويلا من زيف ورياء
سيداتي.. آنساتي.. سادتي.. احدثكم من بلج مبكي الانبياء..وفي زمن تمزيق الرسالة والاحتفاء بالبغاء.. وانقل اليكم حفل تنصيب مسيلمة اميرا جديدا للمؤمنين
تعيشون معنا الاسطورة والزيف.. وتتبادلون النظرات- مع كل المحتفلين عبر الشاشة- والابتسامات. مصر اليوم-كما ترون- في عيد..والكل فيها سعيد
وامام كل هذا التزييف الذي نراه دائما كلما رحل افاق, لايستطيع ان يواصل الصمت, فإذا به يقفز امام الشاشة, غاضبا, ويده علي هذا الآفاق الذي اصبح نبيا, ويصيح: اتواجه مع صورة بلد لا اعرفه..لا احبه.. لا ابغاه..بلد مدموغ باللعنة بلد بشير وابيه بلد لصوص الخصخصة واصحاب التوكيلات..بلد اللامتنفذين الخصيان وشرف قد مات..بلد النسوان الخائنات المحظيات.. بلد يترصد اشواق البسطاء للحرية..بلد الشركات متعددة الجنسيات ززبلد العفن حين تجلي.. بلد سطوع واشراق المحنة..بلد الظلم المظلم ورجال الاعمال.. بلد كل ساعاته ودقائقه وثوانيه مواقيت حاضرة لصلاة المال بلد البصق علي الفقراء, واهدار القيمة والمعني, وقتل الاطفال. بلد اختاره- اصحاب الزمن الجديد-موقعا للانزال..وهبطواعلينا..وهبطوا بنا زورا واختطفوا الامل رهينة, ودفعوا بالعملاء الي السيطرة علي الاسوار والحصون ودخول الاحياء الشعبية واحشاء المدن من دون قتال.. فاكتمل سقوط الوطن..واعلن الزيف نفسه: سلطة الاحتلال
وعلي هذا النحو, يكون علينا من البداية ان نعرف ان الكاميليا هي الرمزإلي هذه المرأة الجميلة التي اختارت أن تكسر قلبها وتخطو من فوقه وأن تدوس علي مشاعر حبيبها لتصنع من رمادها جسرا تصل من خلاله إلي عالم المال والقوة والنفوذ, أما الرمان فهو الرمز إلي عود الرمان الذي رفض الانحناء أو هو فضيلة عدم الانكسار التي يهدي إليها الكاتب روايته كما يهديها إلي أبطال روايته جميعا منذ البداية الاهداء) حتي المشهد الاخير الانتهاء داخل النص وخارجه).. لنصل في السطور الاخيرة الي العبارة الدالة: وهمس حفيف أوراق الشجر في يقين أن الليالي حبالي وستلد عما قريب أطفالا مفرحين; أطهارا كالحليب, عباقرة, مفرودي الظهور, عيدانا من الرمان, مرشوقة كالحراب في كل أرض البلد تأبي: الإنحناء
ينتهي النص ولا تنتهي الاحداث, تتداخل مرايا الذات بالآخر, بكل صور الفساد والزيف الذي عرفناه طويلا, غير ان النهاية الطبيعية لاية دراما سوداء لابد وان تكون هذه النهاية الدامية.. فالتاريخ يكتب لاول مرة علي انه دراما سوداء, بيد انه حين يعاد ويتكرر مرة اخري يتحول دراما سوداء دامية..
وهذا ماعرفناه داخل النص وخارجه..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.