الصحة: «المسؤولية الطبية» دخل حيز التنفيذ.. ولن ننتظر ال6 أشهر الخاصة بالتفعيل    جدول مواقيت الصلاة في محافظات مصر غداً الأحد 11 مايو 2025    رئيس الوزراء يشهد افتتاح محطة الصب السائل بميناء غرب بورسعيد    محافظ أسيوط يتفقد تطوير مدخل قرية بنى قرة ونقل موقف السرفيس لتحقيق سيولة مرورية    قانون الإيجار القديم... التوازن الضروري بين العدالة الاجتماعية والحقوق الاقتصادية    الهند: وقف إطلاق النار مع باكستان يبدأ الخامسة من مساء اليوم بالتوقيت المحلي    مقتل 3 مدنيين وإصابة العشرات في قصف مدفعى لميليشيا الدعم السريع على الفاشر    مصدر يكشف ليلا كورة.. تبريرات زيزو للانقطاع عن التدريب وتأشيرة السفر لأمريكا    "الشناوي وسيحا وشوبير وحمزة".. يلا كورة يكشف تطورات ملف حراسة مرمى الأهلي    حريق شون كتان الغربية.. نفوق 8 رؤوس ماشية و17 مصابا وخسائر أولية 70 مليون جنبه    الطقس غدا.. ذروة الموجة شديدة الحرارة والعظمى بالقاهرة 40 درجة    تأجيل محاكمة 9 متهمين بالانضمام لجماعة إرهابية ل24 يونيو    "بسبب ماس كهربائى" مصرع وإصابة ثلاثة أشخاص إثر نشوب حريق داخل حوش مواشى فى أسيوط    وفود دولية رفيعة المستوى من منظمة (D-8) تزور المتحف القومي للحضارة المصرية    أول تعليق ل أحمد داوود بعد تكريمه في مهرجان المركز الكاثوليكي.. ماذا قال؟    عوض تاج الدين: الدعم الرئاسي أحدث طفرة واضحة للمنظومة الصحية    قرار تأديب القضاة بالسير في إجراءات المحاكمة لا يعتبر اتهام أو إحالة    «الإحصاء»: 1.3% معدل التضخم الشهري خلال أبريل 2025    وصول جثمان زوجة محمد مصطفى شردى لمسجد الشرطة    مهرجان SITFY-POLAND للمونودراما يعلن أسماء لجنة تحكيم دورته 2    بريطانيا.. فوز «الإصلاح» تغيير فى المشهد السياسى    مديرية أمن القاهرة تنظم حملة تبرع بالدم بمشاركة عدد من رجال الشرطة    بيتر وجيه مساعدا لوزير الصحة لشئون الطب العلاجى    طريقة عمل الكيكة بالليمون، طعم مميز ووصفة سريعة التحضير    «لوفتهانزا» الألمانية تمدد تعليق رحلاتها من وإلى تل أبيب    السجن المشدد 10 سنوات لعجوز بتهمة التعدى على شقيقين معاقين بسوهاج    صحة غزة: أكثر من 10 آلاف شهيد وجريح منذ استئناف حرب الإبادة    جيروساليم بوست: ترامب قد يعترف بدولة فلسطين خلال قمة السعودية المقبلة    أبرز ما تناولته الصحف العالمية عن التصعيد الإسرائيلي في غزة    شئون البيئة: التحول للصناعة الخضراء ضرورة لتعزيز التنافسية وتقليل الأعباء البيئية    جامعة أسيوط تُشارك في ورشة عمل فرنكوفونية لدعم النشر العلمي باللغة الفرنسية بالإسكندرية    فيلم سيكو سيكو يواصل تصدر الإيرادات    وقفة عرفات.. موعد عيد الأضحى المبارك 2025 فلكيًا    رئيس صحة النواب: مخصصات الصحة في موازنة 2026 الكبرى في تاريخ مصر    وزير الخارجية يترأس الاجتماع الوزاري الرابع للجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان    محافظ أسوان: توريد 170 ألف طن من القمح بالصوامع والشون حتى الآن    رئيس الوزراء العراقي يوجه بإعادة 500 متدرب عراقي من باكستان    تنظيم ندوة «صورة الطفل في الدراما المصرية» بالمجلس الأعلى للثقافة    هيئة التأمين الصحي الشامل توقع اتفاقًا مع جامعة قناة السويس    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : الكلام وحده لايكفي !?    تعرف على مواعيد مباريات الزمالك المقبلة في الدوري المصري.. البداية أمام بيراميدز    المحكمة الدستورية تؤكد: شروط رأس المال والتأمين للشركات السياحية مشروعة    تحرير 16 محضرا لمخالفات تموينية في كفرالشيخ    المتحف المصري الكبير يستقبل فخامة رئيس جمهورية جزر القمر ووزيرة التعليم والثقافة اليابانية    أنشأ محطة بث تليفزيوني.. سقوط عصابة القنوات المشفرة في المنوفية    مصر تستضيف الجمعية العمومية للاتحاد العربي للمحاربين القدماء وضحايا الحرب    اليوم.. انطلاق الجولة 35 ببطولة دوري المحترفين    استثمارات 159 مليون دولار.. رئيس الوزراء يتفقد محطة دحرجة السيارات RORO    «الصحة» تعلن تدريب أكثر من 5 آلاف ممرض وتنفيذ زيارات ميدانية ب7 محافظات    خبر في الجول - زيزو يحضر جلسة التحقيق في الزمالك    الرمادي يعقد جلسة مع لاعبي الزمالك قبل مواجهة بيراميدز    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 10-5-2025 في محافظة قنا    حاجة الأمة إلى رجل الدولة    تفاصيل مفاوضات الأهلي مع جارسيا بيمنتا    بكام الفراخ البيضاء؟.. أسعار الدواجن والبيض في أسواق الشرقية السبت 10 مايو 2025    موعد مباراة الاتحاد السكندري ضد غزل المحلة في دوري نايل والقنوات الناقلة    حبس لص المساكن بالخليفة    هل تجوز صلاة الرجل ب"الفانلة" بسبب ارتفاع الحرارة؟.. الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. عبدالناصر حسن رئيس مجلس إدارة دار الكتب والوثائق يطمئن الرأي العام:
وثائق مصر في أيد أمينة تكنولوجيا وبشريا
نشر في أخبار الأدب يوم 02 - 02 - 2013


المثقفون قادرون علي ضبط إيقاع المجتمع بالثقافة
المبني الجديد لدار الوثائق في عين الصيرة نقلة نوعية فارقة
ضرورة تسليم المواطنين لهذة المخطوطات
نداء الي الأمن القومي :ساعدونا في الحصول علي هذه الوثائق
الحديث عن أشواق وعذابات دار الكتب والوثائق القومية.. واسع، والإحاطة بها تظل منقوصة، لأن جواهرها ومكنوناتها تثير ثقافة الأسئلة.. لكننا في هذه المحاورة نقتطف بعض الملفات الجديدة التي تسعي إلي بدء تحققها مع مطالع هذا العام.
فماذا يدور في رأس د.عبد الناصر حسن رئيس مجلس إدارة الدار؟ وهو الذي يرتكز علي تراكمات معرفية في هذه المسار والمجال باعتباره أولا أستاذ الأدب والنقد، والعميد السابق لكلية الآداب، والذي تولي من قبل رئاسة جامعة عين شمس في الفترة الحرجة الماضية، ثم رئاسته الإدارة المركزية لدار الكتب، ولم يكن من قبيل المصادفة أن يجلس- مؤخرا - علي كرسي مجلس دار الكتب والوثائق القومية، ليسكتمل مشروعه العلمي الكبير لتطوير الدار العريقة التي تمثل عقل الأمة.
كان المحور الذي شكل الومضة الأولي للحوار متمثلا في مدي القول بأن وثائق مصر في يد أمينة علميا وعمليا في ظل الاستعدادا لافتتاح المبني الجديد الذي تحتويه مصر القديمة في منطقة (عين الصيرة).
وكيف يتم استثمار التكنولوجيا الحديثة في خدمة الروائع الثقافية التي تشكلها القوة الناعمة بتاريخيتها وحضاريتها وجمالياتها. و..مسارات أخري تنبثق من هذه الومضة.
د. عبد الناصر حسن يتحدث الي الزميلة مني نور
يحدثنا د. عبد الناصر حسن عن أهم الملفات التي تشغل دار الكتب والوثائق القومية خلال الفترة المقبلة ويتمثل في افتتاح المبني الجديد لدار الوثائق بمنطقة عين الصيرة بالقاهرة.
يقول: إن هذا المشروع يمثل نقلة نوعية فارقة، وقد تكفل بتنفيذ دار الوثائق الجديدة بعين الصيرة الشيخ سلطان القاسمي، أمير الشارقة، وانتهز فرصة حواري معكم لأقدم له شكراً عميقاً علي التقدير والمودة التي يكنهما لمصر والمصريين، وقد بلغت تكلفة هذا المشروع مائة مليون جنيه، وما تم الانتهاء منه حتي الآن، يمثل حوالي تسعين في المائة مما خطط له، ونحن في سبيلنا إلي استكمال النسبة المتبقية خلال شهر أو شهرين علي الأكثر. وسيتم افتتاح هذه الدار بعد نقل كل الوثائق إليها، وقد طلبنا إضافة حوالي خمسة آلاف متر الي المساحة التي أقيم عليها هذا المشروع، وقد وافق وزير الآثار علي ذلك، لأننا في حاجة إلي إقامة مبان أخري كي تستوعب كل ما لدينا من وثائق.
وماذا عن تأمين النقل.. والمدة التي سيستغرقها؟
سيتم نقل كل الوثائق علي مراحل، ويستغرق ذلك حوالي الستة أشهر، وربما يمتد إلي عام، فليس من السهل تأمين وصيانة ونقل كل هذه الوثائق.
دقيقة وآمنة
وماذا عن وسائل حفظ الوثائق؟
لدينا وسائل حفظ علمية ودقيقة تؤمن الوثائق من عوامل الرطوبة والبخر، المشكلة أن المكان مهما اتسع، سيظل ضيقا علي الوثائق المصرية، فالأرشيف البريطاني تزيد مساحته علي 20كم2، به وثائق من الحربين العالميتين الأولي والثانية، نحن محرومون من الحصول- حتي الآن- علي وثائق الوزارات السيادية في الدولة، فالدار ليس بها وثائق حرب 1956، 1967، 1973 علما بأن الوثائق تتاح- مهما كان فيها من أسرار- في إطار يتراوح ما بين الأربعين إلي الخمسين سنة.
وما السبب؟
الإجابة دائماً تتلخص في مسألة الأمن القومي، لكن الأمن القومي من واجبه أن يساعدنا في الحصول علي هذه الوثائق وتأمينها في الدار.
ومن المعوقات الأساسية أن الوثائق الموجودة في أضابير بعض الوزارات مثل الحربية حيث تخضع لعمليات أمنية مبالغ فيها، ونحن لا نعرف ما وراء هذا الحجب من أهداف.
والأمر المؤرق أيضا أن قانون الوثائق لعام 1954 لم يعد يفي بأغراض الدار حتي الآن، لأمور عدة منها: أنه لم يكن لدار الوثائق صفة الضبطية القضائية، ونحن نريد- الآن- تطوير الدار، وتحقيق قانون الوثائق الجديد، خاصة أن بعض مؤسسات الدولة تضع وثائقها في المخازن، أو فوق الأسطح، مما يعرضها بشكل مؤكد إما للتلف أو السرقة.
الفصل بين الدارين
أما آن الأوان لخروج القانون الجديد لحماية الوثائق، لاسيما أننا في أمس الحاجة الآن الي مثل هذا القانون، وأن قانون 1954 لم يعد صالحا في ظل المتغيرات المتلاحقة؟
قدمنا لوزير الثقافة الدكتور محمد صابر عرب مذكرة فيما يخص صيغة القانون الجديد كي يعرض علي مجلس الشوري، وطالبنا في القانون أيضا بانفصال دار الوثائق المصرية عن دار الكتب إداريا، وقد بدأت الفكرة عندما كنت عضوا في مجلس إدارة الهيئة في فترة رئاسة الدكتور زين عبدالهادي، وشرحت للمجلس أن دار الوثائق المصرية لا يليق بها أن تكون جزءا من دار الكتب، حيث إن الأرشيف الوطني في كل بلاد العالم يعد أرشيفا مستقلا.وأن قوانين حماية الوثائق تتيح- طبقاً لمبدأ أن المعرفة حق لكل مواطن- بعد مرور ثلاثين أو خمسين عاما، والآن مرت هذه الفترات، ولم تتح للمواطن المصري أن يري تاريخ بلده المعاصر،مع أن المعرفة والحصول عليالمعلومات من حقه.
تكنولوجيا التأمين
إذن.. إلي أي مدي نستطيع القول بأن وثائقنا في يد أمينة؟
وثائق مصر في الدار مؤمنة تكنولوجيا بالكاميرات، ومؤمنة بشريا برجال الأمن، الأمر الذي يستحيل معه أن يتم الإختراق، فالأجهزة تسجل لحظة دخول أي فرد في غير موعده، بالإضافة إلي ذلك لدينا نظام الإطفاء الضبابي(فوجي) وهو إطفاء أي حريق دون حدوث أخطار بشرية.
ماذا عن الأرشيف الالكتروني الذي تم عام 2005 لحفظ وثائق مصر الذي تم إرساؤه بمعرفة وزارة الاتصالات علي مجموعة شركات متحالفة بقيادة IBM ثمة محاذير سرية حتي يمكن أن تثير لعاب الشركة المنفذة وتتمكن من استغلالها ضد مصر، وهل ما تم تصويره حتي الآن عليه أيضا أية محاذير أمنية؟
البعض شكك وحذر من أن الشركة المنفذة قد اخترقت الأمن القومي المصري وأنها شركة أمريكية ولها فرع في تل أبيب الصهيونية؟
يثبت الواقع أن هذا الكلام عار تماماً من الصحة، ويفتقد البرهان، لم يدخل أحد من أفراد هذه الشركة، قط، مبني دار الكتب والوثائق، فالاتفاقيات كانت توقع في وزارة الاتصالات، بين الشركة وبين وزير الثقافة- آنذاك- فاروق حسني، ولكن من دخل من بعض أفراد هذه الشركة مبني الدار، إنما دخل لتنفيذ سياسات الوزير، وتم رقمنة عدد كبير من الوثائق، أما الشركة فلا تعرف التجهيزات بها قبل الإدخال الذي تم هنا في الدار، وهذا ما أحدث سوء الفهم، حيث إن »السيرفر« موجود في وزارة الاتصالات، ولا أحد يستطيع- من الخارج- أن يأخذ شيئاً منه، فنحن فقط المتحكمون فيه، وهذا نظام مطبق في كل أنحاء العالم.
هل معني هذا أن الشركة التي وضعت البرامج لا تستطيع الدخول إلي نظام العمل؟
أنت أمام مشكلة لا تخص دار الوثائق، نحن أمام مشكلة التكنولوجيا الحديثة التي تحطم بعضها بعضاً ، إن دار الوثائق لديها أنظمة نغير فيها من وقت إلي آخر ب»كود« شفرات حتي أن بعض الأماكن الأساسية التي يوجد فيها الجهاز الأساسي، لا تفتح في وقت واحد، وهذه هي الحماية المتاحة الآن فنحن أمام صراع، ومع ذلك فأنا أطمئن الرأي العام أن الوثائق في أيد أمينة ومحفوظة في مكان آمن.
من الورقية إلي الرقمية
هذا حديث عن المبني، فماذا عن المعني؟
لدينا خطط استراتيجية خاصة بتطوير القوي البشرية العاملة في الدوريات، حيث ستزود قاعات العرض بأربعة وعشرين جهاز كمبيوتر لإثبات مرحلة انتقال من المكتبات الورقية إلي المكتبات الرقمية، وبهذه المناسبة فقد شكلت- لأول مرة- لجنة للنشر الالكتروني، حتي تستطيع دار الكتب أن تواكب أحدث دور النشر في العالم، بوصفها رائدة في هذا المجال، خصوصا أن النشر الالكتروني في الخارج سيصبح له المكان الأكبر، بمعني أن المكتبة الرقمية ستكون هي الأساس، يصاحبها تراجع الكتب الورقية إلي أن تنتهي في غضون عشر سنوات.بدأنا في رصد جزء من ميزانية الهيئة، لنقوم أولا بتأسيس مركز للتنمية البشرية بكل تجهيزاته، لعمل كل الدورات التي يحتاج إليها معظم العاملين في الدار، في كل التخصصات من فهرسة إلي نشر وغير ذلك.كما بدأنا في تطوير القاعة الرقمية بالدور الثالث، لتصبح أكبر مكتبة رقمية في مصر، وقد قمنا لذلك بعمليات رقمنة لعدد كبير وضخم من الكتب والدوريات والمخطوطات والبرديات والألبومات، وكل المقتنيات ذات الطبيعة النوعية.
اشكالية التسويق
في ظل هذه الاستعدادات لحماية وحفظ كنوز دار الكتب والوثائق.. ما ذا عن الرؤية الحديثة؟
لابد من وضع رؤية لإدارة هذا التراث الضخم، لقد وضعنا هذه التصورات موضع التنفيذ، لأن هناك سيطرة ثقافة الوعي الشفاهي، وليس علي ثقافة التنفيذ والإجراء.
من هنا كان لابد من اتخاذ الإجراءات التنفيذية التي تتبناها الدار الآن، إن فيها ثمانية وخمسين ألف مخطوط، بعضها مكرر ، ومثل هذه المخطوطات في حاجة إلي جيل جديد من المحققين نفتقده الآن كي يعوض ما فقدنا من المحققين في مصر.
المشكلة أن الأخطاء كثيرة لدي القائمين الآن علي التحقيق العلمي، وتنبع من عدم التمكن المفروض من اللغة، وآخرون يستغرقون وقتا طويلا من السنوات، ثمة حرمان كبير لدي هذه الأمة من تراثها من خلال ثقافة الإتاحة، التي هي بالأساس هدف دار الكتب، لذا قررنا اختيار بعض المخطوطات وعهد نا بها لبعض الباحثين،لإعداد مقدمات عصرية لها، حتي يمكن عرضها للقراء، وهنا تظهر مشكلة التسويق أهم التحديات التي تواجهنا.
المجمع العلمي
ماذا عن تداعيات حرق المجمع العلمي؟ وماذا عن الدور الذي تلعبه الدار لإنقاذ روائعه التي لم يطلها الحريق الهمجي إياه؟
المجمع العلمي، مؤسسة تابعة لجهة سيادية أخري، لا يخضع لأي إشراف من جهتنا، فهو مؤسسة قائمة بذاتها، وبعد الهجمة الشرسة التي تعرضت لها محتوياته، تم إحضارها إلي دار الكتب، بعضها في حالة حرق كامل، والبعض الآخر قمنا بإعادة إحيائه بمراكز الترميم، وقد انتهينا تقريبا من ترميم نصف المواد القابلة للترميم، وتواجهناالآن تكاليف بعض المواد المستخدمة لاستكمال باقي العمليات.
هل الميزانية المرصودة لا تفي بالغرض؟
أتصور أنها تكفي لولا ما حدث من ضغوط، بدأت المؤسسة تأخذ منها لتعطي بعض الأجور.
المكتبات المهداة
ثمة أخبار غير مريحة عن سرقة بعض مكتبات كبار المثقفين التي أهديت الي بعض المكتبات، فماذا أنتم فاعلون في مكتبات كبار الأدباء والمفكرين المهداة للدار، وكيف يمكن استثمارها؟
لدينا قاعة كائنة في الدور الخامس بمبني الدار خاصة بمكتبات كبار الكتّاب،مثل »العقاد« و»طه حسين« وغيرهما ، وقد نجحنا مؤخرا في اقتناص مكتبة ثمينة هي مكتبة العظيم »ثروت عكاشة« وبدأنا في إعدادها لتكون بجوار مكتبة »فؤاد سزكين« وسوف تكون في فرع الدار بباب الخلق، ذات الطابع الخاص، يتلاءم مع أثرية المكان، وسوف تكون للعروض المتحفية، ولدينا المكتبة الشرقية بها مخطوطات عديدة من التراث العبري والتركي والفارسي، والمملوكي، من ألبومات، ولوحات وتشكيلات ثمينة تاريخيا ومعرفيا وحضاريا.
مع مكتبة الإسكندرية
وما شكل التعاون بينكم وبين مكتبة الإسكندرية المسكونة بروائع الفكر الإنساني؟
استطعنا أن نقيم جسرا من الثقة بيننا وبين مكتبة الإسكندرية، في استكمال ما بدأناه معا من مشروعات أهمها مشروع يجري بالتنسيق مع مركز التوثيق التراثي الحضاري في رقمنة دوريات دار الكتب، وكنا قد قمنا برقمنة عدد منها مثل مجلات »البعكوكة، الأستاذ، ودوريات النديم التي صدرت في القرن التاسع عشر وحالياً نحن بصدد استكمال هذا المشروع، وقد تعاونا معهم منذ سنتين في نشر بعض المخطوطات من الكتب، والآن نعمل علي نشر هذه الثقافة في أوروبا، دحضا للزعم بأن الثقافة العربية لم تكن إلا وسيطاً للحضارة الغربية، الأمر الذي يقلل من جهد العلماء العرب في العلوم من الطب والفلك والجغرافيا، ولا ننسي في هذا السياق خريطة الإدريسي التي اعتمدت عليها أوروبا في القرن السادس عشر.
الفولكلور المصري
يجري منذ سنوات مشروع جمع وتصنيف المأثورات الشعبية بشكل ميداني يرأسه د.أحمد مرسي في مركز الإبداع الشعبي، ما وقف الدار وثائقيا من حصاد هذا المشروع الذي يعني بجوهر الشخصية المصرية في بعدها الشفاهي ؟
نحن نعني بهذا المشروع لأرشفة الفولكلور المصري، ونوليه اهتماما خاصا، منذ بداية العمل فيه 2007، وقد عرضت هذا الأمر علي مجلس إدارة الدار وأقنعتهم، وتمت الموافقة علي ضم مركز التراث غير المادي ، إلي دار الكتب، ليصبح أحد المراكز العلمية بالدار، ذلك أن دار الوثائق المصرية، تفتح أبوابها بكل اهتمام وعناية بهذه الوثائق، فوجودها في الدار يزيد من ثرائها، وأنها ستكون في مكانها الأصلي لتحتل مكانتها الرفيعة بين روائع التراث الحي.
وثائق اليهود
في هذا السياق أيضا نسأل عن دلالة ما حدث مؤخرا من تسريب للوثائق اليهودية إلي الخارج واستغلالها ضد مصر بشكل متهافت، من حيث المتاجرة السياسية والاجتماعية والمادية؟
هذا التسريب ناتج عن رفض هذه المؤسسات وهؤلاء الأفراد تسليم تلك الوثائق إلي الدار المؤهلة لحفظها حفظاً جيدا، وبالتالي فإن القائم عليها ربما لم يتورع عن فعل ذلك، ربما تحت وطأة الحاجة الماسة للمال فكان التفريط فيها، فليس لدي هؤلاء ثقافة الإحساس بأهميتها، ومن هنا لجأنا لفكرة التحفيز، فصدر عام 2008 قانون جديد للمخطوطات، و قد شاركت في إعداده، وفيه نصوص تؤكد ضرورة تسليم المواطنين لهذه المخطوطات مع وجود لجنة تثمين، وإعطاء مقابل مجز للمواطن الذي يتقدم بها، ونحن هنا نأمل في قانون الوثائق الجديد أن يتضمن نصوصا تحفيزية.
الأطول والأبقي
في المسافة المتحركة بين الناقد الأدبي والأستاذ الجامعي والمواطن العالمي.. يتجلي السؤال: لابد أن الأعباء الإدارية تلتهم معظم وقتك، لكن الناقد الرابض في أعماقك يظل هو الأطول عمرا والأبقي أثرا.. أليس كذلك؟
من آن إلي آخر أقاوم فأدفع نفسي دفعاً لإلزامها بالجلوس إلي الكتاب، ساعتين علي الأقل يوميا، إما استعدادا لمناقشة رسالة علمية دكتوراه أو ماجستير، أوممارسة الكتابة النقدية عن عمل أدبي، وآخر ما كتبت رؤية نقدية لمجموعة »باب العزيزية« للروائي محمد جبريل، كما أنجزت مقدمة لمجموعة الشاعر محمد سليمان، أما آخر أعمالي النقدية فهو كتاب (تقنيات القصيدة المعاصرة) صدر عن مكتبة الآداب، وهناك كتاب آخر سيصدر عن المجلس الأعلي للثقافة بعنوان (التجليات الشعرية عند عبدالوهاب البياتي).
وماذا عن الأستاذ الأكاديمي؟
هذا العام انتدبت ندبا كليا كرئيس لمجلس إدارة دار الكتب والوثائق القومية، ولأن الهيئة تحتاج تفرغاً كاملاً، فأنا أحمل أعباء مؤسستين كبيرتين أحترمهما وأقدرهما، ومن هنا كان لابد عليّ أن أختار بين كوني عميدا لكلية الآداب بجامعة عين شمس أو رئيسا لمجلس إدارة الدار، فاخترت الدار التي سبق بالفعل أن عملت بها رئيسا للإدارة المركزية.
المشهد الثقافي الراهن
المشهد الثقافي الراهن وسط هذه الضبابية السياسية والاجتماعية التي تتغشانا الآن.. هل من الممكن مشاهدته كما ينبغي أن تكون المشاهدة ولا أقول الرؤية والرؤيا؟
نأمل بعد أن فشلت السياسة والسياسيون في تحقيق التوازن، أن يساهم المثقفون في ضبط إيقاع المجتمع بالثقافة..المشهد الثقافي المصري الآن مرتبك تماما مثل المشهد السياسي، ولكنه ارتباك مختزل، فهوارتباك التحفز علي كتابة العالم برؤية جديدة سوف تثمر في المستقبل عن إبداعات جديدة، وتصورات ثقافية مبتكرة لأن الإبداع في مثل هذه المجالات لا يتولد إلا من رحم المعاناة.
أما المشهد السياسي، فارتباكه يأتي من صراع بين فصيلين يمثلان أبناء المجتمع المصري، الأول هو التيارات الدينية بكل تنوعاتها، ممثلة لهذا الجانب الأيديولوجي، والآخر ممثل في التيارات المدنية المختلفة، فهو صراع بين تيارين، وأتمني أن ينتهي هذا الصراع ليس لصالح أحد التيارين، وإنما لصالح مصر، لأنه ليس من المعقول استمرارية هذا الصراع الذي لن يعود علي الشعب المصري إلا بالتشتت والحيرة والضياع.
ثقافة الفقر وفقر الثقافة
بعيدا عن العمومية والتعميم..ماذا عن نظرة الناس للثقافة إبداعا وإنتاجا وصناعة وصياغة، من منظورك الذي يتحرك بين الحرم الجامعي والأجواء الثقافية التي تحلق فيها؟
لدينا عدة أمور، أولها ثقافة الفقر وفقر الثقافة، وهذا يرجع إلي فشل السياسات وضعفها، وضعف وزارة التربية والتعليم لفترة تراكمية تزيد علي خمسين عاما، نحن الآن بصدد سياسات ثقافية متغيرة، فقدت الدعم الوطني لها، كل ذلك أدي إلي تدهور كبير في التعليم وبالتالي في الثقافة.
ألا يدهشك أن لدينا رصيدا ضخما من رجالات الفنون والآداب، ومن المؤسسات الثقافية، ورغم كل هذا لم ييحقق الرصيد أرباحه في العامين الأخيرين ولم تظهر تداعياته بوضوح في الشارع، كما ينبغي أن يكون أثرا وتأثيرا؟
ظهر مجتمعنا بلا ثقافة، وقلت إن الضعف والتشتت الفكري، وفقدان الهدف، وعدم وجود رؤية للمستقبل ساعد علي ضعف الثقافة.. هناك من يتصور أن المؤسسات الثقافية هي المسئولة عن ذلك، وهذا غير صحيح، فهي لا تنتج ثقافتها وإنما تساعد علي تطويرها، والخوف أن يكون المسيطر علي المجتمع هو الإحساس بفقدان الأمل في المستقبل ، وألا يجد الفقير قوت يومه.
الوحش والشيكولاته
الجمهور المصري صار وحشا سياسياً.. فهل يجوز أن نطعم الوحش قطعة شيكولاته؟
يكون ذلك بإقامة جسور من الثقافة والوضوح ومشاركة الإنسان المصري البسيط العادي، في صناعة مستقبل مصر، وأنه هو المسئول عن هذا، لقد يئس الشعب المصري من الحكومات التي كانت تعتمد علي التضليل، والقهر، والذل.
عليك أن تزيل هذا القهر وتكسر الحاجز بين الحاكم والمحكوم، وتساهم في وضع حدود دنيا للعيش الكريم ،ستجد مجتمعا أفضل، فقطعة الشيكولاتة لم تعد كافية أمام الجوع، الشعب المصري ضحية ممارسات سياسية واجتماعية راهنة، خاطئة بكل المقاييس، وهذا ليس ناتجا عن القيادات السياسية وحدها، ولكن أيضا يسهم في ذلك ضعف الوعي المعرفي والثقافي، وعدم احترام القانون وضآلة مساحة الآخر لدي كل منا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.