الحوار مع د.زين عبدالهادي رئيس دار الكتب والوثائق القومية لا يقتصر علي ما قبضة اليد أي ما انجزته الدار بالفعل ولا وضع توقعات المستقبل في دائرة الحلم لكنه حرص منذ تسلم عمله ان يفيد من تجارب دور الكتب المماثلة في العواصم العالمية بما يحقق للمكتبة المصرية مكانة تستحقها بين المكتبات الوطنية في العالم. * قلنا: في بداية توليك مسئولية ادارة دار الكتب والوثائق القومية أشرت إلي أن هناك مشكلات كثيرة تواجهها الدار؟ *. قال: ثمة مشكلات ادارية تواجه المسئول في أي مؤسسة في بلادنا ومنها مرتبات ودخول العاملين ليس هناك أي نوع من التوفيق في الأسس التي وضعت عيها الدخول أغلب الموظفين سواء في تعييناتهم أو ترقياتهم أو مكافآتهم يخضعون للأهواء لو طبقنا العدالة الاجتماعية علي المؤسسات الحكومية سيصطدم المرء بداية بسلم لأجور والمرتبات بمعني انها لا تكفل حتي الحياة المتواضعة. المشكلة تنعكس ايضا في التعليم والصحة وغيرها والملاحظ كذلك ان المؤسسات تخلو من الهياكل الادارية المحترمة والتوصيف اللائق بموظفين في القرن الحادي والعشرين لذا نجد ان موظفي الدولة يتظاهرون بأنهم يعملون وتتظاهر الحكومة بأنها تمنحهم مرتبات. * سافرت إلي العديد من الدول الأوروبية هل كان الهدف هو تطوير واستحداث انشطة جديدة؟ ** السفريات جاءت تلبية لدعوات من حكومات تلك الدول هي التي تكفلت بكل المصاريف ولم تتكفل مصر مليما واحدا. كان الهدف هو التعرف إلي الطرق المستحدثة في حل مشكلات المكتبات والمتاحف الوطنية وطرق صناعة الثقافة في تلك الدول وعلي سبيل المثال فإن بريطانيا تعد صناعة الثقافة هي مصدر الدخل الثاني للدولة وكان أحد اهداف الزيارة الاطلاع علي المكتبات الوطنية في هذا الشأن فعلي الرغم من ان مصر تملك الكثير من مقومات التراث والثقافة فإن السائح الأجنبي لا يأتي إلا لمشاهدة بعض الآثار والتمتع بالشمس علي الشواطيء. لم نحاول علي الاطلاق بناء صناعة ثقافية حقيقية يأتي فيها السائح لمشاهدة روائع وكنوز المخطوطات المصرية والخرائط الجغرافية الثمينة واللوحات الفنية التي تعود إلي عصور قديمة لم نحاول - علي سبيل المثال - اعادة انتاج المصاحف المملوكية الممتلئة بالزخارف الاسلامية الثمينة كما لم نقم بترجمة الاعمال الادبية المصرية الجيدة إلي لغات أخري وتصديرها ولم نقدم بدعم الصناعات الصغيرة في مجال الثقافة. علي ضفاف نهر السين نجد عشرات المكتبات ودور الكتب التي يقوم عليها شباب فرنسيون. أيضا لم نحاول ان نصنع مستنسخات - بأحجام مختلفة - من الآثار التي تقول اننا نمتلك 70% منها في العالم وبيعها في المتاحف المصرية. المكتبة الوطنية البريطانية يدخلها يوميا من ستة آلاف إلي سبعة آلاف باحث وقاريء بينما لا يتعدي من يدخل المكتبة الوطنية المصرية - دار الكتب - 200 باحث في اليوم واشير إلي أن كل جنيه استرليني ينفق علي المكتبة الوطنية البريطانية يعود للدولة بأكثر من أربعة جنيهات ونصف في العالم. ان قانون إنشاء دار الكتب المصرية يؤكد انها مؤسسة خدمية ولا تستطيع دار الكتب بالتالي الافادة من المنح المقدمة إليها أو التي يمكن أن تأتي عن طريق وزارة التعاون الدولي لذلك يجب تغيير هذا القانون بحيث يسمح لها ان تقوم بأنشطة استثمارية يمكن مساعدتها علي البدء في إنشاء صناعة ثقافية حقيقية في مصر. * هذه الكلمات تدفعنا إلي السؤال عن طموحاتك لدار الكتب؟ ** تمتلك دار الكتب 60 ألف مخطوط كما صدر تشريع في المخطوطات عام 2009 بالاضافة إلي لائحة تنفيذية في مارس 2011 يمكن المشروع واللائحة التنفيذية من امتلاك مخطوطات جديدة وهو ما حدث في الشهور الماضية بالاضافة إلي أن القانون يأذن للمكتبة الوطنية بمخاطبة المؤسسات المصرية والاشخاص الذين يملكون مخطوطات تنتمي إلي عصر ما قبل الطباعة وما بعده بأهمية تسجيلها في دار الكتب ومن ثم امكانية اقامة معارض ثابتة ومتنقلة داخل مصر وخارجها واستفادة حائزيها ماديا من عرض هذه المخطوطات وهو جزء من صناعة الثقافة. * ما دور دار الكتب والوثائق القومية قياسا إلي دور مكتبة الاسكندرية؟ ** الاهتمام الاعلامي والسلطوي بمكتبة الاسكندرية جعل المكتبة الوطنية في خلفية الصورة وعموما فإن مكتبة الاسكندرية هيئة علمية وتعليمية عالمية بها مكتبة أما دار الكتب الوطنية فهي مكتبة مصر فلا يمكن المقارنة بين مجموعات الكتب في مكتبة الاسكندرية وبين مثيلاتها في دار الكتب. المكتبة الوطنية تضم 110 ملايين عنوان بينما تضم مكتبة الاسكندرية اقل من مليون كتاب. هذا هو الفرق. وموازنة مكتبة الاسكندرية 300 مليون جنيه أما موازنة دار الكتب فتبلع 56 مليونا فقط. دار الكتب تابعة لوزارة الثقافة ومكتبة الاسكندرية تابعة للرئاسة مباشرة. كما انها تستقبل المنح والتبرعات من الدول وهو ما لا يحدث في دار الكتب ولعلي أشير - في هذا السياق - إلي الدور المهم الذي أداه د.صابر عرب في خدمة دار الكتب والوثائق القومية. لقد أفني تسع سنوات من عمره في الهيئة شهدت خلالها العديد من الانجازات ابرزها انشاء قاعدة بيانات تضم حوالي نصف مليون وثيقة وقاعدة بيانات دار الكتب التي تضم مليون عنوان وإعادة تطوير دار الوثائق وانشاء مبني جديد لدار الوثائق وغيرها. مشروعي الشخصي يقوم علي ثلاثة محاور: الأول تحسين دخول العاملين في المكتبة وثقافتهم والثاني خاص انشاء معرض دائم في الطابق الأولي بمبني دار الكتب علي الكورنيش وقد استقدمنا خبيرا من مكتبة الكونجرس الأمريكية لاعادة تصميم المبني وتجري الآن اعادة تصميم الطابق الأول للمخطوطات لاقامة معرض دائم بها. أما المحور الثالث فيتصل بالتسويق للمكتبة الوطنية وقد تم تشكيل لجنة علمية دائمة لدار الكتب بهدف اعادة دراسة مؤشرات اداء العاملين واعداد برنامج كامل للنشر يساوي ما هو موجود في المكتبة الوطنية البريطانية والمكتبة الوطنية الفرنسية ان لم يكن أفضل كما ان هناك مجموعة من الاتفاقات في الطريق للنشر المشترك كما تم الاتفاق مع رئيس المكتبة الوطنية الفرنسية لايفاد اثنين من شباب العاملين بالدار لدورتين في مجال اقامة المعارض الثقافية وفي مجال زيادة الموارد اعددنا برنامجا يقوم به مجموع العاملين من الحاصلين علي الماجستير والدكتوراه وسينشر البرنامج أية مادة قرائية إلي القاريء العربي والقاريء الأجنبي وبالمناسبة: أنا لم أجد أي كتاب في أية طائرة مصرية يتحدث عن المكتبات والمتاحف الموجودة في مصر بينما نجد في طائرات الدول الأخري كتبا عن مواقع المتاحف والمكتبات في بلادها. * تتولي الهيئة الآن ترميم كتب المجمع العلمي المصري وكما قيل فقد أتي الحريق علي النسخة الوحيدة من كتاب وصف مصر.. هل هذا صحيح؟ ** حتي الآن أحصينا 19 نسخة كاملة من كتاب وصف مصر في مؤسسات وزارات مختلفة داخل مصر كما حصلنا مؤخرا علي نسخة رقمية كاملة من المكتبة الوطنية الفرنسية فضلا عن نسختين من الكتاب في المكتبة الوطنية المصرية وتعد الآن د.سلوي ميلاد كتابا تتحدث فيه عن هذا الكتاب. * في رأيك ما أسباب عرقلة حركة تحقيق المخطوطات؟ ** أشير إلي سببين: الأول هذه الفوضي. نحن نعيش عصر الفوضي الكاملة كأنما القوانين سنت لتحرق. الآن يجري اقامة قاعدة بيانات كاملة للمخطوطات ومن ثم ربطها بالمخطوطات التي تم تحقيقها بحيث لا تتكرر عمليات تحقيق سبق ان تمت من قبل. أما السبب الثاني فهو ان الموارد البشرية في مجال تحقيق المخطوطات من الباحثين والمحققين اصبحوا موارد نادرة في مصر. الاستراتيجية التي وضعتها الهيئة أخذت علي عاتقها انشاء معهد لتحقيق التراث داخل المكتبة الوطنية المصرية يقوم بتخريج مجموعة كبيرة في تحقيق التراث بالتعاون مع الكفاءات المصرية. * إذا تحدثنا عن القاريء الأجنبي فاللافت ان المواطن المصري لا يعرف شيئا عن دار الكتب؟ ** معك حق. لذلك سوف نصدر مجلة توزع مجانا في كل الأماكن الثقافية للتعريف باصدارات المكتبة الوطنية في مصر. ربما بالتعاون مع هيئات أخري. * هل للدار دور في مجال المسابقات؟ ** ثمة مسابقة نظمتها في العام الماضي بعنوان "اقرأ واكتب علشانك وعلشان بلدك" شارك فيها حوالي 2000 متسابق وسنعيد اطلاق المسابقة هذا العام وثمة مركز بحوث وادب الاطفال الذي ينظم مسابقات في أدب الاطفال الكبار ويختار أفضل البحوث والدراسات لنشرها. بقي أن نشير إلي أن د.زين عبدالهادي - فضلا عن رئاسته لدار الكتب - يرأس قسم المكتبات والمعلومات بآداب حلوان وقد ألف أربعة عشر كتابا في مجال المكتبات والمعلومات بالاضافة إلي ست روايات وكتاب بعنوان "نقد العقل المصري المعاصر".