صرح الدكتور زين عبدالهادي الرئيس الجديد لدار الكتب المصرية أن صناعة الثقافة في مصر عاجزة، رغم أننا نمتلك حوالي 50% من التراث العالمي ، وقال في حديث ل"محيط" أن قانون الوثائق الجديد سيجبر أي مؤسسة سيادية أو حكومية أن تضع وثائقها داخل دار الوثائق التي تضم 25 مليون وثيقة، وأن الإهداءات العالمية ستعيد معظم تراث المجمع العلمي المحترق ، كما أكد أن المصريين تعرضوا لعملية تدمير لخيالهم لمدة 60 عاما .. إلى نص الحوار محيط : بعد حريق "المجمع العلمي" أصبح هناك قلق حول دار الكتب والوثائق وغيرها ، كيف نؤمن هذه الجهات؟ - مسئوليتنا عن تأمين المؤسسات الثقافية أخلاقية ، ومن ذلك دار الكتب والوثائق ، ومن الممكن أن نرسل بأمناء المكتبة المتخصصين للجمعيات الهامة كالجمعية الجغرافية والتاريخية لحفظ وترميم وصيانة الوثائق فيها. كما أننا سوف نطلق قريبا بالتعاون مع مكتبة الإسكندرية ومركز معلومات مجلس الوزراء وأكاديمية البحث العلمي مشروعا لجمع وتصنيف الأعمال النادرة في مصر وإعداد قائمة بها وتصويرها رقميا، وكذلك سوف نعرض على مجلس الشعب في دورته المقبلة قانون الوثائق، مع تفعيل اللائحة التنفيذية لقانون المخطوطات الذي صدر عام 2009، ولائحته التنفيذية التي صدرت في شهر مارس الماضي عام 2011، لعدم تكرار العبث بتراثنا مرة أخرى. محيط : بعد سفرك للندن ، ما أوجه الإختلاف بين المكتبة الوطنية في البلدين ؟ - لدي فكرة قديمة أن صناعة الثقافة في مصر عاجزة ، رغم أننا نمتلك حوالي 50% من التراث العالمي، وللأسف لم تقدم مصر لصناعة الثقافة العالمية شيئا يذكر. لكننا حاليا نسعى لتفعيل الصناعات الصغيرة لإظهار التراث الثقافي بشكل محترم ، ومن الممكن أن يجذب ذلك ملايين السائحين ويشكل دخل قومي لمصر، إذا استطعنا ضخ الاستثمارات البشرية والمادية في هذا الإتجاه ، وخاصة لو علمنا أن بريطانيا تعد صناعتها الثقافية المصدر الثاني للدخل القومي . محيط : ما تعقيبك على شائعة إلغاء معرض القاهرة للكتاب القادم ؟ - إغلاق المعرض يضر بسمعة مصر الثقافية عالميا وكفانا ما جرى العام الماضي ، ويمكننا فقط تجنب يوم 25 يناير لأسباب أمنية، وأن ينطلق المعرض بعدها مباشرة ، وخصوصا أن الناشرين حول العالم أرسلوا بكتبهم بالفعل، وأنتجت هيئة الكتاب كما كبيرا من المطبوعات، وكافة الناشرين، وكذلك دار الكتب التي أنتجت مجموعة ضخمة من سلسلة الثورة والحرية وكتب التراث. محيط : ما هي جهود دار الكتب الحالية لإعادة تراث المجمع العلمي ؟ - مازالت تصل لنا من المجمع العلمي سيارتان يوميا لنقل الكتب، وقد وصل لنا نحو 40 ألف مجلد من الوثائق والكتب المحترقة وأكثر من 70% منها في حالة سيئة، ونتطلع لاستبدالها بكتب أخرى من المهداة لنا من قبل المكتبات الوطنية في العالم ومصر ، ومنها المكتبة القومية الفرنسية، وجمعية "فرناند دليسبس"، وقناة السويس، وكذلك الشيخ سلطان القاسمي حاكم الشارقة الذي أهدى المجمع 17 ألف كتاب من مكتبته الخاصة في باريس، كما عرضت مكتبة "الكونجرس" الأمريكية توفير بعض الأفلام الميكروفيلمية عن دوريات المجمع . ولدى دار الكتب نسخة كاملة من مجلات المجمع . وقد يستغرق الترميم سنوات طويلة، وسوف يتخذ قرار بما يجب ترميمه في غضون شهر ونصف. محيط : كيف يمكنك تطوير أداء دار الكتب والوثائق ؟ - لم أغير كثيرا في السياسات الموجودة، لكنني مع فكرة استغلال الموارد البشرية الضخمة الموجودة في الدار؛ حيث نمتلك 2300 موظف، سيتم إعادة تدريبهم على الخدمة الثقافية ورفع دخولهم تشجيعا على تجويد العمل. وهناك مبادرة عالمية لإنقاذ المكتبة الوطنية وتغيير الصورة الذهنية عنها ، سواء على مستوى الخدمات المقدمة أو التطور التكنولوجي وخدمات الإنترنت ، وعمارة المبنى بشكل يعكس حضارات مصر الفرعونية والقبطية والإسلامية ، ويحتمل أن يتكلف ذلك نحو مليار جنيه . محيط : ما دوركم بشأن قانون الإفراج عن الوثائق بعد 50 عاما في مصر ؟ - قانون الوثائق الجديد سيحتم على أي مؤسسة سيادية أو حكومية أن تضع وثائقها داخل دار الوثائق التي تضم 25 مليون وثيقة، منهم 11 مليون وثيقة بعناوينها موجودة على شبكة الإنترنت وتم رقمنتها بالكامل ويمكن طبعها لأي أحد. وبالتالي مسألة تفعيل قانون الوثائق متعلق بانعقاد مجلس الشعب في دورته الأولى بعد الانتخابات. محيط : وماذا عن مشروع توثيق ثورة يناير الذي يشرف عليه الدكتور خالد فهمي ؟ - مازالت عمليات التوثيق جارية، وعقدنا الأسبوع الماضي مؤتمرا لأرشيف الثورة؛ حيث يتم جمعه من كل الصحف، الكتابات، الكتب والوثائق، النصوص، والشهادات الشفاهية والنصية المتعلقة بالثورة، حتى الأغاني والنكات ولافتات الميدان، ولازلنا نعمل على جمع شهادات من أسر ضحايا الثورة مثل خالد سعيد وسيد بلال ، وكذلك مراحل التفكير في الثورة على الإنترنت ، والمشروع ضخم وقد يستغرق عدة سنوات لإنهائه. محيط : وماذا عن تهديد دار الكتب بعين الصيرة من قبل مأجورين ؟ - الدار عليها حراسة أمنية مشددة وأظن أن ذلك كفيل بصد أي محاولة اعتداء عليها . محيط : وماذا عن تصريح د. صابر عرب بأن وثائق وزارة المالية معرضة للتلف ؟ - أتخيل أنه لابد من فصل دار الوثائق عن دار الكتب، وإذا تم ذلك ستضم دار المحفوظات لدار الوثائق لتقوم بعملها كاملا. محيط : ما تقييمك لوزارتي الثقافة في عصر فاروق حسني وأبوغازي ؟ - فاروق حسني كان يريد إقامة مؤسسات ثقافية، كما كان معني بمسألة المهرجانات الثقافية إلى حد كبير ، لكن لم تتم بعهده صناعة الثقافة. أما د. عماد أبو غازي فالفترة القصيرة التي قضاها في الوزارة لا تمكنني من تقييم عمله ، لكنني أؤكد أنه كان يعمل 24 ساعة في اليوم حتى يعيد للثقافة المصرية وجهها الحقيقي أثناء الثورة. محيط : ما رؤيتك لإخراج مصر من عنق الزجاجة بعد الثورة ؟ - نحتاج المزيد من الهدوء، التحالفات السياسية بين العديد من الأحزاب، ومزيد من المراجعة لكل الأحزاب الخاصة بالإسلام السياسي. كما نحتاج أن نفكر جميعا كيف تعود مصر ثقافيا وحضاريا وسياسيا بشكها الجديد إلى دائرة الضوء العالمي. فإذا كنا نفخر بحضارتنا التي تعود إلى 10 آلاف عام سابقة فلابد أن نفخر بالتاريخ الذي نقوم بكتابته الآن. واعتقد أن الشارع يحتاج مزيد من الأمن وانطلاق روح الخيال حتى يمكن إعادة بناء مصر، لأننا نعاني من محاولات تدمير كل أشكال الفكر والخيال الموجودة عند المصريين خلال ستين عاما ماضية، وكأن المصريين يخرجون من السجون ويفتحون الأبواب والنوافذ في هذه اللحظة. ونصيحتي للثوار هي "استمروا على مبادئكم، مطالبكم، وعلى نصاعة وجه الثورة التي قمنا بها جميعا في 25 يناير