تزامن تعيينه رئيساً لمجلس ادارة دار الكتب والوثائق القومية عقب كارثة علمية وثقافية ألمت باحدي قلاع الثقافة المصرية، وهي الحريق الذي أتي علي ما في المجمع العلمي المصري من كنوز يصعب تعويضها، ولم تستمر ساعات علي تعيين الدكتور زين عبدالهادي الا وقد بدأ في تجهيز قاعدة البيانات الخاصة بمحتويات المجمع، وبالفعل تم طباعتها في مجلد يقع في 600 صفحة. ولأن د. زين لم يكن بعيدا عن الهيئة القومية لدار الكتب والوثائق، حيث كان رئيسا للادارة المركزية لدار الكتب في عهد الدكتور محمد صابر عرب، الذي خرج لبلوغه سن المعاش، فقد بدأ د. زين في إحداث تغيير شامل في ادارة الدار فور تنفيذ قرار تعيينه، وكانت مبادرته حسب قوله: اعادة تصميم وبناء المكتبة الوطنية المصرية (دار الكتب) بتغيير اسمها، لأنه ترجمة لمصطلح الكتب خانة وتحويلها إلي المكتبة الوطنية المصرية التي تمثل عقل مصر وقلبها منذ عام 1870 وهو تاريخ انشائها حتي الان ، حيث ان المكتبة تحتوي علي أربعة ملايين كتاب، و 25 مليون وثيقة ، فضلا عن ملايين الخرائط، 60 مليون مخطوط، وعشرات الآلاف من التسجيلات الصوتية التي تعود إلي القرن ال 19، وعشرات من ألبومات الصور التي تم رسمها بالحبر الشيني للأسرة المالكة منذ عام 1805 حتي نهاية المكلية 1952، كما تضم مخطوطات للشوارع والأبنية المصرية في القرنين 18 و 19، وبهذه الكنوز أريد تحويل المبني ليمثل القيمة الحقيقية لمصر 25 يناير. وأوضح د. زين الوضع الحالي لدار الكتب والوثائق القومية، يستلزم احداث ثورة داخلية، نظرا لان المبني في حالة يرثي لها خاصة فيما يتعلق بالقاعات، وضرورة الحفاظ علي المخزون، علي الرغم من الجهود الضخمة التي قام بها الدكتور صابر عرب، الذي نجح في اعداد مبني جديد لدار الوثائق ، فضلا عن قيامه ببناء المتحف التاريخي في مبني المكتبة بباب الخلق. وأشار د. زين إلي أن الانفاق علي الثقافة في مصر محدود للغاية، نظرا للظروف التي تمر بها البلاد ، واستدل علي ذلك بما ذكره الدكتور عماد أبوغازي، وزير الثقافة السابق. بقوله ان الانفاق علي المواطن المصري فيما يتعلق بالثقافة يبلغ الآن 35 قرشا في السنة، وهذا التصريح قد اخترق آذاننا جميعا، وبالتالي يجب العمل بالمكتبات علي رفع هذه القيمة ومضاعفتها علي جميع المستويات. وعن دور وزارة الثقافة في تحقيق ما نتمناه يقول د. زين: الوزير د. شاكر عبدالحميد، منفتح تماما، وداعم لنا، وخلال الأيام الماضية، نجتمع معه بشكل يومي لساعات طويلة، لتنفيذ ما قدمت له من مشاريع خاصة ما ذكرته باعادة بناء المكتبة ورقمنة، كل الأعمال النادرة بها، وتحويلها للشكل الرقمي بالتعاون مع كثير من المؤسسات المصرية التي رحبت بذلك مثل مكتبة الاسكندرية ووزارة الاتصالات ، ومركز المعلومات ودعم اتخاد القرار بمجلس الوزراء، ومؤسسة الأهرام، يواكب ذلك قيام المكتبة الوطنية بقيادة حركة التعاون مع اقسام المكتبات داخل الدولة علي المستويين العلمي من التعاون مع أقسام المكتبات والمعلومات والتاريخ والحآسبات والمعلومات في الجامعات المصرية، وعلي المستوي الثقافي تعاون المكتبة الوطنية مع كل المكتبات الموجودة علي الأرض المصرية، وعددها 30 ألف مكتبة مدرسية، 18 مكتبة مركزية تابعة للجامعات، 360 مكتبة كلية، ، 5 آلاف مكتبة مركزية تابعة للجمعيات، الأهلية، عدا مكتبات الوزارات والهيئات الحكومية في مصر، فضلا عن مكتبات شركات قطاع الاعمال العام والخاص. ولفت د. زين إلي أنه منذ ساعات تم الاتفاق علي اعادة تحديث دليل المكتبات المصرية الصادر عن مركز معلومات مجلس الوزراء عام 2000، وذلك بالتعاون بين كل من المكتبة الوطنية المصرية (دار الكتب) ومكتبة الاسكندرية، وأكاديمية البحث العلمي، ومركز معلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، مؤكدا أن أسوأ ما حدث خلال السنوات الماضية، هو ان أصبحت مكتبة الاسكندرية هي الأكثر شهرة والاكثر حظا في الاهتمام بين المكتبات المصرية. وتساءل د. زين لماذا يتم وضع 200 مليون جنيه ميزانية لمكتبة الاسكندرية، والمكتبة الوطنية المصرية (دار الكتب) وهي الام يتم تخصيص ميزانيتها ب 60 مليون جنيه ؟! وعن أزمة قانون الوثائق يقول: أصدر د. عماد ابو غازي وزير الثقافة (السابق) في مارس 2011 اللائحة التنفيذية لقانون المخطوطات رقم 8 لعام 2009، وحاليا يتم تفعيل هذا القانون وذلك بارسال خطابات، إلي كل المؤسسات لارسال مالديها من مخطوطات، ومع ذلك لم يطبق القانون حتي الآن وفضلا عن ذلك خرجت ثماني مجموعات مخطوطة من أعمال نجيب محفوظ عن دار مزادات شهيرة، بلندن، من الملام؟ و إلي أين يمكن أن نوجه أصابع الاتهام؟ خاصة ان هذه المجموعة تمثل تطور المسيرة الأدبية لنجيب محفوظ منذ عام 1929 ، حتي عام 1994 أما مشروع قانون الوثائق الجديد، فتم تقديمه عام 2001، ثم أعيد طرحه عام 2003، ثم توقف، وفي عام 2006 تم تشكيل لجنة لاعادته وتم وضعه في أدراج مكتب رئيس الوزراء، وفي عام 2011 شكل د. عماد ابوغازي لجنة لاعادة كتابة صياغته مرة اخري طبقا لأحدث النظم المعمول بها في الارشيفات العالمية بما يتفق مع حرية وشفافية المعلومات، وليس امامي سوي تقديم هذا المشروع عبر وزارة الثقافة ليناقش ويعتمد خلال الدورة البرلمانية الجديدة. وعن كيفية مواجهة القانون للتهديدات والمتغيرات الحادثة الآن فيما يخص شأن الوثائق يقول: بوضع معايير خاصة بالحماية والحفظ والتأمين للوثائق والمخطوطات عن طريق ارسال صورة لكل المؤسسات من القانون وتفعيله مع وجود قاعدة بيانات لكل الاضافات التي تتم، فضلا عن وجود قاعدة بيانات بالمكتبة الوطنية لكل ما تحتوي عليه هذه المؤسسات من وثائق. بعد كارثة حريق المجمع، ماذا تم من خطوات؟ يقول د. زين: تأكدت من وجود قاعدة بيانات كاملة لكل ما يحتويه المجمع كتبها الفرنسيون عام 1928 وهي صحيحة تماما وسوف نعتمد عليها في عملنا، ويجري الآن المقارنة ما بين المجلدات السليمة وقاعدة البيانات الاصلية، ثم مقارنة ذلك بما طالته النيران، وما طالته مياه الاطفاء بعد تجفيفها، وقد يستغرق ذلك الكثير من تغلفة هذه الأعمال، وأؤكد اننا وجدنا 7 آلاف مجلد سليم منها أعمال تعود للقرن ال 19 تمثل مجموعة نادرة من اوائل المطبوعات سواء المتعلقة بكتب أو مجلات عملية، فضلا عن العديد من الكتب التي تتحدث عن مصر باللغة الفرنسية، كماعثرنا علي كتاب نادر خاص بالتقاليد والعادات المصرية في القرن آل 18 كتبه (جون آستن) . ولفت زين إلي أن ما أحزنني هو عدم العثور حتي الآن علي أطلس مصر وأثيوبيا، وهو يعود إلي القرن إلي 18، وما خفف من وطأة الحزن ان لدينا نسخة اخري منه أصلية، في مكان أمين وسوف نطبع منه العديد من النسخ، اما فيما يخص كتاب وصف مصر، فهو محترق تماما عدا مجلد وحيد من المجلدات ال 26 التي كانت بالمجمع وهي طبعة نادرة تسمي الطبعة الامبراطورية، وسوف يعاد ترميم واعادة ما طالته المياه والنار وبعد الانتهاء من ذلك سيتم عرضه في معرض خاص يتناول العشرة أيام الأولي من محاولة انقاذ المجمع حتي هذه اللحظة. وماذا عن الاتصالات الخارجية لانقاذ المجمع؟ - تم الاتصال بيني وبين مدير مكتبة الكونجرس في القاهرة د. وليام كوباكي، وعرض توفير أفلام ميكروفيليمية لما تم فقده، وبدوري لا أقدم له أي قوائم، قبل حصر التلفيات من الكتب والوثائق. وأضاف: عمليات الترميم قد تستغرق وقتا طويلا يقدر بعشر سنوات بتكلفة تتجاوز ملايين الدورلارات. وماذا بعد الترميم ؟ سيتم اعادة هذه المجموعات إلي المجمع مرة أخري، بعد التأكيد من توافر شروط الحماية والصيانة والمعايير العلمية العالمية للحفاظ عليها فأنا رافض لفكرة المركزية، ولا نمارس هنا أي نوع من السلطة علي هذه المؤسسات و وأخبرك بأن المكتبة الوطنية (دار الكتب) سوف تقوم بارسال ثلاثة من أخصائي المكتبات للعمل في المجمع علي نفقة المكتبة الوطنية، كما أنني اتخذت اجراءات احترازيا، بإرسال صورة من أختام المكتب وهي خمسة موجودة علي كل كتب المجمع إلي الانتربول الدولي وتجار الكتب النادرة ، والمكتبات الوطنية لمنع البيع أو الشراء فيها وتجريم كل من يقوم بذلك، كما سنقوم باصدار نسخة من وصف مصر يتم طباعها بالتعاون مع الهيئة المصرية العامة للكتاب وستطرح في معرض القاهرة الدولي للكتاب ليعرف كل مواطن أهمية بلدنا التي نعيش فيها علي المستوي الحضاري والانساني. الجدير بالذكر ان العديد من كبار المثقفين قد رأسوا دار الكتب المصرية منهم توفيق الحكيم.