محافظ كفر الشيخ يشارك في الاحتفال بمولد العارف بالله إبراهيم الدسوقي    مؤتمر إقليمى لتفعيل مبادرة تمكين بجامعة العريش    تحرك جديد في أسعار الذهب بمنتصف تعاملات الأربعاء 29 أكتوبر    رئيس الوزراء يستقبل نظيره الكويتي بمطار القاهرة الدولي    دون التنازل عن الأرض.. «زيلينسكي» يؤكد استعداد أوكرانيا لمحادثات سلام مع روسيا    وزيرة الخارجية الفلسطينية: الحراك الشعبي في إيطاليا لدعم فلسطين لم يأتِ من فراغ    سفير فرنسا بالقاهرة يمازح رضيعة من غزة داخل مستشفى العريش ويرسل لها قبلات    تعثر مفاوضات التجديد بين الزمالك ومحمد السيد    تموين القليوبية يضبط سلع مجهولة المصدر داخل محلات شهيرة ويحرر 55 مخالفة تموينية    من أي بلد جاية؟ مذيعة لبنانية تحرج هالة سرحان على الهواء (فيديو)    فاتن عمارة: انخفاض معدلات الأنيميا والسمنة والتقزم بين طلاب المدارس (فيديو)    نيسان قشقاي e-POWER تواصل ريادتها العالمية بحصدها جائزة "أفضل سيارة كهربائية" للعام الثاني على التوالي    منتخب مصر الثانى يضم النني وأكرم توفيق لمعسكر نوفمبر استعدادا لكأس العرب    ب«22 شاشة عرض».. الإسكندرية تعلن أماكن تركيب شاشات نقل احتفالية افتتاح المتحف المصري الكبير (صور)    سقوط نصاب الشهادات المزيفة في القاهرة بعد الإيقاع بعشرات الضحايا    رئيس الوزراء القطري: نحاول الضغط على حماس للإقرار بضرورة نزع سلاحها    الفيلم الفلسطيني بايسانوس ينافس في مسابقة الأفلام القصيرة بالقاهرة السينمائي    شاشات بميادين كفر الشيخ لنقل حفل افتتاح المتحف المصري الكبير    مصطفى حمدي يكشف أسرار وكواليس الأغنية المصرية مع صُناعها في بودكاست كاسيت    إطلاق مبادرة «حضارتنا في متحفنا» بأسيوط تزامنًا مع افتتاح المتحف المصري الكبير    الشيخ خالد الجندى: الغنى الحقيقى هو من يملك الرضا لا المال    الولايات المتحدة تبدأ تقليص قواتها في رومانيا    خلال ساعات.. موعد إلغاء التوقيت الصيفي 2025 في مصر وتأخير الساعة 60 دقيقة    آرسنال يخطط للتجديد مع ساكا ليصبح الأعلى أجرًا في تاريخ النادي    انطلاق الاختبارات التمهيدية للمرشحين من الخارج في المسابقة العالمية للقرآن الكريم    أحمد السيد: زيزو أفضل من تريزيجيه.. وجراديشار ليس على مستوى الأهلي    رئيس جامعة حلوان: الاستثمار في التكنولوجيا استثمار بالمستقبل    «الخطيب أخي وأوفينا بما وعدنا به».. خالد مرتجي يزف بشرى لجماهير الأهلي    تعديل موعد مباراة برشلونة وأتلتيكو في الدوري الإسباني    مصر تشارك في اجتماع مصايد الأسماك والاستزراع المائي بالاتحاد الإفريقي في أديس أبابا    هل يدخل فيلم فيها إيه يعنى بطولة ماجد الكدوانى نادى المائة مليون؟    محافظ الدقهلية يتابع من مركز سيطرة الشبكة الوطنية محاكاة التعامل مع مياه الأمطار وحركة المواقف ومستوى النظافة    انتشال جثة شاب لقى مصرعه غرقا في بحر شبين بالمحلة    محافظ شمال سيناء يستقبل عدداً من مواطني إزالات ميناء العريش    «نرعاك في مصر» خدم أكثر من 24 ألف مريض من 97 دولةً بإيرادات تجاوزت 405 ملايين دولار    بعد تداول فيديو.. القبض على متهم بسرقة هاتف فتاة في الإسماعيلية    المحكمة تقضي بعدم الاختصاص في قضية علياء قمرون    كليتى العلوم وتكنولوجيا التعليم ببنى سويف يحصلان على جائزة مصر للتميز الحكومى    حالة الطقس في الكويت.. أجواء حارة ورياح شمالية غربية    مصرع طفلة صدمتها سيارة أثناء عودتها من الحضانة فى البدرشين    10 مشروبات طبيعية لعلاج الأرق وصعوبة النوم    المشدد 15سنة لمتهم للاتجار بالمخدرات في السلام    هل فلوس الزوجة ملكها وحدها؟ دار الإفتاء تحسم الجدل حول الذمة المالية بين الزوجين    "أتوبيس الفن الجميل" يصطحب الأطفال في جولة تثقيفية داخل متحف جاير أندرسون    بينها «طبق الإخلاص» و«حلوى صانع السلام» مزينة بالذهب.. ماذا تناول ترامب في كوريا الجنوبية؟    دون إبداء أسباب.. السودان يطرد مسؤولين من برنامج الأغذية العالمي    كأس العالم للناشئين - مدرب إيطاليا: علينا التأقلم سريعا مع المناخ في قطر    سفيرة قبرص لدى مصر: المتحف الكبير.. الهرم العظيم الجديد لعصرنا الحديث    أسقفا الكنيسة الأنجليكانية يزوران قبرص لتعزيز التعاون الإنساني والحوار بين الكنائس    "ADI Finance" توقع اتفاقية تمويل إسلامي بين البنك الأهلي لدعم أنشطة التأجير والتمويل العقاري    كيف تُعلّمين طفلك التعبير عن مشاعره بالكلمات؟    تعرف على الوظائف المطلوبة بمديرية الشئون الصحية بالمنوفية    وزير الشئون النيابية: الرئيس السيسي أولى ملف مكافحة الفساد أولوية قصوى    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 29-10-2025 في محافظة الأقصر    الدكتور أحمد نعينع يكتفى بكلمتين للرد على أزمة الخطأين    حركة المحليات بالأسماء.. تفاصيل تعيين ونقل 164 قيادة محلية في 11 محافظة    الخارجية تشكر الرئيس السيسى على ضم شهدائها للمستفيدين من صندوق تكريم الشهداء    رعم الفوز على النصر.. مدرب اتحاد جدة: الحكم لم يوفق في إدارة اللقاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سرية صدقي:أمي علقت رسمتي في صالون بيتنا مع كبار الفنانين ليراها الضيوف
نشر في أخبار الأدب يوم 20 - 10 - 2018


د. سرية صدقي
مع الأسف الناس اعتادت القبح حتي إنها لم تعد تري القمامة، وعلي عكس كثير من دول العالم التي تهتم بتنمية الثقافة البصرية وتخصص لها مواد دراسية، نفتقر نحن إلي تلك الثقافة ولا نهتم بتنميتها .
للدكتورة سرية صدقي علاقة وثيقة بمدرس الرسم وبحكايات مادة التربية الفنية إذ إنها تولت عدة مناصب من بينها أستاذة مناهج وطرق تدريس التربية الفنية، بكلية التربية الفنية، كما تولت رئاسة لجنة بناء معايير وتطوير مواصفات الورقة الامتحانية في مادة التربية الفنية للمرحلة الأولي من الثانوية العامة بوزارة التربية والتعليم، 2002 حتي الآن، وهي من الشخصيات المؤمنة برسالتها وبدور الفن ومادة التربية الفنية في حياة طلبة المدارس. وكانت سرية صدقي قد حصلت من جمعية الدولية للتربية عن طريق الفن "INSEA" التي تمثل الجناح المعني بالتربية الفنية لهيئة اليونسكو الدولية جائزة السير "هيربرت ريد" وهي أعلي جائزة لأصحاب الإنجاز المهني والأكاديمي والتطبيقي المتميز قوميا وعالميا في مجال التربية الفنية.
تستهل د.سرية حكاياتها قائلة: كانت البداية في الرابعة أو الخامسة حين رسمت شجرة بالقص واللصق وكان ساق الشجرة بنفسجيا والفروع زرقاء وأورقاها بمبي، وتصادف وجود ضيوف عندنا في البيت وحين رأي أحدهم الرسمة سألني مستنكرا: هو في شجرة بنفسجي وورقها بمبي؟؟ عمرك شفتي شجرة كدا؟؟ فأجبته: أنت تقصد الشجر بتاع ربنا إنما هذه شجرتي أنا؟؟، وقتها قام والدي ووالدتي ببروزة الصورة وتعليقها في الصالون مع لوحات كبار الفنانين التي كان أبي يقتنيها.. وشعرت بالفخر أن تكون لوحتي ضمن تلك اللوحات الجميلة، وكانت والدتي حريصة علي أن تشيد بها أمام الضيوف. كنت آنذاك خجولة وقليلة الكلام، وكأن الرسم أصبح وسيلة تواصل مهمة مع المجتمع.
تضيف د.سرية: كانت والدتي عائدة للتو من إنجلترا فقد كانت من أوائل السيدات اللاتي سافرن في بعثة للحصول علي درجة الدكتوراه في التربية الفنية من إنجلترا ذلك في أواخر الثلاثينات.. وقتها كان هناك عدة أنظمة مدرسية هناك الكليات الأمريكية (الأمريكان كوليدج) والنظام البريطاني وغيرها.. وقد ذهبت إلي الكلية الأمريكية لإجادة والدي للإنجليزية، هناك يدرسون الفن بطريقة تقليدية سيئة قائمة عن الأمشق ( المقصود بالمشق رسوم خطية ذات بعدين جاهزه يقوم المعلم برسمها علي السبورة ويطلب من التلاميذ نقلها كما هي) - فذهبت والدتي إلي المدرسة وأخبرتهم أنهم يدرسون الفن بطرق يشوبها بعض العيوب فأصابهم ذلك بالغضب، فكيف لسيدة مصرية أن تقوم بالتعديل عليهم، وهنا أخذتني والدتي من المدرسة وظلت تبحث عن مدرسة لا تقوم بتدريس رسم مطلقا وبالفعل ألحقتني بمدرسة راهبات.. في ذلك الوقت كانت مدارس الراهبات تدرس الموسيقي والبالية وأشغال الإبرة لكن لم يكن هناك رسم.. وكانت هي من تعلمني الرسم في البيت.
وفي البيت لم تكن أمي توجهني كيف أرسم، لكن كانت تحترم رسمي وتتحدث عنه بفخر، وفي هذه السن الصغيرة كان عندي وسائل التعبير من ألوان وأوراق وغيرها وهو المهم، أما المنتج فكانت أمي تبتعد عن أن أقوم بتقليد رسومات، بل كان لابد أن يكون الرسم من إبداعي وكانت سمات الفترة حرية التعبير فيما درسته في الخارج.
في ثانوي انتقلت لمدرسة حكومية وهي مدرسة الجيزة الثانوية وكانت مبنية حديثا في الخمسينات، في تلك الفترة كان نظام التعليم في المدارس الحكومية هو الأقوي، فالخائبون والمدللون فقط كانوا يلتحقون بالمدارس الخاصة ولذا لم أحب فكرة الالتحاق بمدرسة خاصة، وفي تلك المدرسة الحكومية درست التربية الفنية كما يكون.
وتستطرد د. سرية: كانت أبلة وجيدة هي مدرستي في فترة الثانوي، كانت شخصيتها قوية ومحبوبة وكلمتها مسموعة، فقد كان لمدرس التربية الفنية هيبة، وكانت مدرسة التربية الفنية مسئولة عن تجميل المدرسة وكان لها مكانة، ولم تكن التربية الفنية تقتصر علي تعلم الرسم فقط بل كانت تمتد لتعلم حرفة، فقد كان عندنا غرفة رسم كبيرة جدا، إضافة إلي غرفة الخزف التي كانت مجهزة بالفرن والجليزات، كنا نتعلم كل تفاصيل الحرفة، أما المنتج فكان يتم بيعه في معرض يحضره أولياء الأمور. وكان هذا يغرس احترام ثقافة العمل والمنتج. وكان احترام الحرفة ينعكس بعد ذلك في كافة أوجه الحياة، وليست التربية الفنية وحدها التي كان لها مكان كبير بل أيضا الاقتصاد المنزلي والتربية الموسيقية، أذكر أننا كنا نقوم بتمثيل مسرحية جديدة كل عام.
وعن ذلك التحول الذي شهدته مادة التربية الفنية تقول د.سرية: الآن غابت حجرة التربية الفنية وأصبحت حصص الرسم متاحة للجميع من يريدها يأخذها، أما الرسومات بعد أن ينتهي منها الطالب تلقي أمامه فلا يدرك لها قيمة، لقد فقد الرسم مكانته منذ أن تم سحب ميزانيته وميزانية كل الأنشطة.. كان التعليم والبحث العلمي أعلي ميزانية في الدولة.. أضف لذلك أنه بسحب درجات الرسم، وهو ما رسخ عدم أهمية تلك المادة للطلاب وأولياء الأمور.. فقد كانت تلك الدرجات مهمة للأهل وكثير منهم لا يدرك أهمية الفن.
لكن المشكلة لم تتوقف عند حدود المدارس، فإن ذلك التدهور الذي حدث في مادة التربية الفنية انعكس أثره في المجتمع ككل، حيث تقول د.سرية: الثقافة البصرية مهمة جدا، مع الأسف الناس اعتادت القبح حتي إنها لم تعد تري القمامة، وعلي عكس كثير من دول العالم التي تهتم بتنمية الثقافة البصرية وتخصص لها مواد دراسية، نفتقر نحن إلي تلك الثقافة ولا نهتم بتنميتها . وفي الوقت الذي يتم التركيز علي تعليم الفن كحق أصيل للإنسان وتنص الأمم المتحدة علي أن تعلم الفن حق الإنسان، نجد أنه ليس لدينا مناهج متخصصة ومعلم متمكن.. وتضيف د.سرية: أنا لا ألوم المعلم في الحقيقة فهو يعاني من الفصول المكدسة والمرتب الهزيل وليست هناك إمكانيات أو غرفة مخصصة للرسم فماذا بإمكانه أن يفعل ؟؟ ولذا فإن الجميع يهربون من هذه المهنة، فالمبدعون ومن يجدون مهنة أخري لا يستمروا في مهنة التدريس.
وعن تجربتها الشخصية تقول د.سرية: لقد حاولت أن أتبع مبادئ التربية الفنية السليمة مع بناتي دينا وهالة فمنذ طفولتهما كنت أحرص علي أن أحضر لهما كراسات رسم كبيرة تصل لمتر في سبعين تشبه الجدار حتي يطلقوا العنان لطاقتهم الفنية.. كذلك كنا نحرص أنا ووالدهم الفنان مصطفي الرزاز علي لفت نظرهم لمواطن الجمال في كل شيء حولنا.. لدرجات الألوان في السماء.. لانعكاس أشعة الشمس ودرجاتها اللونية.. كنا نصطحبهم للمتاحف، فمثلا حين كنا في أمريكا أثناء دراستي للدكتوراه كنا نصطحبهم للمتاحف هناك ونمضي ساعات نلتقط الصور ونتحدث عن القطع الفنية أمامهم، في البداية كانوا يشعرون بالملل، لكن بعد بعض الوقت كانوا هم من يهتمون بالسؤال.. أتذكر موقف حدث مع ابنتي دينا وكانت في طفولتها ترسم شخصيات غريبة، وكان هناك باحثة تعد بحث عن الطفل المبدع الذي يتسم بعدم تكرار رسوماته وعرضت عينات كثيرة في بحثها، وحين رأيتها أخبرتها أن ابنتي بإمكانها وحدها أن ترسم كل هذه التنويعات في رسوماتها بما يصنع بحثا كاملا، وحين رأت رسوماتها انبهرت وطلبت أن تراها، وهناك أحضرت لها ورقا وقالت لها ارسمي، وأصدرت لها شهادة أنها فنانة وأخبرتها أنها ستكون فنانة متميزة.. هذه المواقف تؤثر تأثيرا بالغا في سيكولوجية الطفل.. فلابد من دعمه وتشجيعه وإشعاره بقيمة ما يفعل.. وأري أن طفولتهما انعكست في مسار حياتهما حيث اتجهت البنتان لدراسة الفن فهالة بكالوريوس كلية التربية النوعية وهي عضو مؤسس في جمعية الخزف المصري 2000، أما دينا فدرست بكلية الفنون الجميلة قسم جرافيك.
تضيف د. سرية: بلا شك أن للبيت دورا مهما، لكن دور المدرسة لا يقل أهمية، وإذا كان التشكيل في ازدهار إلا أن التربية الفنية في تدهور، لأنه لابد من وجود إمكانيات، وكذلك يجب الاهتمام بوضع مناهج للتربية الفنية، تحقق أهداف الفن الثلاثة المتمثلة في: أولا كونه لغة تواصل مهمة، ثانيا: تنمية ثقافة العمل ودعم متعة العمل والإتقان والتعامل مع كل حرفة علي أنها فن، بما ينعكس علي الصناعات الإبداعية وهي ما يطلق عليه ريادة الأعمال الإبداعية حاليا.. ثالثا: دعم القيم والمفاهيم فليس هناك فنان سيرسم لوحة ويحمل سكينة، وهي ثلاثة أهداف مهمة جدا في الحياة. ولابد من التأكيد علي أن يكون واضعو مناهج التربية الفنية من المتخصصين لأن المنهج يقوم علي عدة أسس منها ممارسة الأنشطة والتذوق الفني وعلم الجمال وتاريخ الفن، ولذا فإن صياغة أهداف التربية الفنية لابد أن تأتي من شخص عنده ثقافة تلك المجالات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.