تأثر خلال سنوات دراسته فى باريس بالمنهج التجريبى ما كان له أكبر الأثر فى رؤيته الفكرية والمعمارية - تأثر بالنحات محمود مختار وحلم أن يصبح نحاتاً.. لكن والده أقنعة والده بدراسة العمارة
- حصل على دبلوم العمارة من فرنسا عام 1935 .. وعاد لمصر عام 1938 وبدأ عمله الأكاديمى أستاذا للفنون وتاريخ العمارة بجامعة فؤاد
العمارة حاضنة كل الفنون.. ولم يكن المهندس المصرى رمسيس ويصا واصف، مجرد مهندس معمارى مولع بالفنون، مؤمنًا بأن تنمية المجتمع تبدأ من أكثر المناطق فقرًا، كما كان يؤمن إيمانا لا حدود له بالمواطن المصرى البسيط، والفلاحين فى القرى المصرية، وأن تاريخ هذا المواطن وما هو خلفه من حضارة، شىء كامنة بداخله، يبحث عمن يفجر هذه الملكات والطاقات الجبارة حتى يدهش العالم. وعندما آمن رمسيس ويصا بتلك القدرات الكامنة والتحم مع أبناء وطنه وتمسك بالثقافة المميزة لبلده تحققت صلته بالعالم الخارجى. ولد رمسيس ويصا واصف فى 11 نوفمبر سنة 1911، والده هو "ويصا واصف ميخائيل" محامياً وسياسياً وعضواً بارزاً فى حزب الوفد وكان له مواقفه الداعمة للحركة الفنية وخصوصاً مواقفه مع المثال "محمود مختار" وجيله من رواد الفن الذى كان موضع إعجاب كبير لدى رمسيس الصغير الذى أظهر بوادر غير عادية لموهبته الفنية، خصوصاً النحت، وكان حلمه أن يصبح نحاتاً، ولكن والده أقنعه أن يدرس العمارة بدلاً من النحت.. وأصبح معروفاً بين عائلته باسم الفنان.. وكان له أربع أخوات هما إيزيس وسيريس وأوزوريس وأرويس فجميع أسمائهم فرعونية.. كما شغل الأب ويصا واصف منصب وكيل مجلس النواب فى حياة سعد زغلول، وشغل رئيساً لمجلس النواب فى عهد مصطفى النحاس.. ومن أهم مواقفه الوطنية يونيو سنة 1930 ما حدث أثناء الخلاف الدستورى بين الملك فؤاد ومصطفى النحاس باشا، حيث أقال الملك حكومة النحاس الوفدية، وأصدر قرارا بتعطيل البرلمان وتأجيل انعقاده، وأمر بإغلاق البرلمان بالسلاسل وإطلاق النار على المتظاهرين، وجاء النحاس ومعه النواب وأخترق الحصار حول البرلمان وتقدم ويصا واصف الصفوف بصفته رئيساً للبرلمان وأمر بتحطيم السلاسل وفتح الأبواب وعقد جلسة البرلمان كالمعتاد، وعليه أصدر إسماعيل صدقى رئيس الوزراء مرسوماً بحل المجلس ليجرى انتخابات لا يكون للوفد فيها أغلبية، ويعود ويصا واصف للمحاماة، ليقف أمام المحاكم المختلطة يدافع عن المظلومين والثوار المسلوب حقهم.. وفى 27 مايو سنة 1931 ودع الشعب جثمان ويصا واصف وترددت شائعات فى ذلك الوقت أن الملك فؤاد كان وراء موته مسموما لمواقفه الوطنية ضده وضد الإنجليز. النشأة والتكوين ومن هذه النشأة تكونت شخصية الإنسان والمهندس المعمارى والفنان رمسيس ويصا. ويقول المهندس إكرام نصحى زوج ابنته الفنانة سوزان: حصل رمسيس ويصا واصف على البكالوريا من مدرسة الليسية الفرنسية بالقاهرة.. وكان حلمه أن يصبح نحاتاً، فقد كان متأثراً بالنحات الكبير محمود مختار لاهتمام ورعاية والدة بهذا الفنان الكبير فى منزله، فالأب ويصا واصف كان رئيس شرف "جماعة الخيال" الفنية، ورئيس جمعية الفنون الجميلة، وكان له صالونه الثقافى الذى من أهم رواده محمود مختار.. وأصبح موضع إعجاب كبير لدى رمسيس الصغير الذى أظهر بوادر غير عادية لموهبته الفنية، خصوصا النحت، وكان حلمه أن يصبح نحاتاً، ولكن والده أقنعه أن يدرس العمارة بدلاً من النحت .. وكان مشهوراً بين عائلته باسم الفنان. ومع بداية الثلاثينيات أقنعه الوالد أن يدرس العمارة بدلاً من النحت الذى كان شغوفاً به وبالفعل أرسله إلى فرنسا والتحق بمدرسة الفنون الجميلة "البوذار" بباريس سنة 1930، وأثناء دراسته بفرنسا مات الأب فى 27 مايو سنة 1931 مسموماً وكان يعتقد بأنها مكيدة من الملك فؤاد على إثر خصومة قضائية وسياسية كانت بينهما حسبما كان شائعاً فى حينها، مما منع رمسيس من النزول إلى مصر طول فترة دراسته، فاستغل الفرصة ودرس النحت مع العمارة، وتأثر خلال سنوات دراسته فى باريس بالمنهج التجريبى فى الفن، وهو ما كان له أكبر الأثر فى البناء الفكرى للفنان والمعمارى داخله.. لكن كانت الانتكاسة أيضاً بعد وفاة الفنان محمود مختار سنة 1934. الخزف.. مشروع التخرج حصل رمسيس ويصا واصف على دبلوم العمارة سنة 1935 من البوذار، ثم عاد لمصر ليبدأ حياته العملية والمهنية والإبداعية، وبدأ عمله الأكاديمى كأستاذ للفنون وتاريخ العمارة سنة 1938 فى مدرسة الفنون الجميلة بجامعة فؤاد فى القاهرة .. وكان مشروع تخرجه مساكن للخزف فى مصر القديمة، وقد نال عنه درجة الامتياز. بعد التخرج قام بزيارة إلى النوبة وجنوب الوادى فى أوائل الأربعينيات وكان لها أثر كبير فى تشكيل الرؤية الفلسفية والبناء الفكرى بشخصيته المعمارية.. وخلال تلك التجربة الأولى تطوع رمسيس ويصا واصف بروح الفنان والإنسان لتدريس مادة التربية الفنية للأطفال فى مدرسة مصر القديمة، والتى أعطت له الفرصة لممارسة العمل مع هؤلاء الأطفال.. فلم يلجأ إلى الأوراق والألوان بل أحضر لهم عدداً من الأنوال البسيطة وكمية من الصوف صبغها أصباغا نباتية.. وقام بعمل بعض القطع من النسيج ليتعلم منها الأطفال واعتمد رمسيس فى ذلك على تنمية الحس الإبداعى عند الأطفال جنباً لتنمية الحس الحرفى وجعل الأطفال يقومون بتكبير بعض التصميمات الخاصة بالنسيج الموروث القبطى وتفجير الطاقة الكامنة عند الطفل نفسه، واستمر معه بعد ذلك فى هذه التجربة ثلاثة أطفال فقط هم: فايق نقولا، ومريم هرمينا، وفتنة فكرى، وفكر بعد ذلك بمكان يستطيع أن يحقق فيه فكرته كتجربة كاملة، وبالفعل استغل منزل أسرته بالجيزة وبناء حجرة فوق سطح المنزل، ووضع بها عددا من الأنوال ليأتوا له للعمل معه ولكن بعد ذلك كبر هؤلاء الأطفال وأصبحوا شبابا وشابات ومن هنا فكر فى ميلاد تجربة الحرانية التى أراد من خلالها مكانا لاستقرارهم وكانت البداية سنة 1952. وظل هذا المكان حتى الآن يرعى هؤلاء النساجين وكانت هناك نساء كثيرات تسافر للخارج لحضور المعارض الفنية والحصول على الجوائز ورؤية الرؤساء، بداية من الرئيس عبد الناصر وأنور السادات إلى كيسنجر وجون بول ساتر. تجربة فن النسيج استطاع رمسيس ويصا واصف أن يغير رؤية أهل القرية، للمرأة الفلاحة واحترام زوجها لها ورعاية أبنائها بشكل سليم، وعمل على تطوير أفكارهن والحصول على أموال كافية يستطيعون من خلالها بدء حياة مستقرة فتجربة فن النسيج والعمل على السجاد، على الرغم من بطء ربح إنتاجيته وطول فترة العمل به، فإنه استطاع أن يمنحهم الأمان والعمل فى بيئة تنموية وإقامة منظومة مجتمعية قوية. وعن علاقته بالفنان والإنسان رمسيس ويصا يقول المهندس إكرام نصحى: والدتى كانت صديقة لزوجته الفنانة صوفى حبيب جورجى، حيث كانتا تعملان فى مدرسة الأميرة فوقية وكانت تقوم بتدريس مادة الرسم، وفى هذه الفترة كان لدينا أقارب بأمريكا طالبوا من والدى بعض قطع السجاد ليقوموا بإهدائها لأقاربهم، فطلبت والدتى من الفنانة صوفى شراء بعض قطع النسيج من الفنان رمسيس ويصا واصف، ومن هناء بدأت علاقة صداقة قوية بينهم وظل والدى صديقا له على مدار العمر، حيث فى نهاية عطلة كل أسبوع نذهب معه لرحلة إلى تل بسطا، ونذهب معهم لقرية الحرانية، وكان فى المكان ملعب كبير نلعب فيه، وبعد ذلك طلب والدى منه أن يشترى منزلا بجواره، ثم تحولت العلاقة إلى علاقة أسرية وتقدمت لخطبة ابنته سوزان وتوفى قبل إتمام الزواج . تجربة الحرانية عندما جاء رمسيس ويصا واصف إلى مصر فى سنة 1952، كان رئيساً لقسم العمارة فى كلية الفنون الجميلة بالقاهرة وذهب إلى الحرانية، ولم يكن يوجد فى القرية أو القرى القريبة أية مدارس، بل كان يوجد بها كتاب لتعليم وتحفيظ القرآن الكريم والقراءة فقط، حيث كانت الحرانية قرية صغيرة ليست بعيدة عن القاهرة، لا تتميز عن أى قرية أخرى من ريف مصر، أعجب بها وبوجود أشجار الكافور التى كانت تحيطها، وبالفعل قام باحتضان مجموعة من أطفال القرية من صغار الفلاحين ليبدأ معهم تجربته مع النسيج وبناء الورش، واهتم بعمل صباغات وزراعة صباغات النسيج فى قرية الحرانية وجلب بذور الكثير منها من فرنسا وسويسرا وزراعة الفوه التى تعطى اللون البرتقالى والأصفر اسمها ريزدن، حيث كان لدينا النيلة الزرقة التى كانت تأتى من طفلة النيل وبنتج منها اللون الأزرق الداكن. المبدع الصغير ولأن فن النسيج عمل يتطلب الوقت والصبر والمثابرة على الرغم من طول فترة إنتاجه، بدأ رمسيس تجربته مع أطفال الحرانية وأعطى لهم فرصة اكتشاف الفنان الكامن فى ذاتهم بالألوان والنسيج من خيوط الصوف والقطن لترسم الأصابع الصغيرة لوحات غنية بالحياة، تحمل مفردات العالم كما يراها المبدع الصغير الذى يتطور عمله على مر السنين، فهؤلاء الأطفال لا يرون غير صور السفر بالسفن للحج والطيور والحيوانات والزرع وشكل المياه التى تسيل على ترعة أمام منازلهم، فجميع تلك الصور كان ينتجها هؤلاء الأطفال بدون قيود أو توجيه مباشر منه، وكان يوجه ملاحظاته بهدوء شديد، لأنه يعلم أنهم يستطيعون أن ينتجوا بالتوجيه الهادئ والحب والرعاية الإنسانية التى كانوا يفتقدون الكثير منها بسبب ظروف حياتهم القاسية، وهو يعتبر أول من اهتم بما يسمى بالتنمية البيئة المستدامة. بدأت تجربة الحرانية بإنشاء مدرسة النسيج سنة 1954، ثم تبعها تصميم وبناء مركز للحرفيين والفنانين النساجين مع حرف أخرى مثل الخزف والزجاج المعشق، وفنون طباعة الباتيك، واستمر هذا البناء بمراحله المتتالية ما بين سنوات 1960 1964 1969، صمم رمسيس ويصا واصف ذلك المركز كمنطقة وقسم مستقل لورش للفنانين، فالمكان مكون من أجزاء مخصصة للحرف المختلفة، وأعد التصميم بمقياس يتلاءم مع أعداد ومقاس الأطفال المنتمين للعمل فى تلك الورش، وضم التشكيل البنائى لتلك الورش ممرا ضيقا يجدد الإحساس بحارات مصر القديمة وأسواقها التقليدية المخصصة لصناعة الفخار والصباغة المطلوبة. وتضم تلك التركيبة المعمارية الصالة الرئيسة لعرض المنتج الفنى من أعمال فنانى المركز، وبهذا تكتمل عناصر الإنتاج الإبداعى والتسويق للمنتج فى تكامل يكسب الفنان الثقة فى قيمة ما يقدمه ويؤكد أهمية المردود المادى لهذا الإبداعى والفنى لديه. كما تضم مجموعة الحرانية المسكن الخاص به منذ سنة 1954 الذى يجمع كل أسرته حتى الآن، فقد تزوج من الفنانة صوفى حبيب جورجى وأنجب منها بنتين "سوزان" و"يونا" اللذان عملا بالفن وورث عنه موهبة الفن وعن والدته التى كانت تعمل مدرسة للرسم.. فالابنة الكبرى سوزان التى تعمل بفن الخزف، ولها ابن ورث عن جده اسمه ومهنته فأصبح مهندساً معمارياً متميزاً محافظاً على تراث جده والاهتمام به .. والابنة الأخرى الفنانة يؤنا التى اهتمت بفن الباتيك.. كما يحتوى المكان على مسكن لشقيقته سريس ويصا واصف ومسكن لصديقة منير نصحى والد المهندس أكرام نصحى زوج ابنته سوزان والذى تم بناؤه فى سنة 1971 1973.
متحف حبيب جورجى كما يضم المكان متحفا للفنان حبيب جورجى، الذى قام ويصا بتصميمه وتنفيذه فى سنة 1967 ليضم أعمال تلاميذ الفنان حبيب جورجى، الذى كان يقوم بتدريس مادة الرياضيات، بينما ميوله كانت فنية، فعندما كان يتغيب مدرس الرسم كان حبيب يطلب أن يدخل الفصل ويمارس الفن مع الطلبة. حظائر الدواجن بدأت التجربة الفعلية للمهندس رمسيس ويصا عندما قام بتعليم الأطفال كيفية أعداد الطوب الطينى وبناء الحوائط، واستطاعوا أن يبنوا بيوتهم. وكانت حظائر الدواجن أول ما شيده هؤلاء الأطفال، وهى موجودة حتى الآن.. ثم قامت نفس المجموعة ببناء الورش وصالات العرض. أعطى رمسيس ويصا واصف سنة 1972 فرصة لسبعة من حديثى الزواج من الفنانين الحرفيين العاملين بالمركز ولا يملكون مساكن خاصة، أن يمتلكوا الأرض المجاورة للمركز، ليصمموا عليها بيوتهم الخاصة ويبنوها بأيديهم، وطلب رمسيس منهم عمل نموذج من الطين للمسكن، وأعطاهم الحرية الكاملة فى كيفية توزيع تلك المساكن، وربط مجموعة المساكن السبعة بقرية الحرانية بواسطة ممر يحيطه سور تم تنفيذه خصيصاً لضمان التواصل بينهم وبين القرية ومجتمعهم الطبيعي، وتنفتح تلك المساكن على حوش مفتوح مجمع فى وسط المساكن، مع توفير الخصوصية الأسرية لكل مسكن منها .. فحقق بذلك أرتباطاً قوياً بين الإنسان وبين بيئته وعمله، وقد بلغت التكلفة الإجمالية للمسكن الواحد نحو 2000 جنيه موزعة كالتالى: الثلث للعمالة والثلثين لمواد البناء. المزج بين الفن والحرفة كان المعمارى رمسيس ويصا دائماً ما يمزج بين الفن والحرفة، وكان يمتاز بالتزاوج بين العمارة والنحت فى إبداعاته، ويؤمن بأن البناء لن يعكس الإحساس العميق بالطبيعة ومحاكاتها، إلا حين يصبح متفاعلاً مع ذات الإنسان - والكلام ما زال للمهندس إكرام - ومن أقواله التى تترجم فلسفته فى هذا المجال: ولتكن جزءاً متناغماً مع الطبيعة، وأن تجعل الطبيعة جزءاً من وجودك، وكانت تلك هى فلسفته فى حياته وفى ممارسته المهنية، وانعكست فى تصميماته المعمارية واختياره لمواد البناء المنتمية للبيئة المحيطة، وكذلك فى الممارسات الفنية الحرفية خصوصاً فى أعمال النسيج والحرف والزجاج المعشق والباتيك، وكانت الحرانية ذروة تلك التطبيقات. عم عريان كان لدى المهندس ويصا سائقا يدعى "عم عريان" كان يشاهده وهو يقوم بعمل الزجاج المعشق وكان يساعده فى بعض الأمور، وكانت لدى عم عريان موهبته الفنية، فأحب أن يتعلم وبالفعل ساعده المهندس ويصا على تطوير موهبته، فكان مساعداً له فى أعمال كنيسة العذراء المرعشلى بالزمالك. ويضيف المهندس إكرام: للأسف أنا لم أتعلم منه شيئا بشكل مباشر فعندما أردت التعلم، تركنى لمشاهدة ما يفعله عم فؤاد حمزة عن طريق مباشرة العمل بالموقع، لكنى تهربت ورأيت صعوبة وابتعدت، وهذا كان خطأ وفرصة لم أستغلها حيث رحل مبكراً جداً. "الفكرة أو الإحساس الذى دفعنى لخوض هذه التجربة "الحرانية" كان فى حقيقته حلماً مثالياً (مجتمعياً ومهنياً)، ولكنه أصبح واقعاً يشكل حياتى وفلسفتى فى الحياة بل وفى حياة المجتمع المحيط بى". تلك المقولة من أهم ما قاله الفنان والمعمارى رمسيس ويصا واصف عن تجربة قرية الحرانية. الصمود والنجاح وبشكل عام فإن تجربة المعمارى والفنان رمسيس ويصا واصف، استطاعت الصمود فى وجه ظروف قاسية، كما قدر لها النجاح بالرغم من محدودية عدد المستفيدين لها لعدة سنوات لكنها للأسف لاقت بعد وفاة رمسيس ويصا واصف سنة 1974، الإجهاض والإخفاق فى النهاية من قبل الدولة. إهانة الحس الإنسانى من ناحية أخرى، يقول د. طارق والى مؤسس مركز "طارق للعمارة والتراث: بعد أن عاد رمسيس ويصا واصف من دراسته بباريس إلى مصر سنة 1935 كان غير راض عن الحالة الإبداعية والفكرية وعن الظاهرة المعمارية التى تعيشها القاهرة خاصة.. وقال عنها: "ما لا أستطيع تفسيره هو لماذا أفرزنا هذا الكم من البرودة والقبح اللذين يحلان مكان العمارة الأصيلة الفنية؟ حتى فى الأحياء القديمة العريقة بدأ يظهر طفح المبانى الحديثة، إنها إهانة للحس الإنسانى وهى مدعاة للحزن الشديد عندما تظهر هذه المبانى فى الريف المفتوح. كان يرى رمسيس ويصا بروح الفنان والمعمارى الوطنى أن تلك العاصفة المعمارية الحديثة التى اكتسحت القاهرة قد أفرزت العديد من المبانى حينئذ (فى الثلاثينيات من القرن العشرين) تلك المبانى التى أقيمت دون مراعاة للحس الجمالى والبيئى والحضارى والاقتصار فقط على عائدها المادى، فقدت هويتها وأفقدت أو كادت تفقد الإنسان انتماءه الوطنى. الموروث الحرفى كان المهندس رمسيس يقوم بجولات فى أحياء مصر القديمة متأملاً المبانى القديمة ومتفاعلاً مع سكان تلك الأحياء ومجتمعاتها، ولا سيما الحرفيين منهم من نساجين ونجارين ومشكلى زجاج ونحاتى حجر .. ومن خلال لقاءاته مع تلك الطوائف والمجتمعات الحرفية الأصيلة تفاعل معها وبها، واكتسب خبرة فى مهارات تلك الحرف التى شكلت رؤيته للعمارة ودورها التنموى فى حياة المجتمع والإنسان.. ولكنه أدرك أن هذه الحرف فى طريقها للاندثار، وذلك لأنه برغم صدق وأمانة هؤلاء الحرفيين، فإن كثيراً من هؤلاء الحرفيين توفى دون أن يدرب من يخلفه فى حرفته من الصبية.. وهنا تكاد تتقطع تلك المتوالية المتتابعة للموروث الحرفى للقاهرة ومجتمعاتها العمرانية القديمة. كانت عقيدة المهندس رمسيس المعمارية حسبما يقول د. طارق، إن فن العمارة يشمل الحياة كلها، وخصوصا فى تكوينات القرية والريف عامة، وكما قال: أحس فيها بالانسجام والكمال الذى يعبر فيه البناء عن نفسه بحرية كاملة وبعفوية تلقائية بحتة. النوبة وهوية العمارة كانت عمارة بيوت قرى النوبة جنوب الوادى المبنية بالطوب اللبن والمسقوفة بالقباب والقبوات من نفس الخامة، إجابة لبحثه حينها عن الهوية فى العمارة المصرية.. وتعتبر زيارته إلى النوبة فى أوائل الأربعينيات ذات آثر بالغ فى تشكيل شخصيته وبنيتها الفكرية فى الجانب الإبداعى المعمارى المرتبطة برؤيته للعملية الإبداعية الفنية عامة، وفلسفته التى دارت حول مفهوم أن الإنسان يولد وبداخلة نبع من الفيض الفنى دون التدخل ودون تعطيل هذا الاستمرار وتدفقه. بدأ رمسيس ويصا تجربته مع الفن التلقائى سنة 1942 عندما بنى مدرسة تابعة لإحدى الجمعيات الخيرية بمصر القديمة، وخلال تردده على المكان تطوع بتدريس مادة التربية الفنية بنفسه، ولم يلجأ إلى الأوراق والألوان، بل أحضر عددا من الأنوال البسيطة وكمية من الصوف صبغها بعدة أصباغ نباتية بدائية، وبدأ الإنتاج مع هؤلاء الأطفال، وبعد توقف التجربة فى مدرسة مصر القديمة أستمر معه فيها ثلاثة أطفال فقط هم: (فايق نقولا، مريم هرمينا، فتنة فكرى) حيث كان مختلفا تماما عن فكر حسن فتحى. متحف مختار بعد وفاة المثال "محمود مختار" سنة 1934، تكونت جماعة "أصدقاء فن مختار" لترعى فنه وتحيى ذكراه، وكانت ترأسها السيدة هدى شعراوى راعية الفن والفنانين حينئذ، وضمت الجماعة مهندسا يدعى "فيس" كان عاشقاً لفن مختار، مقتنياً لأعماله وحريصاً على حمايتها وعرضها لجمهور المهتمين خصوصاً فى مصر التى عشقها مختار . وكان متحف الفن الحديث مقاماً فى "سراى الكونت زغيب" الكائن فى 4 شارع قصر النيل بجوار قصر هدى شعراوى ( كلاهما للأسف تهدم سنة 1963 )، وكان فى ركن الحديقة ملحق مستقل يستخدم كجراج وأسطبل لخيول وعربات الكونت، فاقترح الفنان راغب عياد زميل مختار والمتولى منصب مدير المتحف الحديث حينها على د. طه حسين وزير المعارف تحويل هذا الملحق إلى متحف مؤقت لأعمال مختار بهدف المحافظة عليها، وليكون نواة لاستكمال تجميع بقية أعمال مختار وحمايتها. وأفتتح هذا المتحف المؤقت تحت اسم متحف مختار فى 27 مارس سنة 1952، وكان يضم 59 تمثالاً من الحجر والبرونز والرخام. وعندما تولى د. ثروت عكاشة وزارة الثقافة قام بتكليف المعمارى رمسيس ويصا واصف بإعداد التصميمات الخاصة بالمتحف، ويعتبر هذا المتحف صرحاً نحتياً صادقاً فجاءت عمارة المكان منسجمة مع تلك الروح ومستلهمة منها مبادئها التى بدأها جيل مختار وعاش من أجلها رمسيس ويصا واصف نفسه مطوراً ومبدعاً. مسكن الخزاف محيى الدين حسين كان الفنان محيى الدين حسين أحد تلاميذ رمسيس ويصا بكلية الفنون الجميلة وكان حلمه بعد تخرجه فى مسكن خاص به، وورشة يمارس بها أعماله الفنية فى مجال الخزف وهى ذات التجربة التى عاشها ومارسها رمسيس ويصا فى مركز الحرانية. وبدأ رمسيس ويصا فى وضع التصميمات المعمارية والتنفيذية لمسكن الفنان الخزاف محيى الدين حسين فى سنة 1969 وانتهى من البناء فى سنة 1970، وبالفعل أستقر به الفنان سنة 1971 (كانت التكلفة الإجمالية لمواد البناء والعمالة حوالى 12000 جنيه مصرى بالإضافة إلى 3000 جنيه ثمن الأرض) وأتجه رمسيس إلى البناء بحوائط حاملة من الطوب اللبن وتقنيات القباب والقبوات مجدداً فيها بما يتوافق مع رؤيته وتصميمه لعمارة هذا المسكن فى ذلك المكان، معتمداً فى التنفيذ على المعلم البناء "فؤاد حمزة" ومعه اثنان مساعدان من سكان المنطقة. مسكن الفنان آدم حنين وضع المهندس رمسيس ويصا التصميمات المعمارية والتنفيذية لمسكن الفنان آدم حنين فى سنة 1967، وانتهى من البناء خلال ستة أشهر فى سنة 1968 (كانت التكلفة الإجمالية لمواد البناء والعمالة حوالى 4100 جنيه مصرى) وللأسف تعرض المسكن لمشاكل إنشائية بسبب ارتفاع منسوب المياه الجوفية وتأثيرها السلبى على الأساسات والحوائط، مما أدى إلى هدم المبنى بالكامل سنة 2010 . كنيسة العذراء بالمرعشلى تتميز كنيسة السيدة العذراء مريم بالمرعشلى فى الزمالك بشكل يحمل رمزية الفلك، بحيث لا تكون هناك أعمدة تتعارض مع تلقائية الروح فى حراكها أو تحجب مادياً الرؤية عن المصليين، قام رمسيس ويصا واصف سنة 1958 بوضع التصميم والتشكيل الفراغى لصحن الكنيسة وذلك بتحميل السقف على عقود غير ظاهرة، كما قام بنفسه بتصميم وتنفيذ شبابيك الزجاج المعشق بوجهات الكنيسة بأكملها وكل شباك منها يمثل حلقة من حلقات حياة السيد المسيح بدءاً من البشارة، الميلاد، الهروب إلى مصر، العودة من مصر إلى أورشليم، الصلبوت، ثم القيامة، وقام برسم الأيقونات الفنانة مارجريت نخلة وهى من رائدات الفن المصرى المعاصر، والفنان راغب عياد، وكذلك الفنان آدم حنين. أما من الجهة الغربية الموجود بها مدخل الكنيسة عملت لوحات زيتية تصور بعد ما قامت به السيدات فى حياة السيد المسيح وتم تدشين الكنيسة وبدأ الخدمة سنة 1960، وحصل من خلال هذا التصميم على جائزة الدولة التشجيعية لسنة 1960 فى التصوير. كنيسة مار جرجس بمصر الجديدة فى 23 مارس سنة 1958 تم الاتفاق مع المعمارى رمسيس ويصا واصف لتصميم كنيسة مار جرجس بمصر الجديدة وملاحظة أعمال البناء والتنفيذ، وتم منحة ميدالية خاصة على تصميم الكنيسة من إيطاليا وبدأ أول قداس بالكنيسة (مذبح مار جرجس) بتاريخ 4 يناير سنة 1960. ومن أقوال المهندس رمسيس ويصا: كنت أستفيد وأتعلم من مهارة الفلاحين التلقائية واكتسب عنهم تلك الموروثات الحرفية والإبداعية، مما أعطانى فرصة لدراسة أحوالهم، وتفهم المصير الذى وصلت إلية تلك الحرف وخطورة ما تواجهه من اندثار دون الاستمرارية المفترضة لهذا الذات الإبداعى.