هل يمكن أن يقبل رئيس حكومة دعوة المواطنين له علي إفطار رمضان، ليستمع إليهم ويستمعون إليه بعيدا عن الكلمات المنمقة والخطب المعدة مسبقا، ويعيش بينهم يوما واحدا يكفي لمعرفة كل ما يجب أن يعرفه الحاكم عن المحكوم. أعتقد أن رئيس الحكومة الجديدة الدكتور مصطفي مدبولي يمكن أن يقبل عزومة الشعب له، فهو واحد من الخبراء الدوليين في التخطيط العمراني، ويبدو هذا مبشرا وموحيا بالاهتمام الذي يمكن أن توليه الحكومة الجديدة للتخطيط والتنمية والتواصل مع الشعب بصورة أفضل وأصدق، وهو أصغر رؤساء الوزارات المصريين سنا، وهذا قد يجعله قريبا من فئات الشباب، التي تشكل أكثر من نصف عدد سكان مصر، وهو بالطبع لن يكلف خزينة حكومته أي مصروفات إضافية لأن الشعب هو صاحب العزومة، ومن حقه أن يدعو من يشاء من الوزراء والمسئولين، وأن يتجاهل من يريد منهم أيضا. سوف يكتشف رئيس الحكومة أن المصريين رغم قلوبهم الطيبة يملكون القدرة علي فرز الجيد من الردئ، وانهم إذا كانوا يكثرون من الشكوي كلما نزلت قرارات الحكومة المفاجئة علي رؤوسهم بمطارقها، فهم مستعدون للفهم وقبول التضحيات المشروطة، وأول شروطهم هي وقف كل صور الفساد والإهدار والإهمال في كل دواليب الحكومة المليئة بكل الأمراض الإدارية المتوطنة، والبحث عن أهل العلم والكفاءات بدأب وجدية قبل البحث عن أهل الثقة وعن منح المناصب كمكافأة نهاية الخدمة. سوف يري رئيس الحكومة أن الشعب لا يتعاطف مع من يقللون من شأنه، أو يتعاملون معه بنوع من التعالي، كما أنه يغفر ويسامح إذا رضي، ويضمر العداء إذا غضب، ويملك عبقرية السخرية من كل ما يفرض عليه رغم إرادته، وكل هذه المعرفة قد تجعل رئيس الحكومة الجديد قادرا علي السير بسفينة حكومته في أمان ليصل إلي ما يريده من أهداف.