محافظ المنوفية يتفقد أعمال تطوير ورفع كفاءة متفرعات طلعت حرب    جدول امتحانات الشهادة الإعدادية الترم الثاني 2025 الفيوم.. مواعيد الامتحانات    وظائف شركة WE 2025 | فرص عمل لحديثي التخرج برواتب مجزية    محافظ البحيرة: توريد 135 ألف طن قمح حتى الآن    تموين الأقصر تتابع محطات الوقود ومستودعات البوتاجاز    مقرر بالحوار الوطني: «تكافل وكرامة» أحد أذرع الدولة الفاعلة لمكافحة الفقر وتحقيق الاستقرار الاجتماعي    استعدادا للتشغيل.. شاهد محطات الأتوبيس الترددى من الداخل "صور"    جولة ترامب في السعودية.. ترقب لإبرام صفقات ضخمة وتوجه نحو التكنولوجيا المتقدمة    الصحة اللبنانية: استشهاد شخص فى غارة إسرائيلية على بلدة حولا بقضاء مرجعيون    الفاو تحذر من مجاعة وانهيار تام لقطاع الزراعة فى غزة    حافلة الأهلي تتوجه إلى استاد المقاولون لمواجهة سيراميكا في الدوري    محافظ بني سويف يناقش استعدادات التعليم لامتحانات الفصل الثاني لسنوات النقل والشهادة الإعدادية    السجن المشدد 6 سنوات ل3 أشقاء متهمين بالإتجار فى المخدرات بسوهاج    التعليم العالي: إطلاق الدورة الخامسة لمسابقات الأسبوع العربى للبرمجة لعام 2025    مهرجان القاهرة للسينما الفرنكوفونية يطلق مسابقة للأفلام باستخدام ال AI في دورته الخامسة    وزير الثقافة يزور الكاتب الكبير صنع الله إبراهيم للاطمئنان على حالته الصحية    رئيس الوزراء يتابع إجراءات طرح إدارة وتشغيل مشروع "حدائق تلال الفسطاط"    للحوامل في الصيف.. 6 نصائح فعالة لتجنب الدوخة والهبوط خلال الطقس الحار    الأعلى للآثار: عازمون على استعادة أى قطع خرجت بطريقة غير مشروعة    الداخلية تكشف ملابسات فيديو تعذيب طفلة بالشرقية (تفاصيل صادمة)    جامعة قناة السويس تُعلن الفائزين بجائزة "أحمد عسكر" لأفضل بحث تطبيقي للدراسات العلمية    تحديد موعد مشاركة الجفالي في تدريبات الزمالك    "ليسو الوحيدون".. ريجيكامب يكشف حقيقة مفاوضات الزمالك معه    «الداخلية» تستقبل الشباب المشاركين في برنامج القيادات الشبابية الإعلامية    الأكاديمية الطبية العسكرية تفتح باب التسجيل ببرامج الدراسات العليا    بإطلالة صيفية.. سلمى أبو ضيف تتألق في أحدث ظهور لها (صور)    صبحي خليل: إصابة بنتي بالسرطان كانت أصعب لحظة في حياتي    أمينة الفتوى توضح سنة الاشتراط عند الإحرام    بسبب أولوية المرور.. مقتل شاب طعنا في مشاجرة بشبرا الخيمة    غلق 138 محلًا لعدم الالتزام بقرار ترشيد استهلاك الكهرباء    "الصحة": إنقاذ سائحين من روسيا والسعودية بتدخلات قلبية دقيقة في مستشفى العجوزة    وزير الصحة يؤكد على التنسيق الشامل لوضع ضوابط إعداد الكوادر الطبية    بمعروضات صديقة للبيئة، طب القناة تستضيف معرض قومي المرأة بالإسماعيلية (صور)    توريد 282 ألف طن من القمح لشون وصوامع المنيا    رئيس «اقتصادية قناة السويس»: توطين الصناعة ونقل التكنولوجيا هدف رئيسي باستراتيجية الهيئة    طلب إحاطة في البرلمان حول إغلاق قصور الثقافة: تهديد للوعي والإبداع في مصر    موعد والقناة الناقلة ل مباراة الأهلي والزمالك اليوم في نصف نهائي دوري السوبر لكرة السلة    الاتحاد الأوروبي: لن نستأنف واردات الطاقة من روسيا حتى لو تحقق السلام في أوكرانيا    الخارجية الإسرائيلية: لا نزال نعمل على الوصول لاتفاق آخر مع حماس    اليوم.. وزير الرياضة يفتتح البطولة الأفريقية لمضمار الدراجات    البنك الأهلي يوقع بروتوكول مع مجموعة أبوغالى لتوريد وتسليم سيارات "جيلي" بمصر    التموين: إطلاق شوادر عيد الأضحى 20 مايو الجارى لتوفير احتياجات المواطنين    صحة المنوفية تتابع سير العمل بمستشفى بركة السبع المركزي    داعية إسلامي: احموا أولادكم من التحرش بالأخذ بالأسباب والطمأنينة في التوكل على الله    هل يحق للزوجة طلب زوجها "الناشز" في بيت الطاعة؟.. محامية توضح الحالات والشروط    20 مصابًا في تصادم مروع بين أتوبيس وسيارة نقل ثقيل بالشرقية    وزير الخارجية الباكستاني: "المفاوضات مع الهند طويلة الأمد وضرباتنا كانت دفاعًا عن النفس"    مدير عمل بني سويف يسلم عقود توظيف لشباب في مجال الزراعة بالأردن    موعد مباراة الأهلي والترجي التونسي في نهائي كأس السوبر الافريقي لكرة اليد    التاريخ يبشر الأهلي قبل مواجهة الزمالك وبيراميدز في الدوري    مواعيد مباريات الثلاثاء 13 مايو - بيراميدز ضد الزمالك.. والأهلي يواجه سيراميكا كليوباترا    حكم تسوية الصف في الصلاة للجالس على الكرسي.. دار الإفتاء توضح    الأرصاد تحذر من حالة الطقس خلال الأسبوع القادم: أمطار ورياح    قصر في السماء| هدية قطر إلى «ترامب».. هل تصبح بديلة «إير فورس ون»؟    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 13-5-2025 في محافظة قنا    اليوم| محاكمة 73 متهمًا في قضية خلية اللجان النوعية بالتجمع    جدول أعمال زيارة ترامب الخليجية فى ظل ديناميكيات إقليمية معقدة    سقوط طفل من مرتفع " بيارة " بنادي المنتزه بالإسماعيلية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



» امرأة الأرق«
صناديق ميرال القديمة
نشر في أخبار الأدب يوم 31 - 03 - 2012

»» امرأة الأرق« هو العدد الأول من سلسلة كتابات جديدة، التي تصدر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، في ثوبها الجديد، من حيث الشكل والمضمون، والكتاب يقدم نفسه للقاريء بوصفه سيرة ثقافية بقلم الروائية ميرال الطحاوي، في لغة لا تكاد تبتعد كثيراً عن لغة كتاباتها الروائية من حيث نعومة الصياغة والتماس أسباب الشعر، يترواح بين موضوعات عديدة تغزلها الذات الكاتبة جنباً إلي جنب في مونولوج طويل موجهٌ أساساً للذات علي طريقة أقرب إلي التداعي الحر.
ميرال الطحاوي روائية معروفة، ولها عالمها الخاص، وسيكون من قبيل التعسف حصْر هذا العالم بالكتابة النسوية مثلاً أو بعالم البدو المصريين، حتي وإن وجد هذا وذاك لديها، فهما لا يضعان حدوداً مقيّدة علي أفق كتابتها الروائية. ظلال هذا العالم الروائي وأبعاده واضحة في كتاب امرأة الأرق، فبعد استعراض ذكي لبدايات الرحيل إلي ممالك الأدب، واستكناه سر هذا الميل الذي يوجد فجأة بداخل أحدنا فيستعبده تقريباً، تتردد علي مدي صفحات الكتاب مفردات وثيمات كثيراً ما نلتقي بها في روايات مثل »الخباء« و« نقرات الظباء« ، الشعر والأساطير وأخبار العشاق، الأب الحاضر الغائب الذي يحاول آخرون الاستيلاء علي مكانه وبالتالي سلطته، وطبعا جيراننا من النبات والحيوان.
تقوم ميرال الطحاوي برحلات سريعة بين عوالم مختلفة لكتاب وكاتبات كبار، مصريين أو غير مصريين، راحلين أو أحياء، ولا تتورط في سياقاتهم إلا بقدر ما تتخذ من تجاربهم مرايا لتعكس تجربتها الخاصة بصورة غير مباشرة. فيقول تولستوي مثلا: »أريد أن يعرفني الجميع ويحبني الجميع.« إشارة ضمن غيرها من إشارات إلي ذلك التوق الداخلي العنيد، المحرك لكل فنان تقريباً، التوق لأن يعرفه الجميع ويحبه الجميع، الجوع للتحقق والتألق وكتابة »ذلك الأثر العظيم ذات يوم...« علي حد تعبير إميل زولا.
حين تنتقل الكاتبة بعد صفحات قليلة إلي المسألة التاريخية (هل صارت ممجوجة؟) وهي كتابة المرأة تؤكد علي إيمانها بأن الكتابة لا تعرف الفروق البيولوجية، لكنها سرعان ما تستغرق في رسم صورة مفصلة ومتوقعة قليلا ربما للكاتبة الأنثي في عالمنا العربي أو في هذا العالم عموماً، وما قد تلقاه من عنت وما يقع علي كاهليها من أعباء تثقل حركتها وتكاد تشلها تماماً، وفي إطار لعبة المرايا نفسها تستعين بمقتبسات لسيمون دي بوفوار ثم توني موريسون، لتوكيد الأفكار ذاتها وتأطير الموقف نفسه، والذي قد لا نختلف حوله كثيراً، فمن ينكر ما تتعرض له المرأة عموماً من اضطهاد وتهميش وجور بدرجات متفاوتة علي اختلاف المجتمعات؟ لكن ألم تكن اللعبة خاصة بالكتابة التي تتجاوز نوع صاحبها، أم أن هذا يبقي نوعاً من طموح رومانسي جميل؟ تنطلق ميرال في كتاباتها عموماً وفي هذا الكتاب أيضاً من منصة الذات، تعيد تشكيل تجربتها لتجد أرضاً مشتركة جديدة في كل مرة مع قارئها، ربما لهذا سنجد السيرة (سواء ثقافية أو غير ثقافية) عنصراً حاضراً مهما جهدت هي في مواراته أو اجتهدنا نحن في تجاهله، لهذا سنجد مسألة المرأة حاضرة هي الأخري، سواء من خلال محاربات علي طريقة سيمون دي بوفوار أو توني موريسون، أو علي طريقة مختلفة تماماً اقتربت في معرض حديثها عن ولعها بكتب السيرة، وهي تجربة سوزان طه حسين، في كتابه »معك« حيث تلمح ميرال كيف تبدأ علاقة سوزان برجلها وصديقها بعد رحيله، تستعيد الأماكن والذكريات والمشاوير واليد التي كانت تظن أنها تقودها لكنها كانت تتكيء عليها، فنكتشف مع ميرال ومن خلال سوزان أن ثمة إمكانية للرفقة الروحية لا تضع اعتباراً كبيراً للفروق بين النوعين أو مكانة المرأة أو مهام البيت وخلافه. ثمة إمكانية لوجوه عديدة بقدر عدد المرايا التي تنتقل من سوزان طه حسين إلي الشاعر الإيرانية فروغ فرخ زاد وغيرهما. مع تعدد المرايا تفتح ميرال صناديقها القديمة، تقلب علي حد تعبيرها في دفاترها القديمة، تستعيد وتؤميء وتمر مرور الكرام، لا يقيد يدها شكلٌ أو صنعة أو نمط أدبي أو تقنية اللهم إلا براعة الانتقال من سياق إلي آخر ودمج كلامها الخاص بمقتطفات ومقتبسات من الشرق والغرب ومن هنا وهناك.
اتسم هذا التنقل برشاقة ورهافة، ما بين أبيات الشعر العربي القديم، والشعر المترجم، وتراث الحزن المصري في العدودات والنواح، وشعر الهايكو الياباني، رجوعاً من جديد إلي أساطير الأولين عن منازل القمر وعن مصارع العشاق وعن حكايات الحيوان والنبات وانتهاء بقبور العاشقين. إنها كلها سياقات ومستويات لا يكاد يجمعها جامع إلا ربما علي رف الكتب الخاص بنا، أو بمعني آخر الوعي المؤرق للكاتبة بأسئلته وهواجسه الآتية من طبقات الماضي القريب لها، والماضي البعيد للإنسانية عموماً. وإذا أردنا أن نقترف خطيئة اختزال كتاب كهذا لقلنا إنه إذا كان أحد طرفي الخيط الممدود علي طول صفحاته هو الانهمام بالذات وبذل الجهد للاكتفاء بها، فإن الطرف الآخر في المقابل لن يكون إلا محاولة الوصول إلي الآخر والتواصل معه رغم أن كل علاقة تبدو كفخٍ مؤقت في نهاية الأمر.
أحياناً ما كانت تتكرر المعاني ذاتها بصيغ مختلفة أو شبيهة علي مدار صفحات الكتاب، فهو ليس كتاب أفكار كثيرة بقدر ما هو كتاب بوح وكلام يجيب بعضه بعضاً، في أحيان أخري كانت ترتبك الصياغة حتي يغمض المعني تماماً ولا أحسب هذا إلا بسبب الأخطاء العديدة (كل أربع أو خمس صفحات تقريباً في الجمع والتصحيح)، ونحن بينما نستقبل الوليد الأول لهذه السلسلة بعد تجديد دمها نرجو مزيداً من العناية بتلك التفاصيل التي تحدد المنتج النهائي، حتي لا تفسد الطبخة الحلوة من أجل ذرة ملح. هذا كتابٌ صغير ممتع سوف يحبه كل من يحب عالم الكتابة ويغرم بالأقوال والمقتبسات المتناثرة، ويهيم بالحكايات والأساطير، ويصبو لرفقة أشباح الماضي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.