بعد إعلان إثيوبيا إنشاء سدود جديدة.. أستاذ موارد مائية يكشف تأثيرها على مصر (فيديو)    كيف ستتعامل الحكومة مع انقطاع الكهرباء في فصل الصيف؟.. متحدث الوزارة يزف بشرى سارة للمواطنين    تكنوبوت.. التقاء العلم والتكنولوجيا في مجلة طلابية رائدة برعاية جامعة بنها    «فتح»: الاحتلال الإسرائيلي قتل مئات الفلسطينيين لتحرير 4 محتجزين فقط    نقيب الصحفيين الفلسطينيين يدعم قصواء الخلالي: لا ننسى مواقف الأوفياء    عاجل.. رئيس لجنة المنشطات يكشف كواليس هامة في عينة رمضان صبحي "غير الآدمية"    سواريز ونونيز يقودان قائمة أوروجواي استعدادًا لكوبا أمريكا 2024    «انخفاض ليومين».. الأرصاد تكشف تفاصيل طقس ال5 أيام المقبلة (فيديو)    النيابة تأمر بانتداب المعمل الجنائي لمعاينة موقع حريق شقة فى مدينة نصر    سفاح التجمع أمام جهات التحقيق: "زوجتي الثانية كانت تصور علاقتنا الزوجية"    تحريات مباحث دراو: مضطرب نفسي وراء واقعة ذبح طفلة رضيعة في أسوان    وكيل نقابة الصحفيين: نتعامل مع كيان صهيوني زُرع بالمنطقة لتحقيق المصالح الأمريكية    تفاصيل جديدة في واقعة صفع عمرو دياب لمعجب: لم تتم دعوته للحفل والتقط «سيلفي» 5 مرات مع الهضبة    وزيرة الثقافة تعلن انطلاق الدورة السادسة من «مواسم نجوم المسرح الجامعي»    ابنة نجيب الريحاني: أتمنى عمل تمثال لوالدي في حديقة الأزهر    الصحة: إحالة طواقم مستشفى مارينا للتحقيق.. وتطوير نقطة إسعاف الصحراوي خلال شهر    أول تعليق ل مقدمة البلاغ ضد زاهي حواس بشأن استغلال مكتبة الإسكندرية    الأحد أم الاثنين؟.. الإفتاء تحسم الجدل رسميا بشأن موعد عيد الأضحى 2024 في مصر    آسر ياسين يروج لفيلمه الجديد ولاد رزق 3    بشرى سارة من التربية والتعليم لطلاب الثانوية العامة بشأن المراجعات النهائية    علي فرج يتأهل لنهائي بطولة بريطانيا المفتوحة للإسكواش    هيئة الدواء تكشف حصيلة حملاتها الرقابية في المحافظات خلال شهر مايو    ورش ولقاءات توعوية للأطفال في احتفالات اليوم العالمي للبيئة بأسيوط    النحاس يرتفع مجددا بنسبة 22% فى السوق المحلية خلال أقل من شهر    أفضل الأدعية في العشر الأوائل من ذي الحجة    منتخب مصر يتوج ب14 ميدالية في بطولة العالم لليزر رن بالصين    لمرضى السكر.. 8 فواكة صيفية يجب تضمينها في نظامك الغذائي    هالاند يقود هجوم منتخب النرويج فى مواجهة الدنمارك وديا    معلومات حول أضخم مشروع للتنمية الزراعية بشمال ووسط سيناء.. تعرف عليها    تقارير: حارس درجة ثانية ينضم لمران منتخب ألمانيا    تقارير: نيوكاسل يضع حارس بيرنلي ضمن اهتماماته    معيط: نستهدف بناء اقتصاد أقوى يعتمد على الإنتاج المحلي والتصدير    القبض على سائق متهم بالتحرش ب "معلمة" في أثناء توصيلها أكتوبر    مصر تواصل جهودها في تقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة "صور"    محافظ الشرقية يشارك في اجتماع المعهد التكنولوجي بالعاشر    "اهدى علينا".. رسالة من تركي آل الشيخ إلى رضا عبد العال    المصري يطرح استمارات اختبارات قطاع الناشئين غداً    أسماء أوائل الشهادة الابتدائية الأزهرية بشمال سيناء    وزير التعليم يتسلم نتيجة مسابقة شغل 11 ألفا و114 وظيفة معلم مساعد فصل    وزير العمل يشدد على التدخل العاجل لحماية حقوق العمال ضحايا الإحتلال في فلسطين    «صحة المنيا» تنظم قافلة طبية بقرية دمشاو هاشم لمدة يومين    لماذا يحتاج الجسم لبكتريا البروبيوتيك؟، اعرف التفاصيل    أنباء عن هجوم بمسيرة أوكرانية في عمق جمهورية روسية    المشدد 5 سنوات لمتهم في قضية حرق «كنيسة كفر حكيم»    أول ظهور لكريم عبد العزيز بعد وفاة والدته    وزير الأوقاف: لا خوف على الدين ومصر حارسة له بعلمائها وأزهرها    في خدمتك | تعرف على الطريقة الصحيحة لتوزيع الأضحية حسب الشريعة    وزيرة التخطيط تبحث سبل التعاون مع وزير التنمية الاقتصادية الروسي    "صحة غزة": 70 شهيدًا و150 مُصابًا جراء 5 مجازر ارتكبها الاحتلال خلال آخر 24 ساعة    رئيس الوزراء يتابع جهود منظومة الشكاوى الحكومية الموحدة خلال مايو 2024    محافظ المنيا: توريد 373 ألف طن قمح حتى الآن    كاتب صحفي: حجم التبادل التجاري بين مصر وأذربيجان بلغ 26 مليار دولار    التشكيل الحكومي الجديد| وزراء مؤكد خروجهم.. والتعديل يشمل أكثر من 18 وزيرًا.. ودمج وزارات    رئيس جامعة المنوفية: فتح باب التقديم في المبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء الذكية    إصابة 6 أشخاص فى انقلاب ميكروباص على زراعى البحيرة    «الإفتاء» توضح فضل صيام عرفة    جولة مفاجئة.. إحالة 7 أطباء في أسيوط للتحقيق- صور    تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري يتصدر المباحثات المصرية الأذربيجية بالقاهرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ربنا ينوّر بيتكم بحريقة افتراضية!!
نشر في اليوم السابع يوم 13 - 05 - 2009


"جزى الله الشدائد كل خير عرفت بها عدوّى من صديقى"، لا أعرف هل كان الشاعر الذى قال هذا شخصا نكديا أم مكتئبا أم متفائلا ومتصالحا مع نفسه ومع زمانه، أم أنه كان يستشرف المستقبل؟ فكثير من الناس يرون فوائد ومكاسب كثيرة فى الشدائد تعود عليهم بالخير، ومن يقف على يسار شاعر فسوف يجد من يدعو لصديقه الحبيب من كل قلبه دعوة راديكالية قائلا: "ربنا ينوّر بيتكم بحريقة"، فبالرغم من أن الحريق سوف يلتهم البيت أو على الأقل سوف يلتهم جزءا كبيرا من البيت إلا أن النار سوف تضئ البيت بعد ذلك فيتمكن من بنائه مرة أخرى على أساس متين، وفى يوم من أيام عام 76 كنت فى بيت المفكر الكبير الدكتور "عبد المنعم تليمة" وكان موجودا المفكر الكبير طارق البشرى والفيلسوف المصرى الدكتور حسن حنفى والشعراء الكبار حلمى سالم وحسن طلب وأمجد ريان وبعض الأصدقاء الآخرين وسمعت من يقول – ربما يكون طارق البشرى أو حسن حنفى – أن دعوة "ربنا ينوّر بيتكم بحريقة" والتى تداولت كثيرا بين أفراد الشعب المصرى قد ظهرت فى أعقاب حريق القاهرة مباشرة كنوع من التفاؤل بالحريق، وحريق القاهرة هو حريق كبير اندلع فى 26 يناير 1952 فى عدة منشآت فى مدينة القاهرة فى خلال ساعات قلائل التهمت النار نحو 700 محل وسينما وكازينو وفندق ومكتب ونادٍ فى شوارع وميادين وسط المدينة، كما أدت إلى تشريد عدة آلاف من العاملين فى المنشآت التى احترقت، وقد أجمعت المصادر الرسمية وشهود العيان على أن الحادث كان مدبرًا وأن المجموعات التى قامت بتنفيذه كانت على مستوى عالٍ من التدريب والمهارة، فقد اتضح أنهم كانوا على معرفة جيدة بأسرع الوسائل لإشعال الحرائق، وأنهم كانوا على درجة عالية من الدقة والسرعة فى تنفيذ العمليات التى كلفوا بها وسمعت الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل يقول عن حريق القاهرة "مش معتقد لغاية هذه اللحظة مش معتقد إنه عملية حريق القاهرة بدأت بتدبير مقصود على هذا النحو لكن أنا باعتقد إنه كان ركام وعود كبريت قرّب من الركام والدنيا ولعت"، فحريق القاهرة كان من أحد أسباب قيام ثورة يوليو فإذا تصورنا – مجازا – أن ما حدث فى نادى الزمالك طوال الخمس سنين الماضية تقريبا هو نوع من الحريق الافتراضى وإذا أبعدنا عن تصورنا أن هناك من أشعل الحريق متعمدا وأخذنا بوجهة نظر الأستاذ هيكل فى تفسيره لحريق القاهرة وطبقناها على حريق الزمالك الافتراضى فسوف نتوصل إلى نتيجة مفادها أن حريقة الزمالك الافتراضية لم تكن حريقة مدبرة ولم تبدأ بتدبير مقصود لكنها بدأت من تراكمات وركام اقترب منه عود كبريت مشتعل فأشعلها فيما حاولت قوات المجلس القومى للرياضة إطفاءها فأشعلتها أكثر فيما حصد نادى الزمالك كل الخيرات والبطولات فى جميع اللعبات من نتائج هذه الحريقة الافتراضية، فقد حصل الزمالك على بطولات كرة اليد وكرة السلة وتنس الطاولة وانتزع للعام الثانى على التوالى بطولة أفريقيا فى الكرة الطائرة من النادى الأهلى فى اللحظات الأخيرة من المباراة التى كان الأهلى قد أعد لها العدة وانتزعها الزمالك منه فى عقر داره، وحتى فى الحروب وبالذات فى الحرب الأهلية التى تنشأ بين أفراد وجماعات الوطن الواحد، هناك من يصل إلى نتيجة تقول بفوائد كثيرة للحرب الأهلية منها مثلا أن الحروب من أكبر أبواب التضامن والتعاون بين الناس، وكثيراً ما تكون الحروب هى السبيل الوحيد لدفع تسلّط الظالمين والطغاة عن الأمم والمجتمعات وهيمنة الدول الكبيرة وتسلطها على الدول الصغيرة، فإذا تركنا يسار الشاعر الذى قال شعره فى الشدائد فسوف نجد من يقف على يمينه يرى أن من أهمّ إيجابيات الحروب أنها تعيد الناس إلى ربهم، وتذكّرهم بالتمسك بدينهم بعد الغفلة عنه، وسوف يرى كيف يكثر الناس فى المساجد عند الأحداث الساخنة، وكيف تقلّ جرأة الناس عن المعاصى، وكيف يلجئون إلى الله تعالى بالدعاء والتضرع والرجاء، وهذا هو شأن كثير من الناس، لا يعرفون الله إلا عند الشدائد كما يقولون، وعلى الجانب الآخر هناك من يرى أن الاستقرار يدفع الناس للتكاسل والتواكل وعدم الخوف من سود الأيام فى المستقبل، فإذا طبقنا هذا التصور على حالة الاستقرار الافتراضية فى النادى الأهلى فسوف يجد من يؤمن بهذا التصور أن حالة الاستقرار الافتراضية قد أدت بالنادى الأهلى فى العام الأخير من حريق الزمالك الافتراضى إلى خسارة النادى الأهلى لكل البطولات فى كل اللعبات، ففى حريقة الزمالك الافتراضية كان الجميع يخافون على مستقبلهم فأى مدرب فى أية لعبة من الألعاب غير آمن على مستقبله فى تدريب فريقه فأكبر مدرب لأكبر لعبة من الألعاب يمكن إقالته فى لحظة، فعليه أن يعمل بجدية حتى لا يفقد مكانه ومستقبله وعلى الناحية الأخرى سوف نجد أن حالة الاستقرار الافتراضية فى النادى الأهلى قد أدت إلى أن كل المدربين فى كل اللعبات وفى كل القطاعات قد أدت إلى إحساسهم بالأمان التام على بقائهم الدائم فى أماكنهم وعدم خوفهم من التغيير، بل تم منحهم جميع الصلاحيات والمميزات المادية والمعنوية وعدم تدخل الإدارة فى عملهم سواء بالتوجيه أو اللوم انتظارا لنهاية الموسم لإجراء حسابهم، لكن بعد أن تكون البطولة قد ذهبت إلى المنافسين وسط بكاء المشجعين، حيث لم يعد ينفع البكاء على البطولات الضائعة ليدخل المشجعون فى كابوس افتراضى ونحن نقول "افتراضي" لأن الرياضة فى مصر قد أصبحت حالة افتراضية مثل الحالة الافتراضية التى يقدمها لنا جهاز التليفزيون، فاللاعب الذى يراه المشجع فى جهاز التليفزيون يحرز الهدف فى مرمى الخصم ليس هو اللاعب الذى يراه فى الملعب، فلا حجمه هو نفس حجمه فى الملعب كما أن الجماهير التى نراها فى التليفزيون ليست هى نفسها التى نراها فى المدرجات الحقيقية بل هى صورة افتراضية تنعكس على شاشة التليفزيون أو الكومبيوتر الذى أصبح الجميع يمارس الرياضة من خلاله، ولأن التليفزيون والكومبيوتر يقدمان لنا صورة ما يحدث فإننا نرى الصورة وليس الحقيقة، فلم تعد الجماهير تستمتع باللعبات فى الملاعب الحقيقية، واستعاضت عنها بالفرجة على الصورة الافتراضية ولم تعد المناقشات بين المشجعين تتم عبر التلاحم الإنسانى الواقعى فى المنازل والمقاهى وأماكن العمل بل أصبحت المناقشات الإنسانية الحية التى تدفع الناس للتواصل الإنسانى أصبحت تدار فى الإنترنت، فى المنتديات والمواقع فى أجهزة الكومبيوتر التى لا تقدم الحياة الواقعية بالطبع بل تقدم لنا حياة افتراضية تشبه حياتنا لكنها ليست هى فأصبحنا نستمتع بالعالم الافتراضى الذى يقدمه لنا جهاز الكومبيوتر، وفقدنا متعة الإحساس بالعالم الحى الحقيقى، وهل يستطيع النادى الأهلى أن يستعيد البطولات المفقودة بدون مشجع حقيقى يشعر أن النادى الأهلى هو بيته الحقيقى؟ وليس مشجع افتراضى لا يرى فريقه إلا عبر شاشة التليفزيون؟ وهل نستمتع إلى مشجع أهلاوى حقيقى يشعر أن النادى الأهلى هو بيته الحقيقى يقول لصديقه المشجع الأهلاوى الافتراضى: "روح يا صديقى ربنا ينوّر بيتكم بحريقة".

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.