اجتمع ما يقرب من مائة من النشطاء والمهتمين «بالقضية القبطية» من الأقباط المقيمين خارج مصر، فى 28 و29 مارس 2009 فى فرجينيا بالولايات المتحدة، لمناقشة الجوانب الرئيسية للقضية. وقد اتفق المجتمعون على التالى: أولا: إذ تتوزع اهتمامات وانتماءات الأقباط السياسية والأيديولوجية، لا يمكن التعامل معهم ككتلة واحدة إلا فيما يتعلق بمطالبهم التى تنبع من، وتتركز فى، وتدور حول: "حقوق مواطنة كاملة ومساواة تامة فى وطنهم مصر، بدون قيد أو شرط، وطبقا لمعايير حقوق الإنسان العالمية". ومن حيث المبدأ ندرك أنه لا يمكن أن تخرج مصر من مأزقها الحضارى لتسير على طريق الدولة الحديثة، ولا أن تتحقق مطالب الأقباط العادلة، إلا فى ظل نظام ينفصل فيه الدين عن الدولة والسياسة بصورة قاطعة؛ دولة لا يستند دستورُها أو قوانينُها إلى «مرجعية دينية» أيا كانت، ويكون «النظام العام» و«المجال العام» فيها محايدا إزاء «الدين»، ولكنها تكفل حقوق مواطنيها فى حرية الاعتقاد والتمسك بالقيم أى "دولة علمانية". كما ندرك تماما أن «الانتخابات» فى حد ذاتها لا تعنى الديمقراطية بل قد تؤدى إلا عكسها إذا لم تتوفر الشروط المناسبة، وأن «الديمقراطية» الحقيقية لا يمكن أن تقوم إلا فى إطار نظام "علمانى". ولذلك ندرك بوضوح أن «حلفاء» الأقباط الطبيعيين هم القوى المستنيرة من دعاة الدولة الوطنية العلمانية الحداثية ودعاة مناهضة التمييز. وبينما نؤمن تماما بحق أى فرد أو جماعة فى اعتناق ما يشاءون من أفكار سياسية والتعبير عنها فى إطار الشرعية، إلا أننا نرى أنه لا يمكن للنشطاء المدافعين عن حقوق مواطنة الأقباط «التحالف» مع من لا يمكن أن تجمعهم بهم «أرضية مشتركة» طبقا للمبدأ أعلاه. ثانيا: بدون انتظار لتغييرات جذرية ضرورية، والمشار إليها أعلاه، نعتقد أن على الرئيس حسنى مبارك والقيادة السياسية مسئولية القيام بعمل جدى وسريع لإحداث تقدم ملموس وواضح فى عدد من الملفات؛ وهو أمر ممكن تماما إذا ما توفرت الرغبة والإرادة السياسية: 1 ملف «حرية ممارسة الشعائر الدينية وحرية العقيدة» التى «يكفلها» الدستور (المادة 46) وما يتبع ذلك من إطلاق حرية بناء الكنائس، وإنهاء الممارسات التعسفية لجهات الإدارة والأمن فى حالات التحول الديني. 2 ملف «المشاركة السياسية» وضرورة الوصول إلى صيغة تضمن التمثيل العادل للأقباط (والمرأة) فى إدارة شئون وطنهم. 3 ملف «المشاركة الوظيفية» وضرورة إنهاء كافة أشكال التمييز التى تمارسها أجهزة وقيادات الدولة. 4 ملف «التعليم» بكافة جوانبه المظلمة، وضرورة إنهاء الازدواجية غير المبررة فى النظام، وتحويل المقررات إلى أدوات إخاء وطنى وليس وسائل قهر دينى، وتنمية وتشجيع ملكات التفكير النقدى الحر بدلا من التلقين، وإنهاء التمييز الصارخ فى مناصب هيئات التدريس الجامعية ضد غير المسلمين، الخ. 5 ملف «الإعلام الحكومي» وضرورة إنهاء احتكاره لصالح «أحد الأديان» ووقف استغلاله فى الهجوم القميئ على باقى الأديان. 6 ملف «العنف ضد المواطنين الأقباط الأبرياء» وضرورة وضع حد لتخاذل وتواطؤ أجهزة الأمن والإدارة، وردع المعتدين بدلا من لوم الضحايا. 7 ملف «الأحوال الشخصية للمسيحيين» وضرورة إصدار القانون الذى يرقد فى الأدراج منذ سنوات طويلة. ثالثا: ننوه بأن الأقباط، فى مساعيهم لتحقيق مطالبهم العادلة، يسلكون السبل الحقوقية والسياسية السلمية والمشروعة ولا يشكلون فى داخل مصر أو خارجها قوة «معارضة» أو «مناهضة» أو «مقاومة» ضد «نظام الحكم»، بالمعانى السياسية المعروفة لهذه التعبيرات. يتركز دورنا فى اتجاهين مترابطين ومتكاملين: أولا، المساهمة فى إقامة دولة مؤسسة على قيم الحرية والعدل والمساواة فى مصر، تلتزم بالمعايير العالمية للدولة الحديثة وتسعى لرخاء مواطنيها على الأرض (وليس لإدخالهم الجنة)؛ وثانيا، فى مساعدة أقباط الداخل على تحقيق مطالبهم العادلة. ونقوم بهذا الدور بشفافية وبدون شبهة وصاية أو تعالى أو ادعاء بالتحدث باسم، أو «التفاوض» نيابة عن أحد. ومن بين آليات عملنا، وفى حرصنا على مصر وعلى الأقباط، فإننا نتبع السبل المشروعة المتاحة لنا فى أوطاننا الجديدة بدون أدنى رغبة فى إحداث ما قد يضر «مصر الوطن»، ولكن أيضا بدون أى تردد أو خوف أو وجل أمام الاتهامات التى عفا عليها الزمن التى يطلقها أحيانا من يبذلون جهودهم فى مثل هذه الأمور العبثية بدلا من معالجة المشاكل بصورة أمينة. وفى نفس الوقت، ندعو أقباط الداخل إلى التمسك التام بحقوقهم العادلة والإصرار على المطالبة بها والسعى للحصول عليها عن طريق تكثيف الجهود السلمية الشرعية بكافة أنواعها وآلياتها. رابعا: نلاحظ قدرا كبيرا من تشتت وتضارب الجهود بين «نشطاء الأقباط» وإحجام الكثيرين عن العمل بسبب ما يرونه على الساحة من أمور «غير مشجعة» من «البعض»، ونرى وجوب اتباع أساليب نبيلة فى سبيل القضايا النبيلة.. وقد اتفقنا على تشكيل «كيان» تنظيمى يوفر سبل تنسيق وتكثيف العمل المشترك الفعال لنشطاء الأقباط المتوافقين فى التوجه والفكر. وقررنا تكليف مجموعة تنسيقية صغيرة تقوم بالإعداد لقيام هذا الكيان بصورة مناسبة بأسرع وقت. وقررنا الالتفات بصفة خاصة إلى توسيع دائرة «النشطاء» المهتمين بالعمل، خصوصا وأن هناك طاقات كبيرة، من بين أبناء الجيل الأول والجيل الثانى، ممن يتطلعون للمشاركة فى العمل الجدى ولكنهم لا يجدون الفرص المتاحة. خامسا: كلف المجتمعون مجموعة صغيرة للعمل للإعداد لتكوين كيان تنظيمى، وإبلاغ المشاركين بالتفاصيل للموافقة عليها لحين عقد مؤتمر للإعلان عن كافة ما يتعلق بهذه المؤسسة الجديدة.