أصبحت المعارضة فى نظر البعض الآن خروجا على الحاكم وعلى الشرعية الحاكمة مع أننا تعلمنا أن المعارضة هى دعم للحكم الرشيد ونبراس له.. وهؤلاء المؤيدون للحاكم الرافضون لانتقاده فهمهم للديمقراطية بأن الشعب وحدة واحدة ينساق لرئيسه والباقى خوارج خطأ.. فطغيان الأغلبية أكثر ما عانيناه فى الحكم السابق.. وهؤلاء المؤيدون بجهلهم وسلطهم وغرورهم سيكونون أول مسمار فى نعش هذا الحكم.. فإلقاء النظر على السلبيات ليس عوناً للمتآمرين.. ونقد الحاكم وأعوانه وأتباعه ليس خيانة.. الخيانة يا سادة أن نرى استمرار الخطايا بأعيننا ونسكت عليها.. وهذا هو الشعب ومن حقه أن ينزل للميادين ويقول ما يريد.. أليست هذه هى مصر بعد الثورة أم هى مقبولة فى جمعتكم ومرفوضة فى جمعتهم! .. أمر غريب هم يريدون الناس شياطين خُرس يقولون آمين ومن وراء الرئيس سائرين وفقط.. هناك معارضون مثل أى مجتمع.. وأنتم أيها المناصرون ليس معكم الحق الإلهى.. وأنصار حمدين والبرادعى مثلاً ليسوا زنادقة!.. مع الاعتراف بأن كثيرين من أعضاء الطرف المواجه للإخوان بالفعل يترصد أخطاؤهم وخطاياهم أكثر من سعيه لنشر فكرته.. والليبرالية ليست هى إبراز عيوب الإخوان وشتمهم.. وكثيرون منهم يظنون أنفسهم على دراية وفهم ويعطون لأنفسهم أدوار أكثر من حجمهم.. هؤلاء أيضاً يفهمون الديمقراطية طبقاً لأهواء مريضة .. والمعارضة الحقة هى انتقاد السلبيات والمطالبة بتغيير حقيقى لم نصل إليه.. تغيير فى كل شىء تتباطأ الخطوات عن إدراكه بحجة أن فى الوقت متسعا للإصلاح وهى أقوال سلبية تؤدى للخنوع والسكون.. فمثلاً هل استمرار البناء بكثافة عالية على الأرض الزراعية الخصبة على طول مصر وعرضها مع تولى الرئيس مرسى الحكم وحتى بعد انتهاء ال 100 يوم هل يُعد فشلاً لل 100 يوم التالية أم هو استمرار للعمران والنهضة؟!.. وعدم إصلاح جهاز الشرطة حتى الآن انتصار للثورة أم نكسة لها؟! ..وكثيرون للأسف يشغل بالهم عدم نقد الرئيس ولا يشغلهم إهانة كرامة إنسان.. ومن أول أسباب قيام ثورة 25 يناير هى انتهاك حياة مواطن اسمه خالد سعيد.. وفخامة الرئيس مبارك قال له المنافقون حينها.. فخامتك دى حادثة فردية .. فيا من تلقون تهم الخيانة على معارضيكم لتعلموا أنه أيضاً من يخون الثورة هو الحاكم العاجز المكبل قليل الحيلة.. وأبشروا فأزهى عصور المعارضة ستكون فى السنوات القادمة فنحن أمام خليط تاريخى.. حاكم من جماعة الإخوان لا يستطيع - مثلاً - أن يعين خبرات جماعته فى الدولة.. وميراث طويل من الفساد ما يزال متحكماً فى السياسة المصرية.. وتيارات يسارية وناصرية لا تثق مطلقاً لا فى الجماعة ولا فى الرئيس.. وجماعات دينية بعيدة عن فقه الواقع وكانت منذ شهور تقول أن الديمقراطية كفر.. وشعب ما يزال يبحث عن الحرية ويجد رئيسه مكبلاً وعاجزاً ومتردداً يستجيب للحصار وكأن الثورة لم تقم وكأن الأصنام ما تزال داخل كعبة الوطن.. فليعترف كل فصيل بأخطائه ولا يظن نفسه منزهاً ولا مُوحى له.. كلنا خطائون والحياة تتسع لكل الأطراف.. لن ننتصر إلا إذا انتصرنا لله وللوطن وللحقيقة.. لا لجماعة ولا لحزب.. والله الموفق والمستعان.