محافظ بني سويف يلتقي أعضاء قافلة (البحوث الإسلامية) لمتابعة فعاليَّاتها الدعويَّة    القومي للمرأة يشارك في قمة الإبداع الإعلامي للشباب العربي    جامعة المنصورة تُشارك في انطلاق النسخة الثانية من مبادرة كن مستعدًا    جهاز حماية المستهلك يكشف شروط الاسترجاع واستبدال السلع بالأوكازيون الصيفي    «الإسكان» توضح أسباب سحب الأرض المخصصة لنادي الزمالك    البيت الأبيض يزعم: حماس وافقت على مقترح الصفقة خوفا من تصريحات ترامب    كرم جبر يكتب: مصر والعرب.. الحكمة في زمن الارتباك!    المصري يرفض الخسارة أمام بيراميدز في الدوري    اندلاع حريق في عقار سكني بالكرنك بالأقصر والدفع ب4 سيارات إطفاء (صور)    أحمد سلامة: ملتزمون بمساعدة نجوى فؤاد (فيديو)    4 أبراج لا تستطيع بدء يومها بدون قهوة.. القوة المحركة لهم    بيان رسمي من مديرية الشؤون الصحية بمحافظة الدقهلية بشأن وفاة الطفل مالك    وكيل وزارة الصحة بكفر الشيخ بتابع سير العمل في مستشفى الحميات    "تعليم الشرابية" توجه بسرعة رفع المخلفات وتكثيف أعمال التشجير بالمدارس    حزن في كفر الشيخ بعد وفاة والد كابتن محمد الشناوي إثر حادث سير    فرقة لاثونا جايتيرا الكولومبية تقدم حفلا فى مهرجان القلعة (صور)    114 ألف دولار نفقة شهرية.. تعرف على شروط انفصال كريستيانو وجورجينا    رئيس الرقابة على الصادرات: معمل اختبار الطفايات المصري الثالث عالميا بقدرات فريدة    مبابي وفينيسيوس يقودان هجوم الريال ضد أوساسونا في الدوري الاسباني    تقرير: باير ليفركوزن يقترب من استعارة لاعب مانشستر سيتي    طاهر النونو: مقترح بتشكيل لجنة مستقلة لإدارة غزة فور وقف إطلاق النار لتسهيل إعادة الإعمار    إعلان القائمة القصيرة لجوائز الصحافة المصرية (دورة محمود عوض 2025) وترشيحان ل«الشروق».. تفاصيل    تعدّى على أبيه دفاعاً عن أمه.. والأم تسأل عن الحكم وأمين الفتوى يرد    هل الكلام أثناء الوضوء يبطله؟.. أمين الفتوى يجيب    مصرع طالب غرقًا في سمالوط بالمنيا    شروط تركيب عدادات المياه الجديدة 2025.. قرار وزارة التموين والتفاصيل الكاملة    نابولي يعلن ضم مدافع جيرونا    "ابني كريم رد عليا".. صرخة أم في سوهاج بعد أن ابتلع النيل طفلها (القصة الكاملة)    كيف تعرف أن الله يحبك؟.. الشيخ خالد الجندي يجيب    "رقص وفستان جريء".. 20 صورة ل ميريام فارس من حفلها بالسويد    بصحبة زوجة كريم محمود عبدالعزيز.. ريهام أيمن تنشر صور جديدة لها    اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD)، التشخيص والعلاج عند الأطفال والكبار    أمين الفتوى ل الستات مايعرفوش يكدبوا: لا توجد صداقة بين الرجل والمرأة.. فيديو    لليوم الرابع.. "مستقبل وطن" يواصل اجتماعات لجنة ترشيحات النواب استعدادًا لانتخابات 2025    بنك القاهرة يطلق حملة ترويجية وجوائز لحاملي البطاقات الائتمانية    تقارير: 200 طفل يصابون يوميا بسوء تغذية حاد    محامي بدرية طلبة يوضح حقيقة إحالتها للمحاكمة ب«إساءة استخدام السوشيال ميديا» (خاص)    4374 فُرصة عمل جديدة في 12 محافظة بحد أدنى 7 آلاف جنيه    جهاز الاتصالات: إيقاف الهواتف التي تجري المكالمات التسويقية الإزعاجية بداية من الأسبوع المقبل    عمرو دياب يرقص على موسيقى «أشغال شقة».. وهشام ماجد: «يا مسيطنا في كل حفلة» (فيديو)    نفق وأعمال حفر إسرائيلية جديدة داخل ساحة البراق غرب المسجد الأقصى    وكيل تعليم بالأقصر يتفقد التدريب العملي لطلاب الثانوية الفندقية على أساسيات المطبخ الإيطالي    الشيخ خالد الجندى: افعلوا هذه الأمور ابتغاء مرضاة الله    بالصور- وزير العدل يفتتح مبنى محكمة الأسرة بكفر الدوار    صور.. النقل تحذر من هذه السلوكيات في المترو والقطار الخفيف LRT    بعد جولة مفاجئة.. محافظ الدقهلية يحيل مسؤولين بمستشفى نبروه للتحقيق    مواصلة الجهود الأمنية لتحقيق الأمن ومواجهة كافة أشكال الخروج على القانون    لافروف: أجواء محادثات بوتين وترامب فى ألاسكا كانت جيدة للغاية    الأرصاد: اضطراب الملاحة على البحر الأحمر وخليج السويس والموج يرتفع ل3.5 متر    ضبط 433 قضية مخدرات فى حملات أمنية خلال 24 ساعة    "الموعد والقناة الناقلة".. النصر يصطدم بالاتحاد في نصف نهائي السوبر السعودي    صعود جماعي لمؤشرات البورصة بمستهل جلسة اليوم    وزير الدولة للاقتصاد والتجارة والصناعة الياباني: الاقتصاد المصري يحتل أهمية خاصة للاستثمارات    إلغاء إجازة اليوم الوطني السعودي ال95 للقطاعين العام والخاص حقيقة أم شائعة؟    «100 يوم صحة» تقدم 52.9 مليون خدمة طبية مجانية خلال 34 يومًا    عماد النحاس يكشف موقف الشناوي من مشاركة شوبير أساسيا    رابط نتيجة تقليل الاغتراب 2025 بعد انتهاء تسجيل رغبات طلاب الثانوية العامة 2025 للمرحلتين الأولي والثانية    «ثغرة» بيراميدز تغازل المصري البورسعيدي.. كيف يستغلها الكوكي؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحاجة عبّاسة عندها 100 سنة وتبيع على فرشة «شبت وبقدونس» والست كرامات عندها 90 وواقفة على أقفاص برتقال
الاثنتان هربتا من جحيم الصعيد إلى نار القاهره الموقدة
نشر في اليوم السابع يوم 27 - 02 - 2009

سيدتان جاءتا من الصعيد.. تقابلك طلعة احداهن السبعينية فى شارع 9 بالمعادى، وتنطبع فى ذهنك صورة الأخرى الجالسة فى شارع جانبى من شوارع الملك فيصل وقد جاوزت التسعين من عمرها، فيتملكك الخجل والأسى أيضاً من جلسة امرأة من المفترض أن تكون أوكانت «بركة البيت» وسيدته وجدته هكذا! لا شئ سوى التجاعيد، وتراب الشارع وسخرية الصغار، لدى الأولى أقفاص من البرتقال وأمام الثانية «فرشة» خضرة وشبت وخس وبقدونس، أما التجاعيد الأخاديد فلن تمل عيناك تفحصها, ستقرأ عمراً وتفاصيل انسان وأشياءاً أخرى اضافية على خارطة هذه الوجوه المسنة والمقيمة بالشارع.
سبعينية المعادى بيضاء أنيقة تبدل شالها القطيفة الكحلى مع الأسود وهكذا أيامها يوم «كحلى» ويوم «أسود». وتسعينية فيصل سمراء بسيطة لا تملك غير شالها الأسود، وبرغم أن مابين السبعينية والتسعينية هو ما بين «محافظة حلوان مؤخراً» و«الجيزة» من مسافة وبعد، إلا أن الإنتماء إلى الطائفة المنسية.. «مسنات مصر» هو بالطبع ما يجمعهما وبشدة!
الحاجة «كرامات», احتراما وليس حقيقة فهى لم تحج بيت الله فضلا عن أن يكون لها بيت أصلا، من بنى سويف: «أنا بقى لى هنا زيادة على 12 سنة يابنتى بقعد فى زمهرير الشتا وصهد الصيف، ساكنة فى أوضة فى كوزيكا تقصد كوتسيكا وتفصلها عن المعادى محطتان بالمترو بدفع كل شهر 60 جنيه إيجار الأوضة، وبصرف من تمن البرتقان على نفسى وأختى الضريرة اللى قاعدة معايا».. وفين ولادك وأحفادك وجوزك يا حاجة؟ وبخفة دم وتكشيرة ردت: «قطعوا.. قطعوا كلهم أبوهم مات من زمان وسايبنى للغلب خدنا من الرجاله إيه؟!, وأهم العيال ولا كأنهم يعرفونى لا أنا ولا خالتهم محدش حنين غيره يا بنتى» وأشارت إلى السماء، وفى أثناء ذلك قامت فجأة امرأة أخرى فى الخمسينات كانت تجلس على مقربة منها واختطفت برتقالة وجريت: «يا ولية يا حرامية.. حرام عليك شقايا» هكذا صرخت الحاجة بانفعال، ثم استكملت: «أهى الست دى شحاتة، لمت النهاردة من القطر تقصد المترو 200 جنيه وكل يوم تيجى ع المغرب زى كده تصححهم من السوبر ماركو اللى قدامى ده وتخطف لها برتقانة وتجرى ده غير العيال الصغيرة اللى بيستغلوا ضعفى وإنى مش ح أقدر أقوم أجرى وراهم.. كله ياأمّايا بيخطف و.. يجرى! تواصل: واحدة زيى فى السن دى كانت تقعد فى بيتها على فرشتها ويخدموها ويراعوها لكن ح نعمل ايه آدينى واخدة الأوضة جنب الأرافة عشان ولاد الحلال ميتعبوش لما يروحوا يدفنونى. فى «فيصل» يمكنك ان تقابل الحاجة احتراماً أيضاً «عبّاسة» من محافظة قنا توفى زوجها من سنوات طوال أقامت بعدها فترة مع أبناءها الذكور الثلاثة حتى ملّوا منها وبدأوا فى تطفيشها ولأنها عزيزة النفس - كما تقول اتصلت بإبنتها نجاح أو «أم سيد»، سيدة فى الخمسينات من عمرها لتأتى تعيش معها فى «مصر» وبالفعل استجابت نجاح لرغبة أمها وأحضرتها من قنا لتعيش معها فى «المنشية» احدى عشوائيات حى فيصل: «أصلها الحنينة اللى فيهم ربنا يبارك لها. «أنا كويسة الحمد لله»، هذا هو كل ما تتمتم به عبّاسة اجابة عن أى سؤال. ابنتها أم سيد تبيع على «فرشة» خضرة وبجوارها خمس بنات وولد ونكبت هى الأخرى فى زوجها العاطل تقول: «هوه موجود ومش موجود.. أنا بصرف ع البيت وجوزت بناتى كلهم والولد، واتنين منهم اتطلقوا ورجعوا لى كل واحدة بتلات عيال وبقيت بصرف على ده كله، من وأنا سنى ست سنين وأنا شقيانة أبيع الخضرة والذرة، قلت لما اتجوز ح أستريح لكن بالعكس دقت المر ألوان، أنا بقالى 35 سنة متجوزة بطلع كل يوم من 8 الصبح لحد 8 بالليل ودلوقت بقت أمى تطلع معايا كمان ف ديلى وتعيط لو مخدتهاش معايا زى العيال الصغيرة والله بحوش لها علشان نفسها تلبس حلق دهب بدل اللى بيعه لها أخويا، نفسى تلبسه ولو ليلة قبل ما يجرى لها حاجة»!
تعيش أم سيد والحاجة عبّاسة والزوج العاطل والبنات المطلقات وأولادهن فى عشة سقفها من الخشب مساحتها 70 متر استطاعت أم سيد بناء حيطانها ب7 آلاف طوبة تبرع بها فاعل خير فى رمضان الفائت فقط كما استطاعت تكملة قسط الثلاجة وفيما عدا ذلك لا تملك غير غسالة مستعملة «نص عمر»، ومعنديش بوتاجاز ولا أى حاجة، بس الحمد لله ربيت عيالى وجوزتهم وكنا بنبات واكلين اللى موجود ان شاء الله شوية ملح وكمون وبصلة ولقمة بس ولادى ميخبطوش على باب, حتى الأرض دى كتبتها باسم أبوسيد, صحيح أنا اللى جبتها من لحمى الحى لكن أهو أبوالعيال برضه, بس مقدرتش أرمى لها أساس ولا حتى سقف، ومعرشاها خشب وبلاستك وبحتاس لما النطرة تنزل, ساعات بكلم نفسى وأقول لو أمى المتبهدلة معايا دى فى العفرة «سيخ حديد» كانت ح يتعمل لها قيمة لكن البنى آدم حتى لو كان رجله والقبر كده بقى رخيص أوى يا أبلة, نفسى أتكن أنا وأمى بعد شقى السنين دى كلها أنا وهيه بقينا جدات، شيخنا ولسه شقيانين!».. انتهى اللقاء مع عبّاسة وأم سيد، انصرفت ووقفت أحدق إليهما على ناصية الشارع.. أحسست أن ال100 عام من عمر عبّاسة ما هى إلا 100 من عمر «مصر» الجدة الأكبر لعبّاسة, تذكرت أيضاً الحاجة «كرامات» التى ليس لها من اسمها أى نصيب, يا ترى كم عبّاسة وكرامات مبدورات فى أرضنا من أقصاها إلى أقصاها!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.