الملك عبد الله لم يكن راعى الغنم يجيد حتى القراءة والكتابة، حياة الصحراء عزلته عن دنيا السياسة وشئونها.. يعرف بالكاد اسم رئيس البلاد القائد الملهم والزعيم الأوحد.. بيته فى أقصى غرب العراق على الحدود مع سوريا، لم يكن يتخيل الحاج طلفاح أن يقبع فى سجن أبوغريب لعشرين عاما، بتهمة هى الأغرب فى التاريخ العربى المشترك، فأغنام الرجل لا تميز الحدود فعبرتها إلى المراعى داخل الأراضى السورية.. الحاج طلفاح تنبه إلى الخطأ فعاد أدراجه إلى الأراضى العراقية.. وشاء حظه العاثر هذه المرة أن ترصده أعين رجال الحدود العراقيين.. وفى صباح اليوم التالى وجد الحاج طلفاح نفسه ماثلا للتحقيق أمام دائرة مكافحة التجسس العراقية فى بغداد.. الحساسية الشديدة بين فرعى البعث فى بغداد ودمشق نسجت قضية تجسس متكاملة ضللت بها العدالة وصدر ضده حكم بالإعدام، تم تخفيفه إلى السجن 20 عاما.. أمضى أغلبها فى سجن أبوغريب، ولم يغادره إلا بعد الغزو الأمريكى للعراق. قصة الحاج طلفاح سجلت مرحلة من الصراع بين جناحى البعث فى سوريا والعراق راح ضحيتها العشرات فى سجون النظامين، غير من علقوا على أعواد المشانق بتهم العمالة والخيانة.. وأخيرا التآمر، وقصص التآمر واتهامات العمالة لا تخلو منها وسائل الإعلام العربية..لعل أشهرها ما وصفته السعودية بمؤامرة المخابرات الليبية لاغتيال الملك السعودى عبد الله بن عبد العزيز، وهى المؤامرة التى ألقت بظلالها على مؤتمر القمة العربية فى شرم الشيخ، عندما تبادل الطرفان السباب أمام الكاميرات. السعودية اعتقلت ضابطا فى المخابرات الليبية أو تسلمته من دولة صديقة.. كان يدبر مع يمنى يحمل الجنسية الأمريكية دخل إلى المملكة أكثر من مرة ورصدت المخابرات السعودية تحويلات مالية لأحد بنوك مكةالمكرمة للإعداد لاغتيال الملك السعودى.. وبعيدا عن النفى الليبى للمؤامرة، أو التأكيد السعودى وتسريب اعترافات لضابط المخابرات الليبى محمد إسماعيل، فالمؤكد أن صراعا ليبيا سعوديا انتقل إلى مدن أوروبية وعربية أخرى، حتى أن إحدى عمليات التخابر أطلقوا عليها الزحف الكبير للمعارضة السعودية المدعومة ليبيا. ومن السعودية إلى قطر التى اعتقلت قبل شهور طويلة نجل وزير الإعلام الأردنى الصحفى فراس المجالى الذى يعمل فى وزارة الإعلام القطرية وتعمل زوجته مذيعة بالتليفزيون القطرى، بعد اتهامه بالتجسس على شيوخ قطريين ومسئولين فى الحكومة هناك وإرسال تقارير إلى المخابرات الأردنية.. اعترافات المجالى سببت حرجا شديدا للأردن، استوجب تدخل الملك عبدالله شخصيا لإطلاق المجالى وكشف عن استخدام المخابرات الأردنية لمواطنيها فى الدول العربية.. ونشرت جريدة عرب تايمز تقريرا لها من سوريا عن تسلل عدد من عملاء المخابرات الأردنية إلى أراضيها وشددت المخابرات السورية مراقبة الأردنيين الذين دخلوا سوريا فى الفترة الأخيرة.. المخابرات السورية قالت أيضا إن الأردنيين ينتشرون الآن على طول الحدود مع العراق، وتتهم بتسريب أخبار عن تزويد المقاومة العراقية بالأسلحة أذاعتها شبكة «فوكس نيوز» الأمريكية. السفير محمود شكرى سفير مصر السابق فى دمشق أكد أن الفكرة رغم غرابتها على المجتمع العربى، إلا أنه فى عالم المخابرات السرى والغامض كل شىء جائز، وأن للتخابر درجات، وهناك فارق بين الحصول على معلومات عامة للدولة، وبين التجسس على ما يمس أمنها القومى. أيضا فى المشرق العربى مازال ملف التجسس ساخنا وتحركه توجهات سياسية، وأطراف خارجية وداخلية، سوريا ولبنان طرفان لصراعات مخابراتية مستمرة، بدأت تصاعدها الملحوظ فى أعقاب مقتل رئيس الوزراء اللبنانى الأسبق رفيق الحريرى، بعد اتهامات لسوريا بالتورط فى اغتيال الحريرى، وهو ما خلف حالة من الاحتقان بين الدولتين، ظهرت واضحة فى تصريح صحفى لوزير الاتصالات والثقافة السورى د.عمرو سالم هذا العام، حول مشكلة تقنية بطلها فنيون لبنانيون كانوا يعملون فى إنشاء شبكة الإنترنت بسوريا، لتتناقلها وسائل الإعلام على أنها عملية تجسس على الأمن المعلوماتى السورى، ثم تراجع وزير الاتصالات السورى عن الاتهامات، وقال إن تصريحاته تم تفسيرها بشكل خاطئ. تراجع الوزير السورى لا يعنى براءة ساحة كل من الجانبين من التورط فى عمليات تجسس على الآخر، وهو ما كشفه «إيف بونيه» رئيس جهاز الاستخبارات الفرنسى الأسبق فى كتابه «رهائن الأكذوبة» عندما قال رئيس الحزب التقدمى الاشتراكى والنائب اللبنانى وليد جنبلاط كان عميلا للمخابرات الفرنسية والأمريكية، وقدم لهما معلومات غاية فى الأهمية تخص حزب الله وسوريا، وهو ما يعنى تجسسا من قبل لبنان على سوريا، وفى نفس السياق وقبل مغادرة المشرق لا يمكن إغفال تصريحات محافط البصرة العراقى محمد الوائلى التى اتهم فيها دولا مجاورة بينها السعودية وسوريا بالتجسس على بلاده، وعليه هو شخصيا. ومن المشرق العربى إلى قلب العروبة النابض مصر التى أدانت محكمة الاستئناف اليمنية فى أكتوبر الماضى سعوديا وقررت إعدامه لقيامه بالتجسس لحساب السفارة المصرية هناك، محكمة الاستئناف اليمنية قالت إن حمد الضحوك وهو جندى سعودى من أصل يمنى، متورط فى تقديم معلومات للسفارة المصرية وفى نفس القضية برأت المحكمة ضابطا بالجيش اليمنى من الاتهام نفسه لعدم توافر الأدلة.. المحكمة قالت إن المتهم أمد مسئولين مصريين بمعلومات تتعلق بتمويل سعودى وكويتى لخلية إرهابية تنوى تنفيذ أعمال إرهابية على أرض مصر.السفير السابق عبدالله الأشعل، غير مقتنع بوجود تجسس بالمعنى الحرفى بين الدول العربية، وخاصة بين مصر والسعودية. وأكد عبدالله الأشعل أن التجسس متعارف عليه ويتم بشكل يومى بين الدول الأوروبية بعضها وبعض، بل ويتم بين الدول الصديقة كأمريكا وإسرائيل مثلا، لكن هذه فكرة بعيدة عن الدول العربية، وحتى لو فرضنا وجود ذلك التجسس فهو تجسس محمود ومعروف، للوقوف على طبيعة العلاقات مع الدولة الأخرى فقط، وليس بغرض إيذائها، والإضرار بها، وهو ما يجعلنا نميز بين نوعين: تجسس حميد، وآخر خطير، يهدف للتجسس وكشف الأسرار العسكرية، والصناعية، والفنية، وأضاف الأشعل أن هناك قاعدة دبلوماسية، عامة وهى أن الدول لا تلجأ إلى التجسس إلا فى حالات وجود خلافات بينهما على الصعيد السياسى، وإن أعلنت السعودية رسميا عن جاسوس مصرى، فهذا يعنى وجود أزمة أو كارثة بين البلدين. لمعلوماتك... ◄3 أجهزة استخباراتية سعودية تابعة للملك ◄12 عاماً أقصى عقوبة لجاسوس مغربى بالجزائر