قبل الثورة.. ولدت أفكار فى عقولنا تحثنا على ضرورة التغيير من أوضاعنا السيئة.. ومن هذه الأفكار فكرة المطالبة بالحرية والعدالة الاجتماعية كبداية للثورة.. ثم نمت الفكرة وتطورت إلى أن تحولت إلى ثورة تطالب بإسقاط النظام كله ومحاكمته.. إن مثل هذه الأفكار هى التى دفعتنا للغير.. ونحن نعلم جيدا أن الأفكار هبة من الله يسوقها إلينا وليس من الحكمة التفريط فى هذه الهبة.. كما أنه ليس من الذكاء أن نستعجل نضج أفكار جديدة أخذت وضعها فى عقولنا.. فرب فكرة زارتنا اليوم، جاء أوان تنفيذها بعد سنين.. فمن هذه الأفكار التى لربما استعجلنا نضجها.. فكرة الزحف إلى فلسطين لتحرير بيت المقدس.. إنها فكرة تستحق التقدير ولكنها للأسف الشديد فى وقتنا الحالى غير مكتملة النضج.. فكرة (بنت سبعة). يقول الله تعالى: { واعدوا لهم ما استطعتم من قوة} صدق الله العظيم.. هكذا أمرنا الله، وهذا هو ديننا الحنيف.. أن نعد العدة والقوة لمواجهة أعدائنا أعداء الأمة.. فالقائد العظيم لا يحسن القتال بالسيف الدوان (الذى لا يقطع).. لذلك فيجب علينا الوصول بمصرنا الحبيبة إلى بر الأمان أولا.. والقضاء على كل ما يحيط بها من مكائد.. والوقوف جميعا صفا واحدا مسلما ومسيحيا شعبا وجيشا غنى وفقير.. ونكون على قلب رجل واحد لنكمل ما بدأناه. فالزحف الآن يجب أن يكون نحو القضاء على فلول النظام السابق والبلطجة والفقر والجهل والبطالة ونظام التعليم المحبط.. وتقوية اقتصادنا لنعود من جديد أقوى دول المنطقة بجيشها وشعبها واستقرارها وأمنها.. وحتى نعود من جديد قلب الأمة العربية النابض.. فالخطر كل الخطر أن نصغى لأى صوت بداخلنا يدفعنا لتنفيذ فكرة ما خطرت ببالنا دون أن ننظر إلى آخر الطريق قبل أن نبدأ السير.. ودون أن نكمل مسيرة ما قد بدأناه. لذلك فالزحف يجب أن يكون للداخل أولا.. لإصلاح حال البلاد وإعادة بناء وإصلاح حال أمتنا.. ونؤجل الزحف إلى القدس لوقت قريب قادم لا محالة.. نكون وقتها أعددنا العدة واستقرت البلاد بقوة شعبها وجيشها واقتصادها.. وحينها يكون الزحف قريب.. ويكون النضج قد اكتمل.. فمصر الآن فى أشد الحاجة إلى شعبها.. لتوحيد جهودنا وأن نكون على قلب رجل واحد للقضاء على الفوضى والبلطجة واحترام سيادة القانون واستعادة هيبة الدولة حتى يعود الاستقرار للشارع المصرى.. وتكون توجهاتنا لأن نقف على قدمنا مرة أخرى وتنطلق عجلة مصر نحو الاستقرار والتنمية. فمصر لم تنطلق إلا إذا واجهنا قضايانا بطريقة كاملة متكاملة وغير مبتسرة.. وبوحدتنا كشعب مصرى دون الالتفات إلى كونه مسلما أو مسيحيا.. فكلنا مصرى.. فنحن الآن فى موقف لا يحتمل التصنيف.. فكلنا فى مركب واحد تتلاطمه أمواج الفتنة.. فلابد أن ننجو بأنفسنا وبمصرنا. ختاما فإننا لا نريد لأفكارنا أن يتم إجهاضها بل نريدها أفكارا ناضجة تخرج فى وقتها المناسب مكتملة النمو غير ناقصة، لنستطيع أن نواصل حياتنا وتنمو لا أن تموت.