المشهد فى فنزويلا كان مادة خصبة للخلاف الأمريكى الروسى قبل وأثناء اجتماع مجلس الأمن الطارئ، حيث بادرت واشنطن بدعم زعيم المعارضة فى كاراكاس، رئيس البرلمان خوان جوايدو الذى نصب نفسه قبل أيام رئيساً مؤقتاً للبلاد، معلنا عدم الاعتراف بشرعية الرئيس نيكولاس مادورو. وعرقلت روسياوالصين وجنوب أفريقيا وغينيا الاستوائية اليوم السبت، مسعى الولاياتالمتحدةالأمريكية، لاستصدار بيان فى مجلس الأمن الدولى يعبر عن تأييد كامل للجمعية الوطنية الفنزويلية باعتبارها "المؤسسة الوحيدة المنتخبة ديمقراطيا" فى البلاد.
وجاءت هذه الخطوة قبل اجتماع لمجلس الأمن اليوم السبت بناء على طلب وزير الخارجية الأمريكى مايك بومبيو بعد أن اعترفت الولاياتالمتحدة ومجموعة من الدول فى المنطقة بزعيم المعارضة الفنزويلى خوان جوايدو رئيسا للدولة وحثت الرئيس نيكولاس مادورو على التنحي.
وتعارض روسيا مساعى الولاياتالمتحدة كما اتهمتها بمساندة محاولة انقلاب، مما يجعل فنزويلا فى قلب نزال جيوسياسى متصاعد. وقد عقد مجلس الأمن الدولي، اليوم ، اجتماعاً طارئاً لبحث الأزمة السياسية فى فنزويلا بين المعارضة بقيادة خوان جوايدو والرئيس نيكولاس مادورو، بطلب من الولاياتالمتحدة.
وأكد وزير الخارجية الأمريكى مايك بومبيو، خلال الجلسة، موقف بلاده المعلن حول أزمة الرئاسة الفنزويلية، قائلا: "لدينا الآن قائد فنزويلى جديد هو خوان جوايدو". وأشار بومبيو إلى أن هناك ملايين الأطفال يعانون من سوء التغذية فى فنزويلا، ملمحا إلى تردى الأوضاع الاقتصادية، مضيفا أن الولاياتالمتحدة تأمل أن تضمن مستقبلاً أفضل للشعب الفنزويلي، ولفت إلى أن نحو 3 ملايين فنزويلى اضطروا لهجر منازلهم بحثا عن الأمن، مؤكدا أن سجون مادورو مليئة بالمعتقلين.
وتابع بومبيو: "حاولنا إيجاد سبيل لأن يتحد مجلس الأمن بشأن فنزويلا، لكن روسياوالصين رفضتا ذلك"، مضيفا: "ندعو شعب فنزويلا لأن يعمل معنا لإقامة حكومة ديمقراطية". من جانبها، قالت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية إنه "لا هم لدينا إلا ضمان حقوق الشعب الفنزويلى وحريته".
وعبر مندوب بريطانيا فى الأممالمتحدة عن إيمان بلاده أن "جوايدو هو الرجل الصحيح الذى سيقود فنزويلا للأفضل وسندعمه رئيسًا شرعيًا لها".
فى المقابل، قال مندوب روسيا فى الأممالمتحدة فاسيلى نيبنزيا إن فنزويلا لا تمثل تهديدا على الأمن والسلم العالمي، متهما الولاياتالمتحدة وحلفاءها بالرغبة فى الإطاحة برئيس فنزويلا، نافيا بذلك حق مجلس الأمن فى مناقشة الوضع فى هذا البلد.
وفى معرض حديثه عن "الانقلاب"، قال إن الأزمة "شأن داخلي" فى فنزويلا. بدورها، قالت فيدريكا موجرينى الممثلة العليا لسياسة الأمن والشؤون الخارجية فى الاتحاد الأوروبى إن التكتل "سيتخذ إجراءات إذا لم تتم الدعوة إلى انتخابات فى فنزويلا خلال الأيام المقبلة".
وحاولت روسيا منع انعقاد الاجتماع حول فنزويلا، لكنها لم تنجح فى جمع عدد كاف من الأصوات لهذا الغرض (9 من أصل 15 عضوا فى مجلس الأمن).
وصوتت الصين وجنوب إفريقيا وغينيا الاستوائية مع الموقف الروسى لمنع عقد الاجتماع، لكن الدول الغربية الست (الولاياتالمتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وبلجيكا وبولندا) إضافة الى البيرو والكويت وجمهورية الدومينيكان أيدت انعقاد الاجتماع، فى حين امتنعت إندونيسيا وساحل العاج عن التصويت.
وقطع مادورو العلاقات الدبلوماسية مع واشنطن، وأمر الموظفين الدبلوماسيين الأمريكيين بمغادرة البلاد.
من جانبها، أعربت الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبى وعدد من دول أمريكا اللاتينية عن دعمها للمعارضة. وانحاز الجيش إلى الرئيس، رغم محاولات ضئيلة للتمرد من شأنها تشير إلى وجود انقسامات داخل قوات الأمن.
وكان مادورو قد فاز بولاية ثانية فى انتخابات جرت فى مايو/أيار الماضي، نُظر إليها على نطاق واسع بأنها غير ديمقراطية، وأدى مادورو اليمين الدستورية فى 10 يناير/كانون الثانى الجاري، وسط تصاعد الضغوط الدولية عليه لحمله على الاستقالة.
وظهر الدعم الأمريكى لمحاولات الإطاحة بنظام مادورو واضحاً منذ أكثر من شهر، كما كان ذلك جلياً فى اعتراف الرئيس دونالد ترامب بشرعية الوافد الجديد للسلطة، ودعوة الدول الغربية إلى أن تحذو حذو البيت الأبيض. وفى تقرير لها السبت، قالت صحيفة وول ستريت جورنال إن رئيس البرلمان الفنزويلى وزعيم المعارضة، خوان جوايدو، تلقى مكالمة هاتفية من مايك بنس، نائب الرئيس الأمريكى قبيل إعلان نفسه رئيسا مؤقتا لفنزويلا مطيحا بالرئيس نيكولاس مادورو.
وأوضحت الصحيفة، فى تقريرها نقلا عن مسئول رفيع المستوى فى الإدارة الأمريكية، أن بنس تعهد فى محادثته مع جوايدو أن الولاياتالمتحدة ستدعمه إذا ما استولى على مقاليد الحكم من مادورو من خلال الاستعانة ببند فى دستور البلد الواقع فى أمريكا الجنوبية.
وتقول الصحيفة، إنه على ما يبدو فإن الخطة السرية لإدارة ترامب لتقديم الدعم لزعيم المعارضة الفنزويلية خوان جوايدو، كانت مسبقة ومحكمة التنسيق.
وأدى رئيس البرلمان فى فنزويلا، اليمين رئيسا مؤقتا للبلاد، وذلك بعد أن اعتبرت المعارضة أن حكم مادورو غير شرعى، فيما سارعت واشنطن إلى الاعتراف بجوايدو. وأدى جوايدو اليمين أمام حشد كبير، فيما نزل مئات الآلاف من مؤيديه، ومناصرى مادورو إلى شوارع العاصمة كراكاس، وسط دعوات للجيش وقوات الأمن إلى دعم الديمقراطية وحماية المدنيين. وبمجرد إعلان جوايدو، اعترف الرئيس الأمريكى به رئيساً لفنزويلا، ودعا فى تغريدة عبر حسابه الشخصى فى تويتر، الدول الغربية إلى الاعتراف به كذلك وهو ما حدث بالفعل، حيث أقرت دول الاتحاد الاوروبى وكندا وكذلك الارجنتين والبرازيل الاعتراف بجوايدو رئيسا بعد إعلانهم عدم شرعية الانتخابات التى فاز فيها مادورو مؤخرا. فيما تقف روسياوالصين فى صف مادورو، ومعهم عدد من الدول والكيانات مثل تركيا وكوبا وحزب الله.
وعلى النقيض من الموقف الروسى ، واصلت الإدارة الأمريكية دعمها لسيناريو الإطاحة بنظام مادورو فى فنزويلا، حيث دعت مجلس الأمن الدولى قبل اجتماع مرتقب مساء السبت إلى إصدار بيان يؤيد الجمعية الوطنية الفنزويلية (البرلمان)، باعتبارها "المؤسسة الوحيدة المنتخبة بشكل ديموقراطي" .
وقبل الاجتماع الطارئ لمجلس الأمن، توقعت صحيفة واشنطن بوست بدورها أن تقع خلافات بين واشنطن والمعسكر الداعم للرئيس الفنزويلى نيكولاس مادورو، والذى يضم كلاً من روسياوالصين واللذان يملكان "حق الفيتو"، مشيرة إلى أن روسيا الحليف الأبرز لمادورو عرضت التوسط بين الحكومة والمعارضة.