رئيس الأعلى للإعلام يشارك في مناقشة التوصيات النهائية للجنة التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي    35% من جرائم القتل التي يرتكبها الأطفال نتيجة استغلال الآخرين.. دراسة جديدة    قناة ON تنقل قداس عيد الميلاد من مصر وبيت لحم والفاتيكان    الاحتياطي النقدي الأجنبي لمصر.. خط الدفاع الأول    «جرام من الطن».. كيفية استخراج الذهب من الصخور بمنجم السكري    مصر تودع استيراد إطارات السيارات وتتجه للتصدير..«تفاؤل» بخطة التسعير الجديدة |خاص    بارزانى: نقدر دور القاهرة فى استعادة السلام والاستقرار بالمنطقة    وزير خارجية أنجولا: علاقات التعاون مع مصر في مسار إيجابي    أمم أفريقيا 2025.. محمد صلاح يهدف لاقتحام صدارة هدافي مصر في الكان    كرة سلة - تتويج سيدات سبورتنج بلقب السوبر بعد الفوز على الأهلي    تأجيل محاكمة المنتجة سارة خليفة والتشكيل العصابي في قضية المخدرات الكبرى    المعهد القومي للاتصالات يفتح التقديم ببرنامج سفراء الذكاء الاصطناعي    أحمد القرملاوى عن روايته « الأحد عشر»:«داينا» ألهمتنى إعادة بناء قصة «يوسف» وإخوته    التراث الصعيدى فى ليلة افتتاح مهرجان التحطيب بالأقصر    تعليق مفاجئ من محمد إمام على أزمة محمد صبحي وهجوم الإعلاميين عليه    نواف سلام: نزع سلاح حزب الله جنوب نهر الليطاني بات على بعد أيام    وزير الإسكان يتابع موقف مشروعات وحدات المبادرة الرئاسية" سكن لكل المصريين" بعددٍ من المدن الجديدة    مركز الميزان يدين بشدة استمرار جرائم قتل وتجويع وتهجير المدنيين الفلسطينيين    هايدينهايم ضد بايرن ميونخ.. البافاري بطل الشتاء في الدوري الألماني    زوج ريهام عبد الغفور يساندها فى عرض فيلم خريطة رأس السنة    مهرجان غزة الدولي لسينما المرأة ينظم عرضا خاصا لفيلم فلسطين 36    حفل توقيع كتاب "وجوه شعبية مصرية" بمتحف المركز القومي للمسرح.. صور    أسباب قلة الوزن عند الأطفال الرياضيين    تعليم الغربية: عقد لجنة القيادات لتدريب 1000 معلم لقيادة المدارس كمديرين    سيسكو يقود هجوم مانشستر يونايتد أمام أستون فيلا في البريميرليج    ضبط طرفي مشاجرة بعد تداول فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي    الأهلي يفوز على إنبي بثلاثية في دوري السيدات    رئيس الوزراء يشهد توقيع عقد تشغيل فندق الكونتيننتال التاريخي وسط القاهرة بعلامة تاج العالمية    جامعة عين شمس تحقق إنجازًا جديدًا وتتصدر تصنيف "جرين متريك 2025"    وكيل الأزهر يلقي محاضرة لعلماء ماليزيا حول "منهج التعامل مع الشبهات"| صور    مفتي الجمهورية: المؤسسة الدينية خَطُّ الدفاع الأول في مواجهة الحروب الفكرية التي تستهدف الدين واللغة والوطن    الجيزة توضح حقيقة نزع ملكية عقارات بطريق الإخلاص    القيمة السوقية لمنتخبات أفريقيا في كان 2025    محافظ كفرالشيخ يتفقد الأعمال الإنشائية لربط طريق دسوق المزدوج والطريق القديم    رئيس الإمارات يبحث مع نظيره الفرنسي تعزيز العلاقات    رئيس الوزراء يتابع مع وزير الكهرباء الموقف التنفيذى لمشروعات الطاقة المتجددة    "أنهي حياة زوجته".. أوراق قضية كهربائي البحيرة لمفتي الجمهورية    نصيحة للأمهات، احذري من تأثير ضغط الدراسة على علاقتك مع أبنائك    انطلاق المسح الصحي لرصد الأمراض غير السارية بمحافظة قنا    فيديو | الجمهور يتجمع حول محمد إمام إثناء تصوير "الكينج"    لماذا نشتهى الطعام أكثر في الشتاء؟    برلمانية المؤتمر: تعديلات قانون الكهرباء خطوة ضرورية لحماية المرفق    ضبط 3 محطات وقود بالبحيرة لتجميع وبيع 47 ألف لتر مواد بترولية    وزير الخارجية يلتقي نائبة وزير خارجية جنوب إفريقيا لبحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية    محافظ أسيوط: استمرار تدريبات المشروع القومي للموهبة الحركية لاكتشاف المواهب الرياضية    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 21ديسمبر 2025 فى المنيا    حملة للمتابعة الطبية المنزلية لأصحاب الأمراض المزمنة وكبار السن وذوي الهمم.. مجانًا    مصرع 3 أشخاص وإصابة آخرين في بورسعيد إثر حادث تصادم بين سيارتين    حقيقة تأثر رؤية شهر رمضان باكتمال أو نقص الشهور السابقة.. القومي يوضح    فضل العمرة فى شهر رجب.. دار الإفتاء توضح    فى مباحثاته مع مسرور بارزانى.. الرئيس السيسى يؤكد دعم مصر الكامل للعراق الشقيق ولوحدة وسلامة أراضيه ومساندته فى مواجهة التحديات والإرهاب.. ويدعو حكومة كردستان للاستفادة من الشركات المصرية فى تنفيذ المشروعات    شهر رجب .. مركز الأزهر العالمى للفتوى يوضح خصائص الأشهر الحرم    محافظ القاهرة جدول امتحانات الفصل الدراسي الأول للعام الدراسي    أمم إفريقيا – المغرب.. هل يتكرر إنجاز بابا؟    حبس المتهم بقتل زميله وتقطيع جثمانه إلى أربعة أجزاء وإخفائها داخل صندوق قمامة بالإسكندرية    بعد رؤية هلال رجب.. ما هو موعد شهر شعبان ؟    كورتوا: حمل شارة قيادة ريال مدريد كان حلما.. ومن الصعب إيقاف مبابي    الإفتاء: الدعاء في أول ليلة من رجب مستحب ومرجو القبول    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أنفُ عائشة وأُذُنُ أيمن
نشر في اليوم السابع يوم 05 - 04 - 2011

فى مسرحية «بيتُ الدُّمية»، التحفة الأدبية التى كتبها النرويجى هنريك إبسِن عام 1879، قررت «نورا» أن تهجر بيت الزوجية، بعدما اكتشفت أن زوجها المحبّ الذى يدلّلها، يعاملها كأنها دُميةٌ جميلة، لكن بلا عقل، أو عصفورٌ مغرّد، لكن بلا قرار. خرجت وصفقت وراءها الباب صفقةً مدوّية، اهتزت لها أركانُ العالم، فصفّق لها الجمهورُ فى كل أرجاء الأرض. ومن يومها أُعيد النظرُ إلى المرأة باعتبارها إنسانًا عاقلاً، يستحق الاحترام ويملك قرارَه، لا دميةَ ماريونيت مربوطة بخيوط فى يد الرجل يحرّكها كيفما شاء.
وفى أفغانستان، ثمة فتاةٌ اسمها «عائشة»، من قبيلة «تركمان»، عمرها 18 عامًا، قررت أن تطير أيضًا، مثلما طارت «نورا» من بيت الزوجية. ليس ضجرًا من التدليل، بل فرارًا من قسوة زوجها الذى يسومها وأهله يوميًّا ألوان العذاب من ضرب وإهانة. لكن مصيرها لم يكن مثل مصير بطلة مسرحية هنريك إبسن. لم يصفق لها أحدٌ، بل صفّقت النصالُ على النصالِ فوق رأسها الصغير البائس. قرر زعيمٌ بحركة طالبان قطع أنفها وأذنيها. وتصدّر وجهُها الجميل مجدوعُ الأنف أغلفةَ مجلات العالم، لتكون شاهدًا على بطش الإنسان بالإنسان، فقط لأن أحدهما يملك خنجرًا وجبروتًا، والآخر أعزلُ ضعيفٌ لا حول له ولا قوة! والمدهش أن الباطشَ يبطش ملوّحًا بكارت الدين، وباسم السماء الراقية الحنون، تلك التى، دون شك، تبكى على ما نفعله، نحن البشر، على أرضها! تتألم السماءُ حين ترى الإنسانَ الذى كرمه اللهُ تعالى، يُسيّد قانونَ «البقاء للأقوى» الذى يحكم ممالكَ الغابة وعشوائيات الهمجية!
وفى الرياض، قايض مُسنٌّ سعوديٌّ زوجتَه. حريّتها مقابل جزء من جسدها! إذْ ذكرت صحيفة «عكاظ» أنه بعد مضى شهرين على زواج مواطن ستينى من امرأة شابة، وجد الزوج أنه لابد من الفراق بعدما امتنعت الزوجة «الجديدة» عن تلبية مطالبه الجسدية، ربما بسبب الفارق الهائل بين عمريهما. على أن الزوج «الطيب» طرح على زوجته شرطاً للطلاق: هو تبرعها له بإحدى كليتيها، ذاك أن عائلتها الفقيرة لن تقدر على إرجاع المهر!
وفى إيران، وأد شابٌّ أخته الصبيةَ حيّةً، لأنها أحبت جارًا لها! وفيديو الدفن البشع موجود على يوتيوب، وهى تستعطفه وتُقبّل قدميه أن يمنحها الحياة، حاشا لله مانح الحياة وحده، وقابضها، لا شريك له.
وفى السودان ظل رجال البوليس يجلدون فتاةً ثمانين جلدة بالسياط، وهى تتلوى ألمًا ووجعًا أمام ضحكاتهم، لأنها تجاسرت وارتدت بنطالاً!!
وفى مصر الحبيبة، حماها اللهُ من أعداء الحياة، قام أكثر من 300 سلفىّ متطرف بقذف سيدة من المنوفية بالحجارة، ثم أضرموا النيران بمنزلها، وتوعدوها بالقتل. ذاك أنهم، كعادتهم، يقومون بدور الشاهد، والقاضى، والجلاد فى آن! هم وحدهم الجهةُ التشريعية والقضائية والتنفيذية، دون الدولة، لأن فى يدهم سكينًا، وفى قلوبهم يقينًا بأنهم الأفضلُ والأحكمُ والأعلم! وقد رأوا أن سلوكها لا يروق لهم، فقاموا بتنفيذ أحكامهم فيها، كأننا فى بلد بلا قانون! وربما يتكئون على المبدأ العبقرى «المريح» الذى طرحه السيد عبود الزمر ساعة ظهوره فى برنامج العاشرة مساءً، حين قال إنهم، السلفيين الإسلاميين، يقومون بتنفيذ ما يرونه مناسبًا وشرعيًّا من قتل مَن يختلفون معه، فإن أصابوا، لهم أجران، وإن أخطأوا، لا سمح الله، فلهم أجرٌ واحد، هو أجر الاجتهاد! يعنى هم مُثابون مُثابون، سواءً ما فعلوه حقٌّ أم باطل!! قتلوا السادات، لأنه أساء إليهم، ويضمنون لقاء هذا الجنةَ، بإذن الله، سواء كان السادات بريئًا أم مذنبًا. فقط لو كان بريئًا، لا قدر الله، فإن أجرهم سيُنتقَص قليلاً فيغدو واحدًا، بدل اثنين!
وفى قنا، بجنوب مصر، قامت مجموعةٌ، أيضًا من السلفيين، بتطبيق الحدّ بقطع أُذُن أحد أقباط مصر، لأنهم «اشتبهوا» فى سلوكه! أوسعوه ضربًا و«بهدلةً»، وأضرموا النار فى سيارته وشقته، فتركوهما كتلةً من الفحم. الشقة التى كانت مصدر دخله يقيم أود أسرته مقابل تأجيرها، وحرموا أطفاله من النوم والذهاب إلى المدرسة، وزوجته من الذهاب إلى عملها، بعدما هددوا باختطافهم! لكن القوات المسلحة، ورجال الدين الإسلامى، جازاهم اللهُ خيرًا، أقنعوا المواطنَ المصرى أيمن أنور ديمترى، مجدوعَ الأذُن، بأن يتنازل عن حقّه فى مقاضاة مَن هدموا حياته وشوّهوا جسده وسمعته. والأخطر مَن أهرقوا شعورَه، وشعور ملايين الأقباط، بالأمان فى وطنهم. كيف اقتنع؟! هل اقتنع أم أُجبِر على الاقتناع؟ وإن كان اقتنع بالتنازل عن حقه، فأين حق المجتمع؟ هل تنازل المجتمعُ المصرىُّ كلّه عن حقه فى الحياة بأمان؟ أنا مثلا لم أتنازل، بوصفى أحد أفراد هذا المجتمع!
سأكون حسنةَ النية وأقول إنه اقتنع بالصلح، لأن الصلحَ خير، كما نعلم، خصوصًا إذا اعتذر الجانى، أو حتى لو لم يعتذر. فأولئك لا يعتذرون! ولأن الصلح خير، ولأن الأقباط مواطنون من الدرجة الثانية فى مصر، إن هم إلا ضيوفٌ علينا، نحن المسلمين والعرب أصحاب البلد (!!) فإن الفرصة لا تزال أمامهم ليلحقوا بنا فينعموا بالرغد والأمان، مثلما ننعم نحن، إن كّنا ننعم! أما لو تمسّكوا بعُرْوَتهم الوثقى، فإن عليهم، بعد تنازل السيد أيمن، أن يلزموا بيوتهم، وأن يقيموا صلواتهم فى الخفاء، بعيدًا عن عيوننا، نحن أبناء دين السماحة! طالما لبعضنا مفهومٌ آخر، ومشوّه، عن السماحة وحرية الاعتقاد وحقوق المواطنة، كما تقرّها الشرائعُ والدساتير. ليت أحدًا يخبرهم أنهم يرسمون للإسلام، صورةً مسيئةً، ومجحفة، ومخيفة.
أيها المصريون، تحسسوا أنوفكم وآذانكم، ورقابكم، قبل أن تفقدوها عمّا قريب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.