تشير الدراسات الحديثة إلى تزايد تورط الأطفال دون سن الخامسة عشر في جرائم القتل بمصر، في ظل عوامل نفسية واجتماعية معقدة، وهو ما يسلط الضوء على أهمية حماية الطفل والوقاية من الانحراف منذ الصغر، وتأتي هذه الجهود في إطار التزام المجتمع الدولي والمعايير المصرية بحماية حقوق الطفل وتوفير بيئة آمنة لتكوينه النفسي والاجتماعي. أوضحت دراسة شاملة أجراها المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية أن حوالي نصف الأطفال محل الدراسة تورطوا في جرائم تتراوح بين الضرب أفضى إلى الموت والقتل العمد والشروع في القتل، غالبًا نتيجة عنف يومي أو مشاجرات أو حالات تنمر. وأشارت الدراسة إلى أن نحو 35% من هذه الجرائم ارتكب الأطفال خلالها تحت تأثير تحريض أو استغلال من قبل آخرين، لأغراض الانتقام أو الثأر أو حتى المكاسب المادية. كما بينت الدراسة أن هذه الجرائم تتداخل مع جرائم أخرى مثل السرقة أو الخطف أو الاعتداء الجنسي، وأن العوامل النفسية والاجتماعية والبيئية جميعها تساهم في دفع الأطفال نحو هذا السلوك الإجرامي، خاصة في بيئات الشارع أو العمل غير المناسبة للأطفال. اقرأ أيضًا | القومى للبحوث يعقد مؤتمره السنوي بشعار «من الرؤية إلى الواقع.. لغد بصحة أفضل» الإطار القانوني وحماية الطفل تعد حماية الطفل من الانحراف والجنوح جزءًا من الاتفاقيات الدولية مثل اتفاقية حقوق الطفل 1989، التي التزمت بها مصر، وهو ما انعكس في التشريعات الوطنية منذ لائحة محمد علي 1830 وصولاً إلى القوانين المصرية الحديثة رقم 21 لسنة 1974 و12 لسنة 1996 وتعديلاته 126 لسنة 2008، والتي تنص على رفع سن المسؤولية الجنائية وتوفير برامج إصلاحية للأطفال المتورطين في الجرائم. كما يرتبط ذلك بالاتفاقيات الدولية لحماية الأطفال، مثل اتفاقية حقوق الطفل 1989، ومبادئ الأممالمتحدة لإدارة شؤون قضاء الأحداث 1985، وقواعد حماية الأحداث المجردين من حريتهم، فضلاً عن المبادئ التوجيهية لمنع جنوح الأحداث في مؤتمر الرياض 1988، لتصبح حماية الأطفال والتدخل المبكر للوقاية من الجنوح والجرائم جزءًا من الاستراتيجيات العالمية لمنع الجريمة وتحقيق العدالة الجنائية والتنمية المستدامة وفق أهداف الأممالمتحدة 2030. وأكدت الدراسة على ضرورة اتباع آليات وقائية وعلاجية تستند إلى فهم متكامل للعوامل الفاعلة وراء الجنوح، مع التركيز على التربية والرعاية النفسية والاجتماعية للأطفال لضمان عدم تكرار الانحرافات الإجرامية، والحفاظ على حقوقهم سواء كضحايا أو كجناة.