يبدو أن البورصة لن تسلم من الصراع الدائر بين المرشحين لمجلس الشعب حاليا، فمنذ بدأت فعالياتها بدأت التحركات الغريبة فى السوق والتى عادة ما تظهر فى نشاط بعض الأسهم التى ترتبط بأخبار أصحابها، وهو يستغله الكثيرون لتجميع الأسهم، ثم يتطور شيئا فشيئا، خصوصا على أسهم شركات رجال الأعمال الذين خاضوا الجولة مثل أحمد عز، ورامى لكح، وطارق طلعت مصطفى، وحتى منصور عامر الذى بدأ التداول على أسهم مجموعته مع بداية الانتخابات وشهد اضطرابات رغم فوزه. لم يتوقف الأمر على الأسهم الكبيرة فقط وإنما امتد لأسهم صغيرة نسبيا وهو ما ظهر بوضوح عندما طالب بعض المساهمين محمد متولى، رئيس شركة العربية للاستثمار والتنمية (التى اشترت شركة عمر أفندى مؤخرا)، فى جمعية عمومية بترشيح نفسه كنوع من الترويج للشركة، وبصرف النظر عن قبلول متولى العرض من عدمه، إلا أن مجرد العرض يؤكد ما يمكن أن تتعرض له أموال صغار المستثمرين عندما ترتفع البورصة أو تنخفض لمجرد ترشح رجل أعمال لمجلس الشعب من عدمه. المشكلة تزداد عنفا وتأثيرا سيئا عندما يقوم المساهمون باستغلال حالة الحراك الانتخابى وتصريحات بعض مسئولى الشركات المرشحين للمضاربة على أسهم شركاتهم لتحقيق مكاسب وعمل "جيمات" سريعة، لتحقيق مكاسب بطرق غير مشروعة، حتى أن البعض ذهب بعيدا، مشيرا إلى أن هناك بعض الحملات الانتخابية يتم تمويلها عن طريق عمل "جيمات" سريعة على الأسهم لتحقيق مكاسب وجنى أرباح سريعة، خصوصا إذا كان من يقومون بهذا السلوك يتمتعون بملاءة مالية كبيرة تمكنهم من ذلك، وهو ما أشار إليه المراقبون للسوق. ومع ذلك هناك من يؤكد تأثير الانتخابات السلبى المباشر على البورصة، وهناك من يؤكد أيضا قدرة البورصة على مواجهة هذه التأثيرات وجعلها أقل تأثيرا. محمود شكرى عضو الجمعية المصرية للمحللين الفنيين والماليين أكد أن الانتخابات من الناحية التاريخية يكون لها تأثير واضح على سير العمليات فى البورصة، خصوصا ما يتعلق بأسهم الأفراد التى تشهد رواجا كبيرا قبل الانتخابات، وما يدعم ذلك هو عندما تكون أسعار الأسهم متدنية فى فترة ما قبل الانتخابات وهو حدث فى الانتخابات السابقة والانتخابات الحالية، مما يشجع عمليات تجميع الأسهم، فمثلا قطاع الإسكان والتعمير تتداول معظم أسهمه بأقل من القيمة العادلة لها، وهو أحد أقوى القطاعات فى السوق المصرى، وبذلك تخضع معظم هذه الأسهم لعمليات تجميع منظمة تجعل حركة السهم عرضية أكثر منها فى أى وقت آخر، استعدادا لانطلاقة جديدة مع الاقتراب من موعد الانتخابات، خاصة أن كان من بين ملاك هذه الأسهم أعضاء فى مجلس الشعب أو مرشحين له مثل أحمد عز ورامى لكح وطارق طعت مصطفى ومنصور عامر وغيرهم ممن يملكون شركات مدرجة فى البورصة وذات أوزان كبيرة، بالإضافة إلى أنها تعمل فى سوق ناشئ مثل مصر يتحكم فيه أكثر من 70% من المستثمرين الأفراد، وهو ما يسهل عمل الإشاعات والترويج لشركات أعضاء مجلس الشعب التى تضر بالسوق. أما سامح غريب، محلل فنى، فأكد أن أكثر الأسهم تأثراً بموضوع الانتخابات هو سهم لكح جروب حيث ارتفع السهم من 1.09ج الى 1.57ج مع إعلان رامى لكح دخوله الانتخابات، حيث يرى المستثمرون أن لكح عاد إلى مصر ليسترجع كل ما فقده بهروبه من مصر، حيت قام بالتسوية والآن دخول الانتخابات. أما سهم حديد عز فنجد أن السهم رغم تأثره كغيره من الأسهم بالأخبار الخاصة بصاحبه، إلا أنه نظرا لحجم السهم وأرباح الشركة المتتالية فدائما يكون تأثير حدث مثل الانتخابات على رجل له مكانة كبيرة فى الحزب الوطنى يكون أقل من الأسهم الصغيرة التى يكون عدد أسهمها صغير والتأثير عليها قوى. وقال غريب إننا نخلص من ذلك بأن الأسهم تتأثر بأخبار ملاك الشركة أو رؤساء مجالس الإدارة من حيث تقلد مناصب مرموقة أو رفيعة فى أى موقع من مواقع الدولة، حيث تصل درجة التفاؤل الذى يصيب ملاك السهم أو المستثمرين إلى أعلى درجة مما يدفعهم إلى الشراء الجنونى فى السهم دون النظر إلى الفائدة التى تعود من ذلك المنصب إلى الشركة المشترين لأسهمها. محسن عادل العضو المنتدب لشركة بايونيرز لصناديق الاستثمار أكد أن استقرار الوضع السياسى المصرى يعتبر أبرز عوامل الدعم لقدرة البورصة المصرية على الصعود، خاصة وأن التقييمات والتصنيفات الائتمانية لمصر تؤكد على عمق هذا البعد الإستراتيجى فى ضوء عدة عوامل أهمها: عمق وتأثير حجم الاستثمار الأجنبى على سوق المال المصرى، ارتفاع مساحة الارتباط ما بين أسواق المال المحلية المصرية وأسواق المال العالمية، كما أن عمليات الانتخابات ترتبط باستقرار واضح فى السياسات الاقتصادية بالصورة التى تؤدى إلى أنه رغم تحركات أو تغيرات هيكل ومنظومة السياسة الداخلية وفقا لمعطيات العملية الديمقراطية فإن مستويات الأداء الاقتصادى وخططه الاستثمارية وإستراتيجياته لا تتغير. بالإضافة إلى أن مؤشرات البورصة المصرية عادة ما ترتبط بتحركات رءوس أموال مؤسسية وهى استثمارات ذات طبيعة متوسطة وطويلة الأجل. وأضاف عادل أن التجارب السابقة للعمليات الانتخابية عادة ما تشير إلى عدم وجود أى تأثيرات لها على حركة تداولات سوق المال بقدر ما تكون عامل داعم لموجة الانتعاش فى مرحلة ما بعد إتمامها، خاصة أن نتائجها تؤكد دائما على الاستقرار السايسى وعلى سير العملية الديمقراطية، كما أن معدلات أحجام تداولات البورصة المصرية خلال الفترة الأخيرة والتى شهدت انكماشات فى السيولة ونشاط للمؤسسات والمتعاملين الأجانب تؤكد على ما وصل إليه السوق المصرى من عمق يجعله قادرا على استيعاب أى متغيرات خارجية، من هذا المنطلق فإننى أرى أن أداء البورصة قد لا يشهد أى تغيرات عن مساره الطبيعى، نظرا لسير العملية الانتخابية المحلية.