الذين لم يدخلوه لم يعرفوا أن عالم الحب مختلف فيه، يحتاج فيه الرجل والمرأة إلى نوع آخر من التعامل ويشعران بأحاسيس لا يدركها سواهما.. منذ قديم الأزل حاول طرفا العلاقة الابتكار فى التواصل لنقل مشاعر كل منهما للآخر إرضاء له أو تفريغا لشحنة عاطفية تخنق القلب. وتطور أسلوب التواصل عبر العصور، وارتبط بالتقدم التكنولوجى والإلكترونى، لكننا سنركز فى السطور التالية على حقبة متأخرة من الزمان بدأت باستخدام الرسائل الورقية «الجوابات» وتزامنت مع كتابة الرسائل على الجدران والصخور أو عبر أشخاص موثوق بهم من طرفى العلاقة بطبيعة الحال. وأحدث التطور الإلكترونى فى مجال الاتصالات «الهواتف المحمولة» ووسائل التواصل الاجتماعى «تويتر وفيس بوك وغيرهما» طفرة فى العلاقات العاطفية، حيث اتسم التواصل بالسرعة التى بموجبها تنشأ علاقات فى لمح البصر وتختنق وربما تموت بشكل غير متوقع. وفى واحدة من أعظم الروايات تمكن بطل «الحب فى زمن الكوليرا» من استعادة حبيبته وهى فى السبعين من عمرها وبعد فراق بينهما دام 50 عاما مستعينا بمواظبته على كتابة الرسائل لها. تزوجت «فرمينا» من طبيب وحاولت نسيان «فلورنتينو» الذى ظل مصرا على الزواج منها إلى أن مات زوجها وحاول كسب حبها بطريقة عقلانية هذه المرة، فقرر أن يكتب لها الرسائل وتمكن بكلماته الساحرة من استعادتها بعد خمسين عاما من الفراق. ولا يمكن تجاهل رسائل «نابليون» لزوجته «جوزفين» والتى حظيت باهتمام كل شعوب العالم وتضمنت إحدى رسائله: «لم أمض يوما واحدا دون أن أحبك ولا ليلة واحدة دون أن أعانق طيفك.. ولا أشرب كوب شاى دون أن ألعن العظمة والطموح اللذين جعلانى بعيدا عنك وعن روحك الوثابة»، وفى موضع آخر قال لزوجته: «جوزفين لا تغسلى أعضاءك الحميمة فأنا قادم». كان ذلك فى زمن الحب الصادق والذى بقى شىء منه فى عصر ال«sms» وال«تشات» أو ما يسمى بالرسائل الإلكترونية بين العشاق وفى هذا الصدد نرصد كيف يحل الحب الافتراضى محل الحب الحقيقى على الإنترنت، فمن الصعب أن تعرف على وجه الدقة من تتكلم معك أو من يحمل الصورة المرفقة على فيس بوك أو تويتر أو أى موقع تواصل آخر، كما أن اللغة المستخدمة أصبحت تخلو من الرومانسية، وفقدت جماليات اللغة العربية والتعبير بها بعد طغيان «الفرانكو» على «الشات» وحوارات الشباب عبر مواقع التواصل الاجتماعى، وعندما يكتب مثلا عاشق لحبيبته الافتراضية، أتمنى أن أراك فى مساء جميل على شاطئ النيل، يمكن أن ترد عليه بقولها «متأفورش» أو تسخر منه: «مين هيدفع تمن الحلبسة يا زميلى». رسائل الحب الإلكترونى هذه الأيام من عينة «وحشانى آخر حاجة )ونفسى أشوفك طحن(، فالعاشق النتاوى يكتب لحبيبته النتاوية: «عايزين بكرة نركب تاكسى السهرة» فترد عليه: «قشطة جدا يا معلم آمين».