رفض نائب الرئيس السودانى على عثمان طه تحديد ما إذا كانت الانتخابات السودانية التى ستجرى فى أبريل المقبل ستشمل منطقة حلايب وشلاتين أم لا، مكتفياً بالقول "إن هناك اتفاقا بين قيادات البلدين على معالجة قضية حلايب وألا تكون ورقة لمن يريد أن يزايد على العلاقات المصرية السودانية، أو أن يدفع بها نحو المواجهة أو التوتر، والاتفاق على حفظ حقوق المواطنين فى كلا البلدين وللنظر من حيث النظرة الاستراتيجة التى تقول إن المواطن فى مصر أو السودان هو مواطن واحد لمصلحة عليا ومستقبل واحد هو مستقبل البلدين". من جهة أخرى أكد طه خلال لقاء عقده اليوم مع مجموعة من الإعلامين والمفكرين المصريين أن فرص بقاء الوحدة فى السودان كبيرة ومقدرة لكنها ليست نهائية كما قال، مضيفاً "سيكون هناك مجال وارد لوقوع حالة الانفصال"، لكنه أشار إلى مجموعة من المعطيات التى قامت بها الخرطوم لتحقيق الوحدة، منها اعتراف الرئيس البشير وحكومته منذ عام 1989 بأن هناك قضية سياسية فى الجنوب يلزم تسويتها بالتفاوض وليس بالحرب، وهى الرغبة التى اصطدمت برغبة القوى التى كانت تحرك التمرد فى الجنوب وقتها واستغلالها لحالة الشك لديهم فأطالت أمد الحرب إلى أن جاءت أحداث الحادى عشر من سبتمبر فى أمريكا التى أدت إلى تغيير المخططات وأتيحت الفرصة لاستكمال التفاوض. وأضاف طه أن الحكومة وافقت على بقاء جيش الحركة الشعبية فى الجنوب رغم أنه حارب الجيش المركزى الذى انسحب من الجنوب بعد أن انتفت الأسباب التى دعت لانتشاره، كما تحقق للجنوب ممارسة ومشاركة فى السلطة المركزية، كما حاولت الاتفاقية أن تكسر الحاجز النفسى بين الشمال والجنوب، فأفسحت المجال لأبناء الجنوب للمشاركة فى إدارة شئون الولايات الشمالية ال15 بما فيها الخرطوم، وقال إنه زيادة فى إمعان الثقة وكسر الحاجز سكتت حكومة الخرطوم عمداً على عدم الإشارة فى شروط المرشح ليكون رئيساً للسودان أن يكون مسلماً رغم أن غالبية السكان مسلمين، فأصبح للحركة الحق فى أن تقدم مرشحا من الجنوب حتى وإن كان مسيحياً رغم أنها قدمت مرشحا مسلما من الشمال، فى إشارة إلى ترشيح الحركة لياسر عرمان. وعن مشكلات الانفصال قال طه إن له محاذير ومخاطر كبيرة فى وقت يمضى فيه العالم نحو الوحدة ، مشيراً إلى أن من مخاطر الانفصال أن الجنوب لا يملك حتى الآن البنية الإدارية أو الخبرة ولا المناخ المواتى لقيام كيان مستقل، رغم أن بعض الأصوات تتحدث عن أن هذه الخبرة ممكن اكتسابها بعد الانفصال، وقال "الواضح أنه سيكون كيانا مغلقا، وسيرسل رسالة سالبة لكل قضايا الاستقرار والوحدة الأفريقية التى تقوم على أساس التمسك بالكيانات السياسية الوحدوية". وأشار نائب الرئيس السودانى إلى أن الانفصال سيكون مؤثرا على مصر التى وصف قلقها من انفصال الجنوب بأنه قلق له طابع خاص، وقال إن مصر مطالبة بقيادة حملة مناصرة وقوية للدفاع عن الأمن القومى المشترك فى إطاره السياسى المشترك، ولا تترك الإعلام لاجتهاداته التى ستتغير وفق كل صحيفة أو حزب، وإنما يجب الوصول إلى قواسم مشتركة وترتيب الأولويات. واعتبر طه ما يجرى فى السودان هو فصل من الفصول التى يجرى تنفيذها فى العالم العربى فى إطار سعى القوى الدولية للسيطرة والهيمنة على المنطقة التى تتمتع بمميزات استراتيجية، وقال إن سبب ذلك هو تباعد المواقف العربية التى أدت إلى افتقاد الموقف العربى القوى سواء على المستوى الشعبى أو الرسمى. وقال نائب الرئيس السودانى إنه منذ التوقيع على اتفاق نيفاشا للسلام فى السودان عام 2005 ، وهناك مسارات موضوعة لتغير المعادلة السياسية فى السودان، منها أن تتمكن المدافعة السياسية لتغير الصورة عبر طرق مدنية هادئة بقصف مستمر من الإعلام لتشويه صورة السودان واستهداف رموز السودان وقياداته مثل الرئيس عمر البشير. وأكد طه على رغبة الخرطوم فى إنجاح العملية الانتخابية فى أبريل المقبل، وقال "نحن عازمون على إنجاح التجربة وعلى زيادة جرعات الوعى والشرح للمواطن السودانى لكى يمارس حقه"، لافتاً إلى أن الانتخابات العامة المقبلة ستمتد آثارها إلى الاستفتاء على تقرير مصير الجنوب فى يناير العام المقبل، وفقاً لاتفاق السلام الذى يلزم أن تقوم به الحكومة المنتخبة، وهو ما يظهر التلازم بين الأمرين. وحول العلاقة بين المؤتمر الوطنى وحسن الترابى زعيم المؤتمر الشعبى المعارض ومدى إمكانبة إجراء حوار معهم، قال طه إن المؤتمر الشعبى يتحمل مسئولية ما يحدث من قتل فى دارفور، لأنه دفع عناصره لحمل السلاح مبرراً ذلك بأسباب شرعية وسياسية، وقال إن السلوك السياسى لمجموعة المؤتمر الشعبى حتى الآن لا يوحى أنها قد تكون استشعرت إلى ما قادت إليه السودان.