رفض مصدر دبلوماسى مصرى رفيع التعليق على ما نسبته وسائل الإعلام إلى الرئيس السودانى عمر البشير بشأن السيادة على منطقة حلايب، مكتفيا بالقول إن موقف مصر من منطقة حلايب وشلاتين على الحدود مع السودان ثابت وهو أن المنطقة مصرية تماما. وقال المصدر، الذى رفض الكشف عن هويته، إن هناك محاولات، لن تنجح، لجر مصر إلى مواجهة مع السودان فى ظل الظروف الاستثنائية التى تمر بها المنطقة سواء فيما يتعلق باقتراب الاستفتاء على تقرير مصير جنوب السودان أو ما يتعلق بالأزمة مع دول حوض النيل، حيث تتبنى القاهرةوالخرطوم باعتبارهما مصب النهر مواقف مشتركة فى مواجهة مواقف دول المنابع السبع.
كانت وسائل الإعلام السودانية قد نسبت إلى الرئيس البشير قوله فى مؤتمر جماهيرى بمدينة بورسودان شرق البلاد إن منطقة حلايب «سودانية» فى الوقت الذى تعتبر مصر هذه المنطقة مصرية تماما وفقا لخرائط الحدود المعتمدة. وقال البشير الذى كان يرتدى زى أهل الشرق وسكان حلايب خلال زيارة للمنطقة استمرت يوما واحدا «حلايب سودانية وستظل سودانية» مشددا فى الوقت نفسه على أن «العلاقات مع مصر ستبقى قوية»، بحسب صحيفة الشرق الأوسط اللندنية.
يأتى ذلك فيما ربط مصدر، رفض الكشف عن هويته، بين تصريحات الرئيس عمر البشير بشأن حلايب وتصريحات وزير خارجيته الجديد على الكرتى المناهضة لمصر قبل أيام قائلا إن هذه التصريحات تعكس تنامى تأثير الإسلاميين على دوائر الحكم فى الخرطوم بهدف «توتير العلاقات بين مصر والسودان».
وتعليقا على ذلك قال المصدر الدبلوماسى المصرى إن مصر حريصة على العلاقات مع كل أبناء الشعب السودانى فى الشمال والجنوب، «ولن تسمح لعناصر من إسلاميين بتوتير هذه العلاقة سواء مع الخرطوم أو مع حكومة جنوب السودان فى جوبا».
وأكد عدد من مشايخ قبائل العبابدة والبشارية والبجا بمنطقة حلايب جنوب محافظة البحر الأحمر، رفضهم تصريحات الرئيس السودانى عمر البشير، التى قال فيها إن المنطقة «سودانية وستظل سودانية»، وقالوا فى تصريحات ل«المصرى اليوم»: «مصريتنا لا تخضع للمزايدات أو المزاج السياسى السودانى، خاصة أن حدودنا ثابتة ومحددة بخط عرض 22». وأعرب أهالى المنطقة عن دهشتهم من تصريحات الرئيس السودانى، مشيرين إلى أن الخرطوم تخرج بتصريحات من هذا القبيل بين فترة وأخرى كنوع من الجدل السياسى، ربما يكون السبب فيه تأخر سيطرة مصر إدارياً على المنطقة، والتى لم تبدأ إلا عام 1993.
وقال صلاح كرار، شيخ مشايخ البشارية، أمين الحزب الوطنى بالشلاتين، عضو مجلس محلى المحافظة، إن هذه التصريحات تصدر لتحويل الأنظار، بعيداً عن المشكلات السياسية الداخلية فى السودان، مشيراً إلى أن أبناء «البشارية» مواطنون مصريون يتمتعون بجميع الحقوق الدستورية ومن بينهم من يعمل بالقوات المسلحة، ويحوزون بطاقات الرقم القومى، ويدلون بأصواتهم فى الانتخابات.
وأكد محمد طاهر سدو، شيخ مشايخ البشارية والبجا بأبورماد، رئيس لجنة «العربان» بمجلس محلى المحافظة، أن «حلايب» وتوابعها مصرية والتاريخ يؤكد ذلك. فى سياق متصل، أكد خبراء فى الشأن السودانى أن تصريحات الرئيس السودانى عمر البشير، جاءت كرد فعل على إعلان مصر أنها ستؤيد أى نتيجة يخرج بها الاستفتاء على انفصال جنوب السودان عن شماله.
وأوضحوا أن هناك «ألغاماً» فى العلاقات المصرية السودانية بسبب شعور المسؤولين فى الخرطوم بأن مصر تعمل على إيجاد علاقات خاصة مع الجنوبيين ليكون لها نفوذ فى حالة إقرار الانفصال.
وكان الرئيس السودانى عمر البشير قد قال، فى وقت سابق من الأسبوع، إن منطقة حلايب الواقعة داخل الحدود المصرية «سودانية وستظل سودانية».
ونقلت وسائل إعلام سودانية عن البشير تأكيده، خلال خطاب له باستاد بورسودان، حرصه على علاقات جيدة مع دول الجوار، خاصة مصر، مشيراً فى الوقت نفسه إلى أن منطقة حلايب - المتنازع عليها - أرض سودانية وستظل سودانية، وأنه بصدد الجلوس مع القيادة المصرية لحل هذه المشكلة، مؤكداً حرصه على أن تكون الحدود بين بلاده ودول الجوار لتبادل المنافع وليس تبادل المتمردين والسلاح.
من جانبه، قال هانى رسلان، مدير وحدة دراسات السودان وحوض النيل بمركز الأهرام، إن وجهتى النظر المصرية والسودانية حول حلايب معروفتان، مشيراً إلى أنه «ينبغى ألا تبقى حلايب مثل حصان طروادة، تتم إثارتها بين وقت وآخر»، مطالباً بحل هذه القضية فى إطار العلاقة الودية بين البلدين الشقيقين.
وتساءل رسلان عن السبب وراء الحديث عن حلايب فى الوقت الراهن بالنظر إلى التحديات التى تواجه السودان فى المرحلة الحالية، مشدداً على أهمية عدم الانزلاق إلى تراشق إعلامى حول هذا الموضوع، لأن المصالح المشتركة بين البلدين هى الأهم فى الوقت الراهن.
على صعيد آخر، استبعد الصادق المهدى، رئيس الوزراء السودانى الأسبق، زعيم حزب الأمة القومى، وجود صفقة بين حزب المؤتمر الوطنى الحاكم فى السودان وحزب المؤتمر الشعبى، وراء إطلاق سراح الدكتور حسن الترابى، زعيم حزب المؤتمر.
وقال المهدى «نرحب بإطلاق سراح الدكتور حسن الترابى، وجميع القوى السياسية السودانية كانت ترى أن هذه الاعتقالات الجزافية خاطئة، وأنه لابد من منعها، وأى إنسان يتم اعتقاله يجب أن يقدم لمحاكمة عادلة».
وأضاف أن اعتقال الترابى كان «دون أسباب، وأيضاً إطلاق سراحه دون أسباب، فلا يوجد سبب معقول للاعتقال أو الإفراج»، مؤكداً أن ذلك «يدل على غياب سيادة حكم القانون، دون أى حقوق للمواطنين».