سعر الجنيه الاسترليني بالبنوك أمام الجنيه اليوم الجمعة 3-5-2024    الأسهم الأوروبية ترتفع بدعم من الأداء القوي للقطاع المصرفي    شوبير يوجه رسائل للنادي الأهلي قبل مباراة الترجي التونسي    الأرصاد: رياح مثيرة للرمال على هذه المناطق واضطراب الملاحة في البحر المتوسط    حبس 4 أشخاص بتهمة النصب والاستيلاء على أموال مواطنين بالقليوبية    اسلام كمال: الصحافة الورقية لها مصداقية أكثر من السوشيال ميديا    حكم لبس النقاب للمرأة المحرمة.. دار الإفتاء تجيب    تقارير أمريكية تتهم دولة عربية بدعم انتفاضة الجامعات، وسفارتها في واشنطن تنفي    حزب الله يستهدف زبدين ورويسات العلم وشتولا بالأسلحة الصاروخية    مستوطنون يهاجمون بلدة جنوب نابلس والقوات الإسرائيلية تشن حملة مداهمات واعتقالات    اعتصام عشرات الطلاب أمام أكبر جامعة في المكسيك ضد العدوان الإسرائيلي على غزة    حرب غزة.. صحيفة أمريكية: السنوار انتصر حتى لو لم يخرج منها حيا    وزير الدفاع الأمريكي: القوات الروسية لا تستطيع الوصول لقواتنا في النيجر    البابا تواضروس يترأس صلوات «الجمعة العظيمة» من الكاتدرائية    مواعيد مباريات الجمعة 3 مايو 2024 – مباراتان في الدوري.. بداية الجولة بإنجلترا ومحترفان مصريان    خالد الغندور عن أزمة حسام حسن مع صلاح: مفيش لعيب فوق النقد    الكومي: مذكرة لجنة الانضباط تحسم أزمة الشحات والشيبي    تشكيل الهلال المتوقع أمام التعاون| ميتروفيتش يقود الهجوم    تشاهدون اليوم.. زد يستضيف المقاولون العرب وخيتافي يواجه أتلتيك بيلباو    إشادة حزبية وبرلمانية بتأسيس اتحاد القبائل العربية.. سياسيون : خطوة لتوحيدهم خلف الرئيس.. وسيساهم في تعزيز الأمن والاستقرار في سيناء    5 أهداف لصندوق رعاية المسنين وفقا للقانون، تعرف عليها    «التعليم»: امتحانات الثانوية العامة ستكون واضحة.. وتكشف مستويات الطلبة    خريطة التحويلات المرورية بعد غلق شارع يوسف عباس بمدينة نصر    ضبط 300 كجم دقيق مجهولة المصدر في جنوب الأقصر    ننشر أسعار الدواجن اليوم الجمعة 3 مايو 2024    لأول مرة.. فريدة سيف النصر تغني على الهواء    معرض أبو ظبي يناقش "إسهام الأصوات النسائية المصرية في الرواية العربية"    «شقو» يتراجع للمركز الثاني في قائمة الإيرادات.. بطولة عمرو يوسف    استقرار أسعار الحديد والأسمنت اليوم الجمعة.. عز ب 24155 جنيهًا    كيفية إتمام الطواف لمن شك في عدد المرات.. اعرف التصرف الشرعي    حكم وصف الدواء للناس من غير الأطباء.. دار الإفتاء تحذر    الناس لا تجتمع على أحد.. أول تعليق من حسام موافي بعد واقعة تقبيل يد محمد أبو العينين    موضوع خطبة الجمعة اليوم وأسماء المساجد المقرر افتتاحها.. اعرف التفاصيل    «تحويشة عمري».. زوج عروس كفر الشيخ ضحية انقلاب سيارة الزفاف في ترعة ينعيها بكلمات مؤثرة (صورة)    «سباق الحمير.. عادة سنوية لشباب قرية بالفيوم احتفالا ب«مولد دندوت    وزارة التضامن وصندوق مكافحة الإدمان يكرمان مسلسلات بابا جه وكامل العدد    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة3-5-2024    مواعيد صرف معاش تكافل وكرامة بالزيادة الجديدة لشهر مايو 2024    دراسة أمريكية: بعض المواد الكيميائية يمكن أن تؤدي لزيادة انتشار البدانة    دراسة: الأرز والدقيق يحتويان مستويات عالية من السموم الضارة إذا ساء تخزينهما    أهداف برشلونة في الميركاتو الصيفي    رسالة جديدة من هاني الناظر إلى ابنه في المنام.. ما هي؟    "نلون البيض ونسمع الدنيا ربيع".. أبرز مظاهر احتفال شم النسيم 2024 في مصر    حكم البيع والهبة في مرض الموت؟.. الإفتاء تُجيب    الخضري: البنك الأهلي لم يتعرض للظلم أمام الزمالك.. وإمام عاشور صنع الفارق مع الأهلي    تعيين رئيس جديد لشعبة الاستخبارات العسكرية في إسرائيل    بعد انفراد "فيتو"، التراجع عن قرار وقف صرف السكر الحر على البطاقات التموينية، والتموين تكشف السبب    مصطفى كامل ينشر صورا لعقد قران ابنته فرح: اللهم أنعم عليهما بالذرية الصالحة    نكشف ماذا حدث فى جريمة طفل شبرا الخيمة؟.. لماذا تدخل الإنتربول؟    انقطاع المياه بمدينة طما في سوهاج للقيام بأعمال الصيانة | اليوم    معهد التغذية ينصح بوضع الرنجة والأسماك المملحة في الفريزر قبل الأكل، ما السبب؟    "عيدنا عيدكم".. مبادرة شبابية لتوزيع اللحوم مجاناً على الأقباط بأسيوط    محمد مختار يكتب عن البرادعي .. حامل الحقيبة الذي خدعنا وخدعهم وخدع نفسه !    خبيرة أسرية: ارتداء المرأة للملابس الفضفاضة لا يحميها من التحرش    قفزة كبيرة في الاستثمارات الكويتية بمصر.. 15 مليار دولار تعكس قوة العلاقات الثنائية    سفير الكويت: مصر شهدت قفزة كبيرة في الإصلاحات والقوانين الاقتصادية والبنية التحتية    تعرف على طقس «غسل الأرجل» بالهند    البطريرك يوسف العبسي بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك يحتفل برتبة غسل الأرجل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مبارك "أحلام السلطة وكوابيس التنحى" ..الحلقة 22.. مبارك وعاطف صدقى وشتائم زكى بدر..دخل الدكتور أسامة الباز ليوقع من الرئيس خطاب تكليف الجنزورى فشطب اسمه وكتب عاطف صدقى
نشر في اليوم السابع يوم 13 - 07 - 2014

مرت السنوات الأولى لحكم مبارك وبدت نوعا من القصور الذاتى الذى يدفع الدولة فى مصر إلى اتجاه غير محدد، كان الجدل حول الاقتصاد بين أفكار تتطرف فى الدعوة لهدم القطاع العام وبيع الشركات، واتجاهات ترى استمرار القطاع العام والدعم ومجانية التعليم، وساهم حزب الوفد وجريدته بنصيب فى مساندة التيار الذى يطالب بهدم القطاع العام، واعتباره عبئا وفسادا، كان الوفد يتبنى سياسة تحمل قدرا من الرفض لفترة جمال عبدالناصر، بينما دافع المحجوب وحزب التجمع عن السياسات الاجتماعية. ولم يسفر هذا الجدل عن رؤية مشتركة يمكنها أن تقود إلى حل محلى للمواجهة بدلا من الاستناد إلى التاتشرية أو الرأسمالية.
كانت أيام الدكتور على لطفى قد انتهت فى الحكومة، وكانت حكومة الدكتور لطفى من الحكومات التى شهدت الكثير من الأحداث والكوارث الكبرى، فى أكتوبر 1985 وقعت حادثة اختطاف فلسطينيين للسفينة الإيطالية أكيلى لاورو فى بورسعيد، وما تبعها من تصادم مع الولايات المتحدة وإجبار طائرة مصرية على الهبوط فى إيطاليا، وفى نوفمبر تم اختطاف الطائرة المصرية بعدها فى لارناكا، وقام بها عدد من الفلسطينيين وقتل عدد من ركابها وتفجيرها أثناء محاولة ضباط الصاعقة المصرية اقتحامها، وفى 25 فبراير 1986 وقعت أحداث الأمن المركزى التى أقيل على أثرها وزير الداخلية أحمد رشدى، وكان تعدد الحوادث تحول إلى نكتة حول مبارك وحديث عن وجود نحس فى حكومة على لطفى، وأطلق البعض على الحكومة اسم شرارة، تندرا بالمسلسل الشهير برج الحظ، من بطولة الفنان الراحل محمد عوض الذى كان يقوم بدور شرارة المنحوس.
المهم أن الدكتور على لطفى نفسه قال إنه كان يريد الخروج ويقول: أنا شخصيا كنت أريد ترك الوزارة، قلت له ذلك عدة مرات، فكان يقول لى: طيب حاضر، طيب حاضر، وفى الآخر طلب منى الذهاب إليه ولما ذهبت قال لى: إنت ها تبقى رئيس مجلس شورى. فقلت له: لا، أنا كنت وزيرا ورئيس وزراء ولا أريد شيئا آخر. لا شورى ولا بورى، فقال: لا. ما تسيبنيش. وفهمت. كتبت الاستقالة وقدمتها له.
وقبل خروج على لطفى كانت هناك محاولات لطرح أسماء لتولى رئاسة الوزراء، وكان اسم الدكتور كمال الجنزورى وزير التخطيط مطروحا، لكنه لم يكن يحظى بتأييد داخل الحكومة، وهو أمر يبدو من مذكراته، وله أسباب، بعضها لطبيعة الجنزورى الجافة، والبعض الآخر لكونه كان خارج الشلة، ناهيك عن مشكلات وتراكمات مواقف مع الدكتور رفعت المحجوب رئيس مجلس الشعب، وصفوت الشريف وكمال الشاذلى، وحتى أسامة الباز ويوسف والى. وبالتالى عندما قرر مبارك اختيار الجنزورى لرئاسة الوزراء تحركت غريزة السلطة لديهم ودفعوا مبارك لاختيار عاطف صدقى.
كان الاقتصاد المصرى يعيش خليطا من الاشتراكية والرأسمالية، وكان الأمر حسبما طالب خبراء واقتصاديون يستلزم الاستناد إلى أفكار واضحة للخروج من وضع صعب، خاصة أن الحديث عن تحرير الاقتصاد،لم يرافقه حديث عن تحرير السياسة. والتحولات التى كانت تجرى فى العالم سواء فى المعسكر الشرقى أو المعسكر الرأسمالى تمثل نوعا من الخلاف فى الآراء عن الشكل الأمثل للاقتصاد. جاء عاطف صدقى بعد عامين فقط تولى فيهما الدكتور على لطفى الذى انتقل إلى رئاسة مجلس الشورى، وكان اختيار عاطف صدقى مفاجئا، لأن الرجل كان مجهولا فى عالم السياسة وإن كان رئيسا للجهاز المركزى للمحاسبات، ولم يكن له تاريخ فى عالم الوظائف، لكن ما تردد أن مبارك اختاره بناء على توصيات وخطط من الدكتور رفعت المحجوب رئيس مجلس الشعب، والذى كان يعرف الدكتور عاطف صدقى من أيام باريس والبعثة.
كان صدقى أستاذا ورئيس قسم بكلية حقوق القاهرة وتولى رئاسة الجهاز المركزى للمحاسبات من 1982 إلى 1986. وعمل مستشارا ثقافيا بالسفارة المصرية بباريس. وتم تعيينه عضوا بمجلس الشورى عام 1980. وفى نوفمبر 1986 كلف الرئيس حسنى مبارك عاطف صدقى برئاسة الحكومة، ولم يكن الاسم مطروحا وقتها فى خانة التوقعات، فصدقى كان قادما من الظل، بعد أن ترأس الجهاز المركزى للمحاسبات لمدة 4 سنوات كان خلالها فى الظل بعيدا عن الإعلام، ومن خلال موقعه «الرقابى» كانت مصر مكشوفة أمامه. وقيل إن اختياره يأتى لنظافة سيرته الشخصية. لكن وجهات النظر المعارضة رأت أن المرحلة التى تولى فيها عاطف صدقى هى مرحلة الإملاءات الخارجية من صندوق النقد الدولى والبنك الدولى والولايات المتحدة، وهو ما يتطلب حكومة تنفذ أكثر مما تناقش. وأن عاطف صدقى الأصلح لذلك فهو ليس ابن الممارسة السياسية، ولم يكن من قيادات الاتحاد الاشتراكى أو من مؤسسى الحزب الوطنى وليس صاحب وجهة نظر أيديولوجية، وإنما هو بيروقراطى وتنفيذى يمكن أن يكون مفيدا.
ويكشف الدكتور الجنزورى كيف تم تكليفه والتراجع من هذا ويقول إنه قبل عشرة أيام، من انتهاء فترة حكومة الدكتور على لطفى: أول نوفمبر 1986، طلبنى الرئيس، وكان فى الإسماعيلية، وطلب منى أن أشكل الوزارة مع ترك الوزارات الأربع السيادية لاختياره المباشر، واستمرت المراجعة معه نحو عشرة أيام، تحددت فيها الأسماء التى تدخل والتى تخرج. وفى صباح 11 نوفمبر، طلب منى الدكتور مصطفى الفقى الذهاب إلى مقر الرئاسة الساعة السادسة والنصف مساء، وبعد ساعتين طلبنى جمال عبدالعزيز سكرتير الرئيس، ليخبرنى بأن الرئيس تحرك من الإسماعيلية، والأفضل أن أذهب إلى الرئاسة الساعة السادسة بدلا من السادسة والنصف. جاءنى الدكتور يوسف والى بعد ساعة من تلك المكالمة بدون موعد، ثم جاءنى تليفون خاص بالرئاسة، يفيد بأن أُبلغ الدكتور يوسف والى الذهاب إلى الرئاسة، على أن أستمر بالمنزل إلى حين إبلاغى بالذهاب، لأن الموعد تأجل. استمر الانتظار ساعة واثنتين وثلاثا، وفى العاشرة مساء عاد الدكتور يوسف وعلى وجهه ما يفصح عن تغيير وقال: لعل مفاجأة هناك، فأجبته خير. فقال: خير إن شاء الله.
فى صباح اليوم التالى، عرفت أن الذى دُعى إلى تشكيل الوزارة الدكتور عاطف صدقى، وأنه حينما دخل الدكتور أسامة الباز ليوقع من الرئيس خطاب تكليفى بالوزارة، فوجئ أن الرئيس شطب اسم الدكتور كمال أحمد الجنزورى وكتب بدلا منه وفوقه الدكتور عاطف نجيب صدقى، وخرج الدكتور أسامة الباز، ليسلم الخطاب المعدل للدكتور مصطفى الفقى، وقال له:
- لم أقل شيئا، ولم يكن لى أى دور فى هذا التغيير، هو الذى غيّر.
ويقول الجنزورى: علمت فيما بعد على وجه التأكيد أنه عندما كان مقررا أن أذهب إلى الرئاسة، طلب الدكتور أسامة الباز الدكتور رفعت المحجوب، وكان له علاقة وثيقة بالدكتور عاطف صدقى، وأيضا مكانة عند الرئيس ويقدره، وبأسلوبه الدبلوماسى، سأل الرئيس عما سمعه من إجراءات التغيير الوزارى، فقال الرئيس له ماذا يقترح، قال أنا أعلم أن كمال الجنزورى من بين الخيارات وهو كُفء وشاب محترم، ويمكن أن يتحمل مسؤولية رئاسة الوزراء فيما بعد. لكن الدكتور عاطف صدقى رئيس جهاز المحاسبات ويمسك بيده أمعاء الاقتصاد.
وبناء على ذلك تم تكليف الدكتور عاطف صدقى فى 14 نوفمبر 1986. وكان يحظى بدعم من فريق المحجوب وباقى فريق الوزراء، وكان هناك ما يقرب من ثلاثة أرباع مجلس الوزراء من تلاميذ وأصدقاء عاطف صدقى أيام باريس، وبعد توليه مهام موقعه كان معارضوه ينتقدون اختياره لطاقم حكومته استنادا لمبدأ «الشلة»، كان من بين الوزراء فى حكومته أصدقاؤه فى باريس عندما تولى منصب المستشار الثقافى فى باريس حتى عام 1980، ومنهم أحمد فتحى سرور وزير التعليم وفاروق حسنى وزير الثقافة، والدكتور محمد الرزاز وزير المالية. وهناك من اعتبر وزارة صدقى «حكومة شلة طاولة فى زهراء المعادى، التى استمرت 10 سنوات دون أن تقدم شيئا، وكانت تضع لبخة على الجرح» وهو رأى طرحه الدكتور صبرى الشبراوى عضو مجلس الشورى الأسبق وأحد قيادات الحزب الوطنى. كما تولى الدكتور أحمد سلامة وزارة مجلسى الشعب والشورى والدكتور يسرى مصطفى وزارة الاقتصاد، وعادل عز وزارة التعليم العالى والبحث العلمى، والدكتور محمد راغب دويدار وزارة الصحة، ومحمد على محجوب وزارة الأوقاف وعاصم عبدالحق القوى العاملة وجلال أبوالدهب وزارة التموين.
وبالطبع فإن الجنزورى يؤكد أنه واجه مشكلات مع رئيس الوزراء عاطف صدقى ويقول: واجهت مشكلة التعامل مع رئيس وزراء يعلم تماما أنه كان مقررا أن أتولى ذلك المنصب.. كنت رئيسا للمجموعة الاقتصادية المكونة من خمسة وزراء، كانت تجتمع يوميا أو كادت لأن مجلس الوزراء كان يلتقى كل شهر أو شهر ونصف الشهر، لمناقشة موضوعات لا تنتمى إلى القضايا الرئيسية إعفاءات لبعض الحفلات الخيرية أو تغيير أسماء بعض الشركات أو سفر وفود للخارج.
ويرى الجنزورى أن عاطف صدقى: هادئ، لا يهتم كثيرا بالوقت. إذا تقرر اجتماع للجنة الساعة الحادية عشرة، يبدأ الساعة الواحدة ويستمر إلى الثالثة، ثم يبدأ الدكتور عاطف صدقى بالسؤال ماذا نأكل، ويقدم الطعام مرة بيتزا ومرة ثانية كباب ومرة ثالثة فول وطعمية، ويستهلك الطعام ساعتين، يحتاج بعدها البعض للراحة، ثم تعود اللجنة إلى الانعقاد فى الساعة الخامسة أو السادسة. المهم أن تستمر حتى المساء وقد يمتد الاجتماع إلى منتصف الليل، ليعلم الرئيس أن الدكتور عاطف صدقى مازال فى مجلس الوزراء طوال النهار وحتى منتصف الليل.
وكان من بين الوزراء أربعة عشر وزيرا اختارهم الدكتور عاطف، انطبعوا بطبعه وسلكوا مسلكه. وكان على باعتبارى رئيسا للمجموعة الاقتصادية، أن أعجل بالوصول إلى قرار حتى ينتهى الاجتماع، وشعرت فى بعض الأحيان أنه كان يسعى إلى أن يدفعنى لارتكاب خطأ ما، ليتخلص من الرجل الذى اعتقد أنه سيأتى بعده، لأنه كان مقررا أن يأتى قبله.
عاطف صدقى تولى رئاسة الوزراء دون أن يمر على أى منصب وزارى قبل ذلك، وفى أكتوبر 1987 تشكلت وزارة عاطف صدقى الثانية، وانضم لها المستشار فاروق سيف النصر لوزارة العدل، والدكتور فؤاد إسكندر والدكتور موريس مكرم الله وفاروق حسنى الذى تولى حقيبة وزارة الثقافة واستمر حتى يناير 2011. بقى فى حكومة عاطف صدقى الوزراء السياديون، المشير محمد عبدالحليم أبو غزالة للدفاع، والدكتور عصمت عبدالمجيد للخارجية، واللواء زكى بدر الذى تولى وزارة الداخلية فى أعقاب أحداث الأمن المركزى واستقالة اللواء أحمد رشدى، وشهدت فترة تولى زكى بدر وزارة الداخلية ارتفاع وتيرة العنف من جديد، حيث بدأت الجماعة الإسلامية فى لملمة أطرافها، وإعادة ترتيب صفوفها فى الصعيد وبعض ضواحى القاهرة لتبدأ دورة من العنف سوف تستمر حتى نهاية ما يقرب من نهاية التسعينيات.
وفكر بعد ذلك فى فصل وزارة التخطيط عن وزارة التعاون الدولى ليبعد الجنزورى، ويقول كمال الجنزورى فى مذكراته بعد عام سعى الدكتور عاطف صدقى إلى إقناع الدكتور عصمت عبدالمجيد بأنه من الصعب أن يتولى الجنزورى التخطيط والتعاون الدولى، وهو نائب رئيس الوزراء، وآن الأوان ليكتفى بوزارة التخطيط، وأن ينضم التعاون الدولى للخارجية. وفعلا بدأ الدكتور عصمت عبدالمجيد إعطاء انطباع للرئيس بأن السفراء يشكون منى عدم الدبلوماسية فى التعامل معهم، وهو كلام غير حقيقى.
ثم لجأ الدكتور عاطف صدقى إلى الدكتور رفعت المحجوب فى هذا الأمر، فوعده بإعداد مذكرة للعرض على الرئيس يوضح فيها عدم جدوى أو عدم قانونية وجود التعاون الدولى مع التخطيط. واشترط أن يتولى وزارة التعاون الدولى الدكتور محمد عبداللاه، الذى جاء بعد ذلك رئيسا لجامعة الإسكندرية وعضوا بمجلس الشعب. ويقول الجنزورى إن الدكتور رفعت المحجوب كشف له عن هذا المخطط بعد أن اختلف مع الدكتور عاطف صدقى، لرفضه عودة أخيه السيد عبدالخالق محجوب إلى وظيفته السابقة بوزارة الاقتصاد قبل محاكمته.
نجح الدكتور عاطف صدقى فى فصل التعاون الدولى عن التخطيط، وبقيت نائبا لرئيس الوزراء ووزيرا للتخطيط فقط. ورغم أن صدقى أكد لى أنه معى فى أنهما مرتبطان، إلا أنه بعد أسبوع حينما تشكلت وزارة جديدة كان من المفروض أن أقابله بعد مقابلته المشير أبوغزالة والدكتور عصمت عبدالمجيد وفقا للبروتوكول، تعمد ألا أقابله إلا بعد أن ينتهى القدامى وكل الجدد، كان يريد أن أثور بأى صورة حتى يبلغ الرئيس بمسلكى العنيف. وأعد لتولى التعاون الدولى الدكتور فؤاد إسكندر، ووكيل أول وزارة التعاون، وأعد لتولى التخطيط الدكتور موريس مكرم الله وكان يعمل أستاذا بمعهد التخطيط القومى.
صدقى وتوظيف الأموال ووزير الداخلية زكى بدر
تولى الدكتور عاطف صدقى مهام موقعه وسط ذروة ارتفاع شركات توظيف الأموال التى اختطفت الاقتصاد المصرى على مرأى ومسمع من الحكومة وأجهزة الدولة، وسحبت من أموال المصريين وتحويلاتهم مليارات خلال أربع سنوات وكان على حكومة صدقى أن تواجه الإفاقة من وهم شركات توظيف الأموال، التى كانت دولة داخل الدولة.
كما واجه صدقى تنامى ظاهرة الإرهاب التى راح ضحيتها ما يقرب من ألف قتيل، وكاد هو أن يكون ضحيتها لكن العملية ضده فشلت، وراح ضحيتها الطفلة البريئة شيماء.
بعد أحداث الأمن المركزى فى فبراير 1986 استقال اللواء أحمد رشدى وتولى اللواء زكى بدر وزارة الداخلية، وكان قبلها محافظا لأسيوط وعرف بالشدة والغلظة والتعجل فى استخدام العنف والافتقاد إلى الدبلوماسية. كان قادما من محافظة أسيوط. ومعروفا بانفلات اللسان، ويقول رئيس الوزراء الأسبق على لطفى أن زكى بدر كان يتلفظ بأشياء رهيبة، منذ أن كان محافظا لأسيوط، ومرة جاءنى أعضاء مجلس الشعب عن أسيوط، واشتكوا لى من سبه لهم، ولم أتدخل فى هذه المسألة، لكنى طلبت من الرئيس أن يلزم زكى بدر بمسك لسانه، لأنه عضو فى حكومتى ويسىء إلى، فقال لى: ها أشوف الموضوع ده، لكنه لم يكلمه.
كان زكى بدر من مدرسة ترى أن يكون الأمن حاسما طالما يلتزم بالقانون، وأحيانا يحتاج لتجاوز القانون إذا كان يواجه إرهابيين، ولم يمانع من استخدام العنف والتعذيب طريقا للمواجهة، وكانت له أقوال ومواقف ومواجهات شهيرة أمام مجلس الشعب.
كان زكى بدر صريحا ويوصف بأنه غشيم وصادم،، ويرى الدكتور مصطفى الفقى وكان فى منصبه برئاسة الجمهورية أن زكى بدر كان من أقوى وزراء الداخلية فى تاريخ مصر، وله سجل حافل فى الشدة والصرامة طوال مدة خدمته فى جهاز الشرطة المصرى، وأنه أعطى موقعه هيبة كبيرة رأى البعض أنها كانت السبب فى بداية دائرة العنف المتبادل بين الشرطة وخصوم النظام.
وكان لزكى بدر صفات مهنية، منها أنه كان يرفض الواسطة، ولما كان يتلقى توصية من مسؤول على أحد الضباط كان ينقله إلى إحدى محافظات النائية، وحدث هذا مع رئيس الوزراء وقتها عاطف صدقى. وحكى محمد صلاح الزهار الكثير من التفاصيل والحكايات عن زكى بدر فى كتابه «وزراء على كف عفريت» منها أنه أراد عقاب أحد الضباط فقرر أن ينقله إلى الوادى الجديد، وقرر له أن يوقع الحضور فى مركز الداخلة، والانصراف فى الخارجة وبينهما مئات الكيلومترات، واضطر الضابط للاستقالة.
وكان زكى بدر يوجّه الانتقادات المباشرة وبصوت مرتفع لزملائه الوزراء، بل أيضا لرئيس الوزراء أحيانا، عاطف صدقى. وعلى مستوى المواجهة مع الجماعات المسلحة، فقد كان يتحدث علنا بأنه لا يمكن أن يقبض على الإرهابيين، لأنه لو قبض عليه وقدمه للنيابة والمحكمة سيخرج براءة أو بعد سنوات ليمارس القتل والإرهاب، وبالتالى فمن الأفضل أن يقتل الإرهابى ويوفر أكله وشربه.
فى بداية عام 1984 وبعد الإفراج عن الكثير من أعضاء الجماعة من غير المتهمين فى قضايا تنظيم الجهاد، أعيد تنظيم الجماعة برئاسة محمد شوقى الإسلامبولى وزاد نشاطها فى الدعوة بالمساجد والندوات والمعسكرات وبين الشباب والطلبة فى المدارس والجامعات فى محافظات مصر استغلالا للمكسب الإعلامى لأحداث 1981، ودعوا إلى الخروج على الحاكم وقتال الطائفة الممتنعة عن إقامة شرائع الإسلام، نجحت الجماعات الإسلامية فى الوصول إلى اتحادات الطلاب، وكانت التيارات الناصرية واليسارية ضعفت وتخرج جيلها الأول وبدأت الجماعات الإسلامية تمنع الحفلات والاجتماعات فى جامعات أسيوط بالذات متزامنة مع فرض السيطرة على بعض القرى الأحياء والضواحى فى القاهرة، والمحافظات خاصة فى مناطق إمبابة وعين شمس وبدأت مصادمات مع جهاز أمن الدولة وجرت عمليات اعتقال مع تعذيب لبعض القيادات.
ومع تولى زكى بدر وزارة الداخلية عام 1986، بدأت مناوشات وعمليات اعتقال ومصادمات بين أجهزة الأمن وأعضاء الجماعات الإسلامية. كان عدد من الجماعات الإسلامية الجهادية اكتسبوا خبرات قتالية فى أفغانستان ضد السوفييت. ووقعت محاولة لاغتيال زكى بدر وزير الداخلية 1989 وكانت تلك بداية دائرة عنف جهنمية سوف تستمر سنوات وتحصد أرواحا.
وشارك فى محاولة اغتيال زكى بدر قيادات الجماعة بالمنيا وقبض على عدد منهم، وبعضهم اتهموا فى التخطيط لاغتيال رفعت المحجوب، وقبض على عدد من أتباع الجماعة بتنفيذ العملية، منهم صفوت عبدالغنى، الذى شارك أيضا فى قضية اغتيال فرج فودة. كانت أهم أحداث العنف هى تلك التى وقعت بسبب أمور طائفية، فى مدينة أبوقرقاص، عام 90، عقب اتهام البعض، فى الفترة من عام 86 إلى عام 90 كانت الجماعة تسيطر على مسجد الرحمن بالمنيا، الذى كان تابعا للأوقاف، مما دعا لحصاره من قبل الأمن ووقوع أحداث كثيرة حوله، فى رد فعل من قبل الجماعة التى واجهت ذلك بالاعتداء على قوات الأمن.
واصل زكى بدر مواجهاته مع الجميع حكومة ومعارضة وكان قاموسه يتضمن ألفاظا وأوصافا من عينة «دلاديل والشواذ جنسيا والحرامية والهبل والشيوعيين والنصابين والمهربين والذين يقبضون العمولات».. كان يتهم المعارضة بأنهم وراء الإرهاب ودخل فى معركة بالأيدى فى 20 فبراير عام 1989، تحت قبة البرلمان كان يرد على استجواب عن التعذيب فى السجون لكنه اتخذ الهجوم بدلا من الدفاع، وقال إن لديه تسجيلات لأعضاء مجلس الشعب اللى مقدمين فيه الاستجواب «مع نسوان»، على حد تعبيره، واشتبك مع النائب طلعت رسلان بعد وصلة شتائم وجهها بدر ضد فؤاد سراج الدين وإحدى قريباته، مما أثار غضب طلعت رسلان الذى ضرب وزير الداخلية على وجهه، فرد عليه الوزير بحذائه، وعرض شريط فيديو اتهم فيه أيمن نور الصحفى فى الوفد بفبركة حالات التعذيب التى تضمنتها حملته فى جريدة الوفد. كان الموقف مفاجئا، رئيس المجلس الدكتور رفعت المحجوب الذى كان يرفع صوته: أخرجوا هذا العضو إلى خارج القاعة وصدر قرار بإحالة رسلان لجنة القيم، وتم فصله. لكن تردد أن المحجوب وهو يحاول منع العضو ضحك على المشهد الأمر الذى أثار عليه غضب زكى بدر.
وفى لقائه بضباط المعهد الدبلوماسى فى المؤتمر الشهير ببنها، قدم زكى بدر مقطوعة من السب والقذف ليس فقط ضد المعارضة بل ضد مسؤولين كبار منهم رئيس الوزراء مرورا بالوزراء. بدأ بوصلة الشتائم ضد جماعة الإخوان ومرشدهم وانتقل لزعماء المعارضة وعلى رأسهم إبراهيم شكرى رئيس حزب العمل، ومحمد حلمى مراد القيادى بالحزب.. وخالد محيى الدين.. والكاتب أحمد بهاء الدين ود. محمد السيد سعيد، ويوسف إدريس، والأستاذ فتحى رضوان وآخرون.. وفى الجزء الثانى واصل زكى بدر السباب ضد زملائه من الوزراء، ولم يسلم منه عاطف صدقى رئيس الوزراء.. ويوسف والى أمين عام الحزب الوطنى.. وصفوت الشريف وزير الإعلام، وحسب الله الكفراوى.. ومحمد عبدالوهاب، ويسرى مصطفى، ومحمد الرزاز، وفاروق حسنى وزير الثقافة، ولم يسلم من لسان الوزير مسؤول حالى أو سابق وقتها، وامتدت شتائمه لوزراء سابقين مثل عبدالرازق عبدالمجيد، والدكتور مصطفى السعيد وزيرى الاقتصاد السابقين، وأشار بألفاظ نابية للدكتور محمد على محجوب وزير الأوقاف وقتها وغالبية المحافظين، وقال إن لديه خطة لقتل 530 ألف مصرى، وأنه أصدر أوامره للعمد والمشايخ والخفراء بقتل ودفن كل من له لحية أو يرتدى جلبابا. سجلت جريدة الشعب خطاب بنها يهاجم ويشتم رؤساء المعارضة والوزراء.
وبعد النشر فى جريدة الشعب، ووصول الشريط إلى الرئيس حسنى مبارك، وتقارير كثيرة كانت تؤكد أن الوزير لا يترك أحدا إلا ويسبه، لدرجة أن هناك من نقل لمبارك أنه يشتمه هو أيضا، وأن هناك من قدم شرائط مسجلة، وقال مقربون من الرئاسة إن الوزراء والمسؤولين لم يغضبوا ولم يرسلوا لمبارك إلا عندما فوجئوا بزكى بدر يشتمهم.
وتم نشر الحديث كاملا وتفريغه فى جريدة الشعب، ووصل التسجيل إلى مبارك وبالفعل اتصل مبارك بنفسه بإبراهيم شكرى وخالد محيى الدين وفؤاد سراج الدين يعتذر لهم وقال لهم إنه طلب من الوزير الاتصال بكل من شتمهم ليعتذر، وأن مبارك قال لفؤاد سراج الدين إن زكى بدر حاول «إنكار الشريط والقول إنه مزور لكن مبارك رفض الاستماع، ويروى هيكل أن مبارك كلمه وأخبره أنه طلب من الوزير الاعتذار ويقول هيكل: كان الرئيس مبارك يضحك وهو ينقل لى ما سمعه من وزير الداخلية زكى بدر، الذى رد عليه قائلا له:
إن زكى بدر حاول الإنكار لكنه لم يستمر وقال لمبارك: سيادة الرئيس أنت عارف أن سراج الدين وإبراهيم شكرى وفلان وفلان ولاد كذا وكذا.. وأعاد عليه الشتائم. وقد حكى سراج الدين عن اتصال مبارك به وأنه قال عن زكى بدر: كلهم رشحوه كضابط بوليس قادر على مواجهة حالة الإرهاب، لكنه الآن يفكر جديا فى تغييره، ونقل هيكل عن فؤاد سراج الدين أن الرئيس مبارك سأله بعدها إذا كان لديه مرشح يصلح. وأن سراج الدين قال للرئيس أنه يستطيع اختيار أى خفير فى أى بندر، ولن يكون أسوأ من زكى بدر. ولم يرشح سراج الدين أحدا.
وطوال فترة حكومة عاطف صدقى الطويلة كان الملف السياسى، والحريات العامة، ونزاهة الانتخابات، بعيدا عنه وفى مطابخ أخرى حيث كانت الترتيبات السياسية تتم بمعزل عن الترتيبات الاقتصادية ولم تكن حكومة صدقى تربط بين ما ترفعه من شعارات الإصلاح الاقتصادى وبين الإصلاح السياسى الذى ظل معلقا بلا مبادرات أو تدخلات، غير تدخلات مطبخ كان فى أيدى شخصيات مثل الدكتور رفعت المحجوب رئيس مجلس الشعب السابق، والدكتور يوسف والى الأمين العام للحزب الوطنى، وكمال الشاذلى الأمين المساعد، وصفوت الشريف وزير الإعلام ثم رئيس مجلس الشورى وأمين عام الحزب الوطنى كان هؤلاء فى واجهة الفعل السياسى المتعلق بالبرلمان والأحزاب، فيما يشبه غرفة المؤامرات الملكية. أما عاطف صدقى فقد ظل بعيدا عن ملفات السياسة، وأدار شلة الاقتصاد فى موازاة لشلة أخرى يمكن تسميتها شلة المؤامرات السياسية، التى لعبت الدور الأكثر اتساعا وعمقا، فى ترتيب نظام يخلو من أى إمكانية لتبادل السلطة. بينما كانت جماعة الإخوان المسلمين تنفذ من ثغرات الحكم والتسلط وتحقق مكاسب سياسية ونقابية فى مواجهة «طاقم فرعون» فى الحزب الوطنى والبرلمان. وكان هناك تحالف بين الدكتور رفعت المحجوب ورئيس الوزراء عاطف صدقى، وتحالف الحزب التقليدى صفوت الشريف وكمال الشاذلى ويوسف والى، قبل أن يختلف المحجوب مع عاطف صدقى بعد أن رفض إعادة شقيقه عبدالخالق المحجوب.
كانت انتخابات 1987 الإعلان الأوضح والأقوى لوجود «الإخوان المسلمون» فى الساحة السياسية ومولد شعار «الإسلام هو الحل»، والبداية الحقيقية للصراع بين الإخوان كجماعة وبين الحزب الوطنى ونظام مبارك. خاصة أنه تزامن مع صعود للتيار الإسلامى فى الإعلام والاقتصاد من خلال شركات توظيف الأموال قبل إقرار قانون أنهى أسطورتها وأيضا بعد إقرار القانون.
وقد دافع نواب التحالف الإسلامى عن شركات توظيف الأموال التى كانت تغلغلت فى الإعلام والاقتصاد، واستقطبت وزراء وصحفيين كبار، على رأسهم إبراهيم نافع رئيس مجلس إدارة وتحرير الأهرام أكبر الصحف القومية وقتها، وحصل على رخام بمئات الآلاف من الريان لمدخل قصره فى أبوتلات، وقال فى التحقيقات إنها كانت مدفوعة الأجر.
كان وزراء ونواب بل حتى رئيس مجلس الشعب نفسه مع الشركات التى تدفع ببذخ من أموال المودعين كان المال هو الذى كان يتكلم.
كانت تجارب نجاح الإخوان فى الانتخابات قد أثارت قلق النظام الذى بدأ يتحسب ويسعى للعب مع الإخوان فى الأرض السياسية، دون أن ينتبه كبار رجال المؤامرات فى الحزب الوطنى إلى أنهم ينتزعون السياسة من الأحزاب السياسية ويتركون المجتمع فارغا، كانت الأحزاب فى بداية تولى مبارك شهدت حالة من النشاط استقطبت بها بعض الشباب الراغب فى ممارسة العمل السياسى، ومنها حزب الوفد وأحزاب العمل والتجمع، وبقيت جماعة الإخوان تتدخل فى تحالفات انتخابية مع الوفد ثم العمل والأحرار دون أن تندمج والنظام يتعامل معها على أنها نصف علنية ونصف محظورة، متواجدة فى الشارع وفى العمل السياسى والمساجد والمشروعات الخيرية، والمستوصفات والاقتصاد فى المقاولات والتجارة والبقالة والاستيراد والتصدير. وحصلوا على مليون صوت من أصوات ناخبى 1987، بينما كان رجال النظام مشغولين بتوسيع نفوذهم السياسى وفرض أغلبية الحزب الوطنى بالخلط مع الحكومة دون النظر إلى ما يجرى من تفريغ الشارع من السياسة.
بينما تسلمت أجهزة الأمن ملفات الأحزاب والسياسيين. وكان جهاز أمن الدولة يفرض سيطرته على الأحزاب والعمل السياسى، ويحصر الأحزاب فى مقراتها، ويحجم دورها فى أن تكون مجرد ديكور للديمقراطية. وبموازاة ذلك كانت جماعة الإخوان توسع عملها داخل المجتمع من خلال الجمعيات الخيرية والعمل الأهلى. كما انتشرت الجماعات ذات المرجعيات السلفية، والوهابية والتى شكلت من أفكار تشرب بها المصريون العاملون فى الخليج وخاصة فى المملكة العربية السعودية، وظهرت جماعات لا تتخذ العنف منهجا لها، لكنها تقدم نفسها كجماعات دعوية تنتشر فى مساجد وزوايا صغيرة فى القرى والأحياء، وهى جماعات كانت قادرة على العمل فى المجتمع ولديها سلطة تمكنها من الوصول للمنازل والبيوت الفقيرة بسلطة الدعوة. سلطة اتسعت فى الأطراف التى كانت تتوقف عندها سلطة الأمن والدولة.
كان الشغل الشاغل لجهاز أمن الدولة هو الشعور بالسيطرة على الاتجاهات السياسية، أو حتى الجماعات الدعوية، مثل جماعات الخروج أو السلفيين من غير الداعين للعنف، بالرغم من أن هذه الجماعات، كانت تنشر دعايات وفتاوى وتمارس سلطة الفتوى وتوجيه الناس وتتدخل فى الخلافات بينهم.. أى أن الدولة ممثلة فى مباحث أمن الدولة تصورت أنها تسيطر على مفاتيح السياسة ومحابسها فى الشوارع والأحزاب. فى وقت كانت سلطة الدولة تنتهى فيه عند الشوارع والحارات، بينما سلطة الجماعات الإسلامية تتشعب فى الشوارع والحارات والمنازل والمساجد، وتتسرب إلى حياة الناس اليومية.
◄ مبارك الفرعون الأخير .. الحلقة الأولى:كيف تصرف مبارك فى اليوم التالى للتنحى؟..طلب الاتصال بالنائب والمشير.. وانقبض من مشهد الأفراح فى الشوارع.. وتذكر شاوشيسكو وصدام وقال بلدنا مش كده
◄ مبارك "أحلام السلطة وكوابيس التنحى"..الحلقة الثانية:قال لأوباما: أنت لا تعرف وبعدها سأل نفسه:من يكون هذا الشعب ولماذا ثار ضدى؟..عندما سقط الإخوان اعتبره تحقيقا للنبوءة..وأصيب بأزمة بعد تأكده أنه متهم
◄ مبارك "أحلام السلطة وكوابيس التنحى"..الحلقة الثالثة.. رحلة أجداد مبارك من البحيرة إلى المنوفية.. قصة صاحب الكرامات..عبد العزيز باشا فهمى توسط لتوظيف والده حاجبا.. وأدخل مبارك الكلية الحربية
◄ مبارك "أحلام السلطة وكوابيس التنحى"..الحلقة الرابعة..قصة مبارك وعبد الناصر..دخل مبارك الكلية الحربية عام 1947 بوساطة المحامى الشهير عبدالعزيز باشا فهمى وبعد عامين دخل الطيران
◄ مبارك "أحلام السلطة وكوابيس التنحى"..الحلقة الخامسة..مبارك وسوزان الطريق للسلطة..ليلى والدة سوزان البريطانية رفضت خطبة حسنى لابنتها ثلاث مرات بسبب فرق السن والمستوى الاجتماعى
◄ مبارك "أحلام السلطة وكوابيس التنحى"..الحلقة السادسة.. قصة أسر العقيد حسنى مبارك فى المغرب.. السادات قال لمبارك بعد عودته من الاتحاد السوفيتى: أنت طلعت عُقر.. وهيكل أشار لمشاركته فى اغتيال زعيم المهدية
◄ مبارك "أحلام السلطة وكوابيس التنحى"..الحلقة السابعة.. المخابرات الأمريكية كانت تحتفظ بفيديو عن مبارك وزوجته سوزان وقال باحث أمريكى زوجته الإنجليزية سبب اختياره .. كيف فضل السادات مبارك
◄ مبارك "أحلام السلطة وكوابيس التنحى"..الحلقة الثامنة.. مبارك وأبوغزالة.. أسرار الحرب الخفية والإطاحة بالمشير.. خطط مبارك للتخلص من المشير بعد ظهور اسمه مرشحا للرئاسة فى أول اجتماع بعد اغتيال السادات
◄مبارك "أحلام السلطة وكوابيس التنحى"..الحلقة التاسعة.. مبارك يطيح بأبوغزالة بضربة قاضية..صفقة مبارك وحسين سالم لتصدير 10 آلاف حمار للمشاركة فى الحرب بأفغانستان ضد السوفيت
◄مبارك "أحلام السلطة وكوابيس التنحى"..الحلقة العاشرة.. مبارك خطط للإطاحة بمنافسه منصور حسن وقال له: ماتبقاش تلعب معايا تانى..تقرير المخابرات الإيطالية عن مبارك أثار غضب السادات فقال: حسنى بيلعب
◄مبارك "أحلام السلطة وكوابيس التنحى"..الحلقة 11..مبارك وأشرف مروان..عندما هدد مروان: مبارك لا يمكنه منعى من دخول مصر.. أنا ..مبارك تقدم جنازة أشرف مروان وحرص على تبرئته من تهمة الجاسوسية
◄ مبارك "أحلام السلطة وكوابيس التنحى"..الحلقة 12.. لماذا أصر مبارك على سجن الفريق الشاذلى؟..مبارك غير صور حرب أكتوبر بالفوتوشوب ووضع نفسه مكان الشاذلى.. وابنة الفريق اتهمته بالتزوير
◄ مبارك "أحلام السلطة وكوابيس التنحى"..الحلقة 13.. مبارك واغتيال أنور السادات..مبارك قال: علاء أصيب بفقدان وعى أمام التليفزيون وجمال أخذوه من أمامى بالمنصة بعد إطلاق الرصاص
◄ مبارك "أحلام السلطة وكوابيس التنحى"..الحلقة 14.. مبارك وأبوباشا ومعركة عيد الأضحى فى أسيوط..عقب اقتحام مديرية أمن أسيوط وقتل 106 أفتى عمر عبدالرحمن لعناصر التنظيم بصوم 60 يوماً كفارة لعدم مشورته/
◄ مبارك "أحلام السلطة وكوابيس التنحى"..الحلقة 15..كيف أقنع فؤاد محيى الدين مبارك برئاسة الحزب الوطنى.. ظهر فى صورة الرئيس المتواضع.. يرتدى ملابس سفارى صناعة مصرية وأمر بعدم نشر التهانى فى الصحف
◄ مبارك "أحلام السلطة وكوابيس التنحى" .. الحلقة 16 ..الرئيس الأسبق يستسلم لمؤامرات فؤاد محيى الدين.. عندما قال مبارك ليحيى الجمل: «أول مرة أعرف إن الشيوعيين بيصلوا»
◄ مبارك "أحلام السلطة وكوابيس التنحى" ..الحلقة 17.. أسرار حرب مبارك..القصة الكاملة للإطاحة بوزير الداخلية أبوباشا من أجل الحزب الوطنى..مبارك «شخط» فى وزير الداخلية: سامى أخويا مش هيدخل مجلس الشعب
◄ مبارك "أحلام السلطة وكوابيس التنحى" ..الحلقة18..مبارك وأسرار مطبخ صفوت الشريف وكمال الشاذلى ..الشريف كان يقدم لمبارك تقريرا يوميا بخطوط سير الوزراء وعلاقاتهم العامة والخاصة
◄ مبارك "أحلام السلطة وكوابيس التنحى" ..الحلقة19.. مبارك وعلى لطفى حكومة سكرتارية..مبارك أرسل أسامة الباز لرئيس الحكومة يقول له: الرئيس عاوز يعرف جدول أعمال الاجتماع.. ليحدد ما تناقشونه
◄ مبارك "أحلام السلطة وكوابيس التنحى" ..الحلقة 20.. مبارك والإخوان والسعد والريان.. شعار «الإسلام هو الحل» مع شركات توظيف الأموال.. مغامرات السياسة والاقتصاد
مبارك "أحلام السلطة وكوابيس التنحى" ..الحلقة 21.. مبارك.. وأسرار الإطاحة بوزير الداخلية أحمد رشدى..هل راح أحمد رشدى ضحية مواجهة المخدرات وصراعات الكبار حول مبارك


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.