حرب المياه

تبحث دول العالم دائمًا عن مصادر تعويضية لما تستهلكه من المياه العذبة، بل سعت كثيرا من الدول إلى احتلال دول أخرى للاستيلاء على مصادر المياه، وليس أدل على ذلك من احتلال إسرائيل لهضبة الجولان من أجل السيطرة على مياه بحيرة طبرية، التى أصبحت الخزان الأساسى، للمياه العذبة فى إسرائيل.
وتشير بعض التقارير إلى أن 15% من بلدان الكوكب تتلقى أكثر من 50% من مياهها من دول أخرى، واثنان من أصل ثلاثة من الأنهار الكبرى أو الآبار الجوفية.
وعلى الرغم من خوف المسئولين فى مصر من مشكلة نقص حصة مياه النيل بعد الشروع فى بناء إثيوبيا لسد النهضة، إلا أنه لا يبدو أننا نفكر فى المستقبل، فلم يغير ذلك من أسلوبنا فى استهلاك مياه الشرب، أو أساليب الرى، حتى نستعد للأزمة التى ربما لا نعيرها اهتمامًا، على الرغم أن هناك تقارير تشير إلى أن الأرض بكاملها ستكون مهددة بالعطش منتصف هذا القرن فى حدود عام 2050.
إن أزمة المياه العذبة قضية يجب أن تثار على المستوى القومى فى جميع وسائل الإعلام، وتضعها الحكومة على رأس أولوياتها، وعلى الجهات المعنية البحث عن مصادر مختلفة للمياه، وعلى الرغم من كون مصر بلدا فقيرا، من حيث هطول الأمطار لكن حتى مياه المطر اليسيرة لا نستفيد منها كما يجب، فما أن تهطل الأمطار فى أيام معدودة من شهور الشتاء حتى تجد مصر كما يقولون "تغرق فى شبر ميه" فلماذا لا تعمم مخرات السيول والأمطار لتحقيق أكبر استفادة ممكنة من مياه المطر، فمن الممكن بناء خزانات أسمنتية تحت الأرض لتخزين مياه المطر، بدلًا من إهدارها دون تحقيق الاستفادة المرجوة.
ويأتى على رأس المياه البديلة لمياه النهر الآبار الجوفية، حيث تمثل المياه الجوفية أحد العوامل الرئيسية لتنمية الصحراء، وتضم الصحراء الغربية تحتها أضخم خزانات المياه الجوفية فى مصر بل فى شمال شرق أفريقيا، لذا يجب وضع نظام متكامل لإدارة موارد المياه وإشراك المستفيدين وإعطائهم الدعم والخبرة فى تشغيل الآبار وصيانتها وتكوين شركات صغيرة لإدارة الآبار الخاصة بالمنتفعين وتحفيز هجرة الشباب إلى المناطق الجديدة وتشجيع مشروعات المحاجر والمناجم الصغيرة والصناعات الصحراوية والسياحية والزراعية.
مصر وطن ذاخر بالثروات ويحتاج إلى إرادة وعزيمة من صناع القرار، حتى ينعم المواطن بخير بلاده، ونبعد عنه شبح الفقر وخطورة نقص المياه التى تهدد العالم فى السنوات القادمة.