رابط نتيجة تقليل الاغتراب 2025 بعد إغلاق تسجيل رغبات طلاب الثانوية العامة 2025 للمرحلتين الأولي والثانية    أسعار الذهب اليوم.. وعيار 21 الان بختام تعاملات الثلاثاء 19 أغسطس 2025    رئيس هيئة الرقابة على الصادرات: تقليص زمن الإفراج الجمركي إلى يومين بنهاية 2025    متابعة ميدانية لسير العمل في المدفن الصحي الهندسي بقلابشو بالدقهلية    أستاذ قانون دولي: الدول عليها التزام قانوني بحماية السفارات والبعثات الدبلوماسية    يانيك فيريرا يعتذر عن تصرفه المفاجئ.. ماذا فعل؟    فابريزيو رومانو يكشف موقف مانشستر سيتي من رحيل نجم الفريق    بعد اعتذار الجونة.. إعادة قرعة الدوري المصري للكرة النسائية (مستند)    حملة للكشف عن تعاطي المخدرات وضبط المخالفات المرورية لسائقي المنصورة بالدقهلية    موجة حارة.. حالة الطقس غدًا الأربعاء 20 أغسطس في المنيا ومحافظات الصعيد    مجهولون سرقوا دراجته النارية.. إصابة شخص بطلق ناري في أبوتشت ب قنا    بخصم 25%.. «القومي للترجمة» يشارك في معرض السويس الثالث للكتاب    تكليفات بتوفير أصناف العلاج المختلفة بصيدلية مركز طب أسرة صحة أول بأسوان    لأول مرة «بإهناسيا التخصصى».. استئصال ورم كبير متضخم بالغدة الدرقية لمسنة تعاني صعوبة التنفس    ميلان يخسر خدمات رافاييل لياو في الجولة الأولى للدوري الإيطالي    نفق وأعمال حفر إسرائيلية جديدة داخل ساحة البراق غرب المسجد الأقصى    وزير الخارجية: الكرة الآن أصبحت في ملعب إسرائيل لوقف إطلاق النار    محافظ الأقصر يلتقي وفد أهالي المدامود ويعلن زيارة ميدانية عاجلة للقرية    الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات يصدر إجراءات جديدة بشأن المكالمات الترويجية الإزعاجية    اليوم.. العرض الخاص لفيلم درويش في الرياض بحضور عمرو يوسف    مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير يفتح باب المشاركة في دورته ال12    كيف تعرف أن الله يحبك؟.. الشيخ خالد الجندى يجيب    الشيخ خالد الجندى: افعلوا هذه الأمور ابتغاء مرضاة الله    محافظ سوهاج يعتمد تعديل المخطط التفصيلي لمركز ومدينة سوهاج    محمد مطيع رئيسًا للاتحاد الإفريقي للسومو ونائبًا للدولي    وزير الصحة يجتمع مع مجموعة BDR الهندية وشركة المستقبل للصناعات الدوائية لدعم توطين صناعة الدواء    «التعليم العالي»: إعلان القائمة المبدئية للمرشحين لمنصب رؤساء 5 جامعات أهلية    مصادر طبية: 40 شهيدًا بنيران الاحتلال في مناطق عدة منذ فجر اليوم    علاء زينهم يستعيد ذكرياته مع عامر منيب في "سحر العيون" ويوجه رسالة لبناته|خاص    بالصور- وزير العدل يفتتح مبنى محكمة الأسرة بكفر الدوار    "رقص ولحظات رومانسية"..منى زكي وأحمد حلمي في حفل عمرو دياب في الساحل الشمالي    أول تعليق من أشرف زكي بعد تعرض ألفت عمر للسرقة في باريس    موعد حفل توزيع جوائز الأفضل في إنجلترا.. محمد صلاح يتصدر السباق    كابوس في لحظات سعادة... تفاصيل مؤثرة لغرق طفل أمام عيني والدته بسوهاج    من هم أبعد الناس عن ربنا؟.. أستاذ بالأزهر يجيب    صور.. النقل تحذر من هذه السلوكيات في المترو والقطار الخفيف LRT    تدريب المعلمين على تطبيقات الآلة الحاسبة.. بروتوكول جديد بين "التعليم" و"كاسيو"    "فاليو" تنجح في إتمام الإصدار السابع عشر لسندات توريق بقيمة 460.7 مليون جنيه    بالصور- افتتاح مقر التأمين الصحي بواحة بلاط في الوادي الجديد    لافروف: أجواء محادثات بوتين وترامب فى ألاسكا كانت جيدة للغاية    كل ما تريد معرفته عن وظائف وزارة العمل 2025    مدير أوقاف الإسكندرية يترأس لجان اختبارات القبول بمركز إعداد المحفظين    تأجيل محاكمة عاطل بتهمة سرقة طالب بالإكراه ل23 سبتمبر    مواصلة الجهود الأمنية لتحقيق الأمن ومواجهة كافة أشكال الخروج على القانون    علي الحجار يحيي حفل الخميس ب مهرجان القلعة 2025 (تفاصيل)    «الوعي»: التحرك المصري القطري يُعيد توجيه مسار الأحداث في غزة ويعرقل أهداف الاحتلال    فنان شهير يفجر مفاجأة عن السبب الرئيسي وراء وفاة تيمور تيمور    صعود جماعي لمؤشرات البورصة بمستهل جلسة اليوم    "الموعد والقناة الناقلة".. النصر يصطدم بالاتحاد في نصف نهائي السوبر السعودي    وزير الدولة للاقتصاد والتجارة والصناعة الياباني: الاقتصاد المصري يحتل أهمية خاصة للاستثمارات    إلغاء إجازة اليوم الوطني السعودي ال95 للقطاعين العام والخاص حقيقة أم شائعة؟    الداخلية تؤسس مركز نموذجي للأحوال المدنية فى «ميفيدا» بالقاهرة الجديدة    «100 يوم صحة» تقدم 52.9 مليون خدمة طبية مجانية خلال 34 يومًا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 19-8-2025 في محافظة قنا    عماد النحاس يكشف موقف الشناوي من مشاركة شوبير أساسيا    رابط نتيجة تقليل الاغتراب 2025 بعد انتهاء تسجيل رغبات طلاب الثانوية العامة 2025 للمرحلتين الأولي والثانية    وقت مناسب لترتيب الأولويات.. حظ برج الدلو اليوم 19 أغسطس    «ثغرة» بيراميدز تغازل المصري البورسعيدي.. كيف يستغلها الكوكي؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عمار الشريعى.. الموسيقار حينما يعزف أحلام الشعب وأوجاعه!
تجربته نموذج حى على أنه لا يوجد شىء اسمه مستحيل
نشر في اليوم السابع يوم 22 - 10 - 2009

جلست صامتاً متأملاً وأنا أشاهد الموسيقار الفنان الفذ عمار الشريعى وهو يمسك ريموت التليفزيون، ويتابع مع فنى تركيب الدش الموجود على سطح العمارة ضبط القنوات الفضائية على شاشة التليفزيون، كان ذلك فى منزله بالمهندسين قبل سنوات، لاحظ عمار صمتى فبادر هو بكسره قائلاً بتلقائيته المعهودة والمحببة إلى النفس والقلب: «ماتستغربش.. على فكرة وأنا طفل كان اللى يسألنى»: «عايز تبقى إيه» كنت أرد: «عايز أبقى مهندس كهرباء.. ووالدى الله يرحمه لما اشترى لى راديو كبير من الماركات الكبيرة بتاع زمان، لقانى بفكه وخارج السلوك بره، سألنى بتعمل إيه ياعمار قلت له بدور على شادية، ضحك وقال لى شادية مش هتلقيها فى قلب صندوق الراديو، المهم أنا ركبت السلوك وفضلت الهواية دى عندى».
كان عمار يستدعى قصة موحية من قصص الطفولة، وكنت أنا أضعها فى سياق مسيرته كفنان فذ، وإنسان قرين التألق، السياق الذى جعلنا نتحلق حوله للاستماع منه إلى تحليل عميق لأغنية فى برنامجه «غواص فى بحر النغم» تحليقا لا يقوله إلا عمار الشريعى، ونتحلق حوله للاستماع إلى ألحان جميلة، فيها من الدراما بقدر ما فيها من أنغام تطير بنا إلى فضاء وجدانى لا نهاية له، فمن أين جاء هذا الفنان الجميل بكل هذا الإبداع، ومن أى خزينة يلتقط؟
عاش عمار الشريعى -كما قال لى- على ركبتى المجتمع المصرى، ركبة فقيرة، وثانية غنية: «الاثنان دلعونى، أنا من عائلة غنية تقدر تقول عليها عائلة إقطاعية من الصعيد، لكنها فى اعتقادى تحمل المعنى الجيد للإقطاع، فلم أر فيها واحدا يضرب فلاحا بكرباج، مثلاً أنا شفت أمى تعرف «نسوان» البلد وأخبارهم، وشفت أبويا بيشترى القماش ويوزعه على الناس الغلابة فى البلد من باب مسئوليته عنهم، وليس من باب المباهاة».
كانت المدرسة هى الجزء الثانى فى تكوين شخصية عمار الشريعى: «لم تكن هناك خطة مؤكدة لتعليم المكفوفين، وأكاد أقول إنه لم يبدأ التفكير فى استكمال تعليمنا إلا لما الرئيس جمال عبدالناصر زار مدرستنا ونحن أطفال وكتب مقدمة لفلسفة الثورة الذى كان سيطبع لنا بالبريل، وقال فيها «إن الثورة لا تعرف معنى العجز، كل ميسر لما خلق له.. فى عام 1955 جابونى وقتها وأنا طفل باعتبارى من الطلاب الحلوين للتسليم على الرئيس عبدالناصر وهو يزور المدرسة، وأقول ذلك حتى أشهد أننا جيل المكفوفين المتعلمين فى هذا الوقت والذين يملأون أماكن كثيرة فى مصر مدينون للرئيس عبدالناصر وثورة يوليو، أنا فى سنة رابعة كنت أقرأ وأكتب نوتة موسيقية وأدخل مسابقة العزف على البيانو، ولما قابلت كمال الطويل وأنا فى خامسة ابتدائى قال لأبويا: «ابنك ده كأنه متخرج من معهد الموسيقى، حتى المتخرجين لا يستطيعون الوقوف أمامه». شهادة كمال الطويل المبكرة بنبوغ عمار الشريعى، كان عمار أهلا لها بالفعل والقول وكل شىء، وهو من باب التعلم من الآخرين يتذكر كل الذين أثروا فى تكوينه الفنى، وبالتالى وضعوه فى القلوب، ولما سألته انت امتداد لمن؟،
أجاب: «فوق أكتافى تجد كل الذين أحببتهم وأحبهم الكل، السنباطى وعبدالوهاب وكمال الطويل ومحمد الموجى وبليغ حمدى وفريد الأطرش ومحمود الشريف وسيد مكاوى»، وعن كل هؤلاء يحكى عمار، يقول مثلا عن سيد درويش: «حتى سن 25 و26 لم أعرف قيمته بحجمها الحقيقى، كل ما أعرفه عنه أوبريت «العشرة الطيبة» وأوبريت «شهر زاد»، ولا أرى أنهما يستحقان كل وجع القلب، ومرة كنت عند محمد عبدالوهاب فى بيته، وقال لى «سمعت الحبيب الهجر مايل» قلت له: «لا» فرد: «إزاى تفوتك دى»، فقلت له: «يا أستاذ هتقول سيد درويش.. إنت الأستاذ وبرقبة سيد درويش»، رد: «إستنى بس بلاش عبط» لما تقول كده يبقى ماسمعتش سيد درويش عندك مانع أغنى لك.. «الحبيب الهجر مايل»، وغنى عبدالوهاب فقلت له: «حلوة عشان إنت غنتها» فرد: «إنت مزعج امسك العود وغنيها»، قلت له «مش حافظ» رد: «هغنى معاك»، وبعد أن انتهينا سألنى إيه رأيك: «قلت له الحق هى حلوة»، فقال: «بص لسيد درويش»، فخرجت من عنده لأشترى كل تسجيلاته واستمعت إليه بعين محايدة حتى عرفت قيمته العظيمة.
عمار بهذه الخلفية هو امتداد أصيل لكل آباء الموسيقى العربية، فمن حديقتهم استنشق عطرهم، ليصنع هو عطره الخاص، لكنه أضاف عليهم فى تقديرى الخاص، أشياء أخرى ربطته برباط حريرى مع الجمهور، فهو فى التحليل الموسيقى يأخذك إلى أن الموسيقى هى فى الأساس انعكاس لثقافة شعب، وإجمال لمخزون تاريخى وحضارى وجغرافى واقتصادى، هى الإنسان الذى عاش فى لحظة تاريخية ما، عمار هو ابن التحدى الذى بدأ منذ أن كان طفلاً صغيراً، واستمع فيه أثناء وجوده فى الإسكندرية إلى سيدة تقول: «يا عينى يا ابنى يا ترى أمك عاملة إيه»، رغم أن عمار استمع إلى مثل هذه الكلمات من قبل فإنه شعر كما يقول بألم بالغ لدرجة أن أصدقاده ظنوا أنه لن يستعيد توازنه مرة أخرى، لكن والده أعاد إليه توازنه بقوله له: «وإيه يعنى المفروض إن اللى زى الست دى ترد عليها بإنك تفرجها على قدراتك»، وانتهى الأمر بالضحك، وانتهى بأن حياتنا أصبح فيها عملاق اسمه عمار الشريعى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.