يبدأ الحزب الشيوعى الحاكم فى الصين يوم السبت المقبل مؤتمرا مهما قالت وسائل الإعلام المحلية إنه سيشهد مناقشات حول أكبر مجموعة من الإصلاحات تشهدها الصين منذ بدأ الحزب الحاكم سياسة التحرير الاقتصادى عام 1978 بعد عقد كامل من السياسات الماوية المتشددة. وذكرت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) أن "الاقتصاد المتعثر والتشابك بين اتساع الفجوة بين الأغنياء والفقراء والفساد المنتشر وتزايد الصراعات الاجتماعية يضع أكبر دولة فى العالم من حيث عدد السكان وصاحبة ثانى أكبر اقتصاد فى العالم أمام مفترق طرق". وأضافت أن "القيادة الصينية تدرك ذلك" وأنها ستكشف عن" سياسات اقتصادية قوية" بعد اجتماعات اللجنة المركزية للحزب الشيوعى التى ستبدأ السبت وتستمر أربعة أيام. تتكون اللجنة المركزية من 376 عضوا من بين 85 مليون عضوا فى الحزب. وبالفعل فقد بدأت عشرات التعليقات فى وسائل الإعلام المحلية تمهد لهذه التغييرات الكبيرة، وذكرت شينخوا فى تعليق آخر إن التغييرات "يمكن أن تكون على مستوى تلك الإصلاحات الاقتصادية التى شهدتها الصين عام 1978". وكان الرئيس الصينى شى جينبينج فى كلمته أمام قادة مجموعة الدول العشرين الكبرى فى سبتمبر الماضى إن بلاده ستقوم بإصلاحات كبيرة. وأضاف أن الصين "ستلتزم تماما بالقواعد الأساسية للسوق فى تخصيص الموارد" مع تحسين نظامها المالى والسماح بحرية أكبر فى سوق الصرف ودعم تحرير التجارة والاستثمار والتأكد من فتح السوق الصينية أمام الشركات الأجنبية بصورة أكبر. وقال إنه "لكى يتم حل التحديات طويلة المدى التى تواجه التنمية الاقتصادية فى الصين يجب تطبيق إصلاح هيكلى حتى وإن كان ذلك سيؤدى إلى تباطؤ وتيرة نمو الاقتصاد الصينى". كان معدل نمو الاقتصاد الصينى قد بلغ العام الماضى 7ر7% وهو أقل معدل منذ 1999. وتشير التوقعات إلى انخفاض معدل النمو إلى 6ر7% خلال العام الحالى. وقال رئيس الوزراء الصينى لى كيكيانج مؤخرا إن الحكومة تواجه "تحديا كبيرا" من أجل زيادة النمو فى الوقت الذى عليها العمل عن إبقاء معدل النمو فى حدود 2ر7% لتوفير حوالى 10 ملايين وظيفة سنويا وفقا للمستهدف. ومن المتوقع أن تشمل الإصلاحات إنهاء احتكارات شركات الدولة فى العديد من المجالات مثل السكك الحديدية مع زيادة تخفيف القيود على إقامة حوالى 260 مليون مهاجر شرعى فى البلاد وتحسين نظام التأمينات الاجتماعية وزيادة حقوق استغلال الأراضى الريفية وتسريع وتيرة زيادة المناطق الحضرية والحد من الفساد وتعزيز سيادة القانون. ورغم أن هذه الإصلاحات الكبيرة تبدو منطقية للغاية فإن عملية تنفيذها ستكون طويلة وتدريجية. وقال شانج ليفان المعلق السياسى والمؤرخ المقيم فى بكين "هناك الكثير من القرارات المتعلقة بالسياسة التى تتخذها المستويات العليا فيتم تغييرها أو عدم تنفيذها عندما تصل إلى المستويات الدنيا من الحكومة". وتعد الحكومات المحلية فى الصين واحدة من أقوى جماعات المصالح التى يجب على الحزب الحاكم مواجهتها إلى جانب المؤسسات الضخمة المملوكة للدولة التى تسيطر على بعض المناطق والصناعات وكذلك النفوذ التى تمتلكه عائلات النخبة المرتبطة بقادة الحزب الحاليين والسابقين. وقال وو كيانج أستاذ العلوم السياسية فى جامعة تسينجهوا فى بكين لوكالة الأنباء الألمانية: "أكبر العقبات تتمثل فى الاحتكارات والمنافسة غير العادلة (التى تسيطر عليها) جماعات المصالح الراسخة وبخاصة المسئولين ومؤسسات الدولة". يذكر أن كلا من الرئيس الصينى شى ورئيس وزرائه لى توليا منصبيهما فى نوفمبر الماضى ضمن أول تغييرات فى قيادة الحزب الشيوعى الصينى منذ عشر سنوات. ومع تباطؤ نمو الاقتصاد تتزايد التوقعات بين السكان والطبقة المتوسطة الصاعدة فى البلاد بإمكانية انهيار الحزب المسيطر على مقاليد السلطة منذ 64 عاما تحت وطأة الظروف الاقتصادية. وقال وو إن الحزب يأمل فى تخفيف الضغوط المطالبة بإصلاحات سياسية أو تأخير هذه الإصلاحات من خلال التركيز على تحرير الأسواق وإصلاح الأنظمة الإدارية. كان المكتب السياسى للحزب الشيوعى المكون من 25 عضوا قد أقر مجموعة إصلاحات موسعة فى اجتماعاته الشهر الماضى برئاسة شى وترك للجنة المركزية للحزب مسئولية مناقشة سبل تطبيقها قبل إعلانها للشعب الصينى الذى يبلغ تعداده 3ر1 مليار نسمة. وقال وو إن الاجتماع المغلق للجنة المركزية للحزب الشيوعى يمثل أهمية كبيرة لتعزيز سلطات الرئيس الجديد شى. وكان شى قد بدأ رئاسته بعملية مستمرة وكبيرة لمحاربة الفساد. ولكن بعض المحللين يقولون إن هذه العملية ليست سوى وسيلة لكى يعزز سلطاته وإبعاد المسئولين الذين يمكن أن يمثلوا خطرا على الحزب. ويقول كيرى براون أستاذ السياسات الصينية فى جامعة سيدنى بأستراليا تعليقا على حملة مكافحة الفساد إنها "تبدو مسيسة للغاية". وفى الوقت نفسه فإن أيا من الإصلاحات المنتظر صدورها عن اللجنة المركزية لن تؤدى إلى تغييرات جذرية فى النظام السياسى الصينى. ولقال شى وغيره من قادة الصين أن الحزب لن يستنسخ "نموذجا من النظم السياسية الغربية". وخلال التمهيد للاجتماع قالت وسائل الإعلام الحكومية فى الصين إن الحزب الحاكم "استوعب دروس انهيار الاتحاد السوفيتى وحزبه الشيوعى".