"اضحك كركر اوعي تفكر.. شعب ابن نكتة بصحيح".. عادة تتردد على مسامعنا تلك الكلمات دون أن نتعمق في التحليل النفسي لها، لمعرفة السر وراء عشق "النكتة"، فالأخيرة لدى علماء الاجتماع كانت سريعة التنقل تعتمد على التشويق والإثارة، أما من منظور علماء النفس تحمل شعار "شر البلية ما يضحك". المهم أن أطباء علم النفس لن ينجوا من سيل النكات إذ خصتهم بعض الشعوب بنكات ساخرة منها: مريض لدكتور نفسي: إلحقني يا دكتور... انا بشوف الحاجات اللي بتحصل في المستقبل، الدكتور: يااااه.. وامتى بدأت المشكلة دي معاك، المريض: الخميس الجاي. ومن خلال رؤيتها لتحليل الشعوب الساخرة تقول الدكتورة سامية خضر، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، إن النكتة تعني السخرية وتتم في شكل سريع التنقل وكأنها قصة قصيرة تعتمد على التشويق والإثارة ودائما تكون في نهايتها مفاجأة ساخرة غير متوقعة وبعيدة عن تفكير المستمع لها. وأضافت بقولها: "عادة تمتلك كل الشعوب القدرة على إطلاق النكات والأداء الفكاهي المصحوب بسخرية، ولكن تتحكم في كل دولة عدة عوامل تجعل درجة الفكاهة تختلف من دولة لأخرى، فغالبًا نجد بعض الشعوب تطلق النكات بشكل مستمر على العكس من شعوب أخرى جعلوا من النكات أسلوب حياة". وأشارت إلى أن المناخ يلعب دورا مهما في مدى خفة الظل التي تتمتع بها الشعوب، موضحة أن الدول الغربية التي تتميز ببرودة الطقس مثل "كندا" لا تستطع أن تطلق النكات بشكل ساخر مثل باقي الشعوب، حيث لا وقت لديهم ودائما يتحركون خارج منازلهم بالملابس الثقيلة لدرجة أن وجهوهم لا تظهر، أما الدول العربية فنجد أن المناخ فيها معتدل نسبيا، لذا يساعد الطقس الجيد على المرح والانطلاق، وهو ما يجعل الشخص قادرا على الفكاهة والسخرية. ولفت إلى أن الأوضاع السياسية تلعب دورا كبيرا في ظهور النكات بحسب درجة الأوضاع، فالمصريون تتسم أوضاعهم السياسية حاليًا بالهدوء والتفاؤل نظرًا لقدوم الترشح للانتخابات الرئاسية، ومعها انطلقت النكات على المرشحين من باب السخرية والمرح. أما العوامل الاقتصادية فكانت السبب الرئيسي للنكات المعبرة عن مدى ضيق الحال وارتفاع الأسعار بشكل جنوني، وذلك على سبيل التمرد على الوضع وللخروج من الحالة النفسية المسيطرة على الشعب. ومن جانبه يرى الدكتور يسري عبدالمحسن، أستاذ الطب النفسى ومدير مركز جامعة القاهرة لرعاية المسنين، أن النكات في علم النفس تعبر عن الحالة المزاجية للشعوب، وذلك بشكل ساخر لتجنب الإصابة بالإحباط واليأس والاكتئاب. كما صنف المحلل النفسي شخصية مطلقى النكات بأن أصحابها يتميزون بالمزاج المرح ودائما تتميز هذه الشخصية بالسطحية والبساطة المسيطرة على طريقة سلوكها، لافتًا إلى أن النكتة تأتي نتيجة للكبت الذي يسيطر على حياة الكثيرين نتيجة سوء الأجواء المحيطة بهم سواء السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية. أما الدكتور سعيد عبدالعظيم، أستاذ الطب النفسى بجامعة القاهرة، أشار إلى أن هناك بحثا علميا نشر في إحدى المجلات الأمريكية لمعرفة كيفية استجابة الدماغ البشري للنكات والدعابات اعتمد على مسح للدماغ البشرية التي بينت تنوع مناطق الدماغ التي تستجيب للنكات، مثل تلك التي تعتمد على التلاعب اللفظي أو التلاعب اللغوي، وتبين من الدراسة أن مناطق الدماغ المتخصصة في معالجة اللغة قد استجابت للنكات اللغوية في حين نشطت مناطق أخرى في الدماغ مسئولة عن اللفظ عند سماع المشاركين لنكات تعتمد على تلاعب لفظي. كما وجد الباحثون أن جميع أنواع النكات تثير منطقة في الدماغ تتحكم عادة في سلوك البشر الذي له علاقة بالمكافأة أو الجزاء، كذا وجدوا أن أجزاء الدماغ التي تستجيب للنكات تتنوع حسب النكتة، ولكن دماغ البشر جميعًا يشترك في امتلاك جزء واحد مسئول عن فهم النكتة أو الدعابة، وعند تلف هذا الجزء يفقد المرء روح النكتة. وأضاف "عبدالعظيم" أن الرجال يمتلكون الحث الفكاهي أكثر من النساء، فالنكتة تحتاج إلى ذكاء من نوع خاص وتعتمد على الجرأة التي لا تملكها طبيعة النساء التي تعشق النميمة، أما الرجال يقومون بإطلاق النكات دون استحياء مثل النكات الجنسية من أجل تخفيف ضغوطه العملية، مشيرًا إلى أن النكات أصبحت وسيلة للتواصل بين البشر في الآونة الأخيرة، خاصة بعد انتشارها على مواقع التواصل الاجتماعي منذ ثورة 25 يناير نتيجة لكسر حاجز الخوف، حتى أصبحت الكوميديا شعار صفحات الإنترنت.