أكد الشاعر والأديب الساخر ياسر قطامش، في الندوة التي أقيمت بمعرض مكتبة الإسكندرية الدولي الثامن للكتاب بعنوان "الأدب الساخر من العصر الفرعوني إلي العصر الحديث"، أن الأدب الساخر لا يعود للعصر المملوكي كما يشاع، مشيرا إلي أن المصادر التاريخية تثبت أن السخرية تعود للعصر الفرعوني، حيث كشفت أوراق البردي رسوم كاريكاتيرية تسخر من الأوضاع الاجتماعية والسياسية، ودلل علي سخرية الفراعنة باتخاذهم القرد رمزا للحكمة منذ الأسرة الرابعة، كما أن من أغانيهم "كن فرحا ومتع نفسك ما دمت حيا". ونوّه قطامش في الندوة التي أدارها الشاعر جابر بسيوني إلي أن الأدب العربي حافل بالفكاهة والسخرية، وحاول التفرقة بينهما بأن "الفكاهة" هي الأعم، وتشمل التهكم والهجاء والنادرة والدعابة والسخرية والنكتة والهزل، أما "السخرية" فتحتاج إلي ذكاء ومكر، حيث يتلاعب صاحبها في تصويره للغبي بالذكي والظالم بالعادل وللدميمة بالجميلة. وأشار إلي أن الفكاهة وجدت في الأدب العربي القديم في صورتين: الأولي نوادر الحمقي والمغفلين والبخلاء، والثانية هي الهجاء وتعتمد علي التصوير بالكلمات الساخرة مع تضخيم العيوب الشكلية أو الخلقية والمبالغة والجمع بين النقيضين. وأضاف أن الأدب العربي غني بالكتب الأدبية الفكاهية، كما كان العرب يحبون الضحك ويسمون أبناءهم بأسماء؛ مثل: بسام وفرحان وسعيد وبشوش، وكان للشعراء دور كبير من السخرية؛ فمنهم من سخر من نفسه في أبيات شعرية، وآخرون سخروا من منازلهم وحالتهم الصحية عندما أصبحوا شيوخا. وألمح إلي أن السخرية اختفت في العصر الإسلامي الأول وعادت في العصر العباسي، أما في العصر الحديث؛ فقد ظهرت علي يد الشاعر عبد الله النديم وحفني ناصف وحافظ إبراهيم وغيرهم. وفي الأربعينيات من القرن الماضي ظهرت مجلة البعكوكة التي احتضنت الشعر الساخر والفكاهة، إضافة إلي غيرها من المجلات. ولفت الشاعر ياسر قطامش إلي أن أول من أطلق علي الشعر الفكاهي اسم شعر "الحلمنتيشي" هو الفكاهي حسين شفيق المصري، وقال إنه لم يعلم في بداية هوايته للشعر والأدب أنه سينتهي به المطاف كشاعر ساخر، منوها إلي أنه اكتشف أن الأدب الساخر هو عبارة عن تنفيس رغبات ومشاكل وهموم تقاوم بالسخرية، ومشددا علي أنه لابد أن يكون الساخر صاحب رسالة رغم أن الكثير من الشعراء كانوا يتحرجون من الشعر الساخر ولا يؤمنون به مع أنه يمثل الجانب الإنساني من الشاعر. وفي رده علي مداخلات الحضور حول قلة الشعر الساخر، أرجع قطامش السبب إلي اتجاه الناس إلي الفضائيات وقلة عدد الشعراء الساخرين، إضافة إلي عدم وجود أي جوائز للأدب الساخر، مطالبا بتخصيص جائزة لا تقل عن جائزة الدولة التشجيعية. وانتقد الفضائيات التي تتبني الساخرين الذين يستخدمون النكت والإفيهات التافهة في أعمالهم وأشعارهم، واقترح قطامش فكرة صالون الظرفاء الذي يجمع كل الأدباء والشعراء الساخرين، مختتما الندوة بأبيات من أشعاره الساخرة.