اتخذ بعض المعادين للإسلام بعض أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، حجة لإثبات تناقض أحكام ووصايا وشرع الإسلام، وقراءة الأحاديث النبوية بسطحية، وتفسير معناها وفقًا لمفاهيم العصور الحديثة، والصحيح إرجاع معانى هذه الأحاديث إلى عصرها، فمن تلك الشبهات التى تناقلها المستشرقون وغيرهم من المعادين للإسلام، شبهة شرب الرسول للخمر، مستندين إلى أحاديث الأشربة فى صحيحى مسلم والبخارى. ففى الدرر السنية للألبانى جاء أن النبى صلى الله عليه وسلم قال له فى ليلة الجن: ما فى إداوتك؟ قال: قلت نبيذ، قال ثمرة طيبة، وماء طهور، فتوضأ منه، وكلمة نبيذ فى هذا الحديث لا تعنى بمفهومها المعاصر بالخمر، لأنه ليس كل نبيذ خمر أو كل خمر نبيذ، وفى المعاجم العربية معنى كلمة نبيذ هو كل ما ينبذ من شيء، ويترك، حتى أننا نستخدمها فى لهجتنا بالقول على المطرود من عائلته "منبوذ"، فالنبيذ المشار إليه فى الحديث، هو ما نبذ من فاكهة، وهو يقصد به فى مفاهيمنا المعاصرة "العصير "، أو كل شيء يوضع فى الماء من تمر ولبن وعسل. والدليل على أن كلمة النبيذ المشار إليها فى الحديث هى العصير، ما ورد فى حديث أبى هريرة قال: علمت أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يصوم، فتحينت فطره بنبيذ صنعته فى دباء، ثم أتيته به، فإذا هو ينش- أى يغلى ومختمر- فقال: اضربه بهذا الحائط، فإن هذا شراب من لا يؤمن بالله واليوم الآخر". ولذلك يفضل الصائمون من المسلمين وضع التمر فى الماء وتناوله فى إفطارهم عند الصيام. وأخرج مسلم فى صحيحه من حديث ابن عباس، أنه كان ينقع للنبي– صلى الله عليه وسلم– الزبيب فيشربه اليوم والغد وبعد الغد إلى مساء الثالث، ثم يأمر به فيسقى الخادم أو يهرق". وهذا دليل على أن الرسول كان يشرب العصير المنقوع فى الماء 3 أيام، قبل وصوله إلى درجة الاختمار فيصير مسكرًا، لذلك أمر برميه حتى لا يبادر الخادم بشربه بعد اختماره، وهناك بعض الأحاديث الواردة عن عائشة رضى الله عنها أنها كانت تنقع النبيذ يوما واحدا ولا يشربه الرسول بعد هذا اليوم، فهذا وفقًا لدرجة الحرارة فلو كان فى الصيف فإنه سيختمر فى ليلة، وأن كان فى الشتاء فإنه قد يظل ثلاثة أيام فعلًا. ولأن شبه الجزيرة العربية تشتهر بالنخيل ووفرته، فقد كان عصير التمر أرخص أنواع العصير، فقد قال أعرابى لابن عباس: إن آل معاوية بن أبى سفيان يتناولون الماء والعسل، وهناك من يتناول اللبن، وأنتم تتناولون النبيذ فهل هذا لبخل أو فقر، فقال ابن: عباس ما بنا بخل ولا حاجة ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءنا ورديفه أسامة بن زيد فاستسقى فسقيناه من هذا- يعنى نبيذ السقاية- فشرب منه وقال أحسنتم، هكذا فاصنعوا. وقد حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم المسكرات من النبيذ، فعن أبى موسى الأشعري– رضى الله عنه- أن النبى صلى الله عليه وسلم بعثه إلى اليمن فسأله عن أشربة تصنع بها، فقال وما هي؟ قال البتع والمزر، فقلت لأبى بردة ما البتع؟ قال نبيذ العسل والمزر نبيذ الشعير، فقال: "كل مسكر حرام". وقد ورد فى صحيح مسلم أن طارق بن سويد الجعفى سأل النبى صلى الله عليه وسلم عن الخمر فنهاه، أو كره أن يصنعها، فقال إنما أصنعها للدواء، فقال «إنه ليس بدواء ولكنه داء». وهناك الكثير من الأحاديث النبوية فى صحيح مسلم والبخارى، التى تثبت كذب افتراءهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم الذى قال "كل شراب أسكر فهو حرام". وفى سنن ابن ماجة عن ابن عمر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لعنت الخمر على عشرة أوجه: بعينها، وعاصرها، ومعتصرها، وبائعها، ومبتاعها، وحاملها، والمحمولة إليه، وآكل ثمنها، وشاربها، وساقيها".