عندما ولدت جماعة الإخوان لم يكن العصر عصر جاهلية ولكن كان هناك تيار إسلامي عام يحاول تعويض سقوط الحكومة العثمانية في تركيا والذي كان يمثله الحزب الوطني القديم الذي قام بتأسيسه البطل محمد فريد والذي قضى نحبه في المنفى وسار على خطاه كل من مصطفى كامل وعبد العزيز جاويش . وحاول الاستعمار البريطاني ضرب الحزب الوطني القديم بحليفه حزب الأمة والذي خرج من عباءته حزب الوفد العلماني ولم تكن ثورة 1919 إلا وليدة نضال الحزب الوطني القديم بقيادة محمد فريد، وإن كانت شجرة الثورة لم تثمر إلا بعد أكثر من عشرة أعوام.. أما سعد زغلول فقد فوجئ بالثورة وهو جالس على أحد مقاهي باريس في انتظار السماح له بالمشاركة في مؤتمر الصلح حيث رفضت ذلك إنجلترا وقامت بالضغط على فرنسا حتى لا تشارك مصر في مؤتمر الصلح بباريس.. على اعتبار أنها لم تشارك في الثورة العربية بقيادة الشريف حسين على الدولة التركية وبالتالي لا يحق لها أن تحصل على أي مزايا من مؤتمر الصلح. وقتها كان الحزب الوطني القديم بصبغته الإسلامية يقاوم على قدر ما يستطيع أطماع الدول الاستعمارية وفي ذلك الوقت أيضا ولدت جماعة الإخوان برعاية شركة قناة السويس الفرنسية ذات الأغراض الاستعمارية. لم تفعل الجماعة شيئا واحدا لخدمة الإسلام إلا أنها أنزلت الستار على نضال الحزب الوطني القديم ودخلت في لعبة السياسة الوطنية في عملية شد وجذب ما بين حزب الوفد وغيره من الأحزاب العلمانية وما بين الملك.. تميل إلى هذا حينا وتميل إلى ذلك أحيانا كما أثارت المخاوف لدى الأقلية المسيحية التي انحاز بعض أشخاصها بحكم الضرورة إلى تأييد وجود المستعمر الإنجليزي في مصر بعد أن كان النضال مشتركا ضد الاستعمار إبان ثورة 1919 . وهكذا حققت جماعة الاخوان ما كان يخطط له الإنجليز في ضرب الحزب الإسلامي الوحيد الذي كان يناضل ضدهم وفي إثارة الفرقة بين عنصري الأمة اللذين جمعتهما الأحزاب العلمانية مثال ذلك حزب الوفد. ثم تم ضرب جماعة الاخوان بعد عصرها داخل دهاليز السياسة الداخلية والتي انتهت باغتيال مرشدها الأول حسن البنا وجاء عبد الناصر بعد الثورة لينهي وجودهم تماما في الحياة المصرية، ثم أعاد السادات نفخ الحياة فيهم لاستعمالهم كمخلب قط في محاربة الشيوعية . مبارك تعامل معهم باتزان فقد كان يترك لهم أحيانا الحبل على الغارب ثم يسحبه فجأة للحد من نشاطهم ونفوذهم.. هذه الميزة التي فقدوها في أيامه الأخيرة حيث لم يعد يطمئن إليهم. الإخوان لا يملكون مشروعا إسلاميا جاهزا للتنفيذ ولكنهم خوارج على ولاة الأمر من المسلمين لا تعرف من يحركهم ومن يقود خطاهم مثلهم في ذلك مثل الجماعات الماسونية. وعادة الكذب فيهم لا تجعلك تعرف متى يصدقون والدين وسيلة وليس غاية للسيطرة على العقول وتحقيق أهدافهم في التمكين لأنفسهم والتسلط على الآخرين. اللهم بلغت اللهم فأشهد