في مثل هذا اليوم من عام 1951، اتخذت القاهرة قرارًا مصيريًا بتحدي أعتى أشكال الوصاية الاستعمارية، حين ألغت رسميًا اتفاقية الحكم الثنائي المصري الإنجليزي للسودان، تلك الاتفاقية التي كانت تمثل أحد أعقد فصول النفوذ البريطاني في المنطقة، وأحد رموز الانتقاص من السيادة الوطنية منذ نهاية القرن التاسع عشر. جذور اتفاقية الحكم الثنائي المصري الإنجليزي للسودان في عام 1899، وقعت اتفاقية الحكم الثنائي بين مصر وبريطانيا لتنظيم إدارة السودان بعد نجاح الحملة العسكرية التي أنهت حكم المهديين، وكانت مصر وقتها تحت الاحتلال البريطاني رغم بقاء السيادة الشكلية للخديوي. خرجت الاتفاقية مشوهة بطبيعتها؛ وحملت في نصوصها اسم مصر كشريك، لكنها في واقعها منحت بريطانيا الكلمة العليا في كل ما يخص الحكم والإدارة والجيش في السودان، ومنذ لحظتها، لم يكن الحكم ثنائيًا بالمعنى الحقيقي، بل كان غطاءً قانونيًا لاستمرار السيطرة البريطانية على وادي النيل من القاهرة إلى الخرطوم. تدمير العلاقات بين مصر والسودان لم تكن القاهرة راضية عن الوضع، لكنها كانت مقيدة بالوجود العسكري البريطاني وبحالة الضعف السياسي بعد الاحتلال، ومع مرور الوقت استخدم الإنجليز الاتفاقية لتكريس واقع انفصالي بين مصر والسودان، فأنشأوا إدارة مستقلة للسودان، وبدأوا في فصل التعليم والنظم الإدارية وحتى العلم والعملة، في محاولة ممنهجة لإبعاد السودان عن الهوية المصرية والعربية. هذا الواقع لم يصمد أمام تصاعد الحركة الوطنية المصرية في الثلاثينيات والأربعينيات، ومع اقتراب نهاية الحرب العالمية الثانية، بدأت القاهرة تعيد طرح قضية السيادة على السودان باعتبارها جزءًا من معركة الجلاء الكامل. حاولت حكومة الوفد بقيادة مصطفى النحاس أكثر من مرة تعديل الاتفاقية أو استبدالها بترتيب جديد لكن بريطانيا كانت ترفض دومًا أي تنازل عن نفوذها هناك، متمسكة بحقها في «إدارة السودان لحين الوصول إلى الاستقرار»، وهو تعبير سياسي مبهم استخدمته لتمديد الوصاية بلا سقف زمني. إلغاء الحكم الإنجليزي للسودان جاء قرار الإلغاء في أكتوبر 1951 وسط تصاعد الحس الوطني في مصر بعد فشل مفاوضات الجلاء، وتنامي الغضب الشعبي تجاه الهيمنة البريطانية في القناة والسودان معًا. ومن البرلمان المصري، أعلن رئيس الوزراء مصطفى النحاس إلغاء كل ما نتج عن معاهدة 1936 واتفاقية 1899، مؤكدًا أن مصر والسودان وحدة لا تتجزأ، في خطاب اعتبر من أقوى لحظات التحدي في التاريخ السياسي الحديث. وجاء رد الفعل البريطاني غاضبًا، إذ رفضت لندن الاعتراف بالقرار المصري، وواصلت إدارة السودان كأن شيئًا لم يكن، لكن على الأرض تغير المشهد؛ إذ ارتفعت الأصوات الوطنية في الخرطوم بين من يدعم الوحدة مع مصر، ومن يطالب بالاستقلال التام، لتبدأ مرحلة جديدة من الوعي السياسي السوداني الذي سيقود لاحقًا إلى إعلان استقلال السودان عام 1956. ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار ال 24 ساعة ل أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري ل أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية. تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هنا