أصدرت "منظمة جالوب" العالمية المتخصصة في مجالات دراسات الرأي العام الدولية تقريرها السنوي حول العمالة والتوظيف ومعدلات البطالة عن عام 2012، ويشمل التقرير 140 دولة تغطي كافة المناطق والأقاليم في العالم. وتوضح نتائج الاستطلاع الضخم الذي أجرته المنظمة، عبر الهاتف أو من خلال المقابلات المباشرة، خلال الأشهر الأخيرة من العام الماضي، على عينة تتكون من 224.975 فردا ممن تزيد أعمارهم على 15 عاما في كافة هذه الدول، والتي نشرت يوم 5 أغسطس الجاري، أن نسبة سكان العالم البالغين الذين يعملون وفق نظام الدوام الكامل قد انخفضت نقطة واحدة عن العام الماضي، حيث بلغت 26% في عام 2012، مقارنة بنسبة بلغت 27% في عام 2011، ليعكس هذا الانخفاض الاتجاه التصاعدي لاستمرار تأثير الركود الاقتصادي العالمي منذ عام 2009. ويعتمد مقياس مؤشر جالوب للعمالة على تقدير نسبة العاملين من سكان العالم فوق 15 عاما كنسبة إلى عدد السكان الإجمالي داخل كل دولة، بحيث يشمل التصنيف ثلاث فئات، هي: العاملون بنظام الدوام الكامل، أي من يعملون في وظيفة لا تقل عدد ساعاتها الأسبوعية عن 30 ساعة، ثم هؤلاء الذين يعتمدون على أنفسهم في إيجاد أو توفير وظيفة خاصة (ويعرف ذلك بالعمالة الذاتية)، ثم العاملين بنظام الدوام الجزئي (أي العمالة المؤقتة) وكذلك من هم خارج قوة العمل. وقد بلغت نسبة من يعملون ذاتيا أو يعتمدون على أنفسهم في توفير وظيفة ما 18% في عام 2012 (كانت تبلغ 19% في عام 2011)، بينما يوجد 38% خارج قوة العمل بدلا من 37% في عام 2011. ووفقًا لمقياس جالوب، فقد احتلت منطقة أمريكا الشمالية (الولاياتالمتحدةالأمريكية وكندا) أعلى المؤشر عن كافة المناطق الجغرافية الأخرى، حيث تبلغ نسبة العاملين بدوام كامل 42%، يليها الدول الأوربية غير الأعضاء بالاتحاد الأوربي بنسبة 40%، وتشمل النرويج وهولندا وأيرلندا وقبرص الشمالية، وفي كلتا المنطقتين بلغت نسبة التوظيف الذاتي 5%، بينما بلغت نسبة من لا يساهمون في قوة العمل 31%. أما في أدنى درجات المؤشر، فقد جاءت الدول الأفريقية جنوب الصحراء بنسبة 11% للتوظيف الدائم، تليها منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بنسبة 18%، وهى النسب الأقل عن سائر المناطق الأخرى التي زادت النسبة فيها عن 20%، حيث تبلغ في كومنولث الدول المستقلة 38%، وفي دول الاتحاد الأوربي 33%، وفي أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي 31%، وفي البلقان 29%، وفي شرق آسيا 28%، وفي جنوب آسيا 23%، وفي جنوب شرق آسيا 21%. وكانت أكبر المناطق التي شهدت ارتفاعا ملحوظا في مؤشر العمالة والتوظيف هي أمريكا اللاتينية والكاريبي، حيث صعدت ثلاث نقاط دفعة واحدة بين عامي 2011 و2012، لتكون أقل المناطق التي تأثرت باستمرار الركود العالمي، فيما لم تزد هذه النسبة إلا نقطة واحدة في دول الاتحاد الأوربي وأمريكا الشمالية، بينما شهدت كافة المناطق الأخرى إما تراجعا طفيفا أو الوقوف عند ذات المعدل السابق. وتقول جيني مالرال، معدة التقرير النهائي لعام 2012 حول مؤشرات العمالة والبطالة في منظمة جالوب، إن هذه النتائج تتسق وترتبط ارتباطا وثيقا مع مخرجات مؤشر جالوب الخاص بتوزيع الناتج المحلي الإجمالي للفرد الواحد، مما يعني أن الدول الأغنى تأتي في مرتبة أعلى من حيث عدد السكان الذين تتوفر لديهم فرصة عمل دائمة، بينما الدول الأفقر يكون لديها نسبة مرتفعة من الذين يعتمدون على أنفسهم في توفير وظيفة (أي العمالة الذاتية). ويستتبع ذلك على سبيل المثال أن دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لديها نسبة كبيرة تبلغ 56% ممن لا يشملهم سوق العمل، وهى النسبة الأعلى بين كافة مناطق العالم، ويعود ذلك إلى أن كثيرا من الناس بهذه المنطقة، وخصوصا من النساء، يختارون عدم الانضمام إلى قوة العمل بشكل اختياري؛ مما يقلل بذلك من عدد السكان الذين ليس لديهم رغبة في التوظيف الدائم، بل إن الشباب الأصغر عمريا في دول هذه المنطقة لديهم توجهات اقتصادية واجتماعية خاصة تجعلهم بعيدين عن قوة العمل أكثر من نظرائهم في المناطق الأخرى، وهو ما يوضح حجم التحديات التي تواجه الشباب في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ويلاحظ أن دول الاتحاد الأوربي لديها النسبة الأعلى من بين الدول المتقدمة من حيث نسبة من هم خارج سوق العمالة، والتي تبلغ 44%، بينما تبلغ هذه النسبة 31% في الولاياتالمتحدة وكندا، و35% في معظم الدول الأوربية التي ليست عضوا بالاتحاد الأوربي، و36% في كومنولث الدول المستقلة.